صناعة دقيق السمك..صديقة للبيئة و ضرورة للاستدامة

Copilit

الداخلة بوست

صدر المغرب سنة 2012 أكثر من 151 ألف طن من الأسماك المعلبة والمجمدة محققا رقم مداخيل بالعملة الصعبة ناهزت حوالي 5,640 مليار درهم. ناهيك عن المكانة الاجتماعية الهامة التي يلعبها هذا القطاع باعتباره من أكثر القطاعات الاقتصادية تشغيلا لليد العاملة وخاصة في أوساط النساء.

لكن إذا كان هذا هو الوجه الظاهر لصناعة التصبير والتجميد فإن الوجه الخفي يكمن في أنه لهذه الصناعة كما لغيرها من الصناعات مخلفات و أزبال. و هناك يتجلى دور و ضرورة صناعة دقيق السمك.

فالتخلص من هذه الشوائب يتم عبر صناعة الدقيق والزيت المستخرجين من مخلفات السمك، وهي الصناعة التي صدرت سنة 2012 حوالي 111 ألف طن من الدقيق والزيت المستخلص من عملية تحويل أزبال معامل التصبير والتجميد سالفة الذكر.

إن هذا القطاع الصناعي يعتمد كليا في جلب المادة الأولية على حماية المصايد المغربية وتأمين تجديد مخزونها بشكل مستمر ومستدام. و بواسطته صار ممكنا تحويل مخلفات صناعة التصبير الى منتجات صديقة للبيئة و ذي عائد اقتصادي مجد.

Screenshot 2016 02 13 18 23 47 copie

لقد ارتبطت على الدوام صناعات دقيقة السمك التحويلية بصورة نمطية ظالمة عن كون هذه الأخيرة ملوثة و مدمرة للبيئة و ذلك بالنظر الى ما تنفثه مصانعها من أدخنة و روائح منتنة و سوائل عادمة. إلا أنه عند الفحص الرصين لهذه الصناعة، و معرفة طبيعة المواد الأولية المستعملة فيها، و متابعة سلسلة إنتاج دقيق السمك سيظهر الدور الكبير و الحيوي الذي تلعبه هذه الصناعات في حماية البيئة و توفير فرص الشغل و جلب العملة الصعبة للدولة. و ذلك من خلال تحويل مخلفات صناعة تصبير السمك المشكلة من بقايا "السردين" بالإضافة الى السردين الضعيف الجودة و الموبوء "بالبيوتوكسين" السام الى ثروة.

فتكون بذلك قد ضربت عصفورين بحجر واحد. فمن جهة حافظة على المجال البيئي من خلال حمايته من الأزبال الصلبة و السائلة لمخلفات مصانع السردين الملوثة للبيئة و الخانقة لمجاري الصرف الصحي, و من جهة أخرى خلقت الثروة من خلال إعادة تدوير نفايات وحدات تصدير و تصبير مادة السردين. و هذه هي الفاعلية البيئية و التجسيد الصريح لمفهوم الشركات الخضراء و التنمية المستدامة و تثمين الثروات البحرية و المحافظة عليها.

Screenshot 2016 02 13 18 28 09

تاريخيا عرفت معامل دقيق السمك, كوصيفة لمعامل تصبير و تجميد السمك. حيث تتكلف بعملية تحويل مخلفاتها السمكية الخطير و الضارة, الى منتوجات قابلة للاستهلاك الآدمي و الحيواني, و كذلك الاستعمالات الفلاحية المختلفة. و على رأس ذلك قطاع تربية الأحياء المائية الاستراتيجي لسلة الغذاء العالمية و ما يلعبه من أدوار قصوى من أجل تخفيض الضغط على مصايد الأسماك عبر العالم. حيث عرف إنتاجه من تربية الأسماك أكثر من 60 مليون طن. انه الاقتصاد الحلقي أحد أهم دعائم و ركائز التنمية المستدامة و مفهوم الاقتصاد الأخضر.

