ماذا بعد منتدى كرانس مونتانا؟

Pppooo

الداخلة بوست

يبدو أن ولائم منتدى كرانس مونتانا الدسمة قد أخرست ألسنة و أقلام أولئك الذين صموا آذاننا في وقت ما دفاعا عن ثروات الصحراويين و مصالحهم ضد لوبيات الفساد. فأنبرى أولئك القوم "يتمخششون" بين أجنحة باخرة "رابسودي" الفخمة, "يشمشمون" و يتهافتون على أخذ صور "سيلفي" بين جنباتها. و حين تعقد الولائم على متنها تراهم سكارى و ما هم بسكارى "يحشون" في أفواههم المشرعة على مصراعيها "شهيوات" مليونية مما لا عين رأت و لا خطر على قلب بشر. و كل ذلك طبعا من أرزاق و ثروات الشعب العمومية المصروفة بأمر الدولة المغربية.

و قد نسوا أو تناسوا بأن النضال لا يتجزأ و أن المبادئ لا تقبل القسمة على أثنين, و أن  هذا المنتدى هو مجرد عرض راقي لكيفية استنزاف ثروات الصحراويين على مرأى و مسمع الجميع و "بوجه أحمر".

منتدى كلف جيوب دافعي الضرائب المساكين ملايير السنتيمات. حيث أكتشفنا بعد ابحارنا على موقع الشركة المالكة لهذه الباخرة على الإنترنت بأن تكاليف الإقامة و الإبحار على متن "الرابسودي" تتراوح ما بين 1000 الى أكثر من ثلاثة ألاف يورو. و إذا افترضنا فقط متوسط هذا الرقم من أجل حساب تكلفة إقامة ضيوف المنتدى الذين تجاوزوا حسب ما أعلن عنه المنظمين ألف مشارك و مشاركة فسنكون قد تجاوزنا المليار سنتيم بكثير. أضف الى ذلك حجم أسطول السيارات "فايف ستار" التي تم كرائها من وكالات الأسفار و مصاريف السائقين و الوقود و مصاريف تذاكر الطائرات ذهابا و ايابا و تكاليف رجال الأمن و القوات البحرية الذين تم تحريكهم لتأمين المهرجان و تكاليف شركات الأمن الخاص الذين تم التعاقد معهم, هذا دون إغفال التكلفة الغير مباشرة التي سببها توقيف نشاط الميناء في ما يخص جانب الصيد البحري.

Screenshot 2016 03 20 09 08 55

و الحصيلة هي أن مدينة الداخلة لا تزال كما هي ببنية تحتية مهترئة و شوارع محفرة  و أحياء جنوبية أشبه "بكاريان" كبير معدوم المرافق الأساسية و الملاعب الرياضية و المساحات الخضراء. و نفس الشيئ ينطبق على قضية الصحراء التي هي اليوم في أشد أيامها صعوبة و تدهورا خصوصا بالنسبة للموقف المغربي على صعيد الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي. حيث بات الحديث عن نقل الملف الى البند السابع و فرض الحل أقرب الى التحقق من أي وقت مضى.

و أيضا جبهة البوليساريو هي الأخرى لا تزال في مكانها تدق طبول الحرب. و اللاجئين الصحراويين لا يزالون كما كانوا قبل المنتدى قابعين فوق تراب الحمادة في انتظار العودة الى أرضهم. و الشيئ الوحيد الذي تغير في كل هذه المعادلة البائسة هو فقط رصيد الميزانية العامة الذي نقص بملايين الدراهم.

أكررها مرة أخرى, نحن لسنا انفصاليين و لكننا أيضا لسنا أغبياء. و المغرب مطالب بأن يقنعنا نحن المعنيين بالقضية و "أهل التراب" بنموذجه التنموي و الحقوقي و السياسي و الإنساني, و أقصد هنا الصحراويين شرق و غرب الجدار العازل. بدل تبذير أموال طائلة على منتديات "الزرود" لإقناع حفنة من لقطاء الجغرافيا غير معنيين أصلا بالنزاع و غير مخولين للحديث باسمنا. فالصحراويين و الصحراويين وحدهم من يملكون حق الاختيار و التقييم و على رأسهم طبعا أهالينا اللاجئين قسرا بمخيمات تندوف.

لكن للأسف و الى حدود الساعة النموذج الحالي المقدم من طرف الدولة و معه "باكيج" سياساتها في الإقليم المتنازع عليه غير جذاب و غير مقنع لنا البتة. يذكرنا حالها بما سبق و أن قاله الملك الراحل الحسن الثاني في أحد خطبه : «لقد ربحت الأرض لكنني لم أربح قلوب الصحراويين». و الدولة المغربية لا زالت تراوح مكانها عند حدود هذه الكلمات الحكيمة, بل و زادت عليها : "البحث عن ربح قلوب دويلات الموز الإفريقية و منتديات مخملية لذوي البشرة الشقراء".

لقد وضع مهزلة كرانس مونتانا أوزاره و غادرنا غير محزون عليه بسفينته و ضيوفه و أجنداته. و بدأ شعب هذا الجرف البحري الملعون بإحصاء خسائره من أمواله و ثرواته و أرزاقه التي استنزفت تحت شعارات المنتدى العريضة. و بقي الصراع و المظلومية و النزاع.

فكل منتدى و أنتم تزردون.