ردا على مقال جريدة "هيسبريس" المسموم و التحريضي ضد الصحراويين

B2

الداخلة بوست

في مقال منشور على صفحات جريدة "هيسبريس" الالكترونية المعروفة بعدائها المكشوف لكل ما هو صحراوي, تحت عنوان: "هل كان مقتل"إِزْم" الأمازيغي اغتيالا سياسيا على يد الانفصاليين؟

خرج علينا هذا المنبر بمقال سطرته أيادي مرتعشة تنهل من بحار أسنة من الكراهية العمياء و الحنق و العنصرية المقيت ضد الطلبة الصحراويين خصوصا و الشعب الصحراوي عموما. فشرعت كاتبته في كيل الاتهامات لأبنائنا الطلبة جملة و تقسيطا.

فضللت و زيفت و نافقت و لوت عنق الحقيقة ليا متواصلا و ترتيلا. متحدثتا "الشاة الجرباء" عن امتيازات يتمتع بها طلبتنا دون سواهم من المغاربة. ومترافعة عن ما يسمى بتيار "ايمازغن" الشوفيني و العنصري. الذي لا زال يحلم بأرض الأمازيغ الموعودة و الممتدة من جزر الكناري الى ليبيا.

لقد صبرنا و بلغ سيلنا الزبى, و سنكشف نحن الآخرين عن أنياب أقلامنا. فرحم الله أجدادنا الفاتحين الأوائل من العربان الذين أنزلوكم خير ما تستحقون و ملكوا عليكم البلاد و العباد. أتدرون لماذا؟ لأنهم لو لا هؤلاء الفاتحين الأمجاد لكنتم لازلتم في أوحال الجاهلية الأولى سابحون و في التناحرات القبلية منشغلون. أم أنكم نسيتم ما فعلته بكم إمارات السوء من "برغواطة " و "مغراوة" الى آخر الصف من القبائل و الزعامات المتناحرة. فلو لا العرب الفاتحين و الإسلام الذين جاؤوا به إليكم على ظهور الخيل و الجمال لما قامت لكم قائمة. أم أنكم أيضا نسيتم ما فعله فيكم البيزنطيين و الرومان. الذين بسببهم استوطنتم الجبال و التلال و الكهوف.

أما أسطورة السكان الأصليين فذاك بعض من جهلكم و تنطعكم الأحمق. و إذا أردتم سماع الحقيقة, فسكان شمال إفريقيا الأصليين الحقيقيين هم قبائل "البيفور" الإفريقية. الذين انقرضوا و اندحروا جنوبا قبل أكثر من 5 ألاف سنة بسبب التغيرات المناخية الكبرى التي ضربت المنطقة و قضت على غابات "السفانا" و ما كان يعيش فيها من حيوانات و طرائد كانوا يقتاتون عليها. أما الأمازيغ فهم أيضا هجرات وافدة من عدة مناطق منها القادم من أوروبا و منها القادم من جنوب اليمن كقبائل "مصمودة" و "صنهاجة" بعد انهيار سد مأرب. كما أن هناك قبائل بربرية الأصل تعربت نتيجة التلاقح الأنتربولوجي و الثقافي الذي حصل مع الهجرات العربية, و نذكر منها "دكالة" و "هوارة" على سبيل المثال لا الحصر. و العكس أيضا صحيح. أي أن هناك قبائل عربية أخرى تبربرت كصنهاجة سالفة الذكر. فقد ذكر محمد بن الحسن الهمذاني صاحب كتاب الإكليل في الدولة الحميرية "إن صنهاجة فخد من ولد عبد شمس بن وائل بن حمير.و إن الملك افريقش لما ملك حمير خرج غازيا نحو بلاد المغرب و ارض افريقية فلما توغل بالمغرب بنى مدينة افريقية و هي مشتقة من اسمه و خلف بها من قبائل حمير و زعمائها صنهاجة ليردوا البربر على شاكلتهم و ياخدوا خراجهم و يدبروا امرهم".

