Créer un site internet

من دون الحاجة الى ملتقيات "لكذيب"..لماذا لا يخصص مجلس الجهة مليارات "الزرادي" و المهرجانات لتمويل مشاريع صغيرة للشباب العاطل؟؟

Fb img 1575769107615 960x680

 

المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

"الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب و نفس الخطوات و إنتظار نتائج مختلفة". ألبرت آينشتاين.

إنها إحدى مقولات عبقري كل الأزمنة العالم العظيم "ألبيرت آينشتاين"، في توصيفه للغباء البشري، و التي وجدت بأنها تنطبق بشكل مذهل و ملفت على مجلس جهة الداخلة و شركائه، بخصوص إفتتاح الملتقى الجهوي حول التمكين الإقتصادي و دعم قدرات الشباب، الذي يهدف منظموه "إلى تعزيز الجهود المبذولة لتمكين الشباب بالمجال الإقتصادي ودعم قدراته في أفق مواكبة الأوراش المفتوحة والمساهمة في الدفع بعجلة التنمية بالجهة والإنخراط في دينامية التنمية المستدامة التي تشهدها المملكة"، إلى آخره من الأكاذيب المنتخبة و "التفيتيت الراكم" و "تقرقيب السطالي".

ملتقى جديد يذكرنا بإنطلاقة برنامج مشابه، قبل أكثر من سنة، و الذي أطلق عليه برنامج التشغيل الذاتي أو ما يسمى ب"قروض الشرف"، في شراكة بين مجلس الجهة و جمعية مبادرة، رغم أن الجميع و حتى الجنين في بطن أمه يعرف بأنه في المغرب لا يوجد سوى نوع واحد من القروض، لا تعرف الشرف من عدمه، و تستلزم ضمانات كثيرة و شروط بنكية مجحفة و مشددة، و لن تتوانى اية مؤسسة بنكية في الزج بأصحابها المعسرين في السجون كما حدث من قبل مع اصحاب مشروع مقاولتي الفاشل، و حينها لن يشفع لكل حامل مشروع اصابه التعثر او الفشل لا جمعية مبادرة و لا مجلس "ولد ينجا" الجهوي و لا الجن لحمر.

لكن دائما و علاقة بعنوان المقالة، يشعر المرء بالكثير من الخيبة و الغضب حين يكتشف بأن بعض الدوائر داخل الدولة لا تزال تتعامل مع مشاكل المنطقة الاجتماعية و بالخصوص معضلة التشغيل المزمنة، بمنطق مسكنات الألم و نظرية الإلهاء الاستراتيجي، و مؤسف أكثر أن ينخرط مجلس الجهة المنتخب في هذه البروبكندا الرخيصة، و هو قادر بما هو متوفر لديه من إمكانات مالية هائلة ناهزت على مدار خمسة ميزانيات حوالي 200 مليار، على تمويل مشاريع صغيرة للشباب العاطل، عن طريق مأسسة جهاز جهوي تابع للمجلس مهمته تنمية المشاريع الصغيرة و الصغيرة جدا و تدبير مساطر تمويلها و متابعتها، بعيدا عن محاولة إعادة إستنساخ برنامج مقاولتي البائد، بنفس آلياته و قروضه و ندواته و أدواته و تكويناته، و الذي سبق أن أثبت فشله الذريع بإعتراف رسمي من وزراء و مسؤولين كبار داخل الدولة المغربية.

قولا واحدا، لا نريد قطعا أن يعتبر البعض من الصائدين في مياه مجاري الصرف الصحي بأننا عدميين، و نحاول جاهدين تنفير شباب الجهة من المشروع القديم-الجديد، الخاص بالتشغيل الذاتي و مساعدة شبابنا العاطل على خلق مشاريع صغيرة توفر لهم حياة كريمة، و الذي تسهر حاليا على تسييره جمعية مبادرة بشراكة مع مجلس "ولد ينجا" و جهات أخرى، إلا أننا أيضا لا نريد أن تستمر الدولة و مجلس الجهة في إجترار برامج "محروقة" للتشغيل الذاتي و خلق مقاولات صغيرة للشباب العاطل، أثبتت في ماض الأيام فشلها الذريع، خصوصا أن الطريقة و الفلسفة و الميكانيزمات التي يدبر بها حاليا البرنامج سالف الذكر تتماهى بشكل مذهل مع برنامج مقاولتي الفاشل، بينما كان مطلوب من مجلس الجهة الذي تدخل ضمن صلاحياته الأساسية مسؤولية خلق فرص الشغل للشباب، أن يختصر كل هذا العبث المكرر، و يخصص أربعة مليارات التي أنفقت على تمويل مهرجانات "الشطيح و الرديح" و حفلات السفاهة و مصاريف "الزرادي"، لأجل تمويل إنجاز مشاريع صغيرة مدرة للدخل، في إطار جهاز جهوي مؤسس يعهد إليه تنفيذ البرنامج وفق منهجية مبتكرة و شروط صارمة و محددة، بعيدا عن قروض "الشرف" و الاجتماعات و الندوات، و إعادة صناعة الفشل و إجتراره.

