عاجل / وزارة الصيد البحري تنحني لعاصفة الفضيحة التي أثارتها جريدة الداخلة بوست و تقرر الحد من كمية السردين المسموح باصطيادها

Farine poisson dakhla 4

الداخلة بوست

بعد التحقيق الصحفي المثير الذي نشرته جريدة الداخلة بوست قبل شهر من الان تحت عنوان : " تحقيق صحفي مثير/ كيف تنهب لوبيات دقيق السمك ثروات الصحراء السمكية", و الذي أثبتنا من خلاله بالأرقام و الأدلة الدامغة كيف يتم نهب ثروات المنطقة السمكية من طرف ثلة جشعة من المستثمرين المفترسين و على رأسهم مافيا "دقيق السمك" بالصحراء, أصدرت وزارة الصيد البحري في شخص الكاتبة العامة للوزارة "زكية الدريوش", قرارا جديدا في أفق تجديد رخص الصيد الممنوحة لبواخر التبريد بماء البحر ر.س.دوبلف برسم سنة 2017, و هو القرار العقابي الذي يحدد الكمية السمكية المسموح باصطيادها خلال كل خرجة ابحار لهذه السفن, و تحويلها من رخص سنوية الى رخص دورية "مرتين في السنة", و فرض معالجة الأسماك المصطادة في الوحدات المستفيدة من الكوطا, بالإضافة الى عدة معايير أخرى, ستشدد الخناق على لوبي دقيق السمك الذي بسببه استنزفت بحار الصحراء, و تحولت الى دقيق يتم تصديره الى الخارج بملايين الدولارات.

Img 20161218 wa0013 1

تجدر الاشارة الى أن فريق التحقيق داخل جريدة الداخلة بوست الالكترونية, بعد دراسة معمقة و افتحاص مركز لأرقام المكتب الوطني للصيد حول كمية المصطادات من السمك السطحي الموجهة لصناعة دقيق السمك و زيوته برسم سنوات 2014 و 2015, بمدن كل من الداخلة و العيون و الطانطان و الطرفاية, و مقارنة هذه الأرقام بأرقام كمية دقيق السمك المصدر الى الخارج برسم نفس السنوات, تمكن من اكتشاف حلقة ذهبية مفقودة من ثروة و أرزاق الصحراويين بهذه المنطقة المنكوبة.

هذه الحلقة المسروقة تناهز ما يفوق 270.000 طن من مادة السردين, التي غابت عن الإحصائيات الرسمية للدولة, حيث لم يتم التصريح بها, و ظهرت في شكل ملايين من اليورو الغالي و النفيس, ذهبت الى جيوب لوبي صناعة دقيق السمك بالداخلة و العيون بعد تصديرها الى الخارج.

و هي الفضيحة الذي سبق و ان أثارتها الصحافة الوطنية و المحلية, و تحدثت عنها جريدة الصباح المغربية في أحد مقالاتها الصادر بتاريخ 02 نوفمبر المنصرم, و المعنون ب : " إفساد 600 ألف طن من السمك لأجل العلف".

التحقيق الذي قام به فريق متخصص داخل الجريدة اعتمد على الاحصائيات الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني للصيد سنوات 2014 و 2015, هذا بالاضافة الى الاحصاءات الرسمية حول حجم الصادرات الوطنية من دقيق و زيوت السمك سنة 2014. الافتحاص سيركز على سنة 2014, لأنها السنة التي ستفضح مافيا دقيق السمك و كل الفاسدين المتواطئين معها داخل قطاع الصيد البحري محليا و مركزيا. و ستظهر حجم السرقة و النهب الممنهج الذي تتعرض له الثروة السمكية بالصحراء, على مرأى و مسمع من الادارة و بالأرقام.

التحقيق سيكتشف أيضا حجم رهيب من التناقض و التخبط في الارقام و الاحصائيات المقدمة من طرف المكتب الوطني للصيد, و هو الامر الذي سيفسر وجود حلقة مفقودة من الثروة السمكية, غابت في أرقام المصطادات السمكية و ظهرت في الصادرات المليونية من العملة الصعبة.

