رأي المركز/الوالي المهندس "لمين بنعمر"..رجل الأقدار بربوع جهة الداخلة وادي الذهب

20210510 012922 900x600

المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

الوالي "لمين بنعمر", المهندس الذي يقود مسيرة التنمية بجهة الداخلة وادي الذهب بعد سبع سنوات من تواجده على قمة هرم السلطة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب, ماذا تحقق وما هي الإنتظارات؟

إنه سيد الميدان والتعليمات الصارمة بامتياز, حظي بالكثير من الألقاب و النعوت، منها والي الميدان و الوالي المهندس و مهندس النماء، حيث نجح الرجل في فك شفرات كل القضايا الصعبة المطروحة على طاولته, عاكفا منذ تعيينه واليا على جهة الداخلة وادي الذهب، على إقرار سياسة إصلاحية جذرية في جهاز السلطة ذو المهام و المأموريات شديدة الأهمية و الحساسية، و الذي كثيرا ما توجهت إليه الأنظار و أصابع الاتهامات, حيث بدأت مظاهر الشفافية والحكامة الجيدة تتمظهر في مجال تدبير مجموعة من الملفات في أفق القطيعة النهائية مع مظاهر الفساد الإداري.

الوالي المهندس "لمين بنعمر", ركز منذ تعيينه على رأس إدارة شؤون ولاية جهة الداخلة وادي الذهب, على اعتماد مبدأ راسخ في فنون الإدارة عنوانه العريض : Zero Tolerance، بمعنى أنه "لا تسامح" في مجال فك قيود الإقلاع الاقتصادي لجهة الداخلة، مع ما يقتضيه ذلك من تطبيق سليم وصارم للقانون، وفق مقاربة تشاركية و تواصلية ناجحة, ألزم بها جميع الفرقاء الاقتصاديين والشركاء في مختلف المجالس المنتخبة. فإنطلقت قاطرة التدبير خلال سنواته الأولى، ساعيتا إلى تجاوز المفهوم الكلاسيكي المرتبط بالسلطات الترابية و معضلة تراكم الملفات داخل المكاتب المغلقة، و ذلك عن طريق ارساء مقاربة جديدة تقوم على أساس المعاينة الميدانية أولا، ثم طرح الإشكالات والمعوقات, قبل المرور إلى مبدأ مقاربة الحلول مع مختلف المتدخلين, و الهدف هو "زيرو مشاكل" على أرض الواقع، سلاحه في ذلك إرادة وعزيمة المهندس الفولاذية.

ولد السيد "لمين بنعمر"، الذي حضي بالثقة المولوية لمرتين متتاليتين على التوالي, ثبتته واليا على جهة الداخلة وادي الذهب، وعاملا على إقليم وادي الذهب, في 7 يناير 1952 بسوق السبت بإقليم الفقيه بنصالح, و هو ينحدر من عائلة عريقة تنحدر من الصحراء, من قبيلة الشرفاء اولاد أبي السباع, تخرج من بين أبنائها سفراء و كوادر سامية في الدولة المغربية. السيد "لمين بنعمر" حاصل على دبلوم مهندس دولة من المدرسة الوطنية للجسور والطرق المعبدة بباريس سنة 1982 و هي المدرسة العريقة التي تخرج منها الرعيل الأول من صفوة رجال الدولة الذين تولوا مناصب حساسة و مصيرية بالدولة المغربية , هذا بالإضافة الى درجة مهندس دولة من المدرسة الحسنية للأشغال العمومية بالدار البيضاء، و قد بدأ مساره المهني سنة 1975 كرئيس لمصلحة الطرق بوزارة الأشغال العمومية بتزنيت، كما شغل بنعمر منصبي مدير أشغال تهيئة المركب الرياضي بالدار البيضاء، ورئيس قسم الأشغال بميناء العاصمة الاقتصادية للمملكة، وانتخب عضوا بمجلس النواب وتولى رئاسة فريق برلماني، كما شغل منصب وزير منتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان.  وفي 21 يناير 2014 عينه جلالة الملك محمد السادس واليا على جهة الداخلة - وادي الذهب، حيث راهن منذ تحمله مسؤولية الجهة, على تحريك عجلة التنمية بها من خلال اعتماد مقاربة شمولية مندمجة مستندة في ذلك على أربع مرجعيات رئيسية : أولها اعتماد مرتكزات الحكامة المحلية الجيدة, وثانيها اعتماد سياسة القرب, وثالثها اعتماد أسس وآليات التخطيط الاستراتيجي لقيادة الفعل التنموي, وأخيرا تأهيل المجال الاقتصادي بالجهة عن طريق الرفع من الاستثمارات في قطاعات السياحة و الفلاحة و الصيد البحري.

