Créer un site internet

المغرب من الديكتاتورية الى الديموكتاتورية : الصحفي علي المرابط نموذجا

29/07/2015     مقالات المركز

Maroc 2

بقلم مدير المركز

يبدو أن مفهوم الاستثناء المغربي قد بلغ مداه هذه الأيام و ألقى بضلاله السوداء الحالكة على كل ما درسناه سابقا في كليات الاقتصاد و السياسة عن أنظمة الحكم و مفاهيم السياسة و تاريخ المؤسسات السياسية منذ الإرهاصات الأولى لفكر التنوير "الروساوي" نسبة للمنظر و المفكر و الفيلسوف "جون جاك روسو" و أخوانه و الى يومنا هذا, لنجد أنفسنا بصدد الحديث عن مفهوم جديد برز من رحم الاستثناء المغربي سالف الذكر نتيجة تزاوج لا شرعي بين الديكتاتورية التقليدية و الديمقراطية المفترضة أنتج مفهوم "مسخ" و هجين, قررنا أن نطلق عليه مفهوم "الديموكتاتورية".

فلا يخفى على أحد أن النظم الديكتاتورية في صيغتها الكلاسيكية تعتمد على أن يقوم شخص -رأس الدولة عادة- بالسيطرة على مقاليد الحكم بحيث يكون كل ما يجري تحت تلك المظلة عبارة عن تصارع مصالح سيفضي في النهاية لإتباع الجهة السلطوية القوية و بالتالي لا تجد في تلك النظم سقوفا للحريات بشكل عال كما هو الحال في الدول الديمقراطية.

لكن أن يصل الأمر في المغرب الى منع مواطن ابن البلد من الحصول على شهادة سكنى بئيسة تشترى كما جرت العادة بدراهم معدودة, وذلك عقابا له على مواقفه السياسية و أرائه الفكرية فهذا يجعلنا أمام ظاهرة جديدة و خطيرة  تتجاوز بسنوات ضوئية مفهوم الديكتاتورية المتعارف عليه و تضاهي في وزرها و فضاعتها ما قامت به الصهيونية في فلسطين و النازية في ألمانيا و نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا "الأبارتايد", ويصبح الحديث عن دولة الحق و القانون و المؤسسات الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان مجرد خديعة كبرى و مساحيق تجميلية رخيصة يحاول المخزن من خلالها تجميل وجهه "البلياتشاوي" القبيح.

فمن يا ترى هو السابق و الأصل؟ هل هو الشعب في شخص المواطن الفرد أم الدولة التي منحه هذا الشعب في أطار نظرية العقد الاجتماعي تفويضا مشروطا بتسيير شؤونه و حماية حقوقه و أمنه؟ سؤال نوجهه لهذا المخزن العفن و خصوصا لوزير الداخلية المغربي عقب تصريحاته الأخيرة المستفزة و هو يتحدث بكل هنجعية و تعالي عن قضية الصحفي المظلوم "علي المرابط" و يدافع بكل وقاحة عن مواقف وزارته المتغولة و المتنمردة و المتمثلة في منع الصحفي المذكور من مجرد استصدار بطاقة تعريف وطنية جديدة.

في النظم الديمقراطية الحقة الشعب هو الذي يملك السلطة السيادية أما في المغرب "الديموكتاتوري" فالسلطة السيادية هي من يملك الشعب و ثرواته و أحلامه وحتى مصيره , بل الأدهى من ذلك و الأمر هو سابقة قرار هذه السلطة الفريدة في العالم منع شهادة تافهة للسكنى عن مواطن مغربي, في الوقت الذي توزع فيه بطائق الإقامة الدائمة على الأجانب الأفارقة المقيمين بالمغرب في سياسة شراء المواقف و الذمم, والنفاق لبعض دويلات الموز الأفريقية من أجل استمالت مواقفها من قضية الصحراء.

يبدو أن الدولة المغربية قد خرجت من بين براثن نظام قمعي و ديكتاتوري ورثته عن الملك الراحل الحسن الثاني و وزير داخليته المقبور دريس البصري حيث كان يرمى بالمعارضين من الطائرات و تنزع منهم الجنسية المغربية و تلفق لهم جنسيات أخرى و يطردون خارجا كما حالة المناضل الكبير ابرهام السرفاتي, الى نظام أخر أشيع في المدائن شرقا و غربا انه قد قطع مع الماضي الأسود و ممارساته المشينة و تبنى خيار الديمقراطية و دولة المؤسسات و الحقوق, ليخرج لنا بصري أخر يسمى "حصاد" يحصد ما تبقى من وريقات التوت, فتنكشف عورة المخزن و نكتشف متأخرين أن المغرب عصي على التغيير, شيمته الظلم و القمع والتنكيل بالمعارضين السياسيين, يريد أن يحول المغاربة الى قطيع من البهائم لا يعصون أمرا و يفعلون ما يؤمرون.

فبين ديكتاتورية جماعية عريقة و راسخة في الذهنية المؤسساتية للدولة المغربية العميقة و رجالاتها و أحزابها و نخبها و بين ديمقراطية مشوهة أريد لها أن تكون مجرد أقنعة و أزياء تنكرية كتلك التي يرتديها الأمريكيون في أعياد الهالوين السنوية, يقبع الصحفي المظلوم المرابط هناك أمام مبنى حقوق الإنسان بجنيف السويسرية واحة الحرية و الديمقراطية و هو يصارع الموت مضربا عن الطعام  دفاعا عن حق جعله العالم المتحضر من صميم الحقوق الأساسية المدنية و السياسية للإنسان و حوله المغرب بغبائه المعهود و غطرسته الى فضيحة ووترغيت جديدة عصفت بما تبقى له من مصداقية على الساحة الدولية و كشفت زيف ادعاءاته و حقيقة نظامه الحاكم, الذي لا يعدو أن يكون مجرد ديكتاتورية تدمقرطت في الشكل و ديمقراطية أفرغت من مضمونها فتدكترت.

"لقد انتهت اللعبة" كما يقول البطل في فيلم الرعب الأمريكي الشهير "The Saw".فمرحبا بكم في الديموكتاتورية المغربية.