إماطة اللثام عن كمبرادورات الريع و تجار الحروب من أبناء مدينتنا اللئام

351

الداخلة بوست

"علتنا فينا"...كلمة ثمينة لطالما سمعت جدي رحمة الله عليه يكررها و أنا طفلا صبيا, و اليوم بعد أن وصلت سفينة العمر منتصفها, أجد نفسي واقفا أمام حرمها من جديد, صامتا و مستجديا ما تضمه أقطارها من معاني جليلة صارت في زمننا الرديء هذا واقعا مرا مقيما بيننا.

لكن يبدو أن هناك في عوالم هذا الجرف البحري الملعون جهات أشباح من أبناء جلدتنا يريدون أن يشغلون عنهم و عن فسادهم الأسود بقضايا مصطنعة من وحي الخيال. و نسوا "المناحيس" ما فعلوه بمجالسنا المنتخبة من بيع و شراء للذمم و خطف للأعضاء و ضرب للتحالفات الديمقراطية الشريفة بقاذفات المال و راجمات "العجوز" و من والاه و اصطف الى جانبه و حاماه من "الكاشطورات" العظام" و "المڴملين" الجياع, الذين دخلت عليهم الدولة المغربية حفاة عراة, و تحولوا بقدرة عزيز جبار الى نخبة مخملية يفترشون الزرقاء و يسكنون الفيلات الفاخرة و يركبون سيارات "الفايف ستار" و هم الذين ألفوا سوق الحمير و البغال.

فركبوا الأندال على ما حصل بين أحد المستثمرين بالجهة و موقع صحفي الكتروني, وتحولوا في لمح البصر الى مدافعين مستميتين ضد الفساد و من أجل ثروات الصحراويين و مصالحهم. فيا سلام, يا سلام. و هل تلد البومة عصافير. يذكرني حالهم البؤساء بحال الثعلب لما خرج يوما في ثياب الوعظ و الإرشاد.

فأفيقوا يا هؤلاء, لا يمكنكم أن تلعبوا بعقولنا و أن تسحروا عيوننا و أن تستغلوا واقعة عادية جدا في عرف المجتمعات المتحضرة التي ليس لكم طبعا فيها حظ أو نصيب, لتغيروا اتجاه البوصلة و تشغلون الرأي العام بمعارككم الدينكيشوطية البائسة. فالمستثمر "الزبدي" ليس وحده الذي يشتغل في قطاع الصيد البحري بالمدينة, فإلى جانب الرجل هناك العشرات من أبناء مدينة الداخلة من أباطرة الريع و كومبرادوراته الكبار أبناء المخزن المغربي المدللين و تجار قضية الصحراء البارعين, الذين يستنزفون الميزانيات و الثروات البحرية و البرية ليل نهار و منذ عقود طوال.

فماذا قدموا هؤلاء لمدينتهم و شبابها العاطل بأموال الريع من ثروات أهل الصحراء تلك؟ ماذا قدموا لنا و للضعفاء و الفقراء و المحرومين من رخص الباخرات التي يكترونها بالمليارات؟ بماذا استفادت الجهة و ساكنتها من ملايير مقالع الرمال المنهوبة دون رخص و المسطرة في اللائحة العار التي سبق و أن نشرتها وزارة التجهيز (شاهدوا الصورة)؟ ماذا نالنا من الصفقات المليونية المشبوهة ريع الأموال العمومية التي يتغذون عليه كما تفعل الطفيليات؟ كم شغلوا من العاطلين في مصانعهم و شركاتهم؟ كم عالجوا من مريض و أطعموا من جائع و بنوا من جامع؟

هناك حلقة مفقودة و كأنه يراد لنا أن لا نهتدي الى طريقها لتبقى مفقودة الى أن يرث الله الأرض و من عليها. و هناك كلام يقال و هناك كلام غير مباح. و هناك فساد مستشري في البر و البحر أبطاله هم أبناء جلدتنا  لكن ممنوع الاقتراب منه و فيه يحذر النشر. و هناك من خرج اليوم علينا بلباس الثوار فقط لأن "الرضاعة" جفت و قل العطاء من "بزولة" الريع, فجن جنونه و ثار. وهناك الحائط القصير و هناك حقل الألغام. و هناك الحلال و هناك الحرام. و هناك و هناك...

58

لكن هناك كلمة حق للتاريخ سنصدح به و لن نبالي, فيحسب للمستثمر "الزبدي"  و مدير شركاته "الشامي" أنهم حين كنا بصدد إعداد تحقيق صحفي حول مجموعة شركاتهم, عن ما راج مؤخرا من أخبار في مواقع التواصل الاجتماعية حول أغلفة لعلب السردين مكتوب عليها بالعبرية قيل أنها مسربة من داخل مصانع الرجل و معدة للتصدير نحو اسرائيل. أقول و نحن نعد التحقيق و من أجل أن نكون موضوعيين و مهنيين أثرنا أن نستمع الى الطرف المباشر المعني بالأمر, فقمنا ببعث رسالة عبر الايميل الخاص بمجموعة "الزبدي" الموجود على موقعهم في الانترنت من أجل طلب مقابلة. و كانت مفاجأتنا كبيرة حين تلقينا جوابا في اليوم الموالي بالموافقة على إجراء المقابلة في أي وقت نريد. و بالفعل تم استقبالنا بكل أريحية و أجابوا عن كل أسئلتنا و فتح أمام المصنع دون أي معوقات تذكر, و كل هذا سنجمله في التحقيق التلفزي الذي نحن بصدد نشره قريبا.

فارق كبير بين هذه النازلة و بين نوازلنا الكريهة مع كومبرادورات المجالس المسروقة و الرؤساء الخالدين الفاسدين و مافيا المقالع و الصفقات و الريع. الذين حولوا مقراتهم الى ثكنات عسكرية محروسة. و حولوا ما يروج حول مشاريعهم المدنسة الى طابوهات مقدسة يمنع الحديث فيها. و حين تنجز الصحافة عن أحدهم تقريرا أو تحقيقا و تطلب لقاءه, يغلقون هواتفهم و يتعففون "الأوساخ" عن الحديث. مما لا يدع مجالا للشك على أنه في بطون القوم "العجينة" و "التشرميلة" و "الخواض", و أن بيوتهم من زجاج.

فارق كبير بين من ساعد شباب المدينة على تأسيس شركات للحراسة شغلت المئات من أبنائها العاطلين و المسحوقين, و بين من ظل يضخ ملايير الريع في حساباته الخاصة, و استثمر خميرتها في شراء العقارات بمدن شمال المغرب و جزر الكناري. فرق بين من استثمر أمواله في المدينة, و بين أغنياء الحرب من الذين استثمروا المدينة و خصوصية المنطقة لجني الأموال الرخيصة دون جهد أو عناء, و مع ذلك لم يستفد منها هذا الجرف و من عليه بأي شيء يذكر.

إن أول طريق للإصلاح هو العدل, و أول طريق للعدل هو الإنصاف. و نحن في جريدة الداخلة بوست, منبر إعلامي مستقل و حر, ليست لدينا خصومة شخصية مع أحد, و لا يفتي علينا أيضا أي أحد خطنا التحريري و ما نكونه من قناعات و ما نصل إليه من أحكام و حقائق.

و الحقيقة كما طالعنا عنها في كتب الفلسفة مفهوم نسبي, الطريق إليه تبدأ لزوما بالشك و تنتهي تحصيلا باليقين على منهج ديكارت, و ذلك طبعا لا يستقيم إلا من خلال التحرر من الآراء والمعتقدات السابقة, و الإشاعات المنتشرة في الوسط الاجتماعي. و هذه هي سياستنا و منهاجنا.

نعدكم بأننا سنكتشف الحلقة المفقودة, و سنفتح جميع ملفات الفساد بالجهة بحرا و برا, و أول من سنبدأ بهم هم أبناء جلدتنا من كمبرادورات الريع و قراصنة المجالس المنتخبة و تجار الحروب. مصداقا لقوله تعالى في محكم تنزيله : بسم الله الرحمن الرحيم : "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.