الرامي: قانون الصحافة الإلكترونية متحرر جدا

أخبار الداخلة بوست

Dd 18

في هذا الحوار يؤكد عبد الوهاب الرامي، رئيس لجنة إعداد الإطار القانوني والكتاب الأبيض لتأهيل الصحافة الإلكترونية المغربية، أن «القانون الجديد يراعي جو الحرية الذي ظلت تتحرك داخله الصحافة الإلكترونية»، مشيرا إلى أن «القانون سيكون متحررا جدا وغايته حماية المهنيين من القانون الجنائي». وتحدث الرامي عن بند انتقاد الأمراء وسياسة الملك، قائلا «إنه بند موكول للجنة العلمية، لأن ما ستضعه من قوانين في هذا المجال سيسري على باب الصحافة الإلكترونية كذلك»، معترفا بأن الصحافة الإلكترونية تعاني من «الهواية والخرق السافر لأخلاقيات المهنة، مما يستدعي التأطير القانوني والتكوين المستمر للصحافيين».

– مرت ستة أشهر كاملة على تنصيب لجنة إعداد الإطار القانوني والكتاب الأبيض لتأهيل الصحافة الإلكترونية. أين وصلت أعمال اللجنة؟

< لقد  انتهى العمل في الكتاب الأبيض وأصبح اليوم جاهزا وسيوزع على الصحافة في الحفل الاختتامي لإقفال الورشات، التي أطلقتها وزارة الاتصال ضمن المشاريع المرتبطة بتطوير الصحافة والإعلام في المغرب. وسيوزع الكتاب الأبيض يوم غد الأربعاء القادم على الصحافيين في حفل رسمي خاص بإقفال الورشات التي كانت مفتوحة من جهة أخرى، أنهينا الاشتغال في الشق المرتبط بإعداد مسودة مشروع قانون الصحافة الإلكترونية منذ حوالي أربعة أشهر، وتم تسليمه إلى اللجنة العلمية الاستشارية الخاصة بمدونة الصحافة والنشر من أجل تدارسه. والآن سيرفع إلى اللجنة القانونية، التي ستدقق في مسودة مشاريع القوانين المرتبطة بالصحافة والنشر والصحافة الإلكترونية، قانون الصحفي المهني، قانون مجلس الصحافة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى مرتبطة بالإشهار وغيره.

– وجهت العديد من الأطراف انتقادات قوية إلى اللجنة التي ترأسها، لأنها «غيبت» حضور المهنيين داخل اللحنة المكلفة بإعداد قانون هو المؤطر للصحافة الإلكترونية، التي تتمتع حاليا بهامش واسع من الحرية. هل فعلا أٌغرقت اللجنة بالأصوات الأكاديمية على حساب المهنيين؟

< لا أبدا. اللجنة تعتبر بيت خبرة، وبالتالي فالأعضاء الذين يشكلون هذه اللجنة جاؤوا من مختلف المشارب المرتبطة بالإعلام الإلكتروني، سواء على المستوى التكنولوجي، الاقتصادي، صناعة المحتوى، أخلاقيات المهنة أو على مستوى التكوين. اللجنة تضم ممارسين على مستوى الصحافة الإلكترونية، كما تضم أساتذة جامعيين ومتخصصين في القانون، وكذلك أعضاء يمثلون النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدارلية المغربية لناشري الصحف. هناك عادل أقلعي، الذي كان رئيسا للرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية لحظة تعيينه، ومحمد الزواق، مدير موقع «يا بلادي»، ومن حيث الممارسة داخل الميدان عموما هناك محمد الضو السراج. هناك، إذن، حضور للمهنيين داخل اللجنة. إلا أن هذه اللجنة لا يمكن أن تكون خاصة بالمهنيين فقط، لأن الغاية من تأسيسها هو الإجابة عن كل الأسئلة المطروحة في الجوانب القانونية والأخلاقيات والتكوين.. فكان لا بد من وجود تركيبة تكاملية، حيث يمكن، بشكل تشاركي، أن تشتغل على كل الجوانب المرتبطة بتطوير الصحافة الإلكترونية بالمغرب.

