اللي مكسي بالايام عريان...فشل مجلس الجهة و نجاحات "الجماني" على المستوى التنموي و التدبيري

Photostudio 1580748190315 960x680

المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

"اللي مكسي بالأيام عريان"، مثل حساني تراثي وجدته ينطبق بشكل مذهل على أحجية مجلس الجهة و بلدية الداخلة، و من خلاله يمكن تفسير لماذا لا يريد "ولد ينجا" أن يتعلم من غريمه السياسي "الجماني" كيفية النهوض بإختصاصاته التدبيرية و المحافظة على أموال الساكنة من الهدر و الضياع، و  تحقيق منجزات تنموية حقيقية و ملموسة يذكرها له التاريخ بتلك الربوع المالحة، لكن يبدو أنه فعلا الاستكبار و الاحقاد الانتخابوية الرخيصة التي ستظل تمنعه من التعلم، و تعمي بصيرة مجلسه و ميزانياته الضخمة عن تحقيق أية منجزات تنموية تخدم الساكنة و تحسن من مستوى عيشها، في الوقت الذي استطاع فيه "سيدي صلوح الجماني" بميزانية فقيرة و خصاص مهول أن يحول مدينة الداخلة إلى ما يشبه خلية النحل، عن طريق أوراش تنموية يومية مفتوحة على مصراعيها، تروم تجويد البنيات التحتية للمدينة على كافة الأصعدة.

لقد درسنا في علوم التدبير الحديثة شيئ اسمه بالفرنسية "benchmarking" أو "التعلم بالمقارنة"، و هو عبارة عن منهجية تستعملها الشركات الحديثة من أجل تطوير آليات تدبيرها الداخلية و الرفع من مستوى جودة منتجاتها و تحسين مردوديتها المالية و الربحية، حيث ترتكز المنهجية المذكورة على دراسة و مقارنة تقنيات التدبير الشاملة للشركات المنافسة بهدف التعلم منها، و  استكشاف مواطن القوة في استراتيجيات عمل المنافسين و محاولة تنزيلها على مستوى الشركة، إنها استراتيجية التعلم بالمقارنة من نماذج التدبير الناجحة للشركاء أو المنافسين، و التي لو كان رئيس الجهة قام بتفعيلها مع منافسه السياسي و الإنتخابي ممثلا في بلدية الداخلة و رئيسها، لما سمح لمجلسه بإهدار المليارات على تشييد مقر جديد بجوار المحيط الأطلسي.

و في هذا الإطار، خصص مجلس "ولد ينجا" 9 ملايير سنتيم من الفائض التقديري لميزانية سنة 2017, الذي صادقت عليه أغلبيته، من أجل بناء مقر مجلس الجهة الجديد على الطريق الساحلية الرابطة بين الداخلة وفم لبير, لنتفاجأ بعدها بتحويله مبلغ إضافي ناهز مليار و 200 مليون سنتيم, خلال دورة يوليوز 2018, من أجل تمويل ذات المشروع. المصيبة الكبرى أن هذا المبلغ المالي الضخم تم أخذه من مليار و 800 مليون سنتيم كانت مبرمجة خلال دورة ماضية, كمساهمة مجلس الجهة في اتفاقية شراكة تروم إنجاز مشاريع فلاحية تضامنية, و هذا المبلغ الاخير بالاضافة الى ما سبق برمجته خلال الدورات الماضية, يجعل المبلغ الإجمالي المخصص لبناء مقر الجهة الجديد يتجاوز عتبة 10 مليارات سنتيم, من أموال البؤساء و الكادحين و المحرومين. ما يجعل هذه البرمجة الميزانياتية الكارثية تدخل في خانة التبذير الفاحش للمال العام، و أحد أشد أنواع السفه المالي قبحا و بذاءة، خصوصا  أن بناء مقر جديد لمجلس جهة الداخلة وادي الذهب لا يعتبر من الأولويات حاليا, و كان الاولى تخصيص هذا المبلغ الخرافي لبناء جامعة أو مستشفى عمومي جديد أو تمويل خلق مشاريع صغيرة للشباب العاطل أو غيرها من المشاريع الاجتماعية الاخرى, التي تعود بالنفع المباشر على ساكنة الجهة.

