Créer un site internet

من مستشار برلماني الى سمسار للوالي..النهاية التراجيدية لدولة القانون بجهة الداخلة

Photostudio 1564855989687 960x680

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب رأي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

"القانون في جهة الداخلة مثل خيوط العنكبوت لا يصطاد سوى الحشرات". مقولة للكاتب.

إنها ملفات منتنة لمنتخبين محليين فاسدين من أبناء جلدتنا اللئام, تكالبوا على مقدرات المواطن المستضعف بمدينة الداخلة, و ساندهم مسؤولين فاسدين من أسفل الهرم و حتى أعلاه, باعوا و إشتروا في إنتظارات و حاجيات و حرمان رعايا صاحب الجلالة بهذه الربوع البائسة, و حولوا تراب شبه جزيرة الداخلة, الى فريسة تناهشوها فيما بينهم تناهش الضباع للجيف في أعماق البراري.

فالبلاد أرض "سايبا" و حاميها هو نفسه حراميها, و مؤسسات الدولة الرقابية خبيرة فقط في إعطاء الدروس للمواطنين في كيفية المواطنة الصالحة و حب الأوطان, و القانون سيف مسلط فقط على رقاب الضعفاء و البسطاء, أما الحيتان الضخمة و بطون "لحرام", فلا يسألون عما يفسدون في حال البلاد و العباد بهذه الأرض المنكوبة. فالصحراء ستظل دوما حالة شاذة و إستثناء مقيت, لأننا متأكدين بأنه ما كان ليجرأ منتخبين و مسؤولين جهويين فاسدين على إرتكاب تلك الخروقات الإجرامية الفاضحة بمدن شمال المملكة, لأنه عندهم هناك مجتمع حي, و عندنا هنا مجتمع منافق و مرتزق, خبير في بيع "التزيرة".

إن الذي يثير فعلا الإشمئزاز, هو أن يتحالف ثلة من المنتخبين اللصوص مع مسؤولين مفترسين وافدين على المنطقة, و يعيثون فوق تراب شبه جزيرة الداخلة فسادا أسودا, موثقا بالأدلة و الرقائق, التي لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها, و مع ذلك تصمت الصحافة المحلية عن الحديث في الموضوع, و تجدها تنظر في كل شيئ تافه لا ينفع المواطن و لا يضره, أما حيتان الفساد الضخمة, فالحديث عن فضائحهم بات من الطابوهات حتى صارت القصاصات الإخبارية لتلك المواقع بردا عليهم و سلاما, و صاروا خارج التغطية تماما, أما المجتمع المدني و الحقوقي فلقد أشبعه على ما يبدو ما يلقى له بين الفينة و الاخرى من المنافع و الفتات, فصمت عن الكلام المباح.

و عودة على بدأ، إطلعت كغيري من ساكنة الداخلة على تقارير سوداء موثوقة، تؤكد قيام مجموعة من مصاصي دماء الساكنة الذين يدعون مجازا "منتخبين", من دون خوف أو حياء و بتواطئ مع مسؤولين فاسدين بولاية الجهة, بالإستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي الداخلة، بطرق إحتيالية ملتوية و مشبوهة.

إن السرعة الجنونية و السرية التامة التي تم بها الاستلاء على العقارات سالفة الذكر  و "على عينك يا بنعدي" ثم بيعها للخواص و المستثمرين بالمليارات, يجعل المرء يحتار ويطرح الأسئلة الفاحشة التالية: من أين لهؤلاء المنتخبين المحظيين و المرضيين، كل هذا النفوذ و السطوة للإستلاء المقنن بكل هنجعية و "زعامة" على ممتلكات الدولة و أراضي مخصصة لمشاريع عمومية، بهدف تحويلها الى مشاريع ربحية خاصة أو بيعها للمستثمرين الوافدين؟ و من أين لهم كذلك كل هذه القوة داخل مفاصل الدولة التي جعلتهم مدللي كافة السلطات و السادة الذين لا ترفضوا لهم أي طلبات بمدينة الداخلة المنكوبة؟ و أين هي أجهزة وزارة الداخلية و سلطات الرقابة مما يحدث؟ و كيف سمح لهؤلاء المنتخبين المتنفذين بالاستيلاء على عقارات عمومية مملوكة للدولة من دون احترام المساطر القانونية المتعارف عليها و في ظل غياب أية سمسرة عمومية و مزاد علني للبيع؟ و من الذي قام بالتلاعب ب"كروكي" العقار الأصلي و تفويته بطريقة غير قانونية الى هؤلاء المنتخبين بعد أن تمت قرصنته بالاكراه من ملاكه الشرعيين؟ و ما هو الثمن الذي تحصل عليه مقابل ذلك؟

أسئلة حائرة و فساد أسود مقيت زمجرت رعوده على رؤوسنا, و أحداث متسلسلة لم نعد قادرين على استيعابها, من هول حجم المشاريع المشبوهة التي يحظى بها بعض المنتخبين المحليين المحظوظين, و تحرم منها الساكنة المستضعفة. بأي وجه حق تمكن هؤلاء المنتخبين المثيرين للجدل, و المتهمين بإستغلال النفوذ و التربح من الريع عن طريق الترامي على أملاك الدولة ذات المنفعة العامة, بشكل مشبوه و مفضوح تلوكه الألسن في البيوتات و المقاهي, و تعج به مواقع التواصل الاجتماعية؟ و من أين لهم كل هذه التسهيلات و النفوذ و القوة، ما جعلهم فوق القانون و المحاسبة بجهة الداخلة وادي الذهب؟؟؟

و رغم أن خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بمناسبة الذكرى العشرين لعيد العرش المجيد، كان واضحا وضوح الشمس في الدعوة إلى القطع مع سياسة الريع البغيض و الامتيازات الغير قانونية, لكن يبدو أن المسؤولين و السلطات الترابية بالجهة, قد حولوا خطابات الملك الى ما يشبه المناسبات الفلكلورية, خبروا خلالها الإنصات الطقوسي الكاذب, و ما إن ينتهي جلالة الملك من توجيهاته و انتقاداته و نصائحه, يولون الأدبار و لا يعقبون, و تراهم بعد خطاباته أشد كفرا بها و نفاقا, و من لم يحترم كلام جلالة الملك, قطعا لن يكلف نفسه عناء قراءة ما نخط من تفاهات, فنحن مجرد تافهين, و الداخلة أرض "سايبا", و لسان حالهم معنا بات صادحا بالقول: "اللي ما عجبو الحال يمشي يخبط راسو مع الحيط", إنتهى الكلام.