يطيرك دهر عاد لكذيب يرتد لفوڭ.."الخطاط" يبرمج بناء مساكن للمعوزين بالمهيريز

Dakhla region

الداخلة بوست

بقلم : الزاوي عبد القادر – أستاذ باحث و كاتب صحفي

يبدو أن سلسلة "هاري بوتر" الخيالية لا تزال حلقاتها مستمرة بهذه الربوع المالحة. حيث تطل علينا بين الفينة و الاخرى, الأذرع الاعلامية لرئيس الجهة المقال, بقصاصات تشويقية عن مشاريع من وحي "بابا سنفور", برمجها "الخطاط ينجا" خدمة للساكنة المحرومة.

و بعد أكذوبة مشروع بناء 1200 وحدة سكنية بالداخلة, و الذي تحول فيما بعد الى مشروع لشراء عشرات السيارات فايف ستار للأعضاء و الأحباب و نواب الرئيس المبجلون, ها هم اليوم مرة أخرى يتلاعبون بالرأي العام المحلي عن طريق اشاعة "منفوشة" تتحدث عن عزم رئيسهم "الوسيم" بناء مساكن للمعوزين و المتزوجين المحرومين, لكن هذه المرة بمنطقة "المهيريز" المهجورة و الخالية على عروشها. و هو ما ينطبق عليه مثل حكيم, كانت دائما تردده والدتي رحمها الله في مثل هذه النوازل الهزلية : "طير يا عود". رغم أن الجميع يعلم بأن 99 في المائة من الساكنة بجهة الداخلة وادي الذهب تتركز بمدينة الداخلة عاصمة الجهة, و ما عليهم الا مطالعة نتائج الاحصاء العام للسكان و السكنى الأخير, لكي يعرفوا بأنهم يكذبون كما يتنفسون.

فمعظم بؤساء هذه الربوع المالحة يتواجدون بمدينة الداخلة, و أولى أهلها و معوزيها و محروميها, بمشروع سكني "وهمي" من هذا النوع. لكن الامر لا يعدو في الأخير أن يكون أحد أشد أنواع "التطماس" قبحا و بذاءة.  لذلك حين فشل مشروع الاشاعة الاولى, و "بان عليهم الضو", اختاروا صناعة اشاعة أخرى, لكن للأسف خانهم الذكاء, و نسجوا بذلها كذبة "مفروشة" و "بايخا أوي" على لسان الممثل الكوميدي المصري الشهير عادل امام. و عليه فليس من المستبعد أبدا, أن نستفيق ذات يوم على خبر مفاده أن رئيس الجهة "الوسيم" قد قرر برمجة مشروع لإعادة اعمار جماعة "المريخ" التابعة لنفوذ اقليم "كوكب المشتري" بجهة "مجرة اندروميدا" السحيقة. "ضحك كالبكاء".

على العموم, حلقة مسلسل "هاري بوتر" الجديدة تذكرني بمثل شعبي حكيم, جاء على لسان الأسد في القصة التراثية الحسانية المعروفة. حيث يحكى أن أحد الأسود سقط في حفرة نصبها له بعض الصيادة, فأجتمع عليه داخلها حيوانات الغابة, منهم الحزين لحاله و منهم المتشفي و الشامت, و في ظل هذا الوضع البائس لملك الغابة, أطل الذئب وسط الحشود, و هو يمشي الهوينة فخرا و رياءا, ليعلنها مدوية و بأعلى عوائه : "أنا من فعلها بملك الغابة, اذ أشبعته البارحة ضربا مبرحا و من بعدها رميته في غياهب هذه الحفرة لتتحول الى قبره الأبدي". و في أوج هذا الموقف السريالي المفجع الذي وجد الأسد نفسه فيه, حيث صار جبناء الغابة من رعيته, و منهم "الذويب" الذي كان لا يجرؤ حتى على الوقوف أمامه, يدعي أمام حيوانات الغابة من أفراد مملكته "بوجه أحمر" أنه هو من فعل به هذا, لذلك ما كان من الأسد في ظل هذا الوضع اليائس الذي رمته الأقدار بين براثنه, الا أن نطق بكلمات بليغات و حكيمات صرن مثلا شائعا تتناقله الألسن على مر الأزمنة: "يطيرك دهر...عاد لكذيب يرتد الفوڭ", بمعنى سحقا له من زمن صارت فيه الأكاذيب تردد بالصوت العالي.  و نحن أيضا نكررها مع الأسد في أحجية بني حسان الخالدة : "يطيرك دهر عاد الكذيب يرتد الفوك".

ان مشكلة رئيس الجهة المقال, أنه تحول بسبب القصاصات الاخبارية لأذرعه الاعلامية, الى شخصية خيالية, تشبه الى حد كبير شخصيات أفلام "هاري بوتر" الوهمية. شخصية مضى على وجودها حوالي سنتان و هي تبرمج الانجازات "العظيمة" خدمة للساكنة, و يتم اشاعتها عبر أبواغه الدعائية, بينما في واقعنا البائس لا انجازات تحققت و لا هم يحزنون, اللهم الا توزيع الدعم السنوي السخي على الجمعيات و اقتناء السيارات الفخمة, و في ذلك فليتنافس المتنافسون.