Créer un site internet

للاسف الشديد...ماذا ننتظر من أمة يهان فيها الأستاذ؟؟

Fb img 1576520168244 960x680


المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

بقلم: الأستاذ عليين سعيد

نصيحة لكل الأساتذة الذين يمارسون مهنة حرق الأعصاب و "النورونات"، مهنة الأمراض المزمنة الفتاكة: ضغط، سكري، أعصاب ... حافظوا على صحتكم من خلال الفصل بين حياتكم العامة في الواقع و بين حياتكم المهنية و أنتم تمارسون مهامكم، لأن المستوى المتدني للتلاميذ قد يدفع البعض منكم إلى القسوة على الذات من خلال لومها و عتابها و التشكيك في قدراتها، و هذا له عواقب وخيمة على الصحة النفسية و البدنية، لذلك تعامل بمهنية و احرص على تقديم الدرس بتجرد و دون انفعال مع ضعف مستوى التلاميذ.

فالتلميذ الذي يمتلك الحد الأدنى من الكفايات و القدرات لكي يساير وثيرة الدروس المقررة، سيفهمك و ستظهر عليه آثار مجهوداتك، أما من لا يمتلك حتى مستوى الشهادة الابتدائية، و أنت تدرسه دروس في مستوى الثانية باكالوريا، فهذا التلميذ يحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة و نظام تعليمي مكثف و خاص جدا، و أنت لا تملك إلا وعاء زمني ضيق و ملزم باستكمال الدروس، فلا تحشر ذاتك في الزاوية التي يريد الكل حشرك فيها، فأنت لست نبي و لا تملك عصى سحرية، لا تستمع لكل المغرضين الذين يحملون الأساتذة ما آلت إليه المنظومة التعليمية من خراب و تدني المستوى، فقط احرص على تقديم دروسك بمهنية، و احرص على الالتزام بالحضور و بذل مجهود في الفصل، مع تطوير أدائك الصفي من خلال تكوين ذاتي مستمر، ثم بعد ذلك تصبح الكرة في ملعب التلميذ و الأسرة و الوزارة الوصية.

فالتلميذ الذي يعاني من أمراض نفسية و اضطرابات في الشخصية يجب تعيين أخصائي نفسي لتتبعه، و الأسرة التي لا تعرف سوى التناسل و لا تهتم إلا بتوفير الأكل و اللباس، يجب أن تراقب أطفالها و تحرص على تربيتهم و منحهم الحب و الاهتمام و الإرشاد، فالأسرة هي الأقرب إلى التلميذ و هي من يجب أن تراقبه عن كثب، و ألا تتركه فريسة للشارع و وسائل التواصل الاجتماعي، و لذلك فإخلال الأسرة بواجبها يجعل مجهودات الأساتذة تذهب أدراج الرياح، أما الوزارة الوصية فمهمتها السهر على توفير البنيات التحتية و إصلاح منظومة الأجور و التعويضات و الترقيات، مع الاهتمام بالتعليم الأولي و سلك الابتدائي علاوة على تمييز إيجابي لصالح الأساتذة المنفيون في الجبال و البوادي النائية و لصالح أساتذة السلك الإبتدائي عموما....

زملائي الأعزاء، ما حملني على كتابة هذه الأسطر هو ارتفاع نسبة الأساتذة الذين يعانون من أمراض مزمنة نفسية و بدنية، و ذلك بفعل الضغوطات النفسية و العصبية، و التي يزيد من تأجيجها الإعلام من خلال التحريض على الأساتذة، علاوة على الأسر التي ابتلعت طعم الإعلام، فأصبحت تعلق تقصيرها و إهمالها لأطفالها على الأساتذة، ناهيك عن المشكلات المادية المرتبطة بهزالة الأجور و دوامة القروض ... و المشكل أن أغلب الأساتذة تجدهم قابعين في سجن النظرة النمطية و أحكام القيمة السائدة، فيزيد ذلك من حدة لوم و جلد الذات و اتهامها بالتقصير و القسوة عليها، فيدخل الأستاذ في مقدمات مرض الاكتئاب و الضغط و السكري و الأعصاب ... و تذكروا كم من أستاذ مات في الفصل أو خارجه جراء سكتة قلبية أو دماغية ...

و لذلك تذكر أيها الأستاذ أن مستواك المهني و المعرفي لا يقاس بمستوى التلميذ، و لا بنسبة النجاح و لا حتى بالمعدلات المحصل عليها، فالذي يدرس تلاميذ يتوفرون على الحد الأدنى من القدرات و الكفايات، سينجح في مهمته دون أن يحرق أعصابه و "نوروناته"، أما من يدرسون تلاميذ/ضحايا سياسة[ #نجح مو ... #نفخ مو بالنقط ... #فشش مو ... #ضسر مو على الاساتذة ... #مراعات نفسية التلميذ ... #التلميذ هو محور العملية التعليمية التعلمية ... #لا يجوز إخراج التلميذ من القسم] ... فهؤلاء الضحايا إشرح لهم أو لا تشرح لهم، إن تشرح لهم سبعين مرة لا يفهمون ... هؤلاء إن أرادت الدولة تأهيلهم يجب أن تسطر لهم برنامج خاص، و ما يرافق ذلك من موارد مالية و بشرية ... أو يجب على الأسرة _إذا كانت لها الإمكانيات المادية_ أن تعين أخصائي نفسي و أستاذ يتكفل بتتبع التلميذ بشكل فردي و يومي، لتدارك ما فاته في الأيام الخالية، لعله يستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه ...

و خلاصة القول، أوجه نداء لكل من يردد بشكل ببغائي: "الأساتذة شابعين عطل و راحة"، أقول لكم أن ساعة واحدة في القسم مع ثلاثين طفل أو مراهق، تعادل شهر عمل في مكتب مكيف تتعامل مع الوثائق و الأختام، و مع مواطنين راشدين هم من يحتاجونك و يريدون قضاء مآربهم ... فكفى من ظلم الأساتذة الذين رغم كل الظروف استطاعوا تربية و تعليم و تكوين عشرات الآلاف من الأطر العليا ... لقد نجحوا في ما فشلت أنت فيه مع أطفالك و فلذات كبدك ... للأسف ماذا تنتظر من أمة يهان فيها الأستاذ حتى أصبحت كلمة "أستاذ" في المخيال الجمعي مرادف لكل ضروب الاحتقار و الشفقة و قلة القيمة و الفقر و المعاناة.