خرجو عليا...اخرج...قاموس سياسي جديد يؤسس له الاستقلاليين بالداخلة

Region dakhla 3

الداخلة بوست

بقلم : الزاوي عبد القادر - أستاذ باحث و كاتب صحفي

السياسيون هم الأشخاص الذين، عندما يرون الضوء في نهاية النفق، يخرجون خارجا ويقومون بشراء المزيد من الانفاق - جون كوينتون

أولا و قبل بداية وضع اللبنات الاولى لمقالنا هذا، نود أن نذكر رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، أنه لا يحق له و بحكم القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، طرد أي عضو داخل المجلس من جلسات مجلس الجهة، و أن اقصى ما يمكنه القيام به, في حال عرقل عضو او مجموعة اعضاء السير العادي لأحد الجلسات, هو رفع الجلسة.

لكن و عودة على ذي بدئ، و عطفا على عنوان مقالنا الرئيس، من الواضح و الثابت, أن عدوى "ولد الرشيد", قد أصابت رئيس مجلس الجهة، و كما قالها صداحة, عراب الحزب بجهات الصحراء الثلاثة, ذات ليلة كئيبة لثلة من مناضلي الحزب بمدينة الداخلة "خرجو عليا"، و دفع مقابلها حزب الاستقلال الثمن باهضا, بفقدانه مقعد داخل مجلس المستشارين، ها هو "الخطاط ينجا" يكررها مرة أخرى،مع النائب البرلماني و عضو المعارضة بمجلس الجهة السيد "محمد بو بكر"، لكن هذه المرة بدل "خرجو عليا"، أفردها الرئيس بقوله "أخرج"، لتكتمل "الحفلة" بكلمات أخريات و مفجعات, لأحد عضوات المكتب المسير لرئاسة المجلس، بقولها لأحد زميلاتها داخل فريق المعارضة "أزمدي".

فبين "خرجو عليا" و "خرج" و "ازمدي"، يؤسس مستشاروا حزب الاستقلال داخل مجلس الجهة، لمرحلة سياسية جديدة، عنوانها العريض هو "البلطجة" السياسية و الخصومة "السوقية", و كما يقول البيظان في مثلهم العبقري "ياسر من الكفر دون ترك الصلاة"، نقول لهم نحن أيضا، الاختلاف السياسي هو الاخر لا يفسد للود و لا  للذوق قضية، لكن بالتأكيد من دون هذا النوع الركيك من مصطلحات الشارع، فكلمة "خرجو عليا" أو "خرج"، لا يقولها أهل الصحراء الأشاوس، حتى لرعاة قطعان ابلهم، فما بالك ان توجه لشخصيات سياسية، و أعيان، و منتخبين، و برلمانيين، هكذا على عواهنها، و في حرم مجلس جهة بأكملها، و أمام انظار الصحافة و بحضور ممثل جلالة الملك و عامله و رأس السلطة الترابية بالاقليم.

قولا واحدا، هذا المجلس بصيغته الحالية، بات عبئا ثقيلا على ساكنة الجهة، بل و تحول الى شوكة في خاصرة مشروع الجهوية المتقدمة و ما يتيحه من امكانات تنموية هائلة، و منصة لقاذفات التدمير الذاتي, و العبث بمستقبل و أحلام كتائب عريضة من المهمشين و المعطلين و المحرومين, من فلذات أكباد هذه الربوع المالحة. و نكررها مرة أخرى, الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس, و بلسان جدنا حسان "لاهي توطيه فالجمر", و بدل أن تهديه سبل الرشاد, و تعينه على فهم أن الاختلاف هو سياسي بامتياز, و يجب أن يبقى كذلك و لا ينزل الى ما دونه, و بأن المعارضة هذه المرة هي أقوى بكثير من الشهور السابقة, ليس فقط من ناحية عددها, و لكن أيضا بتواجد ثلاث برلمانيين داخل صفوفها, اثنان منهم صوت عليهم الشعب مباشرة خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة, في الوقت الذي فشل فيه حزب الرئيس, في الحصول على مجرد مقعد يتيم داخل قبة مجلس النواب.

رياح السياسة بجهة الداخلة قد تحركت, لكن هذه المرة عكس ما تشتهيه سفن الرئيس و أغلبيته الحاكمة, و حديث بطانته جهرا و همسا, عن مؤامرة مستمرة في الزمان و المكان تحاك ضد المجلس, بات أمرا يثير الشفقة. فأشد ما يمكن أن يبتلى به رجل السياسة, هو فقدان المقدرة على تحليل المتغيرات الجيو-سياسية المحيطة, و العجز عن تفسير لماذا لم تتحقق تنبؤاته, كما قالها ذات يوم الأسد العجوز "ونستون تشرشل".

ان حال رئيس مجلس الجهة اليوم مع أغلبيته الحاكمة, يشبه الى حد كبير, الراكب على ظهر نمر يقوده بالضرب, و لا يستطيع أن يترجل عنه أبدا مخافة أن يفترسه, مع فارق بسيط, هو أن نمر الرئيس يركض به بسرعة جنونية للاصطدام بالحائط. و بدل أن تعينه الدائرة المحيطة به, في الوصول الى نهاية النفق، من خلال تشجيعه على الدخول في شراكة حقيقية مع كافة الفرقاء السياسيين داخل مجلس جهة الداخلة وادي الذهب, و انهاء هذا الدياليكتيك البائس, نراهم يوحون له بالركض الى الأمام, و القيام بشراء المزيد من الانفاق.

خلاصة القول, بين معارضة قوية, مسنودة بتحالف حزبي في أوج انتصاراته, و أغلبية يقودها حزب يلفظ أنفاسه الأخيرة, و تعيش في حالة انفصام تام عن الواقع السياسي الجديد, و عاجزة تماما عن أخذ زمام المبادرة, و ابتكار منهجية خلاقة, من أجل تدبير الصراع السياسي القائم, تصبح كلمات من قبيل "خرجو عليا" و "خرج" و "أزمدي", مجرد تحصيل حاصل.