الجانب الثاني، هو المشاورات والصيغة التشاركية لهذه اللجنة، فقد كان هناك أكثر من لقاء تشاوري، وقمنا حينما أعددنا المسودة الأولى لمشروع القانون باستدعاء المهنيين في يوم دراسي، وعرضنا عليهم ما توصلت إليه اللجنة كتصورات مرتبطة بالصحافة الإلكترونية، بل تم عرض حتى البنود التي يتضمنها القانون، وطبعا كان يوما غير كاف، ووضعت فيما بعد استمارة في الموقع الالكتروني لوزارة الاتصال، وزعت على عدد كبير من المواقع الإلكترونية بالمغرب، من أجل الحصول على ملاحظاتها وآرائها فيما يتعلق بالقانون، وتم التوصل بـ155 ردا مرتبطا بتصورات المهنيين للقانون. 99 في المائة من هذه الردود كانت مع التصورات التي تمثلتها اللجنة على مستوى  القانون.

– هل هناك أمثلة في هذا الصدد؟

< على سبيل المثال، يسعى القانون إلى الاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية، ووضع الصحافي الالكتروني، الذي (بموجب هذا القانون) سيصبح ذا قيمة اعتبارية أكثر داخل المهنة وداخل المجتمع، حيث سيصبح الممارس في الصحافة الإلكترونية معترفا به، وستكون له بفعل هذا القانون نفس المنزلة، التي لدى باقي الصحافيين في القطاعات الأخرى. مسألة أخرى مهمة، وهي أن الصحافة الإلكترونية مولودة من رحم الحرية، ومادام الأمر كذلك فحتى هذا القانون لا يقيّدها من حيث وجودها بتصريح أو بإجراء قانوني ما حتى تخرج إلى حيز الوجود.

– ما هي المعايير التي يضعها القانون لتمييز المواقع الإلكترونية الإخبارية الجدية عن التدوين والمنتديات؟

< القانون يذهب فقط إلى الاعتراف بالمهنة وبالمهنيين، ولا يحدد أي شروط لتمييز المواقع المهنية وغير المهنية والمحترفة وغير ذلك.

– ولكن هل كل من يكتب في المواقع الإلكترونية يعد صحفيا؟

< القانون لا يدخل في هذا الأمر، لكنه يحدد من هو الصحافي المهني وغير المهني، والقانون كما تعرف لا يعطي نسب المهنية داخل الصحافة، إنما يعطي تعريفات عما هي الصحافة الإلكترونية

– ومن هو الصحفي الالكتروني. وكيف يعرف القانون، إذن، الصحافة الالكترونية والصحفي الالكتروني؟

< تنص المادة الأولى من مسودة مشروع القانون على أن الصحيفة الإلكترونية هي كل إصدار يتم عبر شبكة الإنترنت وكافة آليات التكنولوجيات الجديدة التي تشكل امتدادا لها، ويتمثل نشاطها الأساسي في الإخبار المنتظم باستخدام الأجناس الصحفية المتعارف عليها مهنيا، وكذلك الوسائط المتعددة، المتمثلة في المواد المكتوبة والسمعية والسمعية البصرية الثابتة والمتحركة. وتصدر الصحيفة الإلكترونية باسم نطاق خاص بها ونظام لإدارة المحتوى. أما خدمة الصحافة الإلكترونية فهي كل مادة إعلامية موجهة للعموم على الإنترنت، تنشر من طرف شخص ذاتي أو معنوي وفق خط تحريري يحترم المعايير المهنية والأخلاقية، ويتم تحديثها بانتظام، ولا تمثل امتدادا لأي نشاط صناعي أو تجاري أو نوعا من الدعاية له. والصحفي المهني الممارس في قطاع الصحافة الإلكترونية هو كل شخص يسهم في المجهود التحريري لصحيفة الكترونية أو أكثر، بشكل رئيس، منتظم، ومؤدى عنه. وللصحفي، بالصفة المشار إليها، الحق في الحصول على بطاقة الصحفي المهني، وفق مقتضيات نص تنظيمي يحدد شروطها.

