الوالي لمين بنعمر..المنجزات و الأفاق

Img 1016 copy

الداخلة بوست

إن المشكلة التي تعاني منها الشعوب والأمم المتخلفة إضافة الى مشاكلها التقليدية هي أنها لا تملك من الشجاعة والإقدام أن تمدح من أحسن أو تعاقب أو تلوم من أساء. فالذي أحسن لا يتم الاعتراف بإحسانه أو تكريمه إلا بعد سنوات من موته, ونفس الشيء ينطبق على الذي أساء.

هذه الشعوب لا تملك من الجرأة لتكون مع أو ضد. مع من خدمها وضحى من اجلها, وضد من اساء تدبير شؤونها, او إذا كان من بين هذه الشعوب من تتوفر فيه هذه الجرأة ومدح. يقال انه فعل هذا طمعا أو ابتغاء مأرب من وراء هذا المديح, وأن فعل العكس, ينعت بالجنون او يتعرض لسوء العاقبة, وقد قررت ان اكسر هذه القاعدة وان اخرج عن هذا المألوف المتخلف, وسأكون مع وضد, مع بلا طمع وضد بلا خوف.

وما سأتطرق إليه في هذا الجانب اعتبره من منظوري الخاص هو الحقيقة وعين الصواب,"إن كان مديحا لا أريد منه جزاءا ولا شكورا وان كان ذما لا أخشى فيه لومة لائم. كما اعتبره تقييما سأحاول قدر الإمكان أن يكون شاملا ومقتصرا.

أما الموضوع فهو: جهة الداخلة وادي الذهب..منجزات وأفاق

سنتناول هذا الموضوع من مرحلتين:

-المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل الوالي "لمين بنعمر"

-المرحلة الثانية: مرحلة الوالي "لمين بنعمر"

المنجزات: ما قبل الوالي لمين بنعمر:

هذه المرحلة يمكن التطرق اليها مند استرجاع الإقليم الى حظيرة الوطن, وقد تعاقب على تسيير شؤون هذه الجهة عدة مسؤولين من ابناء هذا الوطن ومع الأسف الشديد لم يتمكنوا ولو قليلا من ترك بصماتهم الشيئ الذي عجل من جهة برحيلهم، ومن جهة لم يجدوا اي كان يتأسف على هذا الرحيل. وقد كانت تجربتهم ضربة في الصميم لكل ابناء الجهة، وكاد فشلهم ان يكون فشلا لنا جميعا.

ولقد ساعدهم على ذلك الهاجس الامني الذي كان يسيطر في تلك الحقبة، ولقد ظل دور المواطنين يقتصر فقط على التصفيق ولاشيئ غير التصفيق وفي عهدهم غابت الدولة بكل مؤسساتها وصرفت الميزانيات في امور سياسية تافهة لم تعود على المواطنين بشيئ يذكر، وكادت الثقة بين الاثنين ان تفتقد لولا بعض الضمائر الحية. حيث فشلت كل الأساليب والمبادرات التي تم نهجها من طرف الدولة وظلت المنطقة تتخبط في متاهات افتقرت الى كل المقومات الاساسية والبنية التحتية همشت بكاملها "المؤهلات الاقتصادية والطاقات البشرية" وعاش المواطن في ما يشبه الغيبوبة، فلا منتخبين قائمين بدورهم ولا سلطات موجودة على أرض الواقع. والمنجزات ظلت تقتصر فقط على الاحتفالات بالأعياد الوطنية التي تلقى فيها الخطب والقصائد بما يشبه سوق عكاظ، والتقارير التي كانت ترفع إلى السلطات العليا تشير فقط إلى شيئ واحد: تشبث السكان بمغربيتهم وولائهم والآن الأمور تسير على أحسن ما يرام ووفقا لما هو مخطط له. وكأن لسان حالهم يقول: "كم من أمور قضيناها بتركها".

لن أكون متشائما إلى حد بعيد ولن اكون متفائلا إلى حد بعيد وبين هذا وذاك سأكون "متشائلا" رغم الظلام الدامس التي كانت تتخبط فيه جهتنا انذاك، ورقم سوء التسيير الذي كان ينتجه أولياء أمرها. فهناك أناس كانت لهم الإرادة من أجل التغيير، وكانوا مصممين العزم على فعل أي شيئ خدمة لهذا الوطن، لكن إرادتهم وعزمهم اصتدموا بصخرة التربية والعقلية السائدة عند جل نخبتنا المسكوكة و المصتنعة والتي لم تكون مسؤوليتها نابعة من إرادة سكان هذه الجهة والمتمثلة في استفادتهم وحدهم وأقول وحدهم من كل كبيرة وصغيرة.