لقد اتخذ الوالي "لمين بنعمر" وفق هذه المنهجية في تدبير الشأن اليومي للجهة، الشمولية والجمع بين حقوق الإنسان والتربية عليها, والتنمية البشرية والاجتماعية في إطارها الجهوي، و تكريسا لهذا المبدأ, لم يكن أمام الوالي المهندس من سبيل سوى الإحتكاك المباشر مع معيش المواطن في حياته اليومية, من خلال الخروج إلى الميدان والوقوف على كل صغيرة وكبيرة بالمدينة والمراكز القروية المجاورة، من دون أن يتوانى في العمل على جلب المستثمرين من داخل المغرب وخارجه خدمة للجهة التي تولى مسؤولية إدارة تدبير مجالها الترابي. و في هذا الصدد قام "بنعمر" و من خلال اعتماد مرتكزات الحكامة المحلية الجيدة, بربط البرامج المعتمدة بالنتائج المحققة من خلال استهداف نتائج واقعية و قابلة للتنفيذ على أرض الواقع, عبر خلق آليات إدارية فعالة من أجل مواكبة الجماعات الترابية في أدائها التنموي و تقييم أدائها الوظيفي, و ذلك عن طريق تأطير مشاريعها التنموية و تقييم نتائج أعمالها و تقويم الإختلالات المسجلة ميدانيا و إدماج عنصر الافتحاص في العمل, مع السهر على إعداد الميزانيات الجماعية  وفق مقاربة تتوخى الإستجابة لانتظارات الساكنة المعبر عنها فعليا و تفادي الانتقائية في المشاريع و البرامج و إهدار المال العام, سواء على المستوى الترابي أو القطاعي.

سياسة القرب والانفتاح على الجميع والحضور الميداني سلاح بنعمر الذي خلق ثورة غير مسبوقة في آليات التدبير الترابي بالجهة

لقد خلقت الزيارات الميدانية المفاجئة للوالي "لمين بنعمر" وتواجده الميداني المستمر بكافة أرجاء الإقليم و الجهة, فرصة للمهندس الوالي من أجل الوقوف عن كثب على مكامن الخلل و القوة في تدبير الشأن المحلي, وساهم بشكل مباشر في تفعيل والإفراج عن مجموعة من المشاريع السوسيو-قتصادية المهيكلة, ذات الصلة بالكهربة القروية وتزويد المناطق القروية و شبه الحضرية و الأحياء ناقصة التجهيز بالماء الصالح للشرب و الصرف الصحي و البنية التحتية, وفك العزلة عن العالم القروي عن طريق إنجاز منشآت طرقية, فضلا على تفعيل مجموعة كبيرة من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي ظلت متوقفة و مركونة داخل خزانات المكاتب المكيفة سنوات طويلة.

هي إذن حركية نشيطة واكبها زخم إعلامي غير مسبوق, دفع بساكنة الجهة ومستثمريها ومسؤوليها لطرق بابه من أجل إطلاق سراح العديد من الملفات التي ظلت عالقة منذ سنوات و شابها التماطل و التسويف, منفتحا على الجميع من خلال لقاءات يومية, و أيضا عبر خلق خلية تابعة لديوانه خصصت للاستقبال و الإنصات للمواطنين ودراسة شكاياتهم, و تلقي عرائض جمعيات المجتمع المدني ومعالجتها وفق مقاربة واقعية تتوخى ترتيب الأولويات وتفادي تراكم الإنتظارات، وهو ما نتج عنه الاستجابة لمجموعة من طلبات الدعم الاجتماعي ذات الصلة خاصة بالقطاع الصحي و مشاكل السكن و الهشاشة الاجتماعية. و ما تكريس المدينة عاصمة لمنتدى كرانس مونتانا العالمي سوى الدليل الساطع و البرهان القاطع, على اعتراف الفاعلين الدوليين بالنموذج الاقتصادي والسياسي وكذا بالمجهودات التنموية التي تقوم بها المملكة المغربية في ظل القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله, و تحت الإشراف المباشر والمعاينة الميدانية لوالي صاحب الجلالة بجهة الداخلة وادي الذهب، السيد "لمين بنعمر", الذي ما فتئ يؤكد نيته الخالصة و رغبته الصادقة في الرفع بهذه الجهة الى مصاف كبريات الجهات المغربية, وجعلها قطبا تنمويا واقتصاديا عالميا بامتياز.

