فلوس اللبن يوكلهم زعطوط...حين يخصص مجلس الجهة 150 مليون لصيانة مقر الجهة الحالي رغم تشييد مقر جديد بالمليارات + وثيقة

1538425667

بقلم: د.الزاوي عبد القادر- كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات 

خصص مجلس "ولد ينجا" 9 ملايير سنتيم (90 مليون درهم) من الفائض التقديري لميزانية سنة 2017, الذي صادقت عليه أغلبيته من المؤلفة قلوبهم على "التهمهيم", خلال دورة المجلس الإستثنائية الأخيرة, والبالغ 100 مليون و879 ألف درهم, من أجل بناء "عرشه" الجديد على الطريق الساحلية الرابطة بين الداخلة وفم لبير, لنتفاجأ بعدها بتحويله مبلغ إضافي ناهز مليار و 200 مليون سنتيم, خلال دورة يوليوز 2018 الاخيرة, من أجل تمويل ذات المشروع,

المصيبة الكبرى أن هذا المبلغ المالي الضخم تم أخذه من مليار و 800 مليون سنتيم كانت مبرمجة خلال دورة ماضية, كمساهمة مجلس الجهة في اتفاقية شراكة تروم إنجاز مشاريع فلاحية تضامنية, و هذا المبلغ الاخير بالاضافة الى ما سبق برمجته خلال الدورات الماضية, يجعل المبلغ الإجمالي المخصص لبناء مقر الجهة الجديد يتجاوزعتبة 10 مليارات سنتيم, من أموال البؤساء و الكادحين و المحرومين,

الجديد هاته المرة, تخصيص مجلس الجهة 150 مليون سنتيم من أجل مصاريف صيانة البنايات الإدارية لمقر المجلس الحالي, بينما وكما أسلفنا برمج "ولد ينجا" مبالغ خرافية لتشييد المقر الجديد بمنطقة فم-لبير شمال المدينة, فكيف يعقل أن يخصص مجلس الجهة خلال أربعة ميزانيات مبالغ ضخمة لفصل صيانة مقر مجلس الجهة الحالي, آخرها 150 مليون سنتيم برسم سنة 2019, في الوقت الذي قرروا خلاله تشييد مقر "أسطوري" جديد؟ ثم ألا تدخل هذه البرمجة الميزانياتية الكارثية في خانة التبذير الفاحش و الإجرامي للمال العام؟ ألا يعتبر هذا أشد أنواع السفه المالي قبحا و بذاءة؟

الأمر الذي سبق أن واجهه أعضاء تحالف "الجماني" بإنتفاضة عارمة و معارضة ضروس, مؤكدين في جميع مداخلاتهم أن بناء مقر جديد لمجلس جهة الداخلة وادي الذهب لا يعتبر من الأولويات حاليا, وأنه كان الاولى تخصيص هذا المبلغ الخرافي, لبناء جامعة أو مستشفى عمومي جديد, أو تمويل خلق مشاريع صغيرة للشباب العاطل, أو غيرها من المشاريع الاجتماعية الاخرى, التي تعود بالنفع المباشر على ساكنة الجهة,

بينما, و على سبيل المقارنة, و بعد ولايتين انتدابيتين على رأس بلدية الداخلة, لا يزال "سيدي صلوح الجماني" الخصم اللدود ل"ولد ينجا" و حلفه العشائري, يقيم مجلسه ببناية قديمة, يوازي عمرها, عمر استرجاع اقليم وادي الذهب الى حضيرة الوطن الام, حفاظا منه على المال العام من التبذير و النهب و الضياع, اختار "ولد ينجا" أن ينعش مقاولات قادمة من العيون و اكادير, مقربة من حليفه "ولد الرشيد", من خلال منحها الصفقة الدسمة لتشييد "قصره" الجديد, و ذلك على حساب مطالب و انتظارات و أرزاق الساكنة المحرومة, ببرمجته جزء كبير من فائض الميزانية, في تشييد مقر أسطوري لمجلسه "المعظم", رغم أن المقر الحالي للمجلس فيه الكفاية و يزيد,

