Créer un site internet

بيانات "أسواغه"..المعارضة ببلدية الداخلة نموذجا – ج1

Dakhla joumani

الداخلة بوست

بقلم : الزاوي عبد القادر – أستاذ باحث و مدير جريدة الداخلة بوست الالكترونية

تقول الحكمة  : "الأشخاص العظام يناقشون الأفكار، والأشخاص العاديون يناقشون الأشياء، أما الأشخاص الصغار، فإنهم يناقشون الأشخاص".

في ظل "الشو" الإعلامي المفجع الذي سببه الهزل الذي عصف بدورة مجلس بلدية الداخلة الأخيرة, نتيجة الشغب المتعمد الذي تسبب فيه فريق المعارضة داخل المجلس, و هو الأمر الذي نتج عنه حرمان المواطنين و الصحافة من مناقشة بناءة لجدول أعمال الدورة, الذي احتوى على عدة نقاط مهمة و حيوية تهم حياة الساكنة و أرزاقها و مستقبلها, خرجت علينا المعارضة ببيان قيل أنه توضيحي, معدوم التوقيعات و هو السابقة الحقيقية في فنون و أعراف كتابة البيانات الحزبية, أما علم السياسة الذي أقحمته المعارضة جهلا و ظلما في نقد بلاغ المجلس البلدي المذيل بالتوقيعات كما جرت طبعا بذلك السنة و العادة و الشجاعة -أقول- و على وزن أرجوزة الشاعر العربي الكبير "معروف الرصافي" التي يقول فيها : و تثبتوا في جهلكم فالشر أن تتعلموا, أما السياسة فتركوا أبدا و إلا تندموا, إن السياسة سرها لو تعلمون مطلسمُ, الى اخر الرجز المضمخ بحمق العرب و جهالتهم.

بيان كما يظهر من فحواه و شكله, أنه طبخ على عجل و خط بواسطة أيادي مرتعشة, و حتى الكاتبة التي صاغته بواسطة برنامج معالجة النصوص "الوورد", بالأكيد لا تفقه في ذاك البرنامج, الا ما تفقهه الشاة في كيفية ارتداء "التقاشر", حيث غابت الفواصل و النقاط, و الانسجام بين الفقرات و التساوي في السطور, فكانت النتيجة, بيانا شكله مفعفع هزيل, تنهش أوصاله الركاكة الصياغية, و التقهقر الأسلوبي, و الغرابة اللغوية, و الأخطاء التعبيرية, و الاستطرادات المبتذلة, و الحشو المقيت, و انعدام الانسجام, و الإطناب البذيء, و الموسيقى النشاز, و غياب الترتيب, وتناقض التعقيب, و "دلو سما و دلو تراب". كما يقول البيظان. قتل خلاله البديع و أجهز على البيان و مزقت البلاغة و غاب المعنى و حضرة الرداءة و قلة ذات المستوى.

بيان من زمن غير زماننا, قد ضرب نفوس أصحابه الانفصام السياسي و التيه عن الواقع, و سقط في شباك نظرية "خبطني و بكا" المجيدة. حيث شخصن الصراع بدل الرقي به نحو بوليميك أيديولوجي مثمر و معطاء, و هذا لعمري هو حال الصغار, فهم دوما ما يناقشون الأشخاص بدل الأفكار, و يقتاتون على السطح, البقايا و القشور, بدل الغوص في أعماق الخلاف, بحثا عن مبتكرات من اللالئ والدرر, كحل لهذا الصراع المفبرك و المكفهر.

لكن الأشد وطأة من كل ما سبق, هو ما أحتواه البيان من ادعاءات و تهم, جملة و تقسيطا, و افصاحا و تلميحا, متحدثين خلاله عن العنصرية و الجاهلية الأولى, موجهين اتهاماتهم المغرضة الى السيد "محمد الأمين ديدى", الذي يبدو أن بعضهم لم يستطع بعد هضم حقيقة أنه أصبح هو السيد "النائب البرلماني" عن مدينة الداخلة, و بالاقتراع المباشر, و الأول ترتيبا, و هذه الحالة المرضية, لها طبعا جذور قديمة ممتدة في نفوس البدو الحاقدة و المطيعة لنداءات الشيوخ, و شرعة الأعراق, و المستمعة الواعية, لنداءات القبيلة, و قصص نمير و وائل, و التغريبة الهلالية, الى أخر السفه العقلي و الفكري و الروحي, الذي تجاوزته الأحداث و التاريخ و الوقائع, و الا فما علاقة نجاح "محمد لمين ديدى" من عدمه بجدول أعمال الدورة؟ و ما علاقة شراء الأصوات بالموضوع؟ فهذا العته ينطبق عليه المثل الحساني البليغ "طير يا عود", لأننا لم نسمع تلك الكلمات, الا من عضو المعارضة و حليف السيدة "عزوها العراك", بصيغة المدافع عنها, و هو الأمر الذي يرفضه الذوق و المقام, خصوصا و أن السيد النائب البرلماني "محمد الأمين ديدى" ظل يتبرأ طيلة الجلسة و بعدها من هذا الأفك المبين, الذي أريد به نسف الدورة و بعثرة الأوراق و تصفية الأحقاد الشخصية. و الا فهاتوا أيتها المعارضة برهانكم ان كنتم صادقين.