1575728239fb img 1575727627870

و عودة على بدأ, و كما سبق ان أشرنا إلى ذلك في مقالات كثيرة, الإشكالية التنموية الحقيقية التي تعاني منها جهة الداخلة وادي الذهب, و الفشل الذريع الذي مني به مشروع جلالة الملك للجهوية المتقدمة و آفاقها المتخيلة و الطموحة, يعود بالأساس إلى هذا الفجور المالي البغيض المتمثل في مأسسة الريع و إهدار المال العام على فصول "ملتهبة" ليست لها أية جدوى تنموية أو أثر سوسيو-إقتصادي إيجابي على الجهة و ساكنتها, كالمخصصات المالية الضخمة التي تجاوزت أربعة مليارات، لأجل تنظيم المهرجانات و التظاهرات الفنية، في الوقت الذي يملئ فيه الدنيا صراخ و احتجاجات شباب الجهة المفقر و المحروم، بعد أن وجدوا أنفسهم خارج حسابات رئيس الجهة و مشروع الجهوية المتقدمة موقوف التنفيذ، و كم كانت تلك الأموال العرمرم قادرة على أن تحل من مشكلة و تنشأ من مقاولة صغيرة و تدعم من مشاريع مدرة للدخل, لو أستثمرت فيما يعود بالنفع العميم على طوابير الكادحين و المعطلين و البؤساء الذين تعج بهم هاته الربوع المالحة. 

من جهة اخرى، لا تزال الساكنة تنتظر بفارق الصبر أن يفسر لنا رئيس الجهة و مكتبه المسير، لماذا رفعوا مصاريف إكتراء عتاد الحفلات من 20 مليون سنتيم سنة 2016 إلى 200 مليون سنتيم سنة 2019, أي بنسبة 1000 في المائة, و نفس الكلام ينطبق على مصاريف شراء التحف و الهدايا الذي قفز من 70 مليون سنتيم سنة 2016 إلى 200 مليون سنة 2019, و كذلك مصاريف الإقامة و الإطعام الذي قفز بشكل صاروخي مريب من 250 مليون سنتيم سنة 2016 إلى مليار و 800 مليون سنتيم سنة 2019, إضافة إلى مصاريف تنظيم المهرجانات الثقافية و الترفيهية الذي قفز بدوره من 20 مليون سنتيم سنة 2016 ليصل إلى مليارين سنتيم سنة 2019؟؟؟؟

إن هذه البرمجة الميزانياتية "المهزلة" و التي تتنافى جملة و تفصيلا مع حاجيات الساكنة الحقيقية و انتظاراتها الملحة, ستحول مجلس الجهة الى ممون حفلات عمومي, بينما كان الأولى أن يتم تحويل هذه الاعتمادات الضخمة الى مشاريع سوسيو-إقتصادية تمكن من محاربة الهشاشة و الاقصاء الاجتماعيين وسط الفئات الفقيرة و المحرومة, و خصوصا فئة الشباب العاطل, من خلال تمويل برامج تشغيلية تمكن من خلق مشاريع مذرة للدخل و موفرة لفرص الشغل الكريم.

لكن يبدو أن الذي يتغير فوق هذه الأرض الملعونة و داخل مجلسها الجهوي الأشخاص فقط, أما العقليات فإنها تعف عن التغيير و تأبى استعاب المتغيرات السياسية و المؤسساتية المستجدة, و على رأس ذلك مشروع الجهوية المتقدمة الذي اعطى انطلاقته ملك البلاد من هذه الأرض المالحة, حيث لا تزال نفس عقليات "التهنتيت" هي التي تخطط لأرزاقنا و تبرمج مقدراتنا, و مجلس الجهة هو مجرد نموذج حي لهذا الطرح المفجع، حيث يتم التلاعب بالرأي العام من خلال العزف على وتر فاحش يسمى دعم الضعفاء و توزيع الفتات المهين على البؤساء و المحتاجين, و هنا تكمن الخطورة كلها و يصبح المستقبل أسودا قاتما, و تصير الجهوية و ترسانتها المادية و النفسية و القانونية خلف ظهورنا تماما, و نتحول الى فئران تجارب على شاكلة فئران "الهامستر" التي يضعونها في قفص به عجلة تدور, و يظل الفأر المسكين يركض و يركض داخل الحلقة و هو يتصور أنه يتقدم الى الأمام, لكنه في الحقيقة لا يراوح مكانه قيد أنملة رغم المجهود و الارادة.

إن مشاكل البشر فوق هذا الجرف البحري الملعون, لن تحل قطعا بالصدقات و تحويل الناس الى "طلابة" و متسولين, و لن تحل كذلك بإهدار أموال الفقراء على تنظيم الاحتفاليات و المهرجانات السفيهة، و لكنها ستحل عن طريق برامج تنموية حقيقية واضحة المعالم و المآلات, ستحل عن طريق الرفع من مستوى المواطنين الفكري و من حسهم المقاولاتي, ستحل عن طريق برامج طموحة و خلاقة و مهيكلة على أرض الواقع, تمكن من اندماج مجتمعي حقيقي للفئات المحرومة, و تساهم في حل مشاكل البطالة و توفير فرص الشغل للشباب المستضعف, لتضمن لهم و لو النزر القليل من الكرامة الانسانية و العيش الكريم.

في المجمل و كما سلف الذكر، إنها حصيلة تدبيرية رديئة و بائسة، لن يستطيع رئيس الجهة و لا اذرعه الإعلامية و لا رقيقه الجمعوي و الإلكتروني المرتزق, أن ينبروا للترافع عنها و تفنيدها بالحجج الدامغة, و إمكانات مالية هائلة خصصتها الدولة المغربية لتنمية هذه الربوع المالحة, لا نزال نتابع عمليات إضاعتها على عقد الشراكات الفاشلة و تمويل "الزرود" و الحفلات و بناء مقرات أسطورية من الحجر و دعم الريع الحزبي و الجمعوي البغيض، حيث لسان حال الساكنة معها بات صادح بالقول: "قالو شمتك...قالو عرفتك"، لذلك المحطة الانتخابية القادمة ستكون مناسبة حاسمة لمعاقبة حلف "ولد ينحا" السياسي و خلعه من ذاكرة مجالسنا المنتخبة و إلى الأبد.

Fb img 1575765972321