تقرير خطييير|| كيف تنهب لوبيات دقيق السمك ثروات الصحراء السمكية؟؟

Copilit 3

 

المركز الاطلسي الصحراوي للاعلام و ابحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

إستطاع فريق التحقيق داخل المركز, بعد دراسة معمقة و افتحاص مركز لأرقام المكتب الوطني للصيد حول كمية المصطادات من السمك السطحي الموجهة لصناعة دقيق السمك و زيوته برسم سنوات 2014 و 2015, بمدن كل من الداخلة و العيون و الطانطان و الطرفاية, و مقارنة هذه الأرقام بأرقام كمية دقيق السمك المصدر الى الخارج برسم نفس السنوات, من اكتشاف حلقة ذهبية مفقودة من ثروة و أرزاق الصحراويين بهذه المنطقة المنكوبة.

هذه الحلقة المسروقة تناهز ما يفوق 270.000 طن من مادة السردين, التي غابت عن الإحصائيات الرسمية للدولة,حيث لم يتم التصريح بها, و ظهرت في شكل ملايين من اليورو الغالي و النفيس, ذهبت الى جيوب لوبي صناعة دقيق السمك بالداخلة و العيون بعد تصديرها الى الخارج.

و هي الفضيحة الذي سبق و ان أثارتها الصحافة الوطنية و المحلية, و تحدثت عنها جريدة الصباح المغربية في أحد مقالاتها و المعنون ب : " إفساد 600 ألف طن من السمك لأجل العلف".

التحقيق الذي قام به فريق متخصص داخل المركز اعتمد على الاحصائيات الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني للصيد سنوات 2014 و 2015, هذا بالاضافة الى الاحصاءات الرسمية حول حجم الصادرات الوطنية من دقيق و زيوت السمك سنة 2014. الافتحاص سيركز على سنة 2014, لأنها السنة التي ستفضح مافيا دقيق السمك و كل الفاسدين المتواطئين معها داخل قطاع الصيد البحري محليا و مركزيا. و ستظهر حجم السرقة و النهب الممنهج الذي تتعرض له الثروة السمكية بالصحراء, على مرأى و مسمع من الادارة و بالأرقام.

Telechargement 9

التحقيق سيكتشف أيضا حجم رهيب من التناقض و التخبط في الارقام و الاحصائيات المقدمة من طرف المكتب الوطني للصيد, و هو الامر الذي سيفسر وجود حلقة مفقودة من الثروة السمكية, غابت في أرقام المصطادات السمكية و ظهرت في الصادرات المليونية من العملة الصعبة.

في سنة 2014 صدر المغرب 182.000 طن من دقيق و زيوت السمك بغلاف مالي ناهز 255 مليون دولار. شاهدو الصورة أعلاه. و كما يعلم ذلك جيدا مهنيي القطاع, فكل طن من الأسماك السطحية يعطينا 225 كيلوغرام من الدقيق و 50 كيلو غرام من الزيت, و عليه تكون كمية السمك السطحي الضرورية لانتاج 182.000 طن من دقيق السمك و زيته المصدرة سنة 2014 هي : 661.818 طن.

لكن بعودتنا للاحصائيات الصادرة عن المكتب الوطني للصيد, بخصوص الكميات السمكية الموجهة لانتاج دقيق وزيت السمك سنة 2014 نجد فقط : 341.807 طن, و هو ما يثير الضحك, لان هذه الكمية و حتى لو أضفنا عليها كل مخلفات صناعة التعليب, على فرضية أن كل تلك المخلفات يتم توجيهها لصناعة دقيق السمك بالصحراء و هو الامر طبعا الغير صحيح, فاننا لن نصل الى رقم 182.000 طن المصدر الى الخارج. و سنثبت ذلك بالأرقام:

