رأي المركز/ عملية الكركرات..أنقذت قيادة البوليساريو و أغرقت من جديد صحراويي تندوف في وحل نزاع الصحراء

Photostudio 1605966100865 900x600

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

ليس من عادتي كتابة تحاليل سياسية على عجل، بل أفضل دوما المتابعة الدقيقة للأحداث على الأرض و استقراء رصين للمعطيات و المعلومات و الوقائع، و طبخها على نار التأمل الهادئة من أجل الخروج بإستنتاجات موضوعية و علمية بعيدا عن العاطفة و تأثيرات البوليميك الحارق الدائرة رحاه على شبكات السوشيل ميديا.

من دون أدنى شك اكبر مستفيد من أحداث الكركرات هو قيادة جبهة البوليساريو، و عملية قطع الطريق كان مخطط لها بشكل كامل من طرف هذه الأخيرة، و الهدف كان إجبار الجيش المغربي على التدخل، و ارانكم عارفين باقي القصة، و الهدف الأسمى هو تمديد عمر قيادة الجبهة و إعادة الزخم الى مشروعها البائد و أطروحاتها المهترئة بعد أن أصبحت معزولة و مكروهة داخل المخيمات، و ذلك طبعا لا يمكن له ان يتأتى إلا عن طريق خلق قضية مصيرية جديدة تستطيع أن تجمع حولها من جديد ساكنة المخيمات و تلهيهم عن غضبهم و بؤسهم و يأسهم من فشل البوليساريو الذريع في تحقيق وعودها للصحراويين بقيام دولة على أرض الساقية الحمراء و وادي الذهب، بعد 16 سنة من الحرب و 30 سنة من وقف إطلاق النار.

لكن للأسف الشديد اكبر خاسر هم اهالينا في مخيمات اللاجئين بتندوف الذين سيكونون مضطرين للمكوث في فيافي الحمادة لعقود طويلة قادمة، و سيمنع عليهم نهائيا مداعبة مياه المحيط الأطلسي او الوصول إلى الكركرات، كما هو ممنوع عليهم حاليا عبور الجدار الأمني المغربي او مجرد الاقتراب منه. و رغم 16 سنة من الحرب لم تستطع الجبهة مجرد تحريكه بمتر واحد في اتجاه الغرب، لتتحول الكركرات الى اراضي خاضعة بالكامل للسيادة المغربية كالداخلة و العيون و الطاح و السمارة، و لن تستطيع لا الأمم المتحدة و لا مجلس الأمن الدولي ان يغيروا من هذا الواقع الجديد على الأرض قيد انملة، تماما كما لم يستطيعوا ان يمنعوا المغرب من بسط سيادته على أوسرد و المحبس و تشلا و بوكراع و الشريط البحري الأطلسي الممتد على حوالي 1000 كيلومتر.

اما الجزائر، فلا يعنيها في هذا النزاع سوى الاستمرار في إستغلال صحراويي تندوف من أجل تكريس وضع الستاتيكو الحالي و ضمان ان تبقى المنطقة العازلة شرق الجدار على ما هي عليه حتى تمنع اي احتكاك مع الجيش المغربي في المستقبل، اما مساعدة الصحراويين في تقرير مصيرهم كما تدعي، فمجرد أكاذيب و اوهام، لأنها غير جادة و لن تكون كذلك في دعم عسكري حقيقي و وازن و مؤثر للبوليساريو، كما فعلت إيران مع الحوثيين و حزب الله، حين امدتهم بصواريخ باليستية و أسلحة نوعية مؤثرة استطاعوا بها تحقيق انتصارات في الأرض و الصمود و الانتصار على دول كبرى و قوية كإسرائيل و السعودية، لأن كل ما يهم حكام قصر المرادية هو ضمان ان لا تشتعل حرب عسكرية مباشرة مع المغرب، و في نفس الوقت ممارسة حك النحاس ضد الدولة المغربية بسبب احقاد قديمة و حزازات بطعم جيو_ستراتيجي و صراع على النفوذ و ريادة منطقة شمال أفريقيا.

كيف يعقل ان البوليساريو و من وراءها الجزائر و منذ أكثر من 30 سنة لم يستطيعوا بناء حي سكني واحد في الاراضي الواقعة شرق الجدار و التي تسميها قيادة البوليساريو بالاراضي المحررة؟؟ هل تتصورون يا اهالينا في مخيمات تندوف بأن جبهة البوليساريو قادرة من خلال اعلان حرب براجمات صواريخ بدائية و بضعة آلاف من المقاتلين، ان تهزم دولة فيها 40 مليون نسمة و جيش يمتلك ترسانة ضخمة و متطورة و سلاح جوي ضارب و عتاد لا حصرة له؟؟ هل حققت 16 سنة من الحرب اي شيئ يستحق الذكر لأهالينا المنفيين في جحيم تندوف، حتى تحققه الحرب الحالية؟؟ هل تظنون بأن المغرب اقدم على تنفيذ عملية الكركرات من دون نيل موافقة الدول الكبار المؤثرة داخل مجلس الأمن الدولي؟؟ ألم تطلعوا على حجم التأييد و المديح الذي بات يحظى به مقترح الحكم الذاتي المغربي من مجلس الأمن و الدول دائمة العضوية و على رأسها امريكا؟؟ أليس ارحم بكم ان تعودوا الى ارض الأجداد في ظل حكم ذاتي موسع بضمانات دولية، سيمكنكم من العيش الكريم و التنعم بخيرات بلادكم و التنزه في بحارها و بواديها بعزة و كرامة، عوض هدر أربعين سنة أخرى من مطاردة سراب البوليساريو و الموت و الدفن في اراضي الجزائر الموحشة؟

تقول البيضان في احجيتها الشهيرة: "الطيحا واسيها ترصيفا"، لذلك مطلوب من اهالينا بمخيمات تندوف تحويل مستنقع الكركرات الجديد الذي ادخلتهم اليه قيادة البوليساريو الى فرصة ذهبية و تاريخية، و الثورة على قيادة الرابوني و اسقاطها و انتخاب مجموعة من الشيوخ الحكماء من أجل فتح قنوات مفاوضات مباشرة مع المغرب لمناقشة المقترح المغربي للحل و الشروع في تنزيله على أرض الواقع، فهو الوحيد الكفيل بتمكين اهل الصحراء من لم الشمل و العيش الكريم فوق تراب الأجداد، أما ما عدا ذلك فوالله لن يتحقق منه شيئ حتى يلج الجمل في سم الخياط، لا نقوله تشفيا و لكن ذكرى و تنبيه، و كما قالت العرب قديما ما لا يدرك كله لا يترك جله.

خلاصة الكلام، الكل رابح في الوضعية الحالية للنزاع الصحراوي، المغرب رابح، الجزائر رابحة، صحراويي الداخل رابحين، موريتانيا رابحة، قيادة البوليساريو رابحة، الخاسر الوحيد و الأكبر هم صحراويي تندوف اللاجئين الى الابد في فيافي الحمادة و بؤسها.