– يثير العديد من المهنيين في الصحافة الإلكترونية مشكلا حقيقيا يتمثل في التجاذب الذي سيقع في مدونة الصحافة والنشر مستقبلا بين الفضاء الواسع للحرية في الإعلام الجديد والإعلام الورقي التقليدي. هل ستنفتح هذه المدونة على الحريات الواسعة في مجال الصحافة الإلكترونية أم ستحصر الحريات فيما يتمتع به الإعلام التقليدي حاليا من مجال يوصف دائما بالهامشي؟

< بداية، جانب الحرية على مستوى الصحافة الإلكترونية متسع بالمقارنة مع الصحافة الورقية. لماذا؟ لأن هناك، بالنسبة للصحافة الورقية، إلزامية التصريح لكي تصدر الجريدة، وفي الصحافة الإلكترونية ليست هناك إلزامية في التصريح، إذ يمكنها أن تصدر حتى بدون وضع إجراءات لاستلام التصريح، ولا يعتبرها القانون غير شرعية. لكن فيما يخص الجزاءات، أي حينما يكون هناك سب أو قذف، أو التحريض على العنف، أو الإرهاب، أو التحريض المباشر على: ارتكاب الجنايات أو الجنح المتعلقة بالقتل أو الاعتداء على الحرمة الجسدية للإنسان أو السرقة أو التخريب أو التنويه المباشر بجرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية، فهي تقع تحت طائلة القانون. لقد أخذنا بعين الاعتبار هامش الحريات التي ظلت تتحرك داخله الصحافة الإلكترونية منذ أن نشأت. وفي المادة الثانية لمسودة مشروع القانون، مباشرة بعد التعريفات الخاصة بالصحافة الإلكترونية والصحفي والمضيف وغيرها..نقرأ أن «حرية الصحافة الإلكترونية مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.

وللصحف الإلكترونية الحق في نشر الأخبار والأفكار والآراء، وعكس التعددية الفكرية والسياسية دون قيد، باستثناء ما ينص القانون صراحة على منعه، مع احترام قواعد وأخلاقيات المهنة، كما هو متعارف عليه دوليا» (المادة الثانية من مسودة مشروع قانون الصحافة الإلكترونية).

– لكن هل يمكن، مثلا، انتقاد الأمراء والأميرات وسياسة الملك وغيرها دون أن يكون ذلك موضوعا للمتابعة القانونية بعد صدور مدونة الصحافة والنشر. الجميع يعرف أن قانون الصحافة والنشر الحالي ينص في الفصل 41 على أنه «يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات وبغرامة (…) كل من أخل بالاحترام الواجب للملك أو أصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات»

< أولا، صيغة القانون القديم ستتغير، لأن اللجنة العلمية الخاصة بتعديل مدونة الصحافة والنشر اشتغلت على جملة من الأمور والحيثيات المرتبطة بقانون الصحافة المكتوبة، وبالتالي لا يمكن، الآن، الحديث عن سقف للحرية دون الرجوع إلى الملاحظات التي أبدتها اللجنة العلمية بشأن مسودة قانون الصحافة والنشر. كذلك قانون الصحافة الإلكترونية سيكون بابا وجزءا من قانون الصحافة عامة. وبالتالي، لا يمكن أن نتصور أن تكون للصحفي الالكتروني حرية أكبر من الصحافة الورقية. بالعكس، الفلسفة تذهب إلى ضرورة توسيع هامش الحرية المرتبط بالصحافة الورقية ليلتقي بالهامش، الذي ظلت تتحرك داخله الصحافة الإلكترونية، مع كل جزاءات خرق القانون عامة. وأضيف أنه بالإمكان الآن محاكمة الصحفي الالكتروني بالقانون الجنائي عند المس بأشخاص معينين إلى آخره، ولكن الجديد على مستوى الأوراش المفتوحة الآن هو أنه لا يحاسب الصحفي فيما يخص قضايا النشر إلا بقانون الصحافة.