و بالنظر الى كميات الإنتاج الوطني من الأسماك خاصة السردين و الذي يبلغ حوالي 800 ألف طن سنويا، خاصة المصبر منه ، يمكن تصور كميات المخلفات السمكية التي تنتج عن عملية المعالجة التي بلغت حسب تقرير سنة 2012 حوالي 471 ألف طن. و أن المغرب صدر من المعلبات السمكية حوالي أكثر من 151 ألف طن من الأسماك المعلبة و المجمدة حسب نفس التقرير.علما أن نسبة حجم مخلفات الأسماك الكبيرة والتي يتم إعداد شرائح أسماك منها بـ30-40% من وزنها، وتكون هذه المخلفات على هيئة قشور وأحشاء ورأس وذيل وزعانف وجلد، بينما تقدر مخلفات الربيان المقشر بـ25% بعد إزالة الرؤوس.

Screenshot 2016 02 13 18 25 57 copie

كما يمكن تصور النتائج الكارثية على البيئة و على صحة المواطنين، في حالة التخلص من هذه المخلفات في مطارح مفتوحة، فالأسماك الفاسدة ونفايات الأسماك على حد سواء تكون مشبعة بعدة أنواع من البكتريا الخطيرة كعصيات حمى التايفويد Salmonella والكريات العقدية Staphylococci والكريات السبحية Streptococci وباكتيريا القولون Coliforms والأنواع المحللة المحبة للبرودة Pseudomonas وباكتيريا الكوليرا Vibrio و باكتيريا Salmonella و Clostridium.

Screenshot 2016 02 13 18 29 07

و لذلك فصناعة دقيق السمك و زيوته، هي من الصناعات الصديقة للبيئة ، حيث تتم من خلالها معالجة مخلفات الأسماك الكبيرة أو الأسماك الصغيرة التي تعرضت للتلف و أصبحت غير قابلة للاستهلاك الآدمي، و التي لا تتوفر فيها معايير الاستغلال في التصبير. و يتم تحويلها بعد المعالجة إلى مصدر للبروتينات تدخل في تركيبة الأعلاف الحيوانية، و منتجات عضوية في التسميد الزراعي. أما زيت السمك فاستخداماته متعددة وتشمل زيوت الطبخ ومستحضرات التجميل والدهان والمرطبات الجلدية.

إن صناعة مسحوق السمك أصبحت من الصناعات الكبيرة والمعروفة على الصعيد الاقتصادي. ولكون المنتوج يعرف إقبالا متزايدا في الأسواق العالمية فإن تطوير هذه الصناعة وجعلها بمرتبة أية صناعة غذائية أصبح أمرا حتميا ويفرض نفسه في الميدان بقوة. خاصة وأن الطلب على هذه المادة في الغرب وفي بعض البلدان الأخرى يفوق الطلب على السمك المخصص لغذاء الإنسان.

 إن مسحوق السمك لكونه يحفظ لمدة طويلة أصبح مطلوبا من لدن صناع الأعلاف في العالم وليس هذا فحسب وإنما لكونه أيضا غنيا بالمواد الغذائية كالأحماض الأمينية الأساسية, ومنها حمض الليزين وبعض الفيتامينات والأملاح المعدنية.

Screenshot 2016 02 13 18 22 50

و عليه تساهم هذه الصناعة في جلب العملات الصعبة وفي توفير مناصب الشغل. كما تساهم في استحداث صناعات أخرى موازية لها من قبيل صناعة المواد الطبية والصابون وتربية الدواجن واستزراع الأسماك وتحسين الإنتاج الزراعي.

لقد طور القائمون على هذه الصناعة معايير تصنيع بمواصفات دولية جعلت منها صديق للبيئة. حيث تم تطوير أساليب تصنيعية جديدة مكنت من القضاء على العيوب القديمة للصناعة, خصوصا ما كانت تسببه المياه الصناعية الساخنة الغير معالجة من أضرار للبيئة, وكذا الروائح الكريهة الصادرة عنها. و صارت تصفى هته المياه كليا من المخلفات المضرة للبيئة, كما تم وضع آليات حديثة مكنت من القضاء نهائيا على انبعاث الأدخنة.

Screenshot 2016 02 13 18 26 59Screenshot 2016 02 13 18 26 42