في سنة 2014 و حسب دائما احصاءات مكتب الصيد, تم توجيه حوالي 164.325 طن لصناعات التعليب بالمنطقة, و اذا افترضنا بأن 30% من هذه الكمية, هي عبارة عن مخلفات لهذه الصناعة, فستكون كمية المخلفات الناتجة عن صناعة التعليب برسم سنة 2014 هي : 49.297 طن. هذا الرقم سنضيفه الى 341.807 طن من الاسماك الموجهة رسميا لصناعة دقيق السمك, ليصبح المجموع هو : 391.104 طن, و هذه الكمية ستنتج لنا فقط 107.553 طن من دقيق و زيوت السمك. لنبقى دائما بعيدين جدا عن الكميات الحقيقية المصنعة و المصدرة الى الخارج سنة 2014 و المقدرة ب : 182.000 طن.

Telechargement 8

لكن بالمقابل سيظهر لنا جليا, حجم الكمية المسروقة و الغير مصرح بها من السمك السطحي التي تم توجيهها لصناعة دقيق السمك. فاذا كانت الكميات الرسمية المصرح بها في الاحصاءات, و التي تم تخصيصها لصناعة دقيق وزيوت السمك بالاضافة الى مخلفات صناعة التعليب هي : 391.104 طن, بينما كمية السمك السطحي الضرورية لانتاج 182.000 طن من دقيق السمك و زيته المصدرة سنة 2014 هي : 661.818 طن, فاننا سنكون امام فارق يقدر ب : 270.713 طن. و هي الحلقة المفقودة, و الكمية المنهوبة و الغير مصرح بها من السمك السطحي التي وجهت للوبي صناعة دقيق السمك. و بالتالي تكون الكمية الحقيقة التي يتم توجيهها بطريقة غير قانونية لصناعة دقيق السمك بالصحراء هي: 341.807 طن المصرح بها + 270.713 طن المنهوبة, يعني ما مجموعه : 612.520 طن, و هو نفس الرقم الذي تحدثت عنه الصحافة.

Telechargement 7

هذا النهب الخطير لثروات الصحراء السمكية من طرف عصابة صناعة دقيق السمك, بات أمرا مفضوحا و مستهجننا, و يمكن تلخيص أسبابه في ثلاث نقط رئيسية :

1-الافساد المتعمد للأسماك من طرف لوبيات الصيد الساحلي, المتواطئين مع مافيا صناعة دقيق السمك. على اعتبار أن القانون يفرض ألا توجه إلى معامل دقيق السمك, إلا الكميات الفاسدة والمخلفات السمكية الناتجة عن معامل التصبير وعن الاستهلاك, و الدافع الأساسي من وراء ذلك طبعا, هو أن دقيق السمك يدر أرباحا طائلة مقارنة بالمتاجرة بالسمك الطري الموجه للاستهلاك. حيث تغادر الشاحنات الموانئ و هي محملة بكميات السمك المذكورة بعد إفسادها عمدا, بموجب وثائق مزورة تؤكد أنها موجهة إلى الاستهلاك الداخلي, وإذا ما تم كشف أمر الشاحنات, لا تتم مساءلة السائقين بشكل جدي, عن حيثيات تعرض الكميات للإفساد العمدي, من خلال عدم تبريدها والتزام المساطر المفروضة للحفاظ على الطراوة, من قبيل شحنها في صناديق واستعمال الثلج.

2-التلاعب في ميزان الشاحنات الصهريجية و عدم اخضاعها لعملية وزن حقيقية, بل و الاكتفاء في الكثير من الحالات بتقدير وزن الشحنات السمكية التي تحملها.

3-التلاعب في عملية التصريح بالكميات السمكية الحقيقة المصطادة من طرف السفن و البواخر, و هذا يعود بالاساس الى تواطئ مفضوح من طرف مصالح رسمية في القطاع مع هذه اللوبيات, من خلال عدم تفعيل آليات المراقبة في الموانئ وعلى الطرقات.

