فقط في الصحراء...الفساد في أمن و أمان

 Photostudio 1563302487449 960x680

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب رأي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

يبدو أن جيوب فاسدة و  مسيطرة، متغلغلة داخل مفاصل الدولة المغربية بمختلف مؤسساتها المنتخبة و السيادية، و كما سبق لنا أن أكدنا ذلك في عدة مقالات منشورة، قد أجبر الدولة على الدخول في مرحلة تعايش سلمي مع أخطبوط الفساد، الذي تغلغل بأذرعه الجشعة و المفترسة في مختلف القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية بمنطقة الصحراء.

إبتداءا بالصفقات العمومية المفخخة، و التفنن في أساليب و فنون نهب المال العام، و عمليات الترامي الممنهج على الأملاك العمومية برا و بحرا، و إستنزاف الثروات السمكية، و إلى غاية حدود مقالع الحجارة و الرمال المنهوبة، كما هو حالنا في جهة الداخلة وادي الذهب المستباحة من طرف ثلة من المستثمرين مصاصي الدماء، و بعض المنتخبين الفاسدين، و ظهيرهم المتخفي وراء أسوار العمالات و الوزارات، و التفتيشيات النائمة في عسل الأظرفة الصفراء و التحويلات البنكية السخية.

لقد إطلعت كغيري من المواطنين المغاربة على أخبار توقيف و سجن برلماني و رئيس جماعة سابق بشمال المملكة، محسوب على حزب البام في قضية فساد كبرى تهم عمليات تلاعب إجرامية في مسطرة تفويت الصفقات العمومية إضافة الى المحسوبية و الرشوى، الأمر الذي يثلج الصدر و يؤكد على أن السلطات القضائية المغربية عازمة على محاربة آفة الفساد بكل قوة و حزم، مجددين التأكيد على دور  القضاء الحاسم في التصدي للفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب، الامر الذي يتطابق مع توصيات الأمم المتحدة التي تعتبر بأن مؤسسة القضاء هي الجهة المؤسساتية الكفيلة بالقضاء على الفساد، من أجل ضمان تنمية شاملة ومستدامة، و تحقيق الاستقرار الاجتماعي و السلم الأهلي.

قولا واحدا، لقد درسنا في كليات الإقتصاد و العلوم السياسية، شيئا يسمى الإرادة السياسية للدول، من دونها سيظل شعار محاربة الفساد مجرد كلمات جوفاء، و بروبكندا رخيصة موجهة للإستهلاك الداخلي، بينما واقع الحال بالجهة و الأقاليم الجنوبية، صارخ بالبؤس، و بأشنع مظاهر تغول الفساد و سيطرته، رغم المجهودات الصادقة التي تبذلها مؤسسة النيابة العامة المغربية، و التي ستظل متواضعة للغاية مادامت جيوب مقاومة الفساد متمكنة من مفاصل الدولة الحيوية، و ما دامت أيضا الإرادة السياسية لمحاربة هذا السرطان الشبكي بالصحراء غائبة. إنها نفس إستراتيجية فيروس الإيدز الخبيث الذي يبدأ معركته لتدمير الجسم بالسيطرة على دفاعاته المناعية، إنتهى الكلام.