– أرجع إلى السؤال الذي طرحته. هل يسمح القانون الجديد بانتقاد الأميرات والأمراء أو سياسة الملك كما يقع في الصحافة الإلكترونية الآن، أم ستضطر هذه الصحافة بعد صدور القانون إلى الكف عن ذلك كما هو حاصل في الإعلام الورقي؟

<  هناك تصور انطلقت منه اللجنة، التي عكفت على إصدار مسودة قانون الصحافة الإلكترونية، وهو أنه يجب أن يكون للعاملين في نفس الحقل نفس هامش الحرية. هذا من أبجديات الديمقراطية. إذ مهما اختلفت وسائل الاشتغال  تبقى لديهم نفس هوامش الحرية ونفس الجزاءات في حالة خرق القانون.

لا أريد أن أدخل في اختصاصات اللجنة العلمية، فأنا أتحدث فقط عن الشق الخاص بالصحافة الإلكترونية، الذي أقوم بدور التنسيق داخله. وهذا السؤال الذي تطرحه يمكن أن يجيب عنه منسق اللجنة العلمية الاستشارية الخاصة بمدونة الصحافة والنشر. وكما تعلم، فشق الصحافة الإلكترونية الذي قمنا بإعداده هو باب يحتوي على 25 مادة ضمن مدونة الصحافة والنشر، التي تعتبر مشروعا كبيرا يضم العديد من الأبواب الأخرى، مثل قانون الصحفي المهني وقانون مجلس الصحافة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى مرتبطة بالإشهار وغيره. نحن في اللجنة الخاصة بإعداد مسودة مشروع قانون الصحافة الإلكترونية اقتصرنا فقط على الخصوصيات التي تميز الصحافة الإلكترونية عن الورقية، لكن كل المقتضيات العامة، التي تعدها الآن اللجنة العلمية، تنسحب على قانون الصحافة الإلكترونية، وهذا ما تنص عليه المادة الـ25 من مسودة مشروع قانون الصحافة الإلكترونية، والتي تؤكد بالحرف على أن «الصحافة الإلكترونية تخضع، خارج مقتضيات هذا القانون، للأحكام العامة المنصوص عليها في مدونة الصحافة والنشر».

– قدمتم خلال الأسبوع الماضي الخطوط العريضة للكتاب الأبيض. ما هي أهم التوصيات التي خلصتم إليها؟

< خرجنا بعدد من التوصيات في مجالات: التأهيل التكنولوجي، الاقتصادي، تطوير المحتوى، أخلاقيات المهنة، تعزيز التكوين. ففيما يتعلق بالجانب التكنولوجي، مثلا، هناك توصيات تهم: العمل على ردم الفجوة الرقمية داخليا وخارجيا، وإنشاء صندوق خاص بالدعم التقني والتدريب وتأهيل الكفاءات٬ يستهدف ضمان تحكم أفضل في استخدام الدعامات التكنولوجية، وتزكية وتشجيع الشراكات بين الهيئات التمثيلية المهنية للصحافة الإلكترونية، والفاعلين في مجال تكنولوجيا المعلومات، والمؤسسات العمومية، والمجتمع المدني، وتمكين الصحافة الإلكترونية، في إطار استراتيجية المغرب الرقمي، من الاستفادة من آليات الدعم العمومي والمواكبة التكنولوجية، وتأهيل القطاع، ووضع إمكانيات التمويل الموجودة لتحديث دعامات النشر، وآليات التسيير والتنظيم في الجانب الاقتصادي هناك: تعزيز فرص استفادة ناشري الصحافة الإلكترونية من الدعم المرصود للصحافة المكتوبة، وخلق «صندوق استراتيجي لتنمية الصحافة»، يدعم الصحافة الإلكترونية في مجالات: التحديث والتحولات الصناعية، الاستثمار في مجال خدمات الصحافة الإلكترونية، وتنمية وتوسيع كتلة زوار الصحافة الإلكترونية، وإحداث صندوق للضمان خاص بالصحافة الإلكترونية يرعى أيضا تثمين الموارد البشرية المشتغلة في القطاع، كما يتكلف بالتكوين والتكوين المستمر، والحث على إنشاء صندوق للانطلاق (أو صندوق المساعدة على الانطلاق) fonds d’amorçage، خاصة على المستوى المحلي والجهوي، وتشجيع الاستثمار ودعمه وتنمية الإيرادات الإشهارية وتنمية البحث والتطوير. ويجب أن يعلم القارئ في هذا الصدد أن التوصيات التي خلصنا إليها ليست تحبيرا للورق، بمعنى أنها ليست فضفاضة وعامة، فالتوصيات ارتكزت على معايير أساسية، هي قابليتها للتطبيق، وأن تكون متناغمة وتشكل مجتمعة أرضية للنهوض بالصحافة الإلكترونية وفق أجندة زمنية مضبوطة.

– أعطيتم للتوصيات المتعلقة بأخلاقيات المهنة دورا كبيرا، حيث بلغ عددها 39 توصية. هل يكون هذا بداية لـ«خنق أنفاس» هذه الصحافة؟

< لا أبدا، لكن ما ينعى على الصحافة الإلكترونية، اليوم، هو أنها تخرق بشكل سافر أخلاقيات المهنة. وقد حاولنا في الكتاب الأبيض التأكيد على: ضبط أخلاقيات النشر الإلكتروني، كخلفية لأخلاقيات الصحافة الإلكترونية، وفق ما هو متعارف عليه دوليا في مجال أخلاقيات مهنة الصحافة، وإحداث إطار تنظيمي للنشر الإلكتروني بالمغرب، والتزام كل فعل يخص أخلاقيات الصحافة الإلكترونية، تصورا، تنظيما، وممارسة، بالاستجابة للعناصر التالية: الصالح العام، الديمقراطية، المهنية، الحرية، المسؤولية، الاستقلالية، الشفافية، والتنوع.. ونشر برامج لتوعية الشركات العاملة في مجال صناعة المحتوى الرقمي بحقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية لرؤساء تحرير الصحف الإلكترونية المغربية حول أسس وأهداف خط التحرير والالتزام الأخلاقي به، وفصل التحرير عن الإشهار والدعاية، وإحقاق استقلالية هيئة التحرير عن سلطة المال والسياسة.

– تطرح التعليقات التي تنشر في الصحف الإلكترونية تحديا كبيرا بالنسبة للقانون الجديد باعتبار أنها قد تسيء إلى بعض الأشخاص. من يتحمل المسؤولية في حالة تعرض شخصية معينة للإساءة بدون أن يكون ذلك بالضرورة سبا وقذفا؟

