لوبي صناعات الدقيق يستنزف آلاف الأطنان من السمك والمواطن يستهلكه في غياب الجودة بأزيد من 10 دراهم

Sentissi sahara

الداخلة بوست - تحقيق صحفي

لا أحد يمكنه أن يشكك في وجود ممارسات غير قانونية داخل ميناء الصيد بالداخلة تتعلق بتوجيه مئات الأطنان من السمك السطحي إلى معامل صناعة دقيق السمك. حيث أكدت مصادر للجريدة من داخل الوزارة طلبت عدم ذكر إسمها أن العديد من البواخر العاملة في قطاع الصيد الساحلي أو أعالي البحار توجه كمياتها المصطادة من سمك البيلاجيك داخل مخزون (س) و بصفة خاصة السردين و بشكل يومي إلى معامل دقيق السمك بكل من العيون و أكادير.

وأوضحت أن بواخر الصيد الساحلي تصطاد ما بين 20 إلى 70 طن في الرحلة الواحدة مقابل ما بين 100 إلى 700 طن لبواخر أعالي البحار علما أن مخطط البيلاجيك خصص كمياته لصناعات التصبير و التجميد و تنويع التثمين بهدف تنمية الجهة وليس استنزاف خيراتها كما يحدث حاليا من خلال توجيهها إلى دقيق السمك مشيرة إلى أن ضعف الطاقة الاستيعابية لميناء الداخلة و غياب المراقبة الكافية يساهمان في تزايد هذا النشاط خصوصا في نهاية الأسبوع و خلال فترات الليل.

وإذا كانت الوزارة سبق و أن قد اكتفت بذكر باخرة واحدة بالإسم و اتهمتها بتوجيه كمياتها المصطادة المقدرة ما بين 100 إلى 300 طن إلى دقيق السمك، فإن مصادرنا بالداخلة أكدت أن هناك بواخر كبرى أخرى في ملكية أسماء وازنة متورطة في هذه ممارسات تستنزف المخزون السمكي الوطني ويتم التغاضي عنهم لعلاقاتهم الخاصة بمسؤول بالوزارة معترفة في ذات الوقت بالعدد الكبير للشاحنات التي تنقل السمك إلى معامل الدقيق أمام عجزها على مراقبتها مما يتسبب في بؤر بيئية خطيرة و تهديد كبير للسلامة الطرقية و وقوع حوادث السير.

ويتزامن تزايد الكميات الموجهة إلى الدقيق مع ارتفاع أصوات العديد من الوحدات التي تعيش أزمة خانقة نتيجة حرمانها من تغيير نشاطها إلى السمك السطحي بحجة تراجع المخزون، وتعتزم تلك الوحدات الاحتجاج في الرباط بل والذهاب إلى القضاء. .كما تتزامن هذه الممارسات مع الحديث عن استنزاف صناعة دقيق السمك لمخزون (أ) و (ب) بالسواحل الشمالية للمملكة مما يهدد مخزون (س) بنفس المصير بينما أصر المخطط الوطني للسمك السطحي على تخصيص كمية 80 ألف طن لها علما أن هناك نسبة تقدر ب 20 في المائة عبارة عن بقايا توجه إلى صناعة الدقيق.

إلى ذلك، أكدت دراسة سبق و أن أنجزتها الوزارة الأولى حول صناعة دقيق السمك ضعف التأثير السوسيو اقتصادي لصناعة دقيق السمك مقارنة مع صناعة التصبير و صناعة التجميد، وقدرت الدراسة رقم معاملات صناعة دقيق السمك أقل 10 مرات مقابل صناعة التصبير و 4 مرات صناعة التجميد، كما أن القيمة المضافة لصناعة دقيق السمك أقل 6 مرات من صناعة التصبير و 4 مرات من صناعة التجميد فيما تقل عدد مناصب الشغل في صناعة دقيق السمك 16 مرة مقارنة مع صناعة التصبير و 7 مرات من صناعة التجميد، حيث لا تتجاوز عدد مناصب الشغل التي تخلقها الوحدات العاملة في قطاع دقيق السمك البالغ عددها 24 وحدة 1000 منصب شغل بينما تستهلك سنويا معدل 400 ألف طن من مادة السمك أي أن كل منصب شغل واحد يستنزف 400 طن من السمك. و خلصت الدراسة إلى أن صناعة دقيق السمك، التي تصنف كأول مدمر للبيئة حسب المنظمات الدولية المعنية التي حظرت هذا الصنف من الصناعات و طالبت الحكومات بتوجيه الكميات المصطادة نحو الصناعات الاستهلاكية للعمل على تقليص نسبة الفقر، تنصف الأقل تثمينا للسمك و تستنزف أزيد من 40 في المائة من الكميات المصطادة فيما يتميز منتوجها من الدقيق بضعف الجودة و عدم المنافسة في السوق الدولية.

