كيفاش..رئيس الجهة يطلب تنظيم نسخة رابعة من منتدى كرانس مونتانا

Crans1 600x345

الداخلة بوست

بقلم : الزاوي عبد القادر - أستاذ باحث و رئيس هيئة التحرير

يبدو أن رئيس الجهة, المحكوم ببطلان عملية انتخابه من طرف القضاء الاداري المغربي, لإقامته الدائمة بموريتانيا, قد أعجبه منتدى كرانس مونتانا كثيرا, و راقته باخرة راسبوداي الفخمة, و وجد ضالته هناك, يلقي الكلمات, و يقرأ البرقيات, و ينظر لتنمية من الوهم لا توجد سوى في مخيلته, و في السيارات "الفايف ستار" الكثر التي منحها لأعضاء أغلبيته و جوقة نوابه, و الهبات المالية السخية التي خص بها عشيرته من فئة العائدين الى أرض الوطن دون سواهم من ساكنة الجهة المختطفة, من المعطلين البؤساء و المحرومين و المهمشين, و لسان حاله صارخ بالقول : "للعائدين عشيرتي و خاصتي الهبات و المنح..و للمعطلين حملة الشواهد العليا أبناء هذه الأرض المالحة, مقر جهة مسيج و حزمة من الوعود الوردية". ليكمل "الباهية", بمطالبته اياهم بضرورة اعادة التكوين, حتى يستطيعوا الحصول على شغل كريم في أرضهم المنهوبة, على وزن مقولة "ما كفاه فيل زادوه فيلة".

لكن و كما سبق أن أشرنا الى ذلك في مقالات كثر, فالرئيس و مكتبه المسير, و منذ اعتلائهم سدة المجلس, منشغلين فقط بتسجيل حضورهم في المؤتمرات و المنتديات و السفريات داخليا و خارجيا, و انعاش ألبومات الصور, و منتدى كرانس مونتانا يشكل طبعا بالنسبة لهم فرصة ذهبية لا تعوض, للهروب من الملل و "الستحفي", "فما كاين ما يدار", و المعركة بالنسبة لهم قد انتهت يوم جلوسهم على كرسي الرئاسة. أما الشروع في الانكباب على حل مشاكل البشر بهذه الربوع المالحة, و اخراج مشروع الجهوية المتقدمة بإمكاناته و ميزانياته الضخمة, من قاعة الانتظار الى أرض الواقع, من خلال مشاريع سوسيو-اقتصادية حقيقية, منتجة للثروة و للشغل الكريم, فذاك أخر هم أصحابنا.

لكن يبقى المضحك المبكي في تصريحات الرئيس, التي خص بها جريدة الصحراء اليومية, و بعد أن أكد خلالها مطالبته بنسخة جديدة من منتدى كرانس مونتانا, هو ادعائه بأن مدينة الداخلة باتت مستعدة لاحتضان منتديات عالمية, بسبب مؤهلاتها الكبيرة في مجال البنية التحتية و الخدمات!!!! فهل فات الرئيس بأن المنتدى قد تم تنظيمه على متن باخرة مستأجرة, و أن في ذلك ما يناقض كلامه جملة و تفصيلا, و يؤكد بأن هذه التنمية العظيمة التي يتحدث عنها, مجرد أكذوبة كبيرة, أطلقتها الدولة المغربية و صدقها الرئيس, بل و تحول الى أحد مروجيها, كما حدث ل"شرتات" ذات يوم في الأسطورة التراثية الحسانية.

حيث يروى بأن "شرتات" مر ذات يوم بصبية يلهون و يمرحون, فنادى عليهم: "أركضوا صوب تلك الشجيرة, فانه يوجد خلفها, ما لذ و طاب من الحلويات", و طبعا براءة الصبية جعلتهم يصدقون كذبة "شرتات", فركضوا جميعهم صوب الشجيرة, و هم يصيحون و يصرخون بأعلى أصواتهم: "حلوى..حلوى..حلوى", لكن "شرتات" و بسبب "زين اخلاكو", سرعان ما صدق كذبته على الصبية, ليتمتم قائلا :"حاني كاع نتبعهم..ياك ما تعود حك".

لذلك يوم تصبح جهة تساوي أكثر من 20% من مساحة التراب الوطني, و تنعم بثروات بحرية خرافية, و ميزانية جهوية مليارية و ساكنة لا تتجاوز 140 ألف نسمة فقط, أي أقل بكثير من ساكنة حي صغير بمدينة الدار البيضاء -أقول- حين تصبح هذه الجهة قادرة على تنظيم منتدى صغير ك "كرانس مونتانا", من دون الحاجة لكراء السفن السياحية العملاقة, حينها فقط يمكن للرئيس أن يخرج علينا بتصريحاته "العنترية", عن مقدرة الداخلة على احتضان منتديات عالمية, و مناديا: "هل من مزيد".

فعفوا سيادة الرئيس, لقد أضعت البوصلة, و جهتنا ليست في حاجة الى منتديات مخملية, بعناوين شاعرية, و أجندات غابرة, لا تغني و لا تسمن من جوع, كما أن الساكنة لم تنتخبك لأجل الانهماك في تبادل الخبرات و التجارب مع العالم خِدْمَةً للإنسانية, و لا حتى من أجل تحويل الداخلة الى محور بين المغرب و عمقه الافريقي, بل انتخبوك بكل بساطة, لخدمتهم, و جلب الرخاء و النماء لهم وحدهم, و على قدم المساواة. فمتى تنزع عنك رداء الحزبية الضيق, و ترتدي سلهام رجل الدولة الكاريزماتي؟ متى تفهم بأن رئيس الجهة, هو ملك للجميع, و ليس زعيما لفئة أو طائفة أو حزب؟ متى تنزل من برجك العاجي, و تربط الاتصال مع معطوبي هذه الجهة, و تحقق للناس و لو النزر القليل من مطالبهم المشروعة, بعد أن خولك الدستور و القانون صلاحيات غير محدودة, و وضع بين يديك ميزانيات لا أول لها و لا أخر؟ متى تأمر أنصارك بأن يوقفوا مواكب السباب و الشتائم و التهديدات, لمعارضيك السياسيين, و للصحفيين و الكتاب و المثقفين؟ متى تفهم و يفهموا هم, بأن الصراع هو سياسي بامتياز, و يجب أن يبقى كذلك و لا ينزل الى ما دونه؟ متى تعترف بأن هذه الأرض تسعنا جميعا, و بأن ميزانية الجهة التي بين يديك, قادرة على حل كل المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها البشر بهذه الجهة, اذا أحسن تدبيرها؟ متى تعترف أيضا بأن افتتاحك لحقبة حكمك, بشراء أسطول ضخم من السيارات الفخمة لنوابك و بعض أعضاء أغلبيتك, كان "خلبطة" في الأولويات و خطأ لا يغتفر؟....

أسئلة حائرة و غاضبة لا تنتهي, أوحتها تصريحات الرئيس لأحد الجرائد المحلية, طالب من خلالها بتنظيم نسخة جديدة من منتدى كرانس مونتانا بجهة الداخلة, ما جعلنا نستيقن بأنه لا يزال مستمرا في "خلبطته" بخصوص أولويات مجلسه. ليبقى السؤال المحير و المطروح بقوة: هل يا ترى يستطيع الرئيس الرجوع من طريق اللاعودة الذي أوغل فيه, أم أننا سنظل نسمع "جعجعات" من دون أنرى طحينا و لا حتى كسرة خبز؟

للحديث بقية...