أما النهوض بالجهة بما يمليه الواجب الوطني فهذا لايعنيهم لا من بعيد ولا من قريب، فقاموا بخطوات محتشمة على صعيد استغلال اليسر من مؤهلات الجهة، وأقاموا بعض المنجزات التي أقل ما يقال عنها أنها خطوة صغيرة جدا اذا ما قيست بالإمكانيات المسخرة من طرف الدولة لتنمية هذه الجهة والرفع من مستواها، وهؤلاء رغم أن نواياهم كانت إلى حد ما حسنة إلا أنهم وجدوا أنفسهم محاصرين بمجموعة من اصحاب البطون والجيوب أصحاب مواطنة "الأرتزاق ووطنية الابتزاز". وأصحاب مواطن ولكن بمقابل، حالوا بينهم وبين ما كانوا ينوون القيام بيه. مما فرض عليهم محاباتهم "لحمية تغلب السبع". ليصدق الشاعر حين قال: (( متى يبلغ البنيان تمامه: اذا كنت تبني وغيرك يهدم)).

المرحلة الثانية: مرحلة الوالي لمين بنعمر

ان هذه المرحلة تتميز عن سابقاتها في كل شئ في الظروف وفي الآليات وحتى في الايجابيات والسلبيات،أولا هي مرحلة جاءت في ظل العهد الجديد بكل حيثياته، وهو العهد الذي شهد فيه المغرب ككل ربيعا تنمويا وتحولات ديمقراطية عميقة أعطت أكلها على الصعيد الداخلي والخارجي وكانت جهتنا من أولويات هذا العهد.

فالوالي بنعمر الذي عين او عهد اليه تسير هده الجهة هو احد ابنائها بكل ماتحمله هذه العبارة من معنى, مارس التسيير في عدة جهات وعلى عدة اصعدة, وله كفاءات فكرية وثقافية جعلته يحظى بثقة صاحب الجلالة الذي اوكل اليه تسيير جهة من اهم الجهات, ليس فقط لما تحتويه من امكانيات وثروات,بل ايضا كونها جهة حدودية وخط تماس مع ما يسمى بدول الساحل والصحراء لما لها وما عليها. وفي هذا الخضم استطاع السيد الوالي بنعمر ان يخرج عن المألوف المتخلف الذي راكمه بعض الولاة من قبله في تأسيس علاقات انتهازية مع بعض المنتخبين والاعيان والمحتمع المدني, وعقلياتهم المتمثلة في الوطنية المأجورة.

واستطاع أن ينتزع تقدير و احترام جل سكان هذه الجهة لأنه لم يقع في فخ الابتلاع من طرف ما يسمى بالنخبة المتمرسة في وطنية الارتزاق ومواطنة الابتزاز والتي لم تكون مسؤولياتها من صميم الوطنية التي أثرت على السير الطبيعي لدواليب الادارة المحلية في ما مضى, متجاهلين مصلحة الوطن والمواطن، والتي كانت دائما هي من يجر اليها كل مسؤول وافد على هذه الجهة. في حين ان الوالي لمين بنعمر استطاع بكل حكمة وحنكة ومسؤولية ان يفرض وبالقانون على هذه النخبة مسايرة الاصلاح والتحولات الجديدة للدولة ضدا على عادتها القديمة، وبهذا تمكن من انجاز الجزء الاكبر والاهم من المصلحة العليا للوطن رغم بعض العراقيل التي تعرض لها في بداية المشوار، ولكنه تمكن من تجاوزها ومص غضب اصحابها. مما دفعهم مجبرين الى المساهمة حين وجدوا القطار يسير عكس الاتجاه الذي ألفوه يسير فيه من قبل.

وبعيدا عن كل مجاملة واقولها وبدون سالف ابروتوكول وبصراحة عفوية لا تمت له بآي علاقة شخصية او مادية او قبلية سوى مصلحة الوطن، أن السيد الوالي "لمين بنعمر" أشعل العديد من الشموع مبددا بذالك العديد من الظلمة والحلكة التي ظلت قائمة لسنوات طويلة رغم ماسخرته الدولة من إمكانيات. وأنه انتقل من دبلوماسية الخطاب مع النخبة التقليدية إلى دبلوماسية الخطابة مع كافة فئات المجتمع، وخرج من سياسة الترقب والانتظار إلى سياسة المبادرة الفعلية و البناءة في أعادت هيكلة سكان هذه الجهة على أسس وطنية ، لأجل بناء الإنسان المؤمن بالوحدة الوطنية عن قناعة وليس عن مادة، ولم يبقى محدودي الرؤية بأبيات الماضي الأليم. كما خلق انسجاما وتوافقا بين كل مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والقبلية هنا، فحول الكل إلى فريق واحد بكل خطوطه الهجومية والدفاعية وكان حارسهم الأمين.

