Créer un site internet

تامزغا...بين تزييف الحقيقة و إثبات الخرافة

Tamzgha 900x600

المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و أبحاث مكافحة الفساد و تحليل السياسات

تشير الدراسة الديموغرافية ( ( Essai sur l'évolution du nombre des hommes  (Biraben, 1979) التي قام  بها الباحث الديموغرافي  الشهير TABUTIN  D. أن  عدد سكان المغرب لم يكن ليتجاوز سبع مائة ألف نسمة سنة 1200 ميلادية. وان العدد الأجمالي لساكنة مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا في هذه السنة ما كان ليتعدى 5 ملايين نسمة على ابعد تقدير ,وان العدد الكبير من السكان كان  يتمركز في مصر وتونس التي كانت عمارة المدن فيها أمر مألوف. فهدان البلدان كانا يستحوذان على أكثر من نصف السكان، وهذه الفترة تطابق حكم الموحدين في المغرب بعد حكم الأدارسة والمرابطين.

ويشير الباحث الفرنسي أن نسبة الولادات كانت في هذه الفترة تقدر ب 80 ولادة في الألف. وانطلاقا من هده المعطيات , وبإسقاطات رياضية بسيطة رجوعا من سنة 1200 إلى سنة 600 م تاريخ ظهور الإسلام  وبداية انتشاره, و بزيادة سنوية تقدر ب 0.0015  % يمكن  الجزم أن عدد  سكان المغرب في هذه الفترة لم يكن يتجاوز  15000 على الأرجح .و إذا أسقطنا منه عدد اليهود الذين أتوا من الشرق والدين لا يقل عددهم عن ألفين حسب التقديرات و الرومان الذين كانت مدنهم  لا تزال تعرف نشاطا سكانيا كمدينة وليلي والذين يقدرون  بثمانية آلاف على اقل تقدير, وقلة من التجار الفينيقيين الذين استقروا عبر السنين في المغرب وامتهنوا التجارة والذين قد لا يقل عددهم عن الألف, وعدد قليل من الوندال المتخلفين عن الغزو الوندالي فان العدد الباقي لا يكاد يذكر..هذه هي الحقيقة العلمية والتاريخية التي تفسر سهولة وصول المد العربي وانتشاره في سنين قليلة في عهد عقبة بن نافع الفهري, الذي لم يجد مقاومة تذكر في دخول المغرب والذي دوخ بجيشه ألبلاد إلا أن وطئت حوافر فرسه مياه المحيط الأطلسي.

وتعزز الحضور العربي ليتضاعف مرات كثيرة في عهد موسى بن نصير بهجرة قبائل عربية كثيرة  كبني معقل وبني هلال و بني سليم و غيرهم, في فترة هجرتهم الأولى. ليشكل العرب غالبية السكان في ذلك الوقت ويستوطنوا الأماكن الساحلية والهضاب العليا الخصبة.ولم يكن الحصول على هذه الأراضي سهلا  لو كان فيها من يدود عنها، ولكن المعطيات التاريخية تشهد على خلو هذه المناطق من أي ساكنة.

يمكن القول أن الهجرة العربية قد بدأت طلائعها مند فتح الفاروق لمصر  وتعززت في العهد الأموي، وتجدر الإشارة إن الباحث المدقق لا يمكن أن يصدق أن خطبة كخطبة طارق بن زياد تطفح فصاحة وبلاغة تشي مفرداتها بسليقة لسان عربي ما كان لطارق بن زياد أن يكتسبه في فترة قصيرة لو لم يكن عربي الأصل. ولم يكن ليخاطب بها جيشا أعجميا بربريا أو غيره في وقت زحف حاسم وإنما خاطب بها جيشا جله إن لم نقل كله من العرب الوافدين، الذين أشعلت فيهم الخطبة حماس القتال والصبر على الشدائد , فكان له النصر والتمكين . وتدفعنا هذه الحقائق أيضا إلى الشك في أطروحة هروب إدريس الأول مؤسس دولة الأدارسة في المغرب إلى قبيلة اوربة البربرية التي آوته ونصرته, ومكنته من إنشاء دولة الأدارسة العربية حتى النخاع. هذه أطروحة صنعها و روج لها مؤرخوا بنو العباس في الشرق, للتنقيص من دولة الأدارسة والتشكيك في عروبتها واصل مؤسسها القرشي.