طبعا و من دون أدنى شك, لو كان فاز لا قدر الله برئاسة مجلس بلدية الداخلة حلفه الإنتخابي, لكنا الآن أيضا أمام مشروع ملياري أخر, لتشييد مقر جديد للبلدية, يرضي هوس الطقمة المسيرة لمجلس الجهة بإستنزاف المال العام, على جثث بؤساء و معوزي و مرضى هذه الارض الملعونة,

إن فكرة بناء مقر جديد, و كما يعرف الجميع, من هندسة رئيس مجلس الجهة السابق و عضو فريق أغلبية "ولد ينجا" حاليا, التي عرضها خلال أحد دورات مجلس الجهة, ليتم تبنيها بحذافيرها, و نفهم معها سبب اصطفاف هذا الأخير الى جانب حلف "ولد ينجا", و نستوعب الفلسفة البائسة التي بنى عليها حزب الاستقلال تحالفاته السياسية بمجلس الجهة,

يبدو أن رئيس الجهة و عكس ما توحي به القصاصات الإخبارية لصحافته الموازية, و بلاغات رقيقه الجمعوي المرتزق, أقل كفاءة, و كاريزماتية و إمكانات تدبيرية و سياسية, من كرسي رئيس جهة الداخلة وادي الذهب, و من مشروع الجهوية المتقدمة و ترسانته المالية و التنظيمية و الأخلاقية, و ما أشتمل عليه من إختصاصات إستثنائية و مشاريع سوسيو-إقتصادية مهيكلة, أكبر بكثير من مجرد إصطناع شو إعلامي رخيص على حساب أحلام و حرمان الساكنة المغلوب على أمرها, و هي المشاريع الكبرى التي سبق أن دشن إنطلاقتها جلالة الملك بهذه الربوع المالحة, و حولها رئيس الجهة إلى مجرد مخطط تنموي من "لخروطي" أنفق عليه ملايين الدراهم من ميزانية الشعب, و عرى حقيقته تعاقب الأيام و السنون, على رأي المثل الألماني الشهير: "أرجل الكذب قصيرة",

قولا واحدا, لقد إتضح لساكنة الجهة زيف مخطط "بيع القرد و ضحك على من شراه" سالف الذكر, و تبددت آخر فقاعات وعود "ولد ينجا" الوهمية, و تأكد للجميع بأن إنجازاته "العظيمة" قد توقفت عند عتبة توزيع الفتات و بقايا ما "أكل السبع" على بعض مفقري و معوزي هذه الربوع المنكوبة, بينما أثخن بالمقابل, في تبذير مليارت السنتيمات من أرزاقنا المهدورة على فصول الإطعام و الحفلات و المهرجانات و شراء المواد المطهرة و دعم مهرجانات "التبوريدا" بمدن شمال المملكة, بينما إيجاد حلول عملية ناجحة من خميرة الميزانية المليارية التي هو آمر بصرفها, لكل المشاكل العويصة و الانتظارات الملحة و المطالب الإجتماعية العادلة, التي ترزح تحت عبئها الثقيل فئات واسعة من الساكنة, هو لعمري الدور الحقيقي و الإختصاص الأصيل المنوط برئيس الجهة و مشروع الجهوية المتقدمة الذي شرخوا به آذان الساكنة و المنتظم الدولي,

إنها بعض من شذرات التنمية العظيمة, و النموذج التنموي التاريخي الذي شرخ أذاننا رئيس الجهة بالترافع عنه داخليا و خارجيا, القائم على مأسسة الريع, و تنمية الحجر و الحرمان و الخصاص في مدن الملح و الحكرة, لذلك بات مطلوب و بشكل ملح من وزارة الداخلية و السيد والي الجهة التدخل العاجل من أجل إيقاف هذا العبث الخطير و الغير مسبوق بأموال الساكنة العمومية, خصوصا و أن ذلك يتزامن مع نزوح فئات إجتماعية مهمشة بالجهة صوب شريط الكركرات العازل, إحتجاجا على تردي أوضاعهم الإجتماعية, في الوقت الذي يخصص فيه رئيس الجهة أكثر من 10 ملايير سنتيم لبناء مقر جديد, و 150 مليون سنتيم اخرى لصيانة مباني المقر القديم,

Budget 2019 conseil region