الصحراء و "أخنوش" و تجديد اتفاقية الصيد البحري..نجاحات دبلوماسية بالخارج و فشل تنموي ذريع بالداخل
الصحراء و "أخنوش" و تجديد اتفاقية الصيد البحري..نجاحات دبلوماسية بالخارج و فشل تنموي ذريع بالداخل
بقلم: د.الزاوي عبد القادر-كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات
مما لا شك فيه ان تصويتَ البرلمان الأوروبي لصالح اعتماد اتفاقية الصيد الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بما يشمل مياه منطقة الصحراء المتنازع عليها، يشكل انتصار دبلوماسي و سياسي ساحق للمغرب في مواجهة جبهة البوليساريو، كما أنه يُعزّز موقع المملكة في شراكة إستراتيجية لطالما اعتبرتها مستدامة وموثوقة، ومبنية على أسس متينة من التعاون بين شريكين تاريخيين.
خصوصا و أنه يتزامن مع رفض محكمة العدل الأوروبية الطلب الذي تقدمت به جبهة البوليساريو في شهر يونيو 2018 عبر المحامي جيل ديفيرز و القاضي بالطعن في قرار المجلس الأوروبي بمباشرة مفاوضات بشأن تعديل إتفاقية الصيد البحري بين المملكة المغربية و الإتحاد الأوروبي لتشمل منطقة الصحراء المتنازع عليها.
قرار الرفض الذي تم إتخاذه من طرف الغرفة الخامسة بمحكمة العدل الأوروبية و عنونته بغير "المقبول" تم في 8 فبراير 2019 و لم يتم نشره سوى يوم أمس 12 فبراير 2019 و هو اليوم الذي صادق فيه البرلمان الأوروبي على إتفاقية الصيد البحري بين المغرب و الإتحاد الأوروبي و التي شملت مياه الصحراء المغربية.
و هو ما صرح به وزير الصيد البحري "أخنوش" عقبَ مصادقة غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي، يوم الثلاثاء المنصرم، على الاتفاق الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيث يشكل هذا التصويت آخر مرحلة للمصادقة على المستوى الأوروبي قبل المصادقة على الوثيقة من قبل البرلمان المغربي، ودخول هذا النص حيز التنفيذ.
وفي هذا الصّدد، يعتبر التصويت بأغلبية كبيرة و ساحقة (70 في المائة من الأصوات المؤيدة)، إجابة واضحة عن الأسئلة التي سبق أن أثارتها محكمة العدل الأوروبية، على إعتبار أن التقارير التي أنجزها الاتحاد الأوروبي على مدى السنوات الأربع الماضية، أظْهرَ بشكل موضوعي الأثر الإيجابي للاتفاق على ساكنة الصحراء المغربية.
وزير الصيد البحري المغربي أكد ايضا في تصريحاته، أن المجتمع الدولي اليوم شاهد على التزامات المملكة المغربية بتنمية أقاليمها الجنوبية، إذ قام النواب الأوروبيون ببعثة مكنتهم من الوقوف على التقدم المتميز الذي تحقق في قطاع الصيد البحري في هذه المناطق، مشيراً إلى أن ذلك ثبت خلال مراحل اعتماد هذا الاتفاق الجديد.
من جهة اخرى تحدث "أخنوش" عن الدور الحاسم الذي لعبته ساكنة الأقاليم الجنوبية في هذا الانتصار الدّبلوماسي المغربي، و هو يقصد طبعا جيش المنتخبين الموقعين على لائحة مرفوعة للإتحاد الأوروبي تطالب بتجديد الإتفاقية، حيث قال بالحرف الواحد: "سكان الأقاليم الجنوبية لعبوا دورا متميزا في هذا المسار من خلال التعبير عن صوتهم والمساهمة بطريقة ملتزمة في الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم كمواطنين مغاربة في الأقاليم الجنوبية"، مذكرا بأن "قطاع الصيد البحري يوظف الآلاف من المواطنين في الأقاليم الجنوبية"، كل ذلك "التفيتيت" طبعا حسب منطق و وجهة نظر السينيور "اخنوش".
