مافيا دقيق السمك‖ الأساليب الشيطانية التي تحول كميات هائلة من الاسماك السطحية نحو معامل دقيق السمك

Scandale farine poisson sahara

صورة تعبيرية من تصميم الجريدة

الداخلة بوست

يعتبر السردين أحد أهم الانواع السمكية التي تزخر بها المناطق الجنوبية، و يختلف هذا الأخير في طبيعته من ناحية الحجم و نسبة الدهون به. و قد ازدهر نشاط صيد السردين بالأقاليم الجنوبية، منذ انشاء ميناء طانطان الحديث خلال منتصف الثمانينات، حيث تم تسجيل ارقام قياسية في التفريغ مكنته من التربع على مركز الريادة لسنين، و ظهرت معه الصناعات السمكية الموازية، كلبنة أولى من لبنات الصناعات السمكية بالأقاليم الجنوبية.

و قد ساهم الاستنزاف الكبير الذي تعرض له السمك السطحي في مناطق كأسفي و الصويرة, في تحويل الاقليم الصحراوية خاصة العيون و الداخلة الى نقط تفريغ مركزية لجميع الانواع السمكية، نظرا لتوفر مصايد غنية تحتضن ظروفا طبيعية، و بيئة بحرية مناسبة لنمو و تكاثر الاسماك بمختلف أنواعها. الامر الذي شجع اسطول الافتراس و الاستنزاف المغربي للصيد الساحلي, الى النزوح جنوبا بعدما شارف على الافلاس في الموانئ الشمالية, بعد أن تم الاجهاز على أخر سمكة سردين متبقية هناك.

و نظرا للحاجة الى تأمين الشغل لليد العاملة الوافدة على المنطقة, و التي كانت تقدر بالآلاف بالمدن المركزية للصناعات السمكية بكل من أكادير و الصويرة و آسفي و الدار البيضاء، فقد كانت شحنات السمك المفرغة في الموانئ الجنوبية توجه لتنشيط معامل التصبير المتضررة و المشرفة على الافلاس, المتواجدة بمدن شمال المملكة.

كما ظهرت بالموانئ الجنوبية وحدات لإنتاج دقيق السمك مستقلة عن معامل تصبير السمك، تستقبل مخلفات الاسماك من معامل التصبير بالشمال، بعدما اصبحت الوحدات التابعة لمعامل تصبير السمك و التي كانت تدور المخلفات السمكية، تشكل عبء على وحدات انتاج معامل التصبير.

كما كان من المفترض أن تستقبل معامل دقيق السمك بالجنوب الأسماك السطحية الغير مرغوب فيها بعد التدوال في سوق السمك، أو التي لا تتوفر فيها شروط الصحة و السلامة، لارتفاع نسب الاستامين، أو التي تعرضت للتلف تحت تأثير ضغط الحمولة، خاصة و أن مراكب صيد السردين بالمغرب تحتوي على عنابر تصل سعتها الى حوالي المائة طن أو يزيد, و بالتالي فنسبة قليلة من الحمولة هي التي تكون قابلة للاستغلال في التصبير.

و يؤكد مهنيي الصيد البحري أن أسطول صيد السردين الوطني ليس وحده المتهم بإتلاف اطنان من الاسماك السطحية، و التي يتم تحويلها مباشرة لمعامل دقيق السمك، بل حتى الاسطول الحديث، أو ما يعرف بRSW ، فرغم التقنيات الحديثة المستعملة في المحافظة على طراوة الاسماك المصطادة فان ضغط الحمولة الزائدة و الغير قانونية، و طول فترات الجر لساعات المتعمدة من طرف مافيا صناعة دقيق السمك، كلها عوامل تساهم بشكل كبير في التقليص من جودة الاسماك السطحية المصطادة.