كما حملت الدراسة صناعة دقيق السمك مسؤولية فشل ورش تحديث الأسطول الساحلي الذي لم يبدل الجهود المطلوبة من أجل تأهيل بواخره و عصرنته مادامت تجد مشتري لكل كمياتها المصطادة المفتقدة للجودة و تشكل أيضا منافسا قويا لصناعة التصبير والتجميد لاستنزافها المادة الأولية التي تحتاجها الصناعات الأخرى إضافة إلى منافسة الاستهلاك المباشر للسمك الطري، إذ في الوقت الذي يقتني فيه المواطن سمك السردين بحوالي 10 دراهم للكيلو الواحد فإن معامل الدقيق تقتنيه ب1.10 درهم.

في الاتجاه المقابل، أوضحت مصادر لها علاقة بالموضوع أن صناعة دقيق السمك تشكل آلية لإحداث نوع من التوازن في صالح معامل التجميد و التصبير لأنها تستوعب الكميات الزائدة. و أوضح ذات المصدر أن سوق السمك السطحي حاليا ليست في صالح المهنيين المغاربة مشددا على ضرورة استحضار عامل السوق العالمي في المخطط و أخذه بعين الاعتبار من أجل المحافظة على الاستثمارات و اليد العاملة.

و بلغة الأرقام، بلغ الإنتاج الوطني من دقيق السمك سنة 2003 حوالي 55 ألف طن و 17 ألف من الزيوت بينما بلغت الكميات المصدرة حوالي 34.6 ألف طن تصدر خاصة إلى الشرق الأوسط علما أن طلب السوق المحلي يقدر ب40 ألف طن من دقيق السمك. في المقابل، بلغ الإنتاج العالمي من دقيق السمك خلال نفس السنة 5.4 مليون طن منها 2.6 مليون طن تنتجها خمس دول هي الشيلي و البيرو و الدنمارك و ايسلاندا والنرويج بينما يقدر إنتاج الزيوت 921 ألف طن.

فكما يعلم الجميع, بواخر البيلاجيك تستعمل المياه المبردة حسب المصائد و تستمر الرحلة من يوم إلى يومين حسب وفرة السمك، و يمكنها أن ترمي بالشباك إلى أكثر من ثلاث مرات في اليوم. بعض هذه البواخر تحتوي على ثلاث إلى أربعة عنابر. كل عنبر يمكن أن يمتلئ ب80 إلى 90 طن، و تضاف إليه نسبة من الماء. لكن لوبيات دقيق السمك يقللون من المياه نظرا لأنهم يشتغلون أيضا في مجال لكوانو. فالمفروض أنه يجب أن يكون الماء بنسبة 50% في كل عنبر. وبالتالي و لأنهم يريدون توفير بعض من تلك الأسماك لأجل لكوانو نظرا لكثرة الطلب عليه ونظرا لاحتوائه على كميات هائلة من زيت السمك المطلوب عالميا. كما ينتجون منه أيضا دقيق السمك فكيلو واحد من السردين ينتج واحد لتر من الزيت والذي يساوي ثمنه 15 إلى 20 درهم للتر الواحد. أما بالنسبة لدقيق السردين، فكل ثلاثة كيلو من السردين تنتج كيلو من الدقيق والذي يساوي ثمنه 10 دراهم للكيلو الواحد. هذه الأثمنة في السوق المحلية، أما في الخارج فهي تباع بأرقام خيالية.

يتبع........