هذا النهب الخطير لثروات الصحراء السمكية من طرف عصابة صناعة دقيق السمك, في الوقت الذي يعيش فيه الصحراويين بمخيمات اللجوء على الصدقات و المعونات الانسانية, بات أمرا مفضوحا و مستهجننا, و يمكن تلخيص أسبابه في ثلاث نقط رئيسية :

1-الافساد المتعمد للأسماك من طرف لوبيات الصيد الساحلي, المتواطئين مع مافيا صناعة دقيق السمك. على اعتبار أن القانون يفرض ألا توجه إلى معامل دقيق السمك, إلا الكميات الفاسدة والمخلفات السمكية الناتجة عن معامل التصبير وعن الاستهلاك, و الدافع الأساسي من وراء ذلك طبعا, هو أن دقيق السمك يدر أرباحا طائلة مقارنة بالمتاجرة بالسمك الطري الموجه للاستهلاك. حيث تغادر الشاحنات الموانئ و هي محملة بكميات السمك المذكورة بعد إفسادها عمدا, بموجب وثائق مزورة تؤكد أنها موجهة إلى الاستهلاك الداخلي, وإذا ما تم كشف أمر الشاحنات, لا تتم مساءلة السائقين بشكل جدي, عن حيثيات تعرض الكميات للإفساد العمدي, من خلال عدم تبريدها والتزام المساطر المفروضة للحفاظ على الطراوة, من قبيل شحنها في صناديق واستعمال الثلج.

2-التلاعب في ميزان الشاحنات الصهريجية و عدم اخضاعها لعملية وزن حقيقية, بل و الاكتفاء في الكثير من الحالات بتقدير وزن الشحنات السمكية التي تحملها.

3-التلاعب في عملية التصريح بالكميات السمكية الحقيقة المصطادة من طرف السفن و البواخر, و هذا يعود بالاساس الى تواطئ مفضوح من طرف مصالح رسمية في القطاع مع هذه اللوبيات, من خلال عدم تفعيل آليات المراقبة في الموانئ وعلى الطرقات.

Peche maritime sahara 1

لوبي الميناء الجديد بالداخلة

انها المجموعة المعروفة في الأوساط المهنية المحلية بـ "لوبي الميناء الجديد للداخلة", و التي تقوم بتصريف مادة السردين خارج القانون و بدون أدنى مراقبة, ليشق طريقه مباشرة نحو أحد المصانع بالعيون من أجل تحويله الى دقيق سمك.

و للاشارة فقط فان أفرادا من هذه المجموعة، أي "لوبي الميناء الجديد للداخلة" يملكون حصصا من سمك سفن الجر RSW تقدر بـ 6000  طن. و الخطير في الامر هو أن ما تأتي به الـ 25 سفينة الجر RSW و مراكب الصيد الساحلي الـ 74 يفوق بـ 17 مرة طاقة مصانع الداخلة الاستعابية, و عليه كان لزاما على الدولة المغربية و وزارتها في الصيد البحري, أن تعالج هذا الأمر و تبحث عن كيفية تصريفه, و عن الجهات التي ستستفيد منه, بما يضمن استدامة المخزون, و الحفاظ على الثروة السمكية الصحراوية من التحول الى مجرد دقيق سمك, بدون أدنى فائدة على الاقتصاد و التنمية المحلية, اللهم الا ضخ الملايير في جيوب أرباب هذه المصانع, و تلويث البيئة و تدمير السلسلة الغذائية البحرية.

فإذا اعتبرنا على أقل تقدير أن 12 سفينة جر RSW فقط هي التي تبحر و لا تأتي إلا بـ 400 طنا فقط, أي 4800 طنا على رأس كل إبحار, و أن 35 مركبا للصيد  الساحلي هي التي تبحر فقط و تأتي فقط بـ 30 طنا, أي 1050 طنا فقط, تكون واردات  هذه السفن و المراكب على رأس كل إبحار 6000 طن تقريبا؛ بينما لا تتعدى طاقة مصانع التصبير و التجميد بجهة الداخلة وادي الذهب ما بين 300 إلى 500 طن, أي أقل من 6 في المائة. و هو ما يعني أن 94 في المائة المتبقية من هذا المنتوج البحري الاستراتيجي, تصرف في اتجاه آخر, ألا و هو مصانع دقيق السمك بالعيون.

خلاصة القول, لوبيات صناعة دقيق السمك باتت خطرا داهما على مخزون ثروات الصحراء السمكية, و خدعة مخطط هاليوتيس القائمة على ركيزتي التنمية و الاستدامة, لم تعد تنطلي على أحد, و الكاتبة العامة للوزارة هي المسؤول الاول عن كل هذه الجرائم و الخروقات, و هذا الاستنزاف المقنن و الممنهج لأرزاق و ثروات الصحراويين السمكية, أما وزارة الصيد البحري فقد تحولت للأسف الشديد الى ما أرتأينا ان نسميه ب "وكالة تدمير المخزون السمكي", و ذلك من أجل ارضاء قلة محظوظة من الجشعين و المهربين و السيكوباتيين و لقطاء الجغرافيا, الذين وضعوا أيديهم الوسخة على ما تبقى من ثروة سمكية بالمنطقة.

فهنيئا لهم ثروة الاجداد, و هنيئا لنا البؤس في مدن الملح و الحكرة.

Peche maritime sahara farine poisson 1