لمين بنعمر..الوالي المهندس و المهندس الوالي ج-1

Img 9048 0

الداخلة بوست

بقلم : عبد القادر الزاوي - أستاذ باحث و مدير جريدة الداخلة بوست الالكترونية

إنها ثنائية نادرة و عجيبة لبروفايل أحد الولاة الذين شاءت الأقدار أن تجعله على خزائن و أقدار هذه الربوع الملحية, في لحظة تاريخية هامة و حرجة تعرف بداية التنزيل الفعلي لمشروع الجهوية المتقدمة و المخطط الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية.

و لأنها أوراش كبرى يستلزم تنزيلها الكثير من التخطيط و الهندسة, كان نصيب جهة الداخلة وادي الذهب, والي مهندس خريج مدرسة القناطر المرموقة بفرنسا. و ما أدراك ما مدرسة القناطر. المدرسة التي تخرج منها صفوة النخبة المغربية الذين يتواجدون اليوم في مراكز القرار الحساسة و يتحملون تدبير عدة مؤسسات اقتصادية و مالية هامة و حيوية.

و طبعا السيد لمين بنعمر هو أحد هؤلاء النخبة من الرعيل الأول من المهندسين المغاربة المشهود لهم بالكفاءة و العصامية. تسلق سلم الإدارة بخطى ثابتة و رزينة و أنتقل بين المناصب التقنية و السياسية, مهندسا رئيسا و وزيرا مكلفا بالسكنى في حكومة "الفيلالي" ثم نائبا برلمانيا و رئيسا لفريق نيابي في مجلس النواب و اليوم والي لأحد أهم الجهات المغربية.

لكن و الحق يقال, فلقد انتصر المهندس في شخصية "لمين بنعمر" على سيد السلطة بمفهومه العادي و الكلاسيكي, و هذا ما يؤكده جميع المحيطين بالرجل, و يؤكده حتى الناس العاديين و الشهود العيان. حيث يمضي جل وقته و هو يمتطي صهوة سيارته يخيط شوارع مدينة الداخلة و أزقتها و يقوم بزيارات ميدانية لمختلف الأوراش التنموية المفتوحة التي تعرفها الجهة. و هو الأمر الذي جعل الساكنة  و الكثير من المتتبعين لشؤون الجهة يكتشفون في لمين بنعمر رجل ميدان بامتياز.

انه المهندس الوالي الذي يكره الجلوس في المكاتب المكيفة و لا يحب إلا أن يكون في الميدان ليدقق و يراقب و يقيم. و خير دليل على ذلك هو ما حصل قبل فترة قصيرة بمشروع تعبيد الطريق الساحلي الرابطة بين المنار و فم لبير, الذي لم تحترم فيه المقاولة صاحبة تنفيذ المشروع المواصفات التقنية المضمنة في دفتر التحملات الذي وضعته المصالح الولائية المسؤولة عن الصفقة, ليجدون المهندس الوالي لهم في الميدان و بالمرصاد, حيث ألزمهم بتصحيح الخروقات على الفور و هو الأمر الذي استجابة له المقاولة و بالفعل تمت إعادة تكسية الطريق مرة أخرى وفق الشروط و بالجودة المتفق عليها.

انه أيضا الوالي السياسي المخضرم و المحنك, الذي استطاع أن يقطع مع بدعة قديمة و بائسة سقط الولاة قبله في شركها و المتمثلة في نسج علاقات وصولية و انتهازية مع بعض المنتخبين والأعيان و شخصيات من المجتمع المدني, و بذلك أنهى و من طرف واحد و بشكل حاسم و شجاع سياسة قديمة اعتاد هؤلاء على الاقتيات منها و ملئ جيوبهم و حساباتهم البنكية التي لا تشبع من ريعها. حيث أغلق الباب على سماسرة السياسة من شيوخ و منتخبين و أعيان الذين جعلوا كما جاء في خطاب الملك بمناسبة الذكرى ال39 للمسيرة الخضراء "من الابتزاز مذهبا راسخا، ومن الريع والامتيازات حقا ثابتا، ومن المتاجرة بالقضية الوطنية، مطية لتحقيق مصالح ذاتية. كما نعرف أن هناك من يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا".

فأستطاع الرجل بحنكته و حكمته و ما راكمه من خبرات طوال مشواره المهني و السياسي, و رغم كل محاولات العرقلة و التشويش التي تعرض لها من طرف جيوب المقاومة و خفافيش الظلام ,أن يفرض على هذه الطبقة مسايرة الإصلاح و التحولات الكبرى التي عرفها المغرب و المنطقة و التوجهات السياسية الجديدة للدولة و ذلك من أجل خدمة المصلحة العامة للمواطنين و المصالح العليا للوطن.و بذلك استطاع الوالي السياسي أن ينتزع بكل جدارة و استحقاق احترام و تقدير ساكنة الجهة. لكن تبقى النقطة المضيئة في سجل الوالي بنعمر هي طريقة تعاطيه مع الانتخابات الجماعية الأخيرة, الانتخابات التي أدار دفتها بكل حياد و كفاءة و نزاهة و شرف أبهرت الجميع, الأعداء قبل الأصدقاء. و هو الموضوع الذي سنتناوله في الجزء الثاني من سلسلة : لمين بنعمر..الوالي المهندس و المهندس الوالي".

فترقبونا..