Créer un site internet

المشكلة ماشي ف"الجماني"...المشكلة ديال بصح حين يخصص المجلس الجهوي 20 مليون سنتيم لشراء المواد المطهرة؟؟؟؟

Region dakhla2019 1

الداخلة بوست

بقلم : د.الزاوي عبد القادر - أستاذ باحث و كاتب صحفي

كما سبق و أن وعدناكم بأنه و من أجل تنوير الرأي العام المحلي, و خصوصا فئة المعطلين و المهمشين أبناء هذه الارض المالحة, سوف نشرع بمشيئة الله في نشر سلسلة من المقالات التحليلية لمشروع ميزانية الجهة, و ذلك من خلال تشخيص مالي علمي و أكاديمي متخصص و موضوعي, سنحاكم من خلاله ميزانية الجهة بالأدلة و الارقام,

وها نحن اليوم نفي بوعدنا, ونبدأ معكم الجزء الثاني من سلسلة تحليل كوارث ميزانية الجهة برسم سنة 2019, حيث سنفرد هذا الجزء لقضية الدعم المليوني السخي الذي خصصه مجلس جهة الداخلة وادي الذهب لما سماه معدي هذه المهزلة الميزانياتية بالدفعات المالية المقدمة للتعاونيات. فصل فضفاض و غريب, خصصت له من أرزاق شعب الجهة من كتائب الكادحين و العاطلين و المهمشين, مليار و 500 مليون سنتيم,

أبواب تم استحداثها, و تركت معومة من دون ضبط و توضيح لمفهومها الاصطلاحي و المالي و القانوني, و خصصت لها أموال طائلة من أموال الشعب, حيث أن هذا النفخ الصاروخي في الميزانية يعتبر في علوم تدبير الموارد المالية, تبذير "معقلن" و اسراف مالي "رشيد", و كأن الذين وضعوا هذه "الخزعبلات" الميزانياتية لم يسمعوا أبدا من قبل عن شيئ اسمه الحكامة المالية و ترشيد النفقات أو ما يسمى بالفرنسية "L’optimisation des ressources" و هو أحد أهم مبادئ علم وضع الميزانية من خلال البحث عن تحقيق الأهداف المسطرة بنجاعة و عقلانية,

و عودة لموضوع الدفعات المالية الضخمة التي خصصت للتعاونيات بالجهة و الذي حدد هذه السنة في مليار و 500 مليون سنتيم, نتساءل و من ورائنا جيوش المحرومين و العاطلين و المهمشين, بناءا على أي أسس تم تخصيص هذه الأموال الطائلة؟ و ما المقصود بالضبط بكلمة "إعانات مقدمة للتعاونيات"؟ و ماهية التعاونيات التي ستستفيد؟ و ما هي الفرضيات "Hypothèses" و التقديرات المالية "Clés Budgétaires" التي على أساسها وضع هذا المبلغ الضخم؟ و هل يمتلك رئيس الجهة و مكتبه المسير تصورا حقيقيا عن هذه التاعونيات و عن ماهيتها و المعايير الموضوعية التي على أساسها سيتم تقديم هذه المعونات المالية؟ أم أن الأمر يتعلق بريع من طينة جديدة يؤسس له رئيس الجهة بوحي و إيعاز من "شرتات" الأغلبية,  تحت يافطة دعم التعاونيات و المجتمع المدني ووووو....؟ ثم ألم يكن حريا بمجلس الجهة أن يخصص و لو ربع ذلك المبلغ الضخم لدعم شباب المدينة العاطل عن العمل, من خلال انشاء مشاريع اقتصادية صغيرة توفر لهم مدخول مادي قار و تقيهم شرور البطالة القاتلة و قلة ذات اليد؟

نفس التساؤلات تنطبق على 200 مليون سنتيم التي خصصها مجلس الجهة لدعم جمعية الجهات المغربية, و رغم كون الجهة عضو في هذه الجمعية, لكن يبقى مطلوب من رئاسة المجلس توضيح المعايير التي على أساسها تم تخصيص هذه الأموال الطائلة, بالإضافة الى ماهية البرامج و الخدمات التي قدمتها جمعية الجهات المغربية, للجهة و ساكنتها المطحونة, خصوصا إذا علمنا بأنه إلى حدود الساعة و منذ بداية عمر المجلس, تم تخصيص حوالي مليار سنتيم لهذه الجمعية,

