Créer un site internet

كارثة‖ قبل وصول وزير الداخلية المغربي...روائح فضائح مجلس "ولد ينجا" تزكم الأنوف

Region dakhla 33

الداخلة بوست

بقلم: الزاوي عبد القادر – أستاذ باحث و كاتب صحفي

يبدو أن "ولد ينجا" بات قاب قوسين أو أدنى, من نهاية تراجيدية من صنع تدبيره الكارثي و الأرعن لميزانية الجهة و مشاريعها العملاقة, التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس من هذه الربوع المالحة. فالذي يجهله هذا الرئيس الغير شرعي و الباطلة مسطرة انتخابه قضائيا, هو و أزلامه من أشباه المتعلمين داخل أذرعه الاعلامية بالجهة, بأن المغرب يشهد متغيرات جيو-سياسية جذرية, متمثلة كما يعرف الجميع في حراك الريف شمالا, و هو الحراك الذي بسببه سيق و لا يزال ثلة من الوزراء و كتاب الدولة و الكتاب العامين و رؤساء جهات الى التحقيق العاجل, بسبب فقط تعثر تنفيذ البرامج التنموية التي دشنها الملك خدمة للساكنة, فما بالك بأن تتحول هذه المشاريع كما هو الحال بجهة الداخلة وادي الذهب, الى سيارات فايف ستار تشترى للأعضاء الموالين, و ريع أسود ينهل من معينه الجمعويين المقربين, و صفقات تمنح للأقرباء, كما هو حال صفقة كراء مرأب خاص لمجلس الجهة التي منحها "ولد ينجا" لأحد أفراد عائلة عضو داخل أغلبيته, و هو ما تفطنت له سلطات الوصاية ممثلة في الوالي الأمين "لمين بنعمر" و رفضت التأشير عليه.

لذلك فليست المعارضة هي الجاهلة بقانون الجهات و أبوابه و مواده, كما حاولت الصحافة المحسوبة على "ولد ينجا" الترويج له, لأنه و باختصار المعارضة لم تسقط في الفخ و تطلب اجراء تدقيق سنوي روتيني, تنجزه بصفة دورية و مشتركة مفتشية المالية و وزارة الداخلية كما هو منصوص على ذلك في القانون التنظيمي للجهات, في مادته 227, بل طالبت بإيفاد لجان تحقيق شاملة و استثنائية كما حصل في قضية الحسيمة.

فالمعارضة ظلت تنادي بلجان ليس فقط من أجل التدقيق في العمليات المالية و المحاسباتية بشكلها التقني المعهود, و الذي لو كانت له فائدة تذكر, لما توقفت مشاريع ضخمة أعطى انطلاقتها الملك بالشمال, و تعثر انجازها على أرض الواقع, و هو ما سبب كل الاحتجاجات الاجتماعية العارمة التي تشهدها منطقة الريف حاليا. و لكنها طالبت و لا تزال بلجان تحقيق شاملة, تفتحص المنهجية و البرامج و الأولويات و تقيم المردودية و الحكامة و الأثر السوسيو-اقتصادي L'impact socio- économique الى أخره..., و هو طبعا الأمر الذي يجهله العوام, و لا يفقهه الا خبراء المالية و التدقيق المالي و المحاسباتي الشامل, و الذي بطبيعة الحال يزخر بهم فريق المعارضة داخل مجلس الجهة, و ها هي الدولة اليوم تستجيب للطلبات المتكررة, لفريق المعارضة داخل مجلس الجهة, و تبعث وفدا وزاريا كبيرا يترأسه وزير الداخلية المغربي لفتيت.

فعلى سبيل المثال لا الحصر , دعم جمعية من ميزانية المجلس, لا تشكل أي مشكلة بالنسبة للتدقيق المالي و المحاسباتي الكلاسيكي, اذا كان ملف النفقة العمومية مكتمل من محاضر و خطة عمل الجمعية و التزام و نظام اساسي الى أخره من المستندات التبريرية Pièces Justificatives, لكن تبقى هناك أسئلة أخرى ملحة و بالغة الأهمية لا يجيب عنها هذا التدقيق التقليدي من قبيل: هل هذا الدعم يستجيب لحاجيات الساكنة المعبرعنها؟ هل يقدم خدمة حقيقية للمواطن؟ هل يندرج في اطار رؤية شاملة للتنمية الجهوية؟ هل يوزع بشكل ديمقراطي و عادل و شفاف بعيدا عن المحسوبية و المحاباة....؟, و هنا يكمن مربط الحصان العنيد و البيت القصيد, لأنها أسئلة محرجة ل"ولد ينجا" و رفاقه داخل لجنة المالية, و هو ما سبق أن أشرنا له سابقا, في قضية كراء مرأب لسيارات المجلس. فعملية الكراء هاته من ناحية التدقيق المالي المحاسباتي العادي, لا تشكل خرقا ماليا, اذا كان ملفها مكتملا من ناحية المسطرة و الوثائق المبررة للنفقة المالية, لكنها تشكل خرقا من وجهة نظر قانون الجهات في مادته 68 التي تمنع أن يبرم رئيس الجهة صفقات مع أحد أعضاء المجلس سواءا في شخصه أو لفائدة أحد اقاربه, و هو ما تفطن له والي الجهة و منع تمريره.

السيد والي الجهة "لمين بنعمر", و خلال دورة مجلس جهة الداخلة العادية برسم شهر يوليوز, المنعقدة يومه الاثنين 03 يوليوز الماضي, أكد على ضرورة أن تتوفر الجمعيات المرشحة للاستفادة من دعم مجلس "ولد ينجا", على صفة المنفعة العامة التي تمنحها الأمانة العامة للحكومة وفق شروط و مساطير صارمة, و ذلك حتى تتمكن من الاستفادة من الدعم المالي الذي من المنتظر ان يمنحه مجلس جهة الداخلة لعدة جمعيات.

هذا و قد سبق للسيد والي الجهة خلال نفس الدورة المنعقدة السنة الماضية, أن حذر "ولد ينجا" من خطورة الدعم الموجه للجمعيات، داعيا اياه الى حصر هذا الدعم في الجمعيات الحاصلة على صفة المنفعة العامة من الامانة العامة للحكومة، تفاديا لتبذير نصف مليار سنتيم من اموال الشعب في غير محلها, و كي لا تتحول الى ريع جديد يستنزف ميزانية الجهة، مؤكدا بأن مسطرة خلق الجمعيات سهلة للغاية، بالمقارنة مع العمل الجمعوي الهادف و المنتج للمنفعة الاجتماعية الحقة, بعيدا عن المزايدات الانتخابوية الضيقة و المحسوبية.

الوالي "لمين بنعمر" كان أيضا قد أكد حينها على ضرورة توضيح مجموعة من فصول الميزانية الجهوية درئا للشبهات، كالفصل الخاص باقتناء السيارات و الاليات الذي خصص له "ولد ينجا" السنة الفارطة نصف مليار سنتيم، متسائلا السيد الوالي عن ماهية هذه الاليات و لماذا تم برمