مجلس جهة الداخلة وادي الذهب..الناس في الناس و القرع فمشيط الراس

Scandale conseil regional dakhla

الداخلة بوست

يبدو أن الدولة المغربية و خصوصا وزارتها في الداخلية, ضالعة حد النخاع في كل هذا العبث السياسي المرسل, الذي ضربت رعوده و زمجرت, فوق رؤوس ساكنة هذه الأرض الملعونة. استنتاجات أوحتها زيارة "حصاد" الى مدينة الداخلة يوم أمس, تحت يافتة "تتبع تنفيذ مشاريع النموذج التنموي بجهة الداخلة وادي الذهب". متسائلين و من وراءنا جيوش من المحرومين و الكادحين و المعطلين و البؤساء, عن أي تنمية يتهامسون؟ و أين هي جهة الداخلة وادي الذهب التي عنها يتحدثون؟ و أين هي حتى الدولة المغربية من كل ما يحصل؟

أم أنه قد فات السي "حصاد", الذي جاء يحدثنا اليوم عن مشاريع عملاقة أطلقها جلالة الملك, و حولها قراصنة السياسة بهذه الربوع, الى ترسانة ضخمة من السيارات الفايف ستار و وليمة دسمة لحزب اثنوقراطي عشائري, يشتري الولاءات الانتخابية و يوزع الامتيازات السياسية, من أموال الشعب العمومية, لأجل أن يبقى زعيمه المؤله, جالسا على الكرسي خالدين. بينما تكرم أمام أبوابه الموصدة, وفادة العاطلين حملة الشواهد, أبناء هذه الجهة المختطفة, بالعصا الغليظة و الضرب و الركل و السباب و الشتائم, فقط لأنهم خرجوا ينادون, بادم و كسرة خبز -أقول- هل فات السيد "حصاد", و هو ينظِّر لهذا المشروع الكبير الموقوف التنفيذ, بأنه يجالس رئيس غير شرعي, صادر ضده حكم قضائي بات و نهائي, ألغى قرار غير قانوني, وقعت في خطيئته أم الوزارات ظلما و تجنيا و شططا, حين سمحت لشخص مقيم خارج المغرب بشكل شبه دائم, بأن يترشح لمنصب رئيس الجهة و يفوز به, في خرق سافر للقانون التنظيمي المتعلق بالجهات. أم أن وزارة الداخلية, قد فعفعها أصحابنا المافيوزيين, و أختارت كما فعلت الدولة في قضية الكركرات, الانسحاب من طرف واحد, من كل المفاهيم العظيمة التي أسس لها العهد الجديد, من قبيل دولة الحق و القانون و المؤسسات و فصل السلط و المفهوم الجديد للسلطة..., بعد أن هددت الكتائب الاعلامية التابعة لحزب الاثنوقراطيين, الدولة صراحا بواحا, بفتنة قادمة على شاكلة "أكديم ايزيك", لأجل عيون الرئيس العسلية.

لكن يبدو أن سياسة الدولة المغربية في هذه النازلة, تشبه الى حد كبير رجل الثلج, الذي ما أن ترتفع حرارة الجو, حتى تذوب أوصاله و تتساقط بناه, و يصير أثرا بعد عين. و هنا طبعا نقصد سياسة "عين ميكة" المفجعة, التي انتهجتها وزارة الداخلية, من خلال ضربها عرض الحائط بأحكام القضاء النافذة و الملزمة, و هو ما قد يفسره ضعاف النفوس, برضوخ لتهديدات الطقمة المختطفة (بكسر الطاء) لرئاسة مجلس الجهة, بعد أن حاول زعيمها المقال, العزف الفاحش على وتر الأمن و الاستقرار, خلال أحد حواراته الصحفية.

ثم كيف تسمح سلطات وزارة الداخلية المخول لها بحكم القانون, الرقابة على أموال الشعب العمومية, و حمايتها من التبذير و الاستنزاف المقنن و الممنهج –أقول- كيف تسمح لرئيس الجهة المقال و مكتبه المسير, أن يحولوا مجلس الجهة الى ما يشبه وكالة جهوية للأسفار السياحية و النزه العائلية, من خلال السماح لهم بشراء كل هذا الأسطول الفاحش من السيارات باهظة الثمن, حتى باتت تستعمل في ترهيب الصحفيين و تهديدهم تحت جنح الظلام. و على ذكر تهديد الصحفيين, نحب أيضا أن نساءل "حصاد", عن الخطوات التي اتخذتها وزارته في هذه النازلة الاجرامية, و ما هي الاجراءات الزجرية التي اتخذتها مصالحه ضد رئاسة المجلس, و أين وصلت التحقيقات في الموضوع. أم أنها أختارت هي الأخرى, و هنا نقصد طبعا وزارة الداخلية, التنازل عن الأدوار المنوطة بها و المبوبة في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات, لتتحول كما في المسرحية الهزلية المصرية الشهيرة, الى "شاهد ما شاف شي حاجة", مع فارق بسيط, هو أن وزارة "حصاد" في حالتنا, شاهد رأى كل شيئ, و من تم انتهج سياسة أذن من طين و أذن من عجين.

