مجلس جهة الداخلة وادي الذهب..الانجازات المؤجلة

Region dakhla 14

الداخلة بوست

بقلم : الزاوي عبد القادر – أستاذ باحث و كاتب صحفي

أثارت شهية الكتابة لدي, بعد صمت قصير, صورة تداولتها مؤخرا مواقع صحفية محسوبة على رئيس جهة الداخلة وادي الذهب, يظهر فيها بعض من نواب الرئيس "المبجلين", و معهم اعضاء من أغلبية المجلس "الفارهين", في اجتماع للغرفة التجارية الأمريكية, يتنطعون خلاله امام الكاميرات و "يفرنسون", في حالة من التجلي و الدروشة, تضرب لأخبارها أكباد العيس, و تصلح أن يتسامر عن أحجيتها, الأصحاب و الخلان, تحت ليالي جرف الداخلة المنكوب.

مجلس منذ تنصيبه بما يربو على عام ونيف, اختصر الانجاز و العمل الجاد, في تطوير و انعاش ألبومات الصور, بدل السهر على حل مشاكل جيوش المحرومين و الكادحين و المسحوقين, أبناء هذه الأرض المالحة, الحالمين بغد أفضل. غد, رهنه المجلس تحت دفة حزب الاستقلال التوسعي, برغبات جوقة أغلبيته الحاكمة, في "التسدار" شمالا و غربا, بين مدن داخيل المغرب الجميلة و الساحرة, و حتى تخوم جزر الكناري الحالمة.

أما مسألة الانكباب على تنزيل مشاريع سوسيو-اقتصادية حقيقية, تمكن من تحسين ظروف حياة الساكنة المغلوب على امرها, و تحقق توزيع عادل للثروات و النماء بين أبناء الجهة على قدم المساواة, فذلك أخر هم رئاسة المجلس و مكتبها المسير.

لكن المضحك في الأمر, هو أن المجلس المطعون على انتخاب رئيسه أمام المحاكم الادارية, يحاول منذ مدة التلاعب بالرأي العام المحلي, من خلال بروبكندا رخيصة و ممنهجة, تولى افكها ثلة من المواقع الصحفية و الكتاب المغمورين, حيث شرخوا اذاننا بالدعاية لمشاريع أشبه بقصص الخيال العلمي, أطلقها الرئيس, و منها على سبيل المثال, مشروع انجاز 1200 سكن اجتماعي.

ليتبين بعد شهور طويلة من الانتظار القاتل لدى صفوف عريضة من بؤساء هذه الجهة, ان الأمر لا يعدو ان يكون, بعض من روايات "أليس في بلاد العجائب" الخيالية, و ان هذا المشروع الوهمي صعب المنال, قد تم اطلاقه على عجل لذر الرماد في عيون الساكنة بهدف تبييض وجوه الطقمة الحاكمة للمجلس. ليبدأ الحديث مؤخرا و بايعاز من المجلس نفسه, عن صعوبات تتعلق بالوعاء العقاري اللازم لاقامة المشروع, الى أخر العنقود من التبريرات الواهية التي ينطبق عليها المثل العربي البليغ : "رب عذر أقبح من ذنب".

فكيف يعقل, و خلافا لكل مبادئ علوم و فنون تدبير المشاريع, أن يطلق مشروع بهذه الضخامة و الراهنية, من دون التوفر على احد اهم ركائزه على الاطلاق, ألا وهو الوعاء العقاري؟ ألم يسمع من قبل هؤلاء المشرفين على البرمجة داخل المجلس, و معهم رئيس المجلس, عن النمودج العلمي الشهير في علم التدبير المشاريع و المسمى : SQQOQCCP, المشتمل على ثمانية أسئلة جوهرية و أساسية يجب طرحها و الاجابة عليها قبل اطلاق أي مشروع من أي نوع كان, في أفق المقدرة على تحقيق أهدافه, و هذه الاسئلة هي على التوالي : ماذا – لماذا- من – متى – كم - أين- كيف - إِذَا؟

كيف يعقل اذن, أن يطلق المجلس برنامجا عملاقا للسكن الاجتماعي, و يروج له اعلاميا, و هو لا يعرف حتى أين سيشيد؟ ألا يعتبر هذا تدليسا على الساكنة؟ ألا يدخل الأمر في خانة الكذب الصراح و "التفيتيت", بلهجة بني حسان؟ ام انه مجرد جهل مرسل أَلَمَّ بمسيري مجلس الجهة, فأعمى بصيرتهم عن هذه الحقائق و الرقائق, و جعلهم يسلكون طريق "التطماس" و يتخبطون خبط عشواء في ليلة ظلماء.

ليكمل المجلس "الباهيا" كما يقال, و يعلن عن اطلاق برنامج سخي لدعم العائدين الى أرض الوطن, و يقصي بالمقابل و بطريقة لا تخلو من ميز عنصري واضح الاركان و المعالم, باقي الساكنة المحلية من البؤساء و العاطلين و المعوزين. و كأن الحرمان و قلة ذات اليد صفة تنطبق فقط, وفق معايير رئيس الجهة, على العائدين الى ارض الوطن دون سواهم,  منحازا بذلك, الى فئة اجتماعية, يرى نفسه بأنه جزء لا يتجزء منها, في حالة فريدة من الانفصام الاجتماعي, و عدم المقدرة على الاندماج الفعلي داخل التركيبة المجتمعية المشكلة لشعب الجهة. متساءلين و من وراءنا كتائب عريضة من البؤساء أبناء هذه الربوع المالحة, هل مجلس الجهة يمثل كل أطياف الساكنة دون تمييز او تحزب, أم أنه بات مجلسا حكرا على فئة "العائدين", عشيرة الرئيس و خاصته, يستفيدون من هباته و منحه, و يستظلون بعطفه و رضاه؟

ان مجلس الجهة قطعا, بتشكيلته الحالية و تحت رئاسة حزب الاستقلال, بات عبئا ثقيلا, ناءت و تنوء بثقله جهة كاملة, تمتلك من المقدرات و الامكانات و الصلاحيات, ما يجعلها في مصاف جهات المملكة, تقدما و ازدهارا و تنمية و رفاها, لكنه حلم استحال الى محال بأيادي مرتعشة, تتقن التنطع و التنزه و التقاط الصور, عوض الانجاز و العطاء, و تركن الى التبجح بالمنجزات الوهمية عن طريق الدعاية المغرضة مدفوعة الأجر. لكن و كما يقول البيظان في أحجيتهم الخالدة "المكسي بليام, عريان".