مقالات تفضح لوبيات الصيد البحري تجر موقعا محليا للمتابعة القضائية بالداخلة

1444440036

الداخلة بوست

بقلم : محمد الأمين مراد

تابعت كغيري من ساكنة الداخلة البوليميك السياسي الذي أحدثته المتابعة القضائية التي حركها رجل أعمال و مستثمر بقطاع الصيد البحري بالداخلة ضد الموقع الاخباري المحلي الداخلة نيوز بتهمة السب و القذف حسب ما ورد بخبر منشور على الموقع المذكور

و لم يكن أحد يعتقد بمن فيهم محرك الدعوى أن يتحول خبر المتابعة القضائية إلى قضية رأي عام ستؤدي إلى هذا الانقسام الشديد و الاصطفاف الكبير داخل الرأي العام المحلي بين معسكرين:

- معسكر المعارضة و الذي يضم فئات عريضة و واسعة من ساكنة المدينة و بالتحديد من شبابها مع الموقع الالكتروني المدعى عليه، معتبرين الدعوى القضائية المرفوعة من رجل الأعمال المذكور نوعا من تكميم الأفواه و ضربا لحرية الرأي و التعبير و حق المواطنين في الاعلام الذين لا محيد عنهما و عن تحصينهما و حمايتهما في صحراء قاحلة حقوقيا و قلما تم الاكتراث لها.

- معسكر الموالاة و الذي يضم بعض المهنيين و جمعيات للمجتمع المدني و بعض المنتفعين مما جادت به أيادي لوبيات ال RSW المتغولة و التي تنهش يوميا ما تبقى عن أسطول الصيد الساحلي من ثروتنا الوطنية، يصنف ما قام به الموقع في خانة الابتزاز و التشهير و التشويش على الاستثمار الجاد بالقطاع.

و لن نخوض هنا في مدى جدية و صواب طرح هذا الطرف أو ذاك ، و لن نخوض مع الخائضين في تبادل الشتائم و الاتهامات ، و نعتقد بأن القضاء هو من ستكون له الكلمة الفصل في هذا الموضوع.

لكننا مع ذلك سنطرح جملة من الأسئلة نراها ضرورية لفهم ما وراء السطور و استجلاء جزء من الحقيقة التي يحاول لوبي ال RSW المفترس إخفاءها عنا جميعا.

- لماذا قرر رجل الأعمال المذكور (مع أن هذا من حقه) رفع الدعوى القضائية ضد الموقع المذكور؟ و لماذا في هذا التوقيت بالذات؟

- و لماذا اختارت الجريدة الالكترونية الداخلة نيوز رجل الأعمال المذكور دون غيره من المستثمرين بقطاع الصيد البحري و هم كثر؟ و لماذا أيضا في هذا التوقيت بالذات؟

- و ما صحة الأخبار و الاشاعات عن وجود صراع خفي بين لوبيات ال RSW بالداخلة حول اقتسام كعكة الأسماك السطحية؟

- و ما موقع لوبي تعليب سمك السردين و لوبي دقيق السمك مما يحدث؟

- و ما صحة الأخبار المتواترة عن عرقلة لوبي تعليب السمك لقرار محتمل لوزارة الصيد البحري سيقضي بمنح ست رخص لمصانع دقيق السمك بالداخلة لفائدة رجال أعمال محليين و أعيان نافذين؟

- و ما علاقة كل هذا بالدعوى المرفوعة من طرف رجل الأعمال المذكور الذي يبدو أنه ضاق ذرعا بما تكتبه الصحافة المحلية عنه؟

- و هل تمثل هذه الدعوى القضائية مجرد الشجرة التي تخفي الغابة الخلفية لما يحاك في السر و بعيدا عن الأنظار داخل المطبخ السري للوبيات الصيد البحري بالداخلة؟

تقديم إجابات شافية عن هذه الأسئلة يكاد يكون عملية صعبة للغاية في ظل التكتم الشديد لجميع الأطراف في هذه القضية، فضلا عن السرية التي تطبع عمل و تعاطي وزارة الصيد البحري مع هذا القطاع الحيوي و المهيكل بالجهة، حيث يعتبر من الطابوهات الكبرى و مجالا خصبا لانتعاش ما يمكن أن نطلق عليه-بمنطق رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران- العفاريت و التماسيح، فضلا عن هذا الغياب المبرم لغرفة الصيد الأطلسية الجنوبية التي ينطبق عليها المثل المصري :"شاهد ما شفشي حاجة".

و مما لاشك فيه أن السؤال الذي سبق أن طرحه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حول الثروة يعيد إنتاج نفسه و يجدد ما يبرره بالداخلة.

فرغم ما يدره قطاع الصيد البحري من ثروة طائلة يذهب جزء منها لخزينة الدولة و الجزء الكبير لجيوب المستفيدين من ريع الكوطات في حين يكون نصيب المجالس المنتخبة و الساكنة مجرد القليل من الفتات و الذي لا ينعكس بالمقابل على الواقع المعيشي للفئات العريضة و الواسعة من الساكنة المحلية بالجهة، و تظل مساهمته ضئيلة على مستوى امتصاص البطالة بالجهة.

مما يجعلنا مرة أخرى نتساءل عن المستفيد الحقيقي من هذه الثروة، و الذي أضحى العنوان العريض لكل الاحتجاجات و المطالب المرفوعة من طرف الشباب العاطل عن العمل بالصحراء.

لكن يبقى الاشكال الحقيقي الذي يواجه الدولة هو إيجاد آلية لاستفادة الساكنة المحلية من ثرواتها الطبيعية مع ضمان مقومات و محفزات تشجيع الاستثمار بالمنطقة، وفق المقاربة الجديدة التي تقطع مع سياسة الريع المنتهجة سابقا و تشجيع و دعم المبادرات الحرة و الخالقة للمزيد من الثروة.

378 275x183 715391442 275x183

و أعتقد جازما أنه ما لم توفق الدولة في الوصول إلى هذه الوصفة السحرية سيظل خطاب الاستفادة من الثروات خطابا مزعجا للجميع بمن فيهم الدولة و العنوان العريض للمطالب الاجتماعية للساكنة المحلية، مع ما يتبع ذلك من توظيف سياسي لهذا الخطاب و الركوب عليه من طرف جهات معلومة تخدم أجندات خارجية معادية للمغرب.

المشكل الذي يواجه رجل الأعمال المذكور و غيره من المستثمرين بالقطاع اليوم مرتبط بوجوده في المكان الصحيح و لكن في التوقيت الخطأ، فمن خلاله تم تصريف مشاكل الشباب العاطل و الفئات المحرومة من الاستفادة من ثرواتها مع الادارة، فضلا عن تراكمات السياسات التدبيرية الفاشلة للوزارة الوصية على هذا القطاع الحيوي، و الذي كان من الممكن أن يكون حاضنا للعديد من المشاريع و المبادرات الذاتية للقضاء على الهشاشة و الاقصاء في صفوف الشباب، بدل تحويل الجهة و مخزونها السمكي إلى الملاذ الأخير لأساطيل الصيد الساحلي و أعالي البحار لجهات أخرى تم استنزاف ثرواتها بسبب سوء تدبير الثروة و الصيد غير السليم و الرشيد لمهنيي القطاع بها و فشل سياسات الوزارة في المحافظة عليها.