رأي الداخلة بوست..حين تمارس السياسة بعقلية أغنياء الحروب

Profitaiger

الداخلة بوست 

بقلم :د.الزاوي عبد القادر - أستاذ باحث و كاتب صحفي

"تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل". فيكتور هوجو.

حين تمارس السياسة بعقلية البدوي المتزمة, تكون النتيجة مشهدا سرياليا و عدميا, كما هو الحال اليوم في التناطح البائس بين أغنياء الحرب من كمبرادورات الريع الكبار بجرف الداخلة الملعون.

صراع عبثي تدور رحاه بين اروقة المجالس المنتخبة و المحاكم و جنبات الفضاء الازرق, أبان عن اسوء ما فينا, و أظهر صغر عقولنا و كبر جهالتنا و عمق ضلالنا, و حول الصحراويين غرب جدار النزاع الى اضحوكة لمن هم قابعين شرقه, و حول الحلم المغربي الى كابوس, و جب اربعة عقود مما ظل يشاع في المدائن و المحافل الدولية عن كونه النموذج المعجزة للنماء و الديمقراطية و التقدم, لنكتشف متأخرين بأنه كان مجرد سراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء, و بأن نداء كليب و البسوس لا يزال هو الامر و الناهي فينا.

انتخابات جماعية تحولت بقدرة نخبة ريعية فاسدة, و أوليغارشيات عبوس قمطرير, و احزاب محفظة اشبه بكانتونات قبلية و عشائرية الى سوق نخاسة, و جيفة تتناهشها ضباع الساسة و دونخوانات الرياسة من شذاذ الافاق و لقطاء الجغرافيا بمنتهى الفجيعة و السادية.

لكن يبدو ان جهة الصحراء ستظل دوما الاستثناء في خارطة التغيير المغربية المشتهات, و ستظل مدينة سيسينيروس المنكوبة ميدان للصراع و تصفية الحسابات بين عمالقة الريع و  اشياعهم و مرتزقتهم و متملقيهم الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

يذكرني هذا الوضع المفجع بالمقولة الخالدة للمفكر و الفيلسوف المعروف نعوم تشومسكي :"للاسف الشديد لا يمكن التخلص من الاوغاد عن طريق الانتخابات ، لاننا لم ننتخبهم أصلاً ", و هو الأمر الذي يلخص حالة السقوط المدوي لمشروع الجهوية المتقدمة الذي نادى به جلالة الملك محمد السادس و عبئت له الدولة الملايير, ليولد بالداخلة ميتا, و يتحول الى تهديد حقيقي للنسيج الاجتماعي و السلم الأهلي بالجهة.

الداخلة اليوم مدينة محتلة من طرف عائلات الريع المخملية, و الترقي بالمصاهرة, و الذين اخوانهم ف"الغزي" على رأي المثل الحساني الشهير, و أصبح يتحكم في مصير مدينة شعب الفرطين البائد و اقدارها و أحلام بسطائها و مستضعفيها, عائلات قطبية من أغنياء حرب الصحراء, مما وراء خط واد الكراع، و تحول أهلها للأسف و بارادتهم السليبة الى مجرد ماريونات بائسة يؤثثون المشهد الركيك و لا يؤثرون فيه, و كراكيز تحركها ايادي خفية من وراء الكواليس لا يربطها بالداخلة الا ما يربط البقرة ب"التقاشر", لا يعصون لهم أمرا و يفعلون ما يأمرون.