صحافة البترودولار..قصة صعود الصحفي "توفيق بوعشرين" المتخصص في تبييض وجوه حزب الخوانجية البؤساء

27

الداخلة بوست

بقلم : فتح الله الرمضاني

النجاح هو إدراك المجد، وكيفما كان هذا المجد، ولو كان المجد ثروة وجاه وسلطة، والناجحون نوعان، عظاميون و عصاميون، فالنوع الأول، أي العظامي، هو من حقق مجدا معتمدا على أمجاد أسلافه، وهو نوع سائد يضم كل من ساد بشرف أصوله، أما النوع الثاني، هو النوع الذي يضم حالات قليلة، بل معزولة ومعدودة، من أناس أدركوا مراتب الشرف، أو حققوا الثروة، بالعمل والجد والمثابرة، فهم هكذا كل من ساد بشرف نفسه، وبشكل بعيد عن شرف آبائه، والأهم باتباع طرق مشروعة وقانونية، وهذي هو شرط قلتهم.

في المغرب أسماء قليلة، لأناس ” عصاميون ” حققوا النجاح بعد أن انطلقوا من الفشل، وأدركوا الثروة بعد أن كانوا فقراء، وأصبحوا مشاهير بعد أن كانوا نكرات، وهم موجودون في كل المجالات، لكن المجال الذي أصبح قادرا على صنع “العصاميين” في المغرب اليوم، وخصوصا في العقدين الأخيرين من الزمن، هو مجال الصحافة و الإعلام، حيث برزت أسماء بسرعة رهيبة، وانتقلت من عناصر لهيآت تحرير يوميات معينة، إلى مدراء نشر، وأصحاب حصص في اليوميات التي يديرونها، ويكتبون افتتاحيتها، ليرسموا كل صباح خطها التحريري، الذي لا يعتبر إلا استمرارا للخط الذي أوصلهم إلى ما هم فيه اليوم.

بوعشرين، واحد من الصحافيين ”العصاميين” الذين انتقلوا نقلة نوعية – اجتماعيا و اقتصاديا واللهم لا حسد- خلال العشرين سنة الأخيرة، فمن صحافي بسيط لا يتجاوز راتبه الشهري 3500 درهم، بإحدى اليوميات المستقلة نهاية تسعينيات القرن الماضي، إلى مالك لحصة مهمة في راساميل يومية هو نفسه مديرها، وهي اليومية التي يفكر اليوم هذا الصحافي "العصامي" في جعلها يوميات جهوية، تصدر من كل جهات المملكة، وتختص كل واحدة منها بأخبار الجهة التي ستصدر منها، كل هذا يحدث في عز الكلام عن الأزمة المالية للجرائد الورقية، وهي اليومية التي لا يخفى على أحد اليوم أنها لسان مباشر لحزب العدالة والتنمية، وقناة حقيقية بينه وبين المغاربة، والأهم أنها قناة لغسل و تنظيف مواقف قياداته و وجوههم.

فما الذي سيدفع صحافيا "عصاميا" بنا مجده في وقت قياسي، إلى الدفاع عن فئة سياسية معينة، بل الاستماتة في الترويج لأطروحاتها و تصوراتها؟ قد يجيبنا نصف جواب على هذا السؤال، معرفتنا بأن مصطفى الرميد القيادي بحزب العدالة والتنمية، يملك حصة مهمة من راساميل يومية الصحافي "العصامي"، وسيكون من العادي جدا أن تكون هذه اليومية لسان لصاحبها و لصحبه، لكنه يبقى جوابا ناقصا، بحجم حصة الرميد فيها.

وقد يكون الجواب الكامل عن هذا السؤال، هو قصة يتداولها الإعلاميون فيما بينهم، والتي تتحدث عن علاقة الصحافي "العصامي" بسيف الإسلام القذافي، وعن لقاء دار بينهما أيام حكم العقيد لليبيا، وبحضور قيادي في حزب العدالة والتنمية و الذي كان وزيرا سابقا في حكومة بنكيران في نسختيها الأولى والثانية، وذلك بمدينة جزائرية، وفي فندق في ملكية سيف الإسلام القذافي، حيث طار الصحافي "العصامي" رفقة القيادي في العدالة والتنمية من المغرب إلى فرنسا، ومنها إلى الجزائر، للقاء الواقف المفترض وراء هذه العصامية.

سيف الإسلام القذافي الذي كان له حينها موقف إيجابي من تنظيم ” الإخوان المسلمين ” وكل فروعه، بل موقف إيجابي اتجاه كل تيارات الإسلام السياسي، والذي كان يعكسه مشروع ” ليبيا الغذ ” برعاية أمريكية قطرية، ضدا على معتصم القذافي المكلف حينها بالأمن الليبي و ضدا على اللجان الثورية التي رفضت الدخول في أي حوار مع الجماعات الإسلامية، وهو المشروع الذي تأسس على فكرة التعاون مع أمريكا و قطر، من أجل الاستعانة بالجماعات الإسلامية في إنجاح تصورها لدول المنطقة، وذلك عن طريق دعمها ماديا، ودعم قنواتها الإعلامية و التواصلية.

عموما يعلم الجميع اليوم، أن الحديث عن وجود رجل ” عصامي ” هو كالحديث عن وجود معجزة، خصوصا في مجال المال، فمن الصعب جدا مراكمة الثروة في مجال كالصحافة، كما يعلم الجميع، أن الحديث عن استقلالية ومهنية يومية هذا الصحافي ” العصامي ” هو كالحديث عن استقلالية جريدة حزبية، إذ أنه لا فرق بينهما إلا في الوضوح.