كما استطاع أن يقوي روابط الوحدة الوطنية, هذه الروابط التي كادت عراها ان تنفصل من خلال تنامي الفكر الانفصالي كمنحى من مناحي الضغوط السياسية بالجهة, والتي كان السبب فيها على الخصوص الإقصاء و التهميش الذي تعرضت له فئات من الشباب في الماضي، إضافة إلى أن الجهة هي منطقة حدودية وهي عرضة دائما للتسربات المشبوهة.

فقد أعاد السيد الوالي الأمل إلى هذه الفئات المظلومة من طرف تلك النخبة التقليدية وفتح أمامها باب الحوار و ممكننا إياها من جميع وسائل وسبل الدمج والإنصاف,و فاتحا أمامها كل المجالات. وقد أعطت هذه المبادرة اكلها من خلال اعطائه للأطر صلاحيات واسعة تحت الإشراف القانوني الحازم له. وإشراك الشباب في تدبيير الشأن المحلي، وبذلك يكون الوالي قد ضرب الفكر الانفصالي في الصميم وأغلق في وجهه كل الطرق التي كانت تؤدي إليه. معززا بذلك الثقة بين المؤسسات والمواطنين. ومحافظا على التوازنات السياسية والاجتماعية التي تعبر فعلا عن الوحدة أرضا و انسانا.

ومما يحسب للرجل انه إطفائي من الطراز الاول، ويتقن السياقة بسرعة فائقة في أخطر المنعرجات. فقد استطاع أن يقضي على عدة صراعات بين العديد من الفرقاء السياسيين والتي كانت دائما تشتعل نارها من حين لأخر. وجسد الدور الفعلي للحكامة الجيدة في تقريب الادارة من المواطنين عكس ما كان يحدث في السابق. أكيد ان شخصا من هذا العيار الثقيل عندما يقدم على هذا النوع من المبادرات فتلك علامة قوية على انه واثق من وطنيته وقادر على الارتقاء بها إلى دراجة أسمى في الممارسة السياسية والإدارية في تحمل المسؤولية. فلقد أطلق العنان لمسلسل كبير من الإنجازات الاقتصادية محولا بها الجهة إلى قطب اقتصادي سياحي كبير أصبح قبلة للعديد من المستثمرين الوطنيين والأجانب من خلال الانكباب على إنجاز مشاريع للتنمية البشرية استفاد منها جل الساكنة.

كما فتح الباب على مصراعيه امام أبناء الجهة التي عاشت سنوات من الحصار والإقصاء والتهميش إلا من رحمتهم رفع القبعات لسوء التدبير وشفعت لهم أساليب التملق والنفاق، رائدا في ذلك تكريس وتجسيد المعنى الحقيقي لربيع الكرامة المغربي. والعمل على تفعيل الورش الكبير الذي أعلن عنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس و المتمثل في مشروع الجهوية المتقدمة التي تؤطرها ديمقراطية تشاركية حرة ونزيهة بكل ابعادها من عدم التمركز والحكامة الجيدة والنزاهة في تدبير الشأن المحلي، رغم تقاعس بعض المنتخبين الذين مازالوا كحليمة يحنون الى ممارسة عادتهم القديمة المتجاوزة، إلا أن اغلب هؤلاء وقف على حقيقة ثابتة وراسخة عند السيد الوالي "لمين بنعمر" وهي إما ان تساير قطار التنمية والتغيير في ظل العهد الجديد، وإما انك ستخلف عن الركب وستبقى الى غير رجعة.

كما عمل الوالي لمين بنعمر ان يجعل كل وقته رهن تطلعات الساكنة وخدمتها، فقد أعلن حربا على العابثين بأموال الشعب من أجل ترشيد المال العام وتوجيهه للمجالات الحقيقية لا المزيفة والشكلية، لأنه لا يعتبر عمله الوطني منتهيا بانتهاء ساعات الدوام الإداري وليس من اولئك الذين يمارسون الوطنية كوظيفة مدفوعة الأجر. مما يجعلنا فعلا نعتز به ونمنحه ثقة لا تقل عن تلك التي منحها له صاحب الجلالة والمهابة. و نشد بحرارة على ايديه ونضع أيادينا بها لأنه يستحق هذا منا.

لن أقول أن كل الأمور صارت وتسير على أحسن ما يرام، هناك تعثرات لكنها لن توقف القطار، رغم أن جل هذه التعثرات يرجع سببها إلى أولئك الذين لا يروق لهم هذا التغيير, أولئك الذين رأوا القطار يسير في عكس الاتجاه الذي ألفوه يسير فيه من قبل.