قولا واحدا و كما أسلفنا، لا يستطيع أي إنسان عاقل و موضوعي أن ينكر بأن تصويت الاتحاد الأوروبي بأغلبية كبيرة لصالح تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب بما يشمل مياه الصحراء المغربية، يشكل ضربة قاسمة للبوليساريو على المستوى الجيو-بوليتيكي و الدبلوماسي و الحقوقي، و لكل ملف الثروات الطبيعية التي حاولت هذه الأخيرة إستغلاله دوليا للإضرار بالمركز القانوني للمغرب و شرعية سيادته الممارسة على منطقة الصحراء المتنازع عليها، كما أنها عطلت آخر سلاح ناعم كان بحوزة الجبهة الإنفصالية، و قلمت أظافرها و خلعت انيابها و حولتها إلى منظمة جوفاء يملئ عوائها المزعج العالم المتحضر لكن بلا أية فائدة ترجى، بإستثناء الإستمرار في المتاجرة بمعاناة اللاجئين الصحراويين، و تكريس وضعهم اللإنساني البائس كرهينة لأجندات حكام قصر المرادية بالجزائر إلى أجل غير مسمى.
لكننا أيضا لا يمكن أن نتقبل أكاذيب وزير الصيد البحري بخصوص ادعاءاته المغرضة حول استفادة ساكنة الصحراء من ثرواتها البحرية التي تشكل أكثر من 99% من قيمة و حجم مصطادات الأسطول الأوروبي و الوطني، حيث تأكد الإحصائيات أن نسبة اليد العاملة في قطاع الصيد بالصحراء من الساكنة الصحراوية الأصلية، تقترب من نسبة صفر بالمائة، خصوصا إذا علمنا أيضا بأن نسبة الساكنة الأصلية لا تتجاوز في أحسن الأحوال عشر ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة، و عليه حتى المجهود التنموي الذي تباشره الدولة المغربية يذهب في معظمه لساكنة المنطقة الوافدة، و ينال منه نصيب الأسد بعض الأوليغارشيات العائلية الصحراوية المعدودة على رؤوس الأصابع تحت شعار خادع يدعى: "تمثيلية الساكنة".
إنه حيف تنموي بين، و ظلم فاحش في توزيع عادل للثروة يطال الساكنة، و لا يسلم منه حتى المجال الصحراوي الخاضع للسيادة المغربية، بمنطقة تتجاوز مساحتها ثلث التراب الوطني و يتجاوز طول شاطئها البحري الزاخر بالثروات السمكية 1300 كلم، و رغم ذلك تزخر حصيلتها التنموية بكم هائل من الأصفار، بعد قرابة الأربعة عقود من التواجد في أحضان الوطن، نسرد منها على سبيل المثال لا الحصر:
●صفر مستشفى جامعي
●صفر محطة قطار
●صفر جامعة حقيقية
●صفر محطة طرامواي
●صفر طريق سيار
خلاصة القول، و تستمر الأصفار المسجلة على مستوى الخارطة التنموية بالمنطقة، رغم المجهودات المالية الضخمة التي خصصتها الدولة المغربية لتنميتها، و رغم ما تزخر به كذلك من ثروات طبيعية و بحرية، و مقومات سياحية و فلاحية، لكنه الريع البغيض و المواطنة المأجورة و الفساد الأسود المتجذر بالصحراء المغربية، الذي طبعت معه الدولة بشكل مفجع، خدمة لمصالح السيادة المغربية على المنطقة، و كانت الحصيلة مختلة و عدمية، فمتى يا ترى تستطيع الدولة المغربية تعديل كفة الميزان المائلة، من خلال تحقيق نجاحات تنموية بالداخل توازي تلك المحققة على المستوى الخارجي؟؟