و يضيف نشطاء بيئيين و حقوقيين, أن عددا من مهنيي الصيد الساحلي من صنف السردين يتحملون نسبة كبيرة من المسؤولية، اذ يعمدون الى تمديد فترات الإبحار و عدم الولوج الى الموانئ حتى ترتفع نسبة الاستامين في سمك السردين، كما يعمد عدد منهم الى تقليص كميات الثلج اللازمة في تبريد الاسماك المصطادة.

و يضيف هؤلاء النشطاء, أن عملية تعبئة الشباك المحملة بمادة السردين تستغرق حوالي الساعتين في البحر، و عند افراغها في المركب تستغرق عملية ايداع الحمولة في الصناديق البلاستيكية حوالي خمس ساعات، اضف اليها حوالي الخمس ساعات كزمن افتراضي للعودة الى الميناء، و عند الوصول الى الميناء  تستغرق عملية افراغ المركب من الصناديق  حوالي 5 ساعات، و ستكون الامور جد كارثية اذا ما كان هناك اكتظاظ .

الاكتظاظ الذي تعرفه عدد من الموانئ في فترات الصيد الوفير، تساهم هي الاخرى في الاضرار بجودة حمولة الصيد، فبعد طول رحلة ابحار قد يلازم مركب الصيد الساحلي من صنف السردين الميناء لساعات، في انتظار دوره لتفريغ الحمولة، و التي غالبا ما تتحول مباشرة الى معامل دقيق السمك بعد أن تفقد جودتها, هذا دون اغفال عمليات التخلص من الاسماك الصغيرة في عرض البحر بعد اصطيادها, خاصة عند تلقي الاشارات بتشديد المراقبة، مما يتسبب في تلويث البيئة البحرية.

و حسب أحد المهنيين العارفين بخبايا صناعة دقيق و زيوت السمك,  فالصناديق البلاستيكية هي الاخرى لها نصيب وافر في التأثير على جودة الاسماك السطحية، اذ أن حجمها والفرق بين  حمولتها الافتراضية و الواقعية، و الطريقة التي يتم بها وضع الأسماك بها و عملية شحنها و طريقة تصفيفها، عوامل مؤثرة بشكل كبير في جودة و سلامة الأسماك.

فغالبا ما تفوق كمية الأسماك في الصندوق البلاستيكي ما هو مقرر له، و بالتالي يتشكل ضغط عال على الحمولة، حتى أن عملية التثليج لا تكون سليمة اذ تستفيد الواجهة وحدها من الثلج، كما أن تصفيف الصناديق البلاستيكية  بعضها فوق بعض، و هو ما يضر بجودة الشحنة كاملة, و عليه سيكون مآل هذه الشحنة معامل دقيق السمك المدمرة عوض معامل التصبير و التثمين و الاستهلاك البشري.

كما أن استغلال الأسماك السطحية الصغيرة كدقيق سمك، تعتبر مغامرة غير مربحة، على اعتبار أن الاسماك الصغيرة لا توفر القيمة البروتينية المرغوب فيها، كما أنها لا تحتوي على دهون كافية لاستخلاص زيت السمك, و هو الأمر الذي لا يرضي شجع مافيا صناعة دقيق السمك بالصحراء, و بالتالي يصبح افساد حمولات السردين بشكل متعمد من خلال التلاعبات التي سلف ذكرها, هو الحل الوحيد عن هذه العصابة, لأجل مراكمة ارباح خيالية من العملة الصعبة على حساب ثروات الصحراويين السمكية.

معطيات خطيرة تكشف الأساليب الشيطانية التي تنتهجها مافيا صناعة دقيق السمك بالصحراء, من أجل التعجيل بتحويل كميات هائلة من الاسماك السطحية نحو معامل دقيق السمك و زيوته , و توضح كيف استطاع هذا اللوبي المحمي و المدعوم من طرف صباطة الوزارة "زكية الدريوش" أن يجعل من مخطط هاليوتيس الوهمي, مخططا ممنهجا لاستنزاف ثروات الصحراء السمكية و تحويلها الى وقود لمصانع عصابة دقيق السمك. فاللهم ان هذا منكر.