و قد قال الزبير بن بكار "إن صنهاج أبا صنهاجة ابن حمير بن سبا و لد حمير بن سبا لصلبه". قال الشاعر ابو فارس الملزوزي الزناتي :

مرابطون اصلهم من حمير قد بعدت انسابهم عن مضر

كانوا ملوكا في الزمان الاول و امرهم و حالهم لم يجهل

فالفسيفساء العرقية و الحضارية المشكلة للمغرب هي نتيجة تلاقح بشري و إنساني و عرقي و ديني عمره أكثر من 5 ألاف سنة. كان من ضمنه هجرات اليهود الأولى قبل ألفي سنة نتيجة المذبحة الرومانية العظيمة. و أخرى مسيحية تمثلت في حواري عيسى بن مريم و الذين ينتمي لهم الآن ما يسمى "بركراكة" الذين طبعا دخلوا الإسلام بعد فتوحات "بن نصير" و "عقبة بن نافع". و الكوشيون الذين عمروا واحات واد درعا و زاكورة و نواحيها و هم في الأصل عناصر إثيوبية خلاسية. و آخر العنقود هم هجرات بنو هلال و بنو سليم  و بني معقل قبل حوالي تسع قرون. و من بني معقل تفرعت حسان التي ملكت الصحراء الى يومنا هذا.

لكن ما لا يعلمه الكثير أن هناك تيارات أمازيغية شوفينية تم اختراقها من طرف الموساد الإسرائيلي من أجل زرع القلاقل و الفتن في دول شمال إفريقيا. و هنا أحيلكم على ما قاله مسؤول سابق في جهاز الموساد في كتابه الذي تضمن 17 فصلا بأن إسرائيل تعتبر المناطق البربرية في المغرب مناطق غير معادية عكس الدول العربية، لافتا إلى أن الهدف الأساسي لإسرائيل من خلال هذه الخطوة هو استخدام الأمازيغ  في المغرب لتنفيذ مخططاتها وإضعاف الدول العربية المعادية لها.

وحسب ما ورد في الصفحة الثامنة من الكتاب فإن إسرائيل تدعم الامازيغ من خلال اعتماد ألوان العلم الإسرائيلي كشعار وفاء الأمازيغ في المغرب للكيان الصهيوني. بالإضافة الى إحدى الدراسات الإسرائيلية التي أصدرها مركز “موشي دايان” التابع لجامعة تل أبيب, و التي كشفت عن مخطط إسرائيلي لاختراق الحركة الأمازيغية واستثمارها لتسريع عملية التطبيع في دول اتحاد المغرب العربي.

إن هذه الحركة الأمازيغية التي قتل أحد أعضائها في ظل أحداث شغب لا تزال محط تحقيق القضاء و الذي لم تكن تربطه بالجامعة أية علاقة تذكر, ليست سوى حركة صهيونية الهدف من ورائها ضرب الصحراويين و خصوصا التيار المطالب بتقرير المصير. و هنا تتقاطع مصالحها مع مصالح بعض أركان الدولة المغربية و ما تربطهم من علاقات قوية مع منظمة الضغط اليهودية "ايباك" أو ما يسمى ب "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية". و هي كما هو معروف تشكل أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي. و لها مواقف داعمة و معروفة لموقف الدولة المغربية الرسمي من نزاع الصحراء.

Israelamazigh 855724043

إن نظرية الفوضى الخلاقة التي ينظر و يخطط لها بعض من خفافيش الظلام بتواطئ مع بعض أجنحتهم من الحركات المدفوعة الأجر كالحركة الثقافية الأمازيغية لتشويه الصحراويين و تأليب نعرات الشعب المغربي ضدهم, لعب بالنار و عزف فاحش على حزام ناسف, إذا انفجر ستكون الدولة المغربية و سيادتها على الصحراء أول ضحاياه. خصوصا في ظل مناخ دولي هو في مجمله ضد المغرب و مصالحه الإستراتيجية و أطروحاته. و كما يقول المثل الدارج "ماكفاه فيل, زادوه فيلة". و الحر بالغمزة. فلا يحتاج نزاع الصحراء حتى يزداد اشتعالا و تفجرا,إلا أن يصبح الطالب الصحراوي و الصحراوي نفسه مطاردا في الجامعات المغربية و المدن الداخلية.