و كل هذه النوازل تؤكدها عملية اتلاف السلطات العمومية بالداخلة في شهر نوفمبر الماضي, ل 20 طنا من السمك بعد ضبطها من قبل الدرك الملكي, في شاحنة كانت وجهتها معمل لدقيق السمك بمدينة العيون. حيث أوقف قائد الحاجز البري الجديد, الشاحنة وطالب سائقها بالوثائق, ليتفاجأ بأنه لا يحمل سوى "وصل مغادرة الميناء" وفيه أن الكمية سمك طري موجه للاستهلاك, ولما قام بتفتيش الشاحنة, سيكتشف أن الأطنان العشرون, شحنت بشكل عشوائي وغير صالحة للاستهلاك, ليعترف السائق في الأخير بأن وجهتها الحقيقية هي معامل دقيق السمك بمدينة العيون.

لوبي الميناء الجديد بالداخلة

انها المجموعة المعروفة في الأوساط المهنية المحلية بـ "لوبي الميناء الجديد للداخلة", و التي تقوم بتصريف مادة السردين خارج القانون و بدون أدنى مراقبة, ليشق طريقه مباشرة نحو أحد المصانع بالعيون من أجل تحويله الى دقيق سمك.

و للاشارة فقط فان أفرادا من هذه المجموعة، أي "لوبي الميناء الجديد للداخلة" يملكون حصصا من سمك سفن الجر RSW تقدر بـ 6000  طن. و الخطير في الامر هو أن ما تأتي به الـ 25 سفينة الجر RSW و مراكب الصيد الساحلي الـ 74 يفوق بـ 17 مرة طاقة مصانع الداخلة الاستعابية, و عليه كان لزاما على الدولة المغربية و وزارتها في الصيد البحري, أن تعالج هذا الأمر و تبحث عن كيفية تصريفه, و عن الجهات التي ستستفيد منه, بما يضمن استدامة المخزون, و الحفاظ على الثروة السمكية الصحراوية من التحول الى مجرد دقيق سمك, بدون أدنى فائدة على الاقتصاد و التنمية المحلية, اللهم الا ضخ الملايير في جيوب أرباب هذه المصانع, و تلويث البيئة و تدمير السلسلة الغذائية البحرية.

فإذا اعتبرنا على أقل تقدير أن 12 سفينة جر RSW فقط هي التي تبحر و لا تأتي إلا بـ 400 طنا فقط, أي 4800 طنا على رأس كل إبحار, و أن 35 مركبا للصيد  الساحلي هي التي تبحر فقط و تأتي فقط بـ 30 طنا, أي 1050 طنا فقط, تكون واردات  هذه السفن و المراكب على رأس كل إبحار 6000 طن تقريبا؛ بينما لا تتعدى طاقة مصانع التصبير و التجميد بجهة الداخلة وادي الذهب ما بين 300 إلى 500 طن, أي أقل من 6 في المائة. و هو ما يعني أن 94 في المائة المتبقية من هذا المنتوج البحري الاستراتيجي, تصرف في اتجاه آخر, ألا و هو مصانع دقيق السمك بالعيون.

في الختام, لوبيات صناعة دقيق السمك باتت خطرا داهما على مخزون ثروات الصحراء السمكية, و خدعة مخطط هاليوتيس القائمة على ركيزتي التنمية و الاستدامة, لم تعد تنطلي على أحد, و الكاتبة العامة للوزارة هي المسؤول الاول عن كل هذه الجرائم و الخروقات, و هذا الاستنزاف المقنن و الممنهج لأرزاق و ثروات الصحراويين السمكية, أما وزارة الصيد البحري فقد تحولت للأسف الشديد الى ما أرتأينا ان نسميه ب "وكالة تدمير المخزون السمكي", و ذلك من أجل ارضاء قلة محظوظة من الجشعين و المهربين و السيكوباتيين و لقطاء الجغرافيا, الذين وضعوا أيديهم الوسخة على ما تبقى من ثروة سمكية بالمنطقة. فهنيئا لهم ثروة الاجداد, و هنيئا لنا البؤس في مدن الملح و الحكرة.

Sentissi2 1

Sentissi2 2 1

0f0f2b99 ab46 4b11 9908 f32bbd1a16f6