و نفس الكلام ينطبق أيضا على فصول اخرى "منتفخة" بشكل مريب, كتخصيص مبلغ خرافي ناهز 200 مليون سنتيم لشراء التحف الفنية و الهدايا, و 200 مليون سنتيم أخرى لإكتراء عتاد الحفلات, و 150 مليون سنتيم لشراء الوقود و الزيوت لحضيرة سيارات المجلس, و هو رقم يطرح أكثر من علامة استفهام حول المعدل الحقيقي لإستهلاك السيارات للوقود؟ إضافة إلى تخصيص 50 مليون سنتيم لشراء قطع الغيار و الإطارات المطاطية لسيارات الجهة التي اغلبها ( ww ), و لم يمر على إستخدامها أكثر من 3 سنوات, ناهيك عن تخصيص مبلغ 50 مليون سنتيم أخرى لصيانة و إصلاح السيارات!!!

ان هذه البرمجة الميزانياتية "المهزلة" و التي تتنافى جملة و تفصيلا مع حاجيات الساكنة الحقيقية و انتظاراتها الملحة, ستحول مجلس الجهة الى مؤسسة ريعية مفتوحة, يزورها كل باحث عن كمية من الأموال السبهللة و السهلة, ليقضي بها مأربه الشخصية تحت عنوان عريض اسمه: "جمعية أو تعاونية", في الوقت الذي كان الأولى أن يتم تحويل هذه الاعتمادات الضخمة الى مشاريع سوسيو-إقتصادية تمكن من محاربة الهشاشة و الاقصاء الاجتماعيين وسط الفئات الفقيرة و المحرومة, و خصوصا فئة الشباب العاطل, و ذلك من خلال تمويل برامج تشغيلية تمكن من خلق مشاريع مذرة للدخل و موفرة لفرص الشغل الكريم,

لكن يبدو أن الذي يتغير فوق هذه الأرض الملعونة و داخل مجلسها الجهوي الشخوص فقط, أما العقليات فإنها تعف عن التغيير و تأبى استعاب المتغيرات الجيو- سياسية المستجدة, و على رأس ذلك روح مشروع الجهوية المتقدمة الذي اعطى انطلاقته ملك البلاد من هذه الأرض المالحة,

حيث لا تزال نفس تلك العقليات الريعية هي التي تخطط لأرزاقنا و تبرمج مقدراتنا, و مجلس الجهة هو مجرد نموذج حي لهذا الطرح المفجع, حيث يتم التلاعب بالرأي العام من خلال العزف على وتر فاحش يسمى دعم الضعفاء و حل مشاكل البؤساء و المحتاجين, و هنا تكمن الخطورة كلها و يصبح المستقبل أسودا قاتما, و تصير الجهوية و ترسانتها المادية و النفسية خلف ظهورنا تماما, و نتحول الى فئران تجارب على شاكلة فئران "الهامستر", التي يضعونها في قفص به عجلة تدور, و يظل الفأر المسكين يركض و يركض داخل الحلقة و هو يتصور أنه يتقدم الى الأمام, لكنه في الحقيقة لا يراوح مكانه قيد أنملة رغم المجهود و الارادة,

فمشاكل البشر فوق هذا الجرف البحري المنكوب, لن تحل قطعا بالصدقات و تحويل الناس الى "طلابة" و متسولين كما جرت بذلك العادة, و لكنها ستحل عن طريق برامج تنموية حقيقية واضحة المعالم و المألات, ستحل عن طريق الرفع من مستوى المواطنين الفكري و الاجتماعي و من حسهم المقاولاتي, ستحل عن طريق برامج طموحة و خلاقة و مهيكلة على أرض الواقع, تمكن من اندماج مجتمعي حقيقي للفئات المحرومة, و حل معضلة البطالة و توفير فرص الشغل للشباب المستضعف, لتضمن لهم و لو النزر القليل من الكرامة الانسانية و العيش الكريم,

ليبقى الطريف في المهزلة الميزانية سالفة الذكر, هو شجاعة الأغلبية المسيرة للمجلس, في قرارها تخصيص مبلغ 20 مليون سنتيم لأجل شراء المواد المطهرة, و هو ما سيمكن ساكنة الجهة من فهم النفخ المفضوح في فصول الميزانية, و المنطق الذي على أساسه وضعت هذه الميزانية "المفخخة", إنتهى الكلام,