Créer un site internet

عاجل/ محكمة الاستئناف الادارية بمراكش تلتزم بالقانون و تؤيد حكم اقالة "الخطاط ينجا" من منصبه

1477494854 1 1

الداخلة بوست 

كتابة التقرير : الزاوي عبد القادر - أستاذ  باحث و رئيس هيئة التحرير

كما كان متوقعا, و كما تنبأنا بذلك من خلال مقالات قانونية و تحليلية نشرت على صفحات الجريدة, قضت يومه الأربعاء 25 يناير الجاري, المحكمة الادارية بمراكش, بتأييد الحكم الابتدائي القاضي باقالة رئيس جهة الداخلة وادي الذهب "الخطاط ينجا", الصادر عن المحكمة الادارية بأكادير بتاريخ 31/05/2016, بسبب اقامته الدائمة بموريتانيا.

و كانت المحكمة الإدارية قد قضت ابتدائيا, بإقالة "الخطاط ينجا" رئيس جهة الداخلة وادي الذهب المنتسب لحزب الاستقلال من منصبه، لعدم توفره على أهلية الترشيح والفوز بهذا المنصب بعلة اقامته خارج تراب المغرب بشكل شبه دائم.

وجاء قرار المحكمة الإدارية لأكادير عدد 797/ 2016 في دعوى الموضوع، بناء على مقال يتعلق بالطعن في انتخاب "الخطاط ينجا" رئيسا لجهة الداخلة وادي الذهب, بسبب اقامته الشبه دائمة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية, وفق الوثائق المدلى بها للمحكمة من طرف الطاعنة "عزوها الشكاف" عن حزب الأصالة والمعاصرة، عضو المجلس الجهوي المذكور .

و كان دفاع الطاعنة قد استند في مذكرته المدلى بها الى المحكمة الادارية بوثيقة مستخرجة من السجل الوطني للسكان مؤرخة في 10 أكتوبر 2015 صادرة عن الوكالة الوطنية لسجل السكان بموريتانيا, تفيد أن المطعون فيه "الخطاط ينجا" يقيم فوق التراب الموريتاني، اضافة الى وثيقة أخرى تتعلق بصحيفة السوابق العدلية مؤرخة في 6 يناير 2016، تحت عدد 26/2016 مسلمة من وزارة العدل الموريتانية، تؤكد إقامة "الخطاط ينجا" في البلد الصادرة عنه، والتي لا تسلم إلا للاشخاص المقيمين إقامة فعلية بالبلد المذكور.

هذا، ويتوفر "الخطاط ينجا" المنتخب رئيسا لمجلس جهة الداخلة وادي الذهب, عقب الاستحقاقات الجماعية التي جرت يوم 14 شتنبر 2015 على الجنسيتين الاسبانية والموريتانية، بالإضافة إلى الجنسية المغربية، وهو ما يتنافى ومقتضيات المادة 72 من القانون التنظيمي رقم 14/111 المتعلق بالجهات، والذي ينص صراحة على ضرورة الاعلان الفوري من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بإقالة رئيس الجهة أو نائبه الذي تبث بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج.

الحكم الصادر اليوم عن القضاء الاداري بمراكش, يعتبر يوما مشهودا في تاريخ القضاء المغربي العادل و النزيه و الشفاف, الذي أثبت بما لا يدع مجالا للشك, بأن القضاة هم حقا ظل الله في الأرض و حصن العدالة الاخير, لا يخيفهم تهديد و لا وعيد, و لا يهابون شريفا و لا وضيع, و لا يخضعون للابتزاز و لا يساومون, و ان قبلتهم و حجهم الاكبر هو الحق و العدل, أين ما كان و لوا وجوههم شطره, يدورون معه وجودا و عدما, يحكمون بالنوازل و الحقائق, و يطبقون القانون روحا و نصا و مقصدا, بعيدا عن المزايدات السياسوية الضيقة.

حيث لا يخفى على احد, بأن الوثائق المدلى بها من طرف دفاع الطاعنة "الشكاف" دامغة و تمتلك حجية قاطعة لا تثريب عليها, و هو ما ألزم المحكمة بالانصياع لروح القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في مادته 72, و إلزام وزارة الداخلية باصدار حكم اقالة الرئيس, من خلال الغاء قرارها السلبي الذي تغاضى عن تطبيق القانون و سمح بانتخاب رئيس للجهة مقيم خارج الوطن.

و هو الامر الذي حاول و لا يزال البعض من مناصري الرئيس المطعون على انتخابه, التلاعب به من خلال مقالات قانونية و نشرات اخبارية مضللة, حاولت ان تصور لنا و كأن "عزوها شكاف" في دعواها المقامة, قد طالبت بالغاء قرار اداري كلاسيكي صادر عن الادارة العمومية المغربية, و هو الامر الغير صحيح و المنافي للوقائع, على اعتبار أن "الشكاف" قد وجهت رسالة إلى والي جهة الداخلة وادي الذهب بتاريخ 15 شتنبر 2015, طلبت منه خلالها, تفعيل مقتضيات المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات, التي تنص على أنه لا يجوز أن ينتخب رئيسا أو نائبا للرئيس, من بين أعضاء مجلس الجهة الذين هم مقيمون خارج الوطن لأي سبب من الأسباب, و لما أمتنع الوالي عن تطبيق القانون و رفع الأمر الى وزارة الداخلية من أجل اصدار قرار الاقالة, باعتبار ذلك ولاية قانونية حكر على السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية حسب منطوق المادة 72, تشكلت حينها الأركان المادية و المعنوية لقرار "سلبي" نتيجة الامتناع عن تطبيق القانون, على اعتبار أن سقوط الأصل يترتب عنه سقوط الفرع ويدور معه وجودا وعدما, ما أستوجب الطعن عليه بالبطلان, و هو ما قبلته المحكمة من ناحية الشكل, و نظرت فيه من ناحية الموضوع, و حكمت بالغاءه, مع ما يترتب عن ذلك قانونا, اي الغاء عملية انتخاب رئيس الجهة, و حل مكتب المجلس, تطبيقا لروح القاعدة القانونية الشهيرة "ما بني على باطل, فهو باطل".

اليوم, مجلس الجهة أو ما أرتئينا أن نسميه ب "مجلس التسدار", بتشكيلته الحالية بات وراء ظهورنا تماما, و الأعضاء المنتخبين المشكلين له, و في أفق انتخاب مكتب مسير جديد, مدعوين للتعلم من هذه التجربة المرة و العصيبة, التي رهنت مستقبل و أحلام جهة بأكملها لشهور طويلة, فحزب الاستقلال و حلفاءه السياسيين أصبحوا اليوم عبئا ثقيلا على الدولة و الشعب, و التوازنات السياسية قد تغيرت تماما, و السياسي الجيد كما قالها من قبل الأسد العجوز "تشرشل", هو ذاك الذي يمتلك القدرة على التنبؤ, والقدرة ذاتها على تبرير لماذا لم تتحقق تنبؤاته. فالجهة بحاجة الى أغلبية توافقية قادرة على العمل و الانجاز, و منسجمة مع التغييرات الجيوسياسية الوطنية و الجهوية. و هذه الشروط مجتمعة, غير متوفرة قطعا في حزب علال الفاسي التوسعي, و لا جوقة لباجدة البؤساء, الذين اكتشف الشعب نفاقهم و زيف أطروحاتهم.

ان هذا الحكم القضائي, و في اطارة قراءة مستقبلية لاسقاطاته و تبعاته, يعتبر المسمار الأخير في نعش حزب الاستقلال بجهة الصحراء. و تلك الأيام نداولها بين الناس.