< المسؤولية دائما تقع على المؤسسة الناشرة، سواء فيما يتعلق بالروابط التي تنشرها أو تعليقات الزوار أو الإشهارات.. لكن هناك ما يسمى «المسؤولية الناعمة». وفي الكتاب الأبيض نجد توصيات في هذا الصدد، حيث أكدنا على ضرورة: وضع ميثاق للتعليقات يبيّن ما يجوز نشره وما لا يجوز نشره، وإحداث حيز لاستضافة المدونات، مع نافذة مرتبطة به تجمل أهم مضامين البنود المرتبطة بقانون الصحافة الإلكترونية (السب والقذف، الحياة الخاصة، حقوق الملكية الفكرية، الحق في الاستشهاد، الحق في الصورة…)، ورابط يحيل على النصوص القانونية المنظمة، وتفعيل «الحق في النسيان » droit à l’oubli (الحذف النهائي لمادة مسيئة) والتجاوب معه على مستوى الصحافة الإلكترونية، وتعزيز حق المواطن في التنبيه الأخلاقي droit d’alerte éthique des Citoyens، ووضع آليات لتدبير المحتوى الوارد من جمهور الصحف الإلكترونية، والابتعاد عن المشاكسة الرخيصة، وتقبل الرأي الآخر، والخروج من منحى المفاضلة والتناحر بين الصحافة المسماة «تقليدية» والإلكترونية، وتأسيس جسور للاستثمار الأمثل للإمكانات المتاحة لدى كل دعامة، والاحتراز من تحويل المواد الإعلامية الساخرة إلى وسيلة للنيل من أشخاص ذاتيين أو معنويين خارج وظيفة المراقبة المسؤولة. وفي المادة الـ9 من مسودة مشروع القانون هناك «تحميل المسؤولية القانونية عن محتوى الصحيفة الإلكترونية، بالتراتب، لكل من المدير المسؤول على الصحيفة الإلكترونية، ورئيس التحرير، وصاحب المادة الصحفية».

– وكيف يكون حق الرد في حالة الإساءة إلى شخص معين؟

< هذا ما تجيب عنه المادة الـ10 بالضبط، التي تثبت المسؤولية القانونية عن المحتوى الأساسي للصحيفة الإلكترونية، وعن مضامين الإعلانات، وتؤكد على أن «الصحيفة الإلكترونية يتعين عليها نشر الرد أو الاستدراك فور التوصل بهما من طرف الجهة التي تعتبر نفسها متضررة من مادة صحفية بعينها. ويكون طلب الرد أو الاستدراك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، تحدِّد بدقة رابط المادة المعنية، والمقاطع موضوع الطلب. ويتم الاستدراك من طرف الصحيفة الإلكترونية بشكل مكتوب، سواء كانت المادة الإعلامية موضوع الاستدراك، مكتوبة أو سمعية أو سمعية بصرية أو على شكل صورة. وللمتضرر حق الرد بنص مكتوب ينشر على الصفحة الرئيسية، ويمكن إثبات معطيات الرد بواسطة الصورة أو مقطع سمعي أو سمعي بصري، قابل للنشر على الإنترنت، دون تجاوز المدة الزمنية للشريط موضوع الرد، ولا تجوز المطالبة بالرد بشريط سمعي أو سمعي بصري على مادة صحفية مكتوبة فقط، ويتقادم حقا الرد والاستدراك بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ نشر المادة الصحفية».

– فيما يتعلق بالتكوين أثار انتباهي في الكتاب أن حوالي 80 بالمائة من الصحفيين المغاربة العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية يشتغلون في هذا المجال بدافع الهواية أو «الرغبة في التعبير عن آراء شخصية». ألا يطرح هذا الرقم تحديا كبيرا فيما يخص التكوين؟

< بالفعل، عبّر 79.79 بالمائة من الصحفيين المغاربة العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية عن أن الدافع وراء الاشتغال في هذا المجال هو الهواية أو «الرغبة في التعبير عن آراء شخصية». هذه دراسة ميدانية قامت بها الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية العام الماضي. ولأننا على معرفة جيدة بحجم انتهاك أخلاقيات المهنة في مجال الصحافة الإلكترونية، فقد أكدنا في التوصيات على ضرورة: وضع استراتيجية للتكوين الأساسي والتكوين المستمر تشمل كل التخصصات المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية والصحافة الإلكترونية، وخلق معهد متخصص في تكوين مهندسين في مجال الإنترنت لتعزيز المحتوى الرقمي الوطني، وإحداث صندوق خاص بتمويل عمليات التكوين والتكوين المستمر بغاية تمكين العاملين في قطاع الصحافة الإلكترونية من صحفيين وتقنيين من الأدوات التكنولوجية والمهنية والرفع من كفاءتهم

المساء – محمد أسعدي