ويقوي هذا الطرح ما ألف في كنف هذه الدولة العربية من كتب وآداب وشعر كله بلسان عربي مبين. وقد تكررت نفس التجربة مع عبد الرحمان الداخل, الملقب بصقر قريش, الذي انشأ دولة الأندلس العربية بتاريخها الطويل دون أن يزعم احد آن قبيلة بربرية آوته وساعدته على هذا الانجاز العظيم.

ويمكن لسائل أن يتساءل عن اللهجات البربرية المتواجدة حاليا في المغرب، هل هي سابقة للعربية او أنها خلقت جنبا لجنب شانها شان الدارجة المغربية, انطلاقا من مما تبقى من لهجات فينيقية ورومانية قديمة و وندالية لا تزال بعد ألفاظها ماثلة في اللهجات "البربرية" إلى اليوم، وشدرات مفردات موريتانية قديمة قبل إن يكسحها اللسان العربي الحساني الذي لا يزال مستعملا في الجنوب المغربي وشمال وشرق موريتانيا. وإذا كانت اللهجات المحلية سابقة للعربية فلماذا لا نجد مفردات منها في اللغة العربية الفصحى كشأن باقي اللغات المتساكنة التي يدفع بها التدافع إلى التلاقح وتبادل المفردات.

والمحقق في تاريخ المغرب انطلاقا من هذه المعطيات الديموغرافية لا يجد ما يثبت حضاريا وليس بالاعتماد  على حفريات صماء موغلة في القدم مشكوك في أصلها وجود لغة أو وحضارة لعرق " أمازيغي" تشهد كل الدلائل عن انعدام وجوده اللهم ما تتداوله الخرافة وفرضيات حفريات يدحضها الواقع. فاذا كان الرومان قد شيدوا مدنا وتركوا اثارا واضحة لا تزال إلى الآن, تشهد على مجدهم وحضارتهم, ومن قبلهم الفينيقيون. فهل عجز" الامازيغ" على ترك ولو نصب واحد فوق هذه الأرض يشهد على عمارتهم وحضورهم وسطوتهم وهم الذين حسب الأسطورة عمروا البلاد واستوطنوها لحقب طويلة.

الحقيقة أن الحضارة "الامازيغية " الوهمية لم تترك من العمارة ما يدل على تواجدها واستعمارها للأرض, لا في السهول و لا في الجبال.  أنها مجرد كذبة اختلقها المؤرخون للأسباب سياسية, وتبنها من بعدهم الغرب الكلونيالي ليحكم المنطقة بمنطق فرق تسد ويبسط نفوذه عليها. إن المعطيات الديموغرافية الواضحة تدحض كل هده الأكاذيب وتشهد على أن سكان المغرب هم خليط من شعوب اختلط فيها العنصر الفينيقي واليهودي والوندالي والروماني والإفريقي والموريسكي  ويشكل فيها العنصر العربي الحيز الغالب والأكبر مهما جحد الجاحدون و تنطع المتنطعون من دعاة الحركات "الامازيغية " الذين يتكلمون عن مازغ و مملكته تمزغا التي تمتد من المحيط الى أعماق مصر  والذي لم  تطأ قدمه يوما تراب المغرب ولا يوجد  لا هو ولا مملكته إلا في  مخيلة دعاة الحركات " الامازيغية "، وان العنصر العربي عنصر أصيل و غالب.

ان الحضارة المغربية حضارة عربية محضة، حملت معها  كنوز الشرق العمرانية والثقافية. فأبدعت خصوصيات وابتكرت تقنيات أغنت الموروث الحضاري العربي وأضافت إليه، ولا تزال أثار العرب شاهدة عليهم مند أن وطئت أقدامهم هذه الأرض ورحيل واندحار الرومان من المغرب الأقصى هذه هي الحقائق التي يسعى الغرب ودعاة التمزيغ طمسها والقفز عليها.