انه أيضا الوالي السياسي المخضرم و المحنك, الذي استطاع أن يقطع مع بدعة قديمة و بائسة سقط الولاة قبله في شركها و المتمثلة في نسج علاقات وصولية و انتهازية مع بعض المنتخبين والأعيان و شخصيات من المجتمع المدني, و بذلك أنهى و من طرف واحد و بشكل حاسم و شجاع سياسة قديمة اعتاد هؤلاء على الاقتيات منها و ملئ جيوبهم و حساباتهم البنكية التي لا تشبع من ريعها. حيث أغلق الباب على سماسرة السياسة من شيوخ و منتخبين و أعيان، الذين و كما جاء في أحد خطب جلالة الملك؛ "...جعلوا من الابتزاز مذهبا راسخا، ومن الريع والامتيازات حقا ثابتا، ومن المتاجرة بالقضية الوطنية، مطية لتحقيق مصالح ذاتية. كما نعرف أن هناك من يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا". فأستطاع الرجل بحنكته و حكمته و ما راكمه من خبرات طوال مشواره المهني و السياسي, و رغم كل محاولات العرقلة و التشويش التي تعرض لها من طرف جيوب المقاومة و خفافيش الظلام ,أن يفرض على هذه الطبقة مسايرة الإصلاح و التحولات الكبرى التي عرفها المغرب و المنطقة و التوجهات السياسية الجديدة للدولة و ذلك من أجل خدمة المصلحة العامة للمواطنين و المصالح العليا للوطن، و بذلك استطاع الوالي السياسي أن ينتزع بكل جدارة و استحقاق احترام و تقدير ساكنة الجهة. لكن تبقى النقطة المضيئة في سجل الوالي بنعمر هي طريقة تعاطيه مع الانتخابات الجماعية الأخيرة, الانتخابات التي أدار دفتها بكل حياد و كفاءة و نزاهة و شرف أبهرت الجميع, الأعداء قبل الأصدقاء.

انه ببساطة "لمين بنعمر" الوالي المهندس, الذي استطاع بحنكته و أخلاقه العالية و تكوينه العلمي الرفيع, من وضع قطار الجهة على سكة الرفاه و النماء و التقدم, و إقامة اللبنات الأساس لمشروع الجهوية المتقدمة من خلال توطيد أركانها و هندسة نزاهة عمليتها الانتخابية و تشكيل مجالسها المنتخبة, و الحرص على الأموال الضخمة التي وفرتها الدولة لتنزيل مشروعها الملكي الطموح, من خلال ممارسته الراشدة لأدواره الرقابية و الدستورية الجسيمة, و ذلك ترشيدا لنفقات الدولة و صيانة لأموال الشعب العمومية من التلاعبات و الخروقات و الاستنزاف الممنهج، ناهيك عن مواقفه الانسانية العديدة المتمثلة في التكفل من ماله الخاص بحالات مرضية معوزة و دعم أسر فقيرة، و هو الأمر الذي لم يسبقه له أحد من الولاة و العمال بهذه الربوع المالحة.

ختاما، ستظل حقبة الوالي "لمين بنعمر" استثنائية بكل المقاييس, و على كل المستويات، استثنائية على مستوى الانجازات التنموية الضخمة التي تحققت و المطالب الاجتماعية التي تم الاستجابة لها، استثنائية على مستوى الزخم السياسي الذي عاشته الجهة و لا تزال، بحيث عادت الحياة للعمل السياسي من بعد موت طويل و أصبحت المعارضة السياسية داخل المجالس المنتخبة ذات جدوى و مؤثرة, بعد أن كانت تلك المجالس تدار بالولاءات القبلية و العشائرية و الاسترزاقية، استثنائية حيث اندثرت سلطة المال و احتكار التمثيلية البرلمانية في وجوه بائسة من سنوات الجمر, و اتيح المجال أمام وجوه شابة لحمل مشعل التغيير من خلال التنافس الانتخابي الديمقراطي و الشريف الذي ظل مستعصيا لعقود طويلة، و سواءا ظل "لمين بنعمر" على رأس السلطة الترابية بالجهة أو شملته حركية الولاة مستقبلا, فبصمته الذهبية في كل مناحي الحياة بهذه الربوع المالحة لن يستطيع أن يمحوها حاقد أو مأجور أو متذبذب لعين.