أما الحديث عن الامتيازات من النقل و المنح و التوظيف المباشر و الأفضلية للتسجيل في سلك الماستر. فذاك كذب و بهتان مردود عليه و أسطوانة مشروخة مللنا سماعها. لقد درسنا هناك و مررنا من هناك, و رأينا بأم أعيننا زملائنا من مدن "داخيل" المغرب و هم يتنعمون كل نهاية أسبوع بين أحضان أسرهم الذين لا تفصلهم عنهم سوى 20 درهما ثمن تذكرة سفر لساعة أو ساعتين.

فماذا تريدون من طلبة الصحراء الذين لازالت الدولة المغربية تعاقبهم بحرمانهم من جامعة و كليات متعددة الاختصاصات في عقر دارهم, و تفرض عليهم الدراسة في جامعات تبعد عنهم بآلاف الكليومترات الموحشة؟ فهل تعتبرون مثلا تذكرة حافلة من الداخلة الى مراكش أو الرباط أو أكادير امتيازا ؟ هل تعتبرون السفر لأكثر من يومين متواصلين ليل نهار في طريق الموت اللاوطنية تلك امتيازا؟

إذا كان الأمر كذلك فالطلبة الصحراويون مستعدون للتنازل عن هذه التذاكر, لكن بمقابل أن تبنوا لهم جامعات كما لديكم و محطات قطار مرفهة كما عندكم و "ترامويات" فخمة كما تتنعمون بها أنتم. مستعدون أن نتبادل معكم الأدوار لتحسوا بما نحس به نحن من غبن و "حكرة" و مهانة. و نحن نعيش في مدن الملح و التهميش و الحرمان. محاصرون بالصحاري و البحار. بعد أربعين سنة من سيادة المغرب على الصحراء.

أربعين سنة عقيم سمن فيها مرتزقته من أشياخ الريع و شيد فيها كانتونات بشرية من الحجر غير المندمجة و المعدومة من مثل ما تتنعم به مدن الشمال من المستشفيات الجامعية و الأسواق السوبر و مدارس الهندسة و الكليات المختلفة و البنيات التحتية المتكاملة.

قولوا لنا كم في الصحراء من جامعة حقيقية؟ كم في الصحراء من طريق سيار؟ كم في الصحراء من أسواق مرجان و السلام؟ كم في الصحراء من مثيل متنفس غابة ابن سيناء بالرباط؟ كم في الصحراء من محطات القطار؟ كم في الصحراء من مصحات متعددة الاختصاصات؟ كم في الصحراء من كليات الطب و الأسنان؟ كم في الصحراء من مدارس الهندسة؟ كم في الصحراء من و من و من...أجيبونا؟

حتى التوظيف المباشر المتنفس الوحيد الذي كان يتم من خلاله امتصاص جزء من طوابير البطالة المكدسة قد تم منعه في ظل حكومة "الخوانجية" البائسة. و عوملنا بالمثل مع مدن الشمال في الوقت الذي تنعدم فيه شروط إقامة المقارنة شكلا و مضمونا. لشساعة الفارق بين مدن الملح الصحراوية و مدن المغرب النافع و المرفه. التي تعج بالشركات العملاقة و  تتمتع بنسيج اقتصادي متنوع و قطاع خاص فاعل و موفر لفرص الشغل. و هذا الأمر قد سبق و أن أشار إليه المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في نموذجه الذي سبق و تم عرضه بين يدي جلالة الملك محمد السادس. إضافتا الى إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط الصادمة و التي تؤكد كلها على النسب المرتفعة للبطالة بالصحراء و تجعلها في مقدمة الترتيب على المستوى الوطني.