المثير للشفقة أكثر في بيان فريق المعارضة بمجلس بلدية الداخلة, و الذي أرتئينا أن نسميه ببيان " أسواغة ", هو الايحاءات التي تضمنها عن نوايا الرئيس المبيت بهدف تشتيت شمل المعارضة, و هذه طبعا محاولة تمويهية ذكية لكنها مفضوحة و مضحكة, تهدف الى تمرير رسائل مغلوطة للساكنة, مفادها أن "سيدي صلوح الجماني", هو الذي دق اسفين داخل صفوف المعارضة "مسيكينة", الموحدة و المتضامنة و الوفية و المخلصة, في الوقت الذي شاهد فيه شعب الداخلة, كيف تأمروا نهارا جهارا على بعضهم البعض, و حتى داخل الحزب نفسه, خلال الانتخابات الجزئية لشغل مقعد مجلس المستشارين, و كيف فاز به عن جدارة و استحقاق, السيد "أمبارك حمية",ابن المدينة و أحد وجوه شباب التغيير المشتهى, رغم امتلاك حزب الاستقلال لأغلبية مريحة من المستشارين الجماعيين, تضمن له الفوز بالمقعد على طبق من ذهب.

ليختتمها الحلفاء الأعداء, في مهزلة الانتخابات التشريعية الأخيرة بمزاحمتهم لحليفهم الكبير, سياسي الشعب السيد "سليمان الدرهم",على مقعد داخل مجلس النواب, بعد أن وقف الى جانبهم داخل البلدية و المجلس الاقليمي لوادي الذهب و المجلس الجهوي, فكانت تلك هي طريقتهم في رد الجميل للرجل,  لكن بالفعل, و كما أنشدها المتنبي من قبل في هجزه المقفى "وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ". هذا طبعا دون اغفال ما فعلته تنسيقية حزب البيجيدي الجهوية بمناضلي الحزب, حين ضربت اختيارهم الديمقراطي للشاب و ابن مدينة الداخلة السيد "الحبيب سويدي" عرض الحائط, و قدمت منسقته نفسها رغم أنف الديمقراطية الداخلية للحزب بالجهة, مبررتا أن من زكاها هي اللجنة المركزية, "واجعة", فشعب الداخلة يعرف ذلك, لكن لماذا أنت بالضبط من قرر الحزب تقديمك دون سواك ضدا عن اختيار القواعد؟ الجواب سبق و أن فجره مناضلين شرفاء داخل الحزب, و قوبل "بالصمت الرهيب" من طرف أصحابنا.

لكن تبقى الطامة الكبرى, هو ما قاموا به من بلبلة متعمدة و تشويش موثق بالصوة و الصورة, خلال قراءة برقية الولاء المرفوعة لجلالة الملك محمد الساس نصره الله و أيده, حيث لم يكتفوا باخلالهم للاحترام الواجب لشخص جلالة الملك كما هو منصوص عليه في الدستور, بل سقطوا من خلال بيانهم, في فخ مقولة "رب عذر أقبح من ذنب", من خلال اعتبارهم دعوات أعضاء الأغلبية و على رأسهم السيد المستشار البرلماني "يحفظه بنمبارك" للمعارضة باحترام جلالة الملك محمد السادس و برقية الولاء المرفوعة لشخصه, -أقول- اعتبارهم ذلك و كما هو مضمن في بيانهم بالتوظيف الاستفزازي, و هو ما يعني بالنسبة لهم, أن الوطنية و حب الملك و تقديره و الانضباط خلال قراءة برقية الولاء, هو أمر فيه توظيف و استفزاز, مردفين القول بأنهم متفقين مع الأغلبية حول الثوابت الوطنية,  و هذا على كل حال فيه تناقض صارخ يؤكده واقع الحال الذي تناقلته كاميرات الصحافة و وسائل الاعلام. أو لربما للقوم في معنى الثوابت الوطنية و كيفية احترامها عقيدة أخرى و مذاهب, منها على سبيل التخصيص, احداث البلبلة و الهرج اثناء قراءة برقية ولاء مرفوعة لملك البلاد.

لكنها بالفعل و كما يقول المثل الدارج : "السخونية ترجع علا مولاها بالبرد", و هذا ما يبدو أنه هو ما دفع المعارضة ببلدية الداخلة لطبخ هذا البيان المنفوش الأشعث على عجل, و ذر رماده في عيون الساكنة, لحاجات في نفس يعقوب.

يتبع...