المغرب يتوجس من خطة أمريكية ـ بريطانية لفرض حل في الصحراء
المغرب يتوجس من خطة أمريكية ـ بريطانية لفرض حل في الصحراء
الداخلة بوست
يسود ترقب كبير في ملف نزاع الصحراء بشأن التقرير المقبل للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكيفية معالجة أعضاء مجلس الأمن للملف. ويوجد إحساس قوي لدى المسؤولين المغاربة بأن الولايات المتحدة وبريطانيا ترغبان في فرض حل يمس بمصالحهم وأصبحوا يثقون في روسيا أكثر. وتعتبر هذه من المفارقات الكبرى في السياسة الدولية بحكم أن المغرب كان حليف واشنطن ولندن.
ويدرك المغرب مسبقاً أن تقرير بان كي مون لمجلس الأمن بداية الشهر المقبل لن يكون في صالحه خاصة بعد التوتر بين الطرفين نتيجة استعمال بان كي مون مصطلح «احتلال» في وصف التواجد المغربي في الصحراء الغربية خلال زيارته الأخيرة إلى أطراف النزاع وهي اسبانيا وموريتانيا والجزائر ومخيمات تندوف في حين رفض المغرب استقباله، وقيام المغرب بالرد عبر طرد عشرات من قوات المينورسو الدولية.
ولكن ما يهتم به المغرب ومتتبعو هذا النزاع هو مواقف أعضاء مجلس الأمن الدولي الذين سيناقشون الملف في ظرف أسابيع قليلة. وأصبحوا، أمام الأبعاد التي أخذها، مطالبين باتخاذ قرارات وإجراءات لتفادي عودة الحرب إلى الصحراء في ظل تهديد مستمر من طرف قيادة البوليساريو بالعودة إلى السلاح.
ويرتكز الترقب المغربي في مجلس الأمن أساساً على دولتين وهما بريطانيا والولايات المتحدة وكيف ستتصرفان. وكان المغرب دائما يبدي تخوفاً من بعض الدول مثل اسبانيا التي تعتبر قوة استعمارية سابقة في المنطقة، وكان يعتبر واشنطن حليفاً رفقة فرنسا، ولا يبدي قلقاً كبيراً من لندن. لكن خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدأ يحصل العكس.
في هذا الصدد، أدلى رئيس البرلمان المغربي رشيد الطالبي بتصريحات قوية في برنامج للقناة الأولى المغربية، وهي التصريحات التي لم تلفت انتباه المهتمين بالنزاع. وهذه التصريحات تؤكد ما ذهب إليه بعض المحللين وبعض المنابر ومنها «القدس العربي» بشأن الموقف الأمريكي الداعي إلى تغيير في وضع الصحراء.
وكشف رشيد الطالبي في الحوار التلفزيوني أنه يتحدث بدون واجب التحفظ الذي تلتزم به الحكومة، مشيراً في هذا الصدد إلى وجود مخطط أجنبي بدأ تطبيقه منذ سنة 2013 يرمي إلى فرض حل في الصحراء لا يصب في صالح المغرب.
وهو يؤكد أن هذا المخطط تقف وراءه جهات خططت للربيع العربي لإضعاف الدول العربية لصالح إسرائيل. وأبرز أن المغرب هو من طلب زيارة الأمين العام بان كي مون، لكن المفاجأة كانت تأجيل هذا المسؤول الأممي زيارته للرباط مرتين خلال تشرين الثاني /نوفمبر وكانون الثاني /يناير الماضيين لكي يحاول فرض الزيارة الثالثة خلال آذار /مارس الجاري. ويفسر هذا بأن المخطط الذي تقف وراءه جهات دولية لفرضه على المغرب لم يكن مكتملاً خلال تشرين الثاني وكانون الثاني الماضيين، وكان مهيأ خلال آذار مارس وبالتالي حصلت الزيارة. ويوحي بالمخطط هو مقترح أمريكي – بريطاني.
في الوقت ذاته، يقول هذا المسؤول الذي يعتبر الثالث في سلم المسؤولية في البلاد إن هذه الجهات تتمثل في تقديمها خلال نيسان / أبريل 2013 مقترحاً لمجلس الأمن لتغيير وضعية قوات المينورسو في الصحراء الغربية، وفشلت في ذلك، ثم عادت مؤخراً بعد اندلاع الأزمة الأخيرة بعد زيارة بان كي مون وانقسام مجلس الأمن حول الملف إلى القول بأن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يتسم بالجدية والمصداقية.
وكل هذه المواصفات تنطبق على الولايات المتحدة وبدعم من بريطانيا. وكانت السفيرة الأمريكية السابقة لواشنطن في مجلس الأمن سوزان رايس المكلفة حالياً بالأمن القومي هي التي تقدمت بمقترح مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. وفي الوقت ذاته، الولايات المتحدة هي التي نشرت منذ عشرة أيام بياناً تؤيد فيه مقترح الحكم الذاتي، كما أن واشنطن رفقة بريطانيا يجري اتهامهما بالوقوف وراء الربيع العربي.
وبالموازاة مع مقترحات واشنطن، تتبنى لندن سياسة متشددة تجاه المغرب في ملف الصحراء، ومن عناوينها البارزة معارضة الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي واشتراطها بحقوق الإنسان. ويضاف إلى هذا تحول لندن إلى معقل رئيسي لنشاط جبهة البوليساريو.
وفي دولة تحرص على علاقاتها الخارجية وخاصة مع القوى الكبرى، من الصعب تصور إقدام مسؤول رفيع المستوى مثل رئيس البرلمان على الإدلاء بتصريحات مماثلة من دون وجود إحساس حقيقي في المغرب بوجود المخطط المفترض. وعلاوة على ذلك، عندما سأله الصحافي هل الأمر يتعلق بالولايات المتحدة، لم ينف رئيس البرلمان بل قال إنه يكتفي بما قاله.
ومن المفارقات المثيرة في التعاطي الدولي مع ملف الصحراء تبادل الأدوار بين الأمس واليوم. فبالأمس، كان المغرب حليفاً رئيسياً خلال الحرب الباردة وكان يحظى بدعم واشنطن ولندن في نزاع الصحراء مقابل أسلحة سوفيتية لجبهة البوليساريو عبر ليبيا الجزائر. وانقلبت الآن الآية عبر تفهم روسي للموقف المغربي ومعارضته لفرض أي حل متسرع بينما واشنطن ولندن تريدان فرض حل نابع من مبدأ الارتباط الحر، أي إنشاء دولة في الصحراء الغربية يكون لها ارتباط بالمغرب عبر آليات قريبة من مفهوم الكومنولث. وترى لندن وواشنطن أن هذا الحل يوازن بين الحكم الذاتي وتقرير المصير.