لكن اللافت في الأمر أن "سيدي صلوح الجماني" الخصم اللدود ل"ولد ينجا" و حلفه الإنتخابي, و بعد ولايتين انتدابيتين له على رأس بلدية الداخلة, لا يزال يقيم مجلسه ببناية قديمة يوازي عمرها عمر استرجاع اقليم وادي الذهب الى حضيرة الوطن الام, حفاظا منه على المال العام من التبذير و الهدر و الضياع, أما رئيس الجهة فقد إختار أن ينعش جيوب مقاولات وافدة, و ذلك على حساب مطالب و انتظارات و أرزاق الساكنة المحرومة, ببرمجته جزء كبير من فائض الميزانية من أجل تشييد مقر فايف ستار لمجلسه "المعظم", رغم أن المقر الحالي للمجلس فيه الكفاية و يزيد، و طبعا و من دون أدنى شك لو كان فاز لا قدر الله برئاسة مجلس بلدية الداخلة حلفه الإنتخابي, لكنا الآن أيضا أمام مشروع ملياري أخر لتشييد مقر جديد للبلدية يرضي هوس الطقمة المسيرة لمجلس الجهة بإستنزاف المال العام, على جثث بؤساء و معوزي و مرضى هذه الارض الملعونة. 

لذلك يبدو أن رئيس الجهة و عكس ما توحي به القصاصات الإخبارية لصحافته الموازية, هو أقل كفاءة و كاريزماتية و إمكانات تدبيرية و سياسية,من كرسي رئيس جهة الداخلة وادي الذهب, و من مشروع الجهوية المتقدمة و ترسانته المالية و التنظيمية و التنموية, و ما أشتمل عليه من إختصاصات إستثنائية و مشاريع سوسيو-إقتصادية مهيكلة, هي أكبر بكثير من مجرد إصطناع شو إعلامي رخيص على حساب أحلام و حرمان الساكنة المغلوب على أمرها, و هي المشاريع الكبرى التي سبق أن دشن إنطلاقتها جلالة الملك بهذه الربوع المالحة, و حولها رئيس الجهة إلى مجرد مخطط تنموي من "لخوا الخاوي" أنفق على إنجازه ملايين الدراهم من ميزانية الشعب, و عرى حقيقته تعاقب الأيام و السنون على رأي المثل الشعبي الدارج: "اللي مكسي بالأيام عريان".

قولا واحدا, لقد إتضح لساكنة الجهة زيف مخططات مجلس الجهة الفاشل, و تبددت آخر فقاعات وعود "ولد ينجا" الوهمية, و تأكد للجميع بأن إنجازاته التدبيرية قد توقفت عند عتبة توزيع الفتات و بقايا ما "أكل السبع" على بعض مفقري و معوزي هذه الربوع المنكوبة, بينما أثخن بالمقابل في إنفاق مليارت السنتيمات من أرزاقنا المهدورة على فصول الإطعام و الحفلات و المهرجانات و دعم مهرجانات "التبوريدا" بمدن شمال المملكة, بينما إيجاد حلول عملية ناجحة من خميرة الميزانية المليارية التي هو آمر بصرفها, لكل المشاكل العويصة و الانتظارات الملحة و المطالب الإجتماعية العادلة التي ترزح تحت عبئها الثقيل فئات واسعة من الساكنة, هو لعمري الدور الحقيقي و الإختصاص الأصيل المنوط برئيس الجهة و مشروع الجهوية المتقدمة الذي شرخوا به آذان الساكنة و المنتظم الدولي.

إنه بإختصار النموذج التنموي التاريخي الذي شرخ أذاننا رئيس الجهة بالترافع عنه داخليا و خارجيا, القائم على مأسسة الريع و تنمية الحجر و الحرمان و الخصاص في مدن الملح و الحكرة, لذلك بات مطلوب و بشكل ملح من وزارة الداخلية التدخل العاجل من أجل إيقاف هذا العبث الخطير و الغير مسبوق بأموال الساكنة العمومية, خصوصا و أن ذلك يتزامن مع إحتقان إجتماعي رهيب تعيشه فئات واسعة من الساكنة المهمشة بالجهة، و إحتجاجات المعطلين تملئ شوارع مدينة الداخلة.

في الختام، إن كل ما سلف ذكره من حقائق مرة و صادمة، يفسر السر وراء الهجوم الإعلامي الحاقد مدفوع الأجر الذي يتعرض له "الجماني" و بلدية الداخلة، زاده استعارا النجاحات التدبيرية الباهرة التي حققها الرجل، و الإنجازات التنموية الغير مسبوقة التي تبصم عليها كل يوم بلدية الداخلة على كافة الأصعدة، و تشهد عليها أوراش تطوير البنية التحتية بمختلف أحياء مدينة الداخلة، رغم ضعف الامكانات و الحصار المالي و شح الموارد المالية، الأمر الذي كشف سوءة مجلس الجهة و  عرى حقيقته أمام الساكنة و التاريخ.