زد على ذلك الاتفاقيات المشبوهة, التي مررتها رئاسة المجلس الغير شرعية, خلال دورة مارس الغير عادية, و التي كانت أحد أسباب انسحاب فريق المعارضة من الجلسة, و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر, الاتفاقية الهزلية المتعلقة بتمويل وتنفيذ برنامج المساعدة المعمارية والتقنية بالعالم القروي بجهة الداخلة وادي الذهب, والتي تهم تأطير التطور العمراني والمعماري في المناطق القروية, والمناطق المهددة بالزلازل والفيضانات وانجراف التربة, و تلك المتواجدة على حافة الطرقات الوطنية والسكك الحديدية..الى أخر "الخريطي", و هي الاتفاقية العبث التي ستكلف المجلس الجهوي مئات الملايين من الدراهم, بلا فائدة تذكر على الساكنة المحرومة. لكن يبدو أن بطانة الرئيس المقال, يعرفون جيدا من أين تأكل الكتف.

فالجهة وكما يعلم الجنين في بطن أمه, و كما نبهت الى ذلك المعارضة مرارا و تكرارا, في غنى تام عن هكذا اتفاقيات ملغومة, فهي لا تتوفر على مناطق مهددة بالزلازل أو متواجدة على حافة السكك الحديدية, فضلا عن انعدام الساكنة في العالم القروي, و تركز غالبيتها العظمى في مدينة الداخلة. و هنا نطرح السؤال المقلق التالي: ألم يكن أولى بهذه الملايين الضائعة, و هذه الاعتمادات المالية الضخمة, معطلي الجهة و جياعها, بدل محاولة الرئيس المقال التباكي أمام "حصاد" استجداءا للعطف و الصدقات من أجل رموش عيون المعطلين؟ أم أن المسألة برمتها تندرج في اطار المثل الحساني البليغ : أيد تذبح و أيد تسبح؟ أفلا يعلم الرئيس المقال بأن ثمن سيارتين من نوع "فورد رونجير", التي أشتريت احداهما لرئيس الجهة السابق و الأخرى لنائب الرئيس, هو كاف جدا لحل مشاكل العشرات من الشباب "المخلية دار بوه" أمام مقر الجهة المسيج و المحروس؟ أم أن للعاطلين و البائسين من ساكنة هذه البلاد المنكوبة, الوعود الوردية و بقايا ما أكلت وحوش الميزانية, و بالمقابل, لأعضاء مكتب الرئيس المقال و حاشيته داخل الاغلبية الهشة, و عشيرته من فئة العائدين, ما لذ و طاب من الامتيازات و العطايا و السيارات الفخمة, و ما خفي كان أعظم.

ان سيادة الدولة المغربية اليوم على المحك, و كل الهالة الوردية التي صاحبت اطلاق مشروع الجهوية المتقدمة بالصحراء, استحالت الى ظلام دامس و أيام نحس مستمر. و وزارة الداخلية هي المسؤول الأول و الأخير عن كل هذه الانتكاسات السياسية و الانتخابية التي تعيش تحت رحمتها جهة الداخلة المختطفة, و شعبها المستضعف من طرف شرذمة من الاثنوقراطيين و أذرعهم من البلطجية و الأبواق الدعائية مدفوعة الأجر. و سياسة التقاضي عن أحكام القضاء المغربي, التي باتت ممنهجة, ستكون وبالا على "حصادنا" نفسه, فللبيت رب يحميه, و للدستور ملك يجله و يرعاه, و للقانون مؤسسة ملكية ستظل أعينها ساهرة على احترامه و تنفيذه. و قبل السعي الى تتبع تنفيذ مشاريع الملك التنموية, ندعو "حصاد" الى تنفيذ ما عليه من أحكام قضائية نهائية و بات و حائزة لقوة الشيئ المقضي به, فهكذا تبنى الدول و تشيد الديمقراطيات و تنفرج السياسات و تتقدم الجهويات, بدل استمرار وزارته في انتهاج سياسة "الناس في الناس والقرع في مشيط الراس".

للحديث بقية....