بالمغرب فقط : الزعامات الكرتونية تقود قطار التنمية السياسية إلى الهاوية

2016 09 22 02 10 15 498

الداخلة بوست

بقلم : الباحثة بشرى عبدالدايم

إن مفهوم التنمية السياسية يرتبط بتحقيق المشاركة في اطار سيادة القانون ، حيث تعني التنمية السياسية في هذا الإطار تأكيد حق المشاركة وتوسيع قاعدتها ، وتفعيل هذه المشاركة وما يرافقها من تحديث وتطوير للنظم والإجراءات والوسائل التي تكفل تحقيق هذه الأهداف..و بما أن الممارسة الحزبية  تعتبر ترجمة فعلية لواقع التنمية السياسية بكل تجلياتها وعلاقتها ، و بها أيضا يتحدد مدى وعي الفاعل السياسي و الناخب-على السواء- و مدى استيعابه لأهمية العمل السياسي و المشاركة السياسية. و هنا لا بد من استحضار" واجب" المقارنة لتذليل السبل لوضع الأصبع على الجرح من أجل تغيير الواقع ، حيث نجد واقع الحال يستدعي إعادة النظر في آليات التأطير و التكوين السياسي فلا نخبة سياسية بدون فلسفة سياسية واضحة ، و منهجية شفافة تساؤلها  أطر واعية  وزعامات كريزماتية  مواطناتية تؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .

و الأكيد أن الممارسة السياسية اليوم عرفت  مستويات متدنية من حيث أبجدياتها و انتهاك أخلاقيات العمل السياسي و خاصة الحزبي منه في غياب للمساءلة القانونية ، فما يلاحظ جليا استهتار النخبة السياسية بالمواطن و الحالات كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها .

فغياب القدوة و الرمز داخل الحزب السياسي من الأمور التي باتت تؤثر في المشهد السياسي، فالقيادة التحكمية التي لا تقوم بدورها الحقيقي في تأطير المناضلين و المناضلات و تروم منطق المحسوبية و الولاءات في تعزيز اللوائح  الوطنية و التناوب على الكراسي بين المقربين و تكرس منهج الإقصاء للنخب الفاعلة ، فأضحى " نضال" الأسر من داخل الأحزاب منطلقا  لتحقيق  المكاسب و للتناوب على كرسي الزعامة "الوهم"، و من نتائج ذلك الدفع بالكثيرين من الفاعلين السياسيين إلى تبني منطق العزلة السياسية و التفرج من بعيد ،أو اللجوء إلى رفع شعار التصحيح او النزوع إلى تأسيس حزب جديد.

فالفكر التحكمي الذي تقاربه أغلبية  القيادات الحزبية  نتج عنه غياب تأطير سياسي للشباب و تردي الفعل السياسي القادر على تدبير التنمية السياسية ،و كلما تمعنا في الأمر إلا و أظهرت المعاينة  خوف القيادات من فقد كرسي الزعامة "المقدس" ....أقول هذا لأنه متى سقطت الزعامات  و الرموز في مهب رياح المصلحة الشخصية و اختزلت مسار أحزابها في منصب وزاري أو كرسي برلماني  سقطت معها القدوة السياسية و الريادة، و استفحل  رواد الإنتهازية و المصلحاتية في دواليب الحكم و المؤسسات التمثيلية و انتشر الفساد ..، فلا تنمية سياسية بزعامات كرتونية تبحث عن المقاعد و تستحمر الشعب و تسخر من ذكائه ، لأن التنمية السياسية  لا تتأتى إلا بنشر ثقافتها وتعزيز ثقافة الحوار  من داخل الأحزاب أولا  ، لأنها خيار استراتيجي  علمي وشامل ونهائي يهدف إلى تقدم المجتمع في جميع الأصعدة .

لذا التاريخ لا يرحم من يتحايل على الأمة كما أن ذاكرته قوية و لا يحترم المغفلين .