الحقيقة الضائعة‖ طلب لقاء رئيس الجهة هو سبب اعتقال الشاب محمد الشراقة

Region dakhla charaga

الداخلة بوست

بقلم: نور الدين الفزاري

يتابع الرأي المحلي بالداخلة وبترقب مستجدات وملابسات وأبعاد ما بات يعرف بقضية الشاب "محمد الشراقة" على خلفية ما يمكن أن يتخيله أي شاب أفلاطوني سمع عن تبني بلاده للديمقراطية وأراد ممارستها وفق ما تسمح به القوانين، فقرر وبعد أن ضاق به الحال وعلى آسرته أن يخاطب من سيده على نفسه عشية انتخابات جرفت أحلامه  و آخرين، أن يطلب لقاء رئيس الجهة، إلا أن الأبواب كانت موصدة وطابور الموظفين العاملين بالإدارة كان صعب الاختراق الى حد الأمر باستدعاء الأمن واعتقال الشاب الشراقة ومعه أحلام عائلته الصغيرة، حيث أودع بمخفر الشرطة ووجهت له تهم من قبيل اهانة موظفين وتخريب الملك العام.

القضية أعزائي القراء، قد تبدوا مقبولة من حيث الشكل الى درجة أنها جد عادية، ومتداولة بجهتنا خصوصا إذا استحضرنا علاقة التنافر و الخصومية والندية القائمة بين الإدارة والمواطن، ولكنها من حيث الجوهر تحمل دلالات عدة وتقودنا الى تفاصيل مهمة ودقيقة في كيفية تدبير مسئولينا ومنتخبينا للشأن العام المحلي بالجهة وكيف يتعاطون مع انشغالات وهموم المواطن البسيط الذي جرد من سلطته عشية انتخابات بائسة.

أن يعتاد الناس معرفة الظلم، بما يشمل هذا المفهوم من بؤس لمن يعانيه، فهذا أمر مخزٍ… فكيف لو كان الظلم حال الواقع الذي يعيشه الآلاف من حولهم، وما تعرض له محمد الشراقة هو تعبير عن هذا الظلم وتجسيد لاستبدادية السلطة وان كانت منتخبة ولا أزلية، وما قام به لا يمكن إخراجه عن إطاره العام وهو الحق في ممارسة المواطن لحقوقه الدستورية التي يكفلها له القانون الأسمى في البلاد وهو الدستور، هده الحقوق التي لا يمكن تلخيصها في "الحق في التصويت" كما يريد البعض أن يكرسه لدى الشعب وان يجعل الحق في التصويت أبهى حقوق المواطنة.

أقول لكم عفوا يا سادة، فللمواطن حقوق أخرى، حق محاسبتكم ومراقبة أداء مجالسكم، وله الحق في الولوج الى مكاتبكم المنتخبة ومساءلتكم حول قضاياه ومعاناته وماسيه بل وحتى أحلامه التي أجهضت.

إن تعاطي إدارة الرئيس مع مطلب الشاب بملاقاته وبهذا الشكل يزيح الكثير من الغبار على مجموعة من التساؤلات ويترك الفراغ لطرح استفهامات عدة، وينم عن جهل تام بالقوانين والصلاحيات الموكولة للرئيس وإدارته، وينم كذلك عن لا مبالاته بانشغالات وهموم الشباب ممن خاطبهم يوما ب" إخواني، أبنائي، أعزائي" وغيرها من زبد الكلام، ويشير أيضا أن الكعكة لا يتذوقها غير الأحباب وللبقية الفتات.

الطبيعة وكما عودتنا لا تحتمل طغيان الظلم، وعودتنا أن الحق يطهر ويزهق الباطل، وهو ما استخلصتاه بعد يومين من الحراسة النظرية ، إذ أفضت المحكمة الابتدائية بالداخلة  الى إطلاق سراح الشاب محمد الشراقة، وإخلاء سبيله.

زهق الباطل، لكنه ادخل تساؤلاتنا في حراسة نظريه بعيدة المدى، وقد تدوم الى حين ميسرة، تساؤلات حول ماهية مجلس لا يستمع لهموم مواطنيه، ويتهج سياسة الأبواب الموصدة، تساؤلات حول تبدير المال العام الذي صار صنبورا لا رقيب له يروي ظمأ المجلس ومواليه، تساؤلات حول من توهم نفسه يوما إعلاما وصحافة لسكوتهم عن هذا الوضع الشاذ، فتحول بعض الإعلام من صوت للمواطن الى سوط للسلطة، تساؤلات حول مصير "هناء" التي أسالت لعاب السماسرة، وأغنت جيوبهم، تساؤلات حول سياسة منح البقع التي تتهجها السلطات الولائية وعلى أي  معايير وأسس هي قائمة؟ من المستفيد من هذا الوضع ؟ ومن يدفع بالداخلة الى تغيير تركيبتها الاجتماعية وتوسيع الهوة الطبقية بين فئاتها؟ فهل سيتسمر الوضع على هذا الحال، وهل ستبقى تساؤلاتنا معتقلة بدون إجابة؟