مرت دورة مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، التي انعقدت يوم أمس الأربعاء، في ظروف استثنائية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بداية فيما قبل انطلاقها، مرورا بالوقائع الغريبة التي جرت خلال انعقدها.
فعلى غير عادة الدورات السابقة لهذا المجلس شهد مقر الجهة يوم أمس تعزيزات امنية كبيرة، أشرف عليها رئيس المنطقة الإقليمية للأمن بالداخلة بنفسه، وتسببت في حرمان عدد من المواطنين من متابعة مجريات هذه الجلسة، رغم أنها عمومية، ومن ضمنهم صحافيين كانوا قد توصلو فيما قبل بإخبار من طرف مجلس الجهة عن انعقاد هذه الدورة، وبالإضافة إلى إغلاق الأبواب الخارجية لمقر الجهة، تم ايضا إغلاق القاعة التي تجري فيها الجلسة، لمدة طويلة، لتفتح بعد ذلك .
وقد تبدو هذه الإجراءات للبعض مسألة عادية نظرا للأحداث التي سبقت إنعقاد هذه الدورة، والمتعلقة أساسا بالحكم الإبتدائي الذي أصدرته المحكمة الإدارية بأكادير والمتمثل في إقالة الخطاط ينجا من منصبه كرئيس للجهة، والاستعراض الجماهيري من طرف حزبه ومناصريه، الذي تلى ذلك أثناء استقباله بمطار الداخلة، والذي تكرر من طرف حزب و مناصري خصمه مونى شكاف، أثناء استقبالها بمطار الداخلة في اليوم الموالي.
مما قد يبرر تخوف السلطة المحلية من وقوع مشادات أثناء الدورة بين مناصري هذا الفريق أو ذاك، قد تتطور إلى ما لا يحمد عقباه، رغم أنه كان يمكن تلافيه بعقد دورة مغلقة وفقا للمادة 51 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والتي تنص على أنه " يمكن للمجلس أن يقرر، دون مناقشة، بطلب من الرئيس أو من ثلث أعضاء المجلس عقد اجتماع غير مفتوح للعموم. إذا تبين أن عقد اجتماع في جلسة مفتوحة للعموم قد يخل بالنظام العام،"، بدل أن يعقدوا جلسة شبه عمومية، حضرها البعض ، وحرم البعض من حضورها.
الإستثناء لم يتوقف على الدورة الشبه عمومية ولا التعزيزات الأمنية التي رافقت انعقادها، بل إن ما جرى خلالها يعتبر استثناء إن لم نقل أمرا مستغربا، فكما سبق أن اوردنا في مقال يوم أمس عن وقائع هذه الدورة، فقد امتنع فريق المعارضة عن الترشح في لجنة الثقافة الحسانية والتراث، المخصصة له، كما أنه ومع انطلاق مجريات الجلسة، أعلن عضو مجلس الجهة المعارض، الناجم بكار، عن عدم دستورية هذه الدورة الاستثنائية، نظرا لعدم احترامها للجدولة الزمنية للقانون الداخلي، وأن فريق المعارضة سيطعن فيها.
إلى هنا تبدو الأمور عادية، لكن المستغرب هو قيام المستشار نفسه، الذي أعلن الطعن في هذه الجلسة، على التصويت لصالح "فاطمة بكار" المنتمية لفريق الأغلبية، رئيسة للجنة إعداد التراب والتعمير والنقل والماء والبيئة، بل أكثر من ذلك فقد اقدم إلى جانب فاطمة الزبير المنتمية لفريق المعارضة أيضا، على الترشح في لجنة الإشراف والمراقبة، التي تفرض وجود عضو من المعارضة فيها، وبعد أن كان فريق المعارضة ممتنع عن التصويت طيلة أطوار هذه الجلسة بادر إلى التصويت لصالح الناجم بكار، إلى جانب فاطمة بكار، الوحيدة المنتمية لفريق الأغلبية التي صوتت لصالحه ليظفر بذلك بعضوية هذه اللجنة.
فكيف يعلن المستشار بكار عن عدم دستورية هذه الدورة وعن قرار فريق المعارضة الطعن فيها، ثم يقوم بالترشح في لجنة تم تشكيلها في دورة غير دستورية وفق تصريحه؟ وكيف يمتنع أعضاء المعارضة عن الترشح للجنة الثقافة الحسانية والتراث المخصصة لهم وفقا للقانون التنظيمي للجهات، ويتسابقون للترشح في لجنة الإشراف والمراقبة؟ وكيف يمتنعون عن التصويت على تشكيل اللجان، وانتخاب رؤساء اللجان الدائمة ونوابهم، وتنظيم إدارة الجهة وتحديد اختصاصاتها، ويصوتون لصالح الناجم بكار اثناء ترشحه في لجنة الإشراف والمراقبة؟