Créer un site internet

إدمان القبيلة

Manina 1 620x330

الداخلة بوست 

بقلم : منينة السالك

تلدنا أمهاتنا ،تحنكنا البيئة والمجتمع بالقبلية بدل التمر، وفي طور النمو والاكتساب يهيأ لنا الانتماء القبلي قبل الوطني ،فالقبلية حاضرة فكريا أو سلوكيا وفي كل موقف خاص أو عام.
نخاطب بعضنا البعض  بأن القبلية شيء مكروه وأنها بقية الجاهلية ، إلا انه مجرد كلام ، بل يتيه على أرض الواقع , فلا ثقافة ولا تربية   بإمكانها التصدي للقبلية , التي صارت من المسلمات والبديهيات عند المجتمع.
حين نقابل شخصا يشدنا الفضول لمعرفة انتمائه القبلي , وكأن هذا الفضول يجبرنا لنبحث بين الدال والمدلول عسى أن نعرف من يكون وإن استعصى علينا الأمر يتم طرح السؤال مباشرة  من أي قبيلة أنت ؟ وفي هذه الجرأة مخاطرة , فقد يجيبنا على قدر السؤال , وقد يجافي الحقيقة تحت أي مبرر.
في حياتنا اليومية،  تلتئم كل عائلة أو الأصدقاء في لقاءات ، لشرب العنصر  الأساسي بعد الماء وهو الشاي, نتجاذب أطراف الحديث وفي  كل جادة حديث لا تخلو من متعة نقاش الظاهرة.
حديث العائلة قائم على التذمر  والشكوى  من ابن العم الذي تم انتخابه مؤخرا أو تعيينه ، فهو لم  يمد  لها يد العون التي تنتظرها منه ، فيحال إليه كيل من التهم , والتعاليق تختلف في حدتها وقوتها حسب عامل التأثير .
أما فحوى حديث الأصدقاء  يكون مجراه في مد وجزر عن الفساد السياسي بمعناه الأوسع في المؤسسات والطريقة السائدة في كيفية استخدام السلطة  حيث أنها مستنسخة  ،  ولغتها خشبية , وبأن لائحة الورثة منذ التأسيس الأول للحكومة   مصابة بالعقم  لا تنجب أسماء جدد، بل يذهب بعضهم إلى الاعتقاد بأن التغيير يكاد يكون مستحيلا إلا إذا كان بفضل عزرائيل .
والغريب في أمرنا حين ما  يقرع على الطبول ويعزف على أوتار القبلية  في أي انتخابات ،تتحرك فينا عاطفة جياشة تهيمن على أفكارنا وتستحوذ على ما فينا حتى تبقينا سكارى ، نتخبط  بين العقل والعاطفة إلا أن كلاهما لا يرى إلا ضرورة التصويت لابن العم ذاك الذي تذمرنا منه بالأمس , ونحن نتسامر علي جلسات الشاي.
وفي نظر كل قبيلة  أن انتصارها الأسمى وغايتها المنشودة تكمن في وضع أبنائها في مناصب حكومية أو دبلوماسية ، حتى  وإن كانوا  لا يرون  فيما انتخبوه ما يصحح واقعهم , أو تتوفر فيه شروط الكفاءة , فالقبلية يهون أمامها اي أمر حتى وإن كان يخص الوطن.
فهذا  أكثر أمر يشعرهم بالإثارة ويحقق  لهم اللذة والغريزة القبلية ، حتى سياسة الدولة قائمة على نفس البعد  والاستراتجية : مثلا بعض السفارات سفيرها ونائبه من نفس القبيلة ، لتجنب التصادم والخلافات ،
ورغم معرفتنا أن  القبيلة ما هي إلا وسيلة يستغلها  السياسي  للوصول الى غايته  ، فهو المستفيد الأول والأخير،  ورؤيتنا  للحقيقة  من التجارب السابقة التى  مررنا بها عبر  الزمن السياسي  منذ المؤتمر الثامن حتى المؤتمر الرابع عشر في عدم الاستفادة من  الحماس والانجراف العاطفي نحو القبلية ، فليس هو الحماس  نفسه لتقييم التجارب وعقلانية المنطق والواقع , بل أصبحت الأوضاع  والمفاهيم  قابلة للتغير في الأفكار والتداخل  بين أفراد المجتمع  والتوسع  في الكيان  الاجتماعي  نوعا ما ، إلا أن النزعة القبلية تتمسك بها الأجيال  تمسكاً مخيفا ، فهي مؤثرة سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي , وهذا ما يبعدنا كل البعد عن الهدف الاسمي للقضية ومحددها الذي هو الوحدة الوطنية.
إن  التفاعل  والاهتمام حول أي مسألة تصب في قضية سياسية يجب على الفرد أن ينظر في مدى  تحقيق  أهدافها  وغايتها ، بعقل سليم ومنطق حكيم ، بغض النظر عن الحسابات الضيقة , والى ما ترمي اليه قبيلته ، فعند النظر للخلف لن نجد اي مصلحة شخصية تم تحقيقها , أو جنيها من قبل ابن العم , بينما يمكننا أن نجد قطرة عطر أو منفعة  في شخص أخر لا يربطنا به نفس الانتماء القبلي.
فهذا يساعد  على توفير الفرصة السانحة لتحقيق إمكانية الحفاظ على مصلحة  الفرد والمجتمع معا بعيدا عن الحسابات القبلية , فالإحباط و عدم  الثقة وفقدان الأمل الذين أصبنا بهم منذ فترة سببهما هو لهثنا ورغبتنا في دعم من يفتقر للحنكة السياسية , فالإطار الآن أصبح مختلفا عما كان عليه بحكم درجة الوعي والتغير  في الأداء  والسلوك  والفكر ، وعلينا كقاعدة وضع الأهداف  الكفيلة برسم المستقبل  السياسي الناجح من خلال ما نختاره , وحسب معايير تتوافق مع الصواب والعدل  ، وأن يكون الإطار المناسب في المكان المناسب وفق قاعدة المستوى العلمي  والثقافي , فضلا عن الخبرة السياسية , من أجل رفع هامة الوطن والنهوض بمصلحة الشعب والتعجيل باستقلاله ,كما علينا الرحيل عن عقلية “لفريگ”.