أما قضية التسجيل في الماستر فهو الآخر ادعاء مردود عليه, و باطل أريد به باطل. و سوف نضحده بالأرقام أصدق الأنباء.

فعدد الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا بالصحراء لم يتجاوزوا في أحسن الأحوال 4 ألاف تلميذ من بين حوالي 74.000 على المستوى الوطني. أي بنسبة 5,41% . و عليه إذا افترضنا بأن كل هؤلاء سيتابعون دراستهم الجامعية بنجاح حتى سلك الماستر. فنحن في الأخير لا نشكل سوى 5 في المائة. و هذا الرقم يشتمل حتى على غير الصحراويين الذين يقيمون بالمنطقة. و حيث أن الساكنة الأصلية لا تشكل أكثر من 10% من مجموع الساكنة المتواجدة بالصحراء. فستصبح نسبة الصحراويين الذين يمكنهم الوصول الى درجة الماستر فقط 0,5 بالمائة. تصوروا, انه العدم الذي يحسدون عليه. فهؤلاء على ما يبدو يريدون مسحنا من الوجود.

خاتمة القول, مقالنا هذا ليس موجها ضد الأمازيغ كأثنية أو هوية. فنحن الصحراويين أبعد ما نكون عن ذلك و أكثر شعوب العالم انفتاحا و كرما و ضيافة. أنظروا الى الصحراء كيف احتضنت الوافدين من أصقاع المغرب العميق و عاشوا بين ظهرانينا و أكلوا من ثرواتنا و انتخبوا في مجالسنا و لا يزالون. و لكننا ضد الحركات الشوفينية و العنصرية التي تحاول الاصطياد في الماء الوسخ و تمارس التطهير الثقافي العرقي كما كانت تفعل الآلة الدعائية لهتلر وفق نظريات العرق الصافي و الجنس الآري و الرايخ الثالث. أو ما ينظر له الصهاينة حين يتحدثون عن نظرية شعب الله المختار و معاداة السامية و أرض الميعاد.

و دعوة الى العقلاء من المنظمات الأمازيغية للتبرؤ من أمثال هؤلاء الشوفينيين المخترقين من طرف الموساد بهدف ضرب السلم الأهلي و الاجتماعي لدول المنطقة. و خدمة أجندات بعيدة كل البعد عن الثقافة أو السياسة.  فقضية الصحراء معروضة على أنظار الأمم المتحدة منذ سنة 1963 و لن يستطيع أن يئدها زمرة من الأوباش المأجورين عن طريق البلطجة و إخراس أصوات الناس المعارضة و ممارسة أدوار هي من صميم صلاحيات الدولة.

"وا الدولة, وفيقي من النعاس". فكرة الثلج تبدأ دائما صغيرة, ألم تسمعوا عن نظرية " La Boule de Neige" و نظرية "التدمير الذاتي" و نظرية "إشعاع الدائرة". أفيقوا يرحمكم الله. فكيف تسمحوا لمجموعة عنصرية تحمل علما انفصاليا لما يسمى بدولة "تمزغة" و التي أسميها أنا شخصيا" تيمخرا" بالتظاهر أمام البرلمان المغربي بكل حرية و ديمقراطية. في الوقت الذي يمنع فيه ذلك على الفصيل الاستقلالي الصحراوي. انه الكيل بمكيالين و التمييز المفضوح في المعاملة بين المواطنين. و رغم اختلافنا مع إخوتنا المطالبين باستقلال الصحراء عن المغرب, فلا يمكننا أبدا أن نقبل بأن يتم منعهم مما يتمتع به غيرهم من الحقوق. و أهمها حق التظاهر السلمي و التعبير عن الرأي.

B1 1B909B789B8B6 1B3 1

B890