Créer un site internet

قراءة مختصرة في المشهد السياسي المغربي


بقلم مدير المركز


"القصر هو الرابح الأكبر..."...عنوان مقال مرموق من مقالات الصحفي الكبير علي أنوزلا...و هو يلخص بصدق الحالة المغربية...فمنذ أيام تم نسف جلسة برلمانية دستورية لمسائلة رئيس الحكومة المغربية عن حصيلة السياسات العامة على وقع ملاسنات كلامية وصلت الى درجة السب و الشتم و تبادل التهم... بين بن كيران رئيس الحكومة و أعضاء المعارضة البرلمانية....أستعملت فيها مصطلحات من قبيل "داعش" و "جبهة النصرة" و"السفهاء"...الخ من الكلمات البئيسة...أن أي قراءة موضوعية لهذه الحالة السياسية المغربية الراهنة... ستجعلنا نستنتج بأن كل ما يحصل الآن هو صناعة القصر و مهندسين استراتيجياته بعيدة الأمد...و لفهم ذلك سنرجع بالذاكرة قليلا الى الوراء... الى أولى نسمات رياح الربيع العربي التي ضربت فجأة المنطقة العربية و أنظمتها شرقا و غربا...و التى تمظهرت بالمغرب في حركة 20 فبراير...الحركة التي ضربت كل التكتيكات التي كان القصر بصدد التحضير لها بعرض الحائط و قلبت عليه الطاولة....حيث بدأت إرهاصات هذه التحضيرات منذ سنة 2008 بعد الدفع بصديق الملك المقرب و زميل دراسته فؤاد عالي الهمة لتأسيس حزب الأصالة و المعاصرة..ليتحول هذا الحزب في ظرف قياسي الى أغلبية في مجلس المستشارين بعد الترحال الجماعي و الغريب الذي أمد هذا الحزب بأكثرية برلمانية جلها من الأعيان و أصحاب المال و النفوذ ... و كان المخزن حينها قد أعد العدة لتزوير الأنتخابات القادمة لصالحه بعد أنتهاء ولاية حكومة عباس الفاسي أنذاك...من أجل أن يصبح السيد صديق الملك وزيرا أولا...فيكمل بذلك القصر قبضته على كل أركان و مفاصل الدولة...لكن كما قلنا سابقا جرت الرياح بما لم تشتهيه خطة القصر...ليجد هذا الأخير نفسه في مواجهة ربيع ساخن و أنظمة ديكتاتورية تتهاوى و حكام أقدمون يتساقطون الواحد تلو الأخر...و ببراكمتيته المعهودة أختار المخزن المغربي الانحناء للعاصفة ...فمزق مكرها أوراق الخطة الأولى...و ردخ للضغط الشعبي و اللحظة التاريخية...فألتف على مطالب حركة عشرين فبراير من خلال دستور ممنوح صيغ من خلال لجنة ملكية معينة بشكل غير ديمقراطي..و طبخه بسرعة و قدمه كمسكن لشعب مغربي تنخره الأمية...ثم هيئت بعد ذلك الظروف ليتولى الأسلاميون الحكم....من خلال رئيس حكومة شعبوي لا يملك الكريزمة أو المؤهلات البسيكولوجية المناسبة لرجل الدولة و ضمن أغلبية حكومية غير متجانسة و أشبه ببطن الضبع أو كما يقول أهل الصحراء"كرش ضبع"...و كان ذلك مقصودا من أجل تعويم المشهد السياسي...ثم رجع الحزب الإداري مع بعض من أحزاب اليسار المغربي المدجن....ليمارسوا الدور الجديد الذي رسمه القصر لهم...في شكل معارضة التشويش و الصياح....لكن يبدو أن الانقلاب العسكري الذي حصل بمصر إضافتا الى السيناريو التونسي...قد فتح شهية بعد أطياف هذه المعارضة....لمحاولة استدعاء أحد هذين النموذجين....فأعطيت الإشارة لبدأ التحرك من خلال انسحاب مفاجئ لحزب الاستقلال من الحكومة...لكن يبدو أن الفاتورة الثقيلة التي دفعتها مصر و تونس و الضغط الدولي قد أرعب القصر للمضي في نفس السيناريو...فتراجع مرة أخرى الى الوراء...المفجع في هذا المشهد المغربي الهزلي و المرتبك أن يقوم معارضون سياسيون باستجداء الملك للتدخل في صراع سياسي...يجب أن يدار بالآليات الديمقراطية المتعارف عليها...و الأكثر فجاعة أن يتمسح رئيس حكومة جاء بالصناديق بأبواب الملك... مفتخرا برضاه و عطفه و حنانه....ليتأكد لنا....صدقيت مقولة بأن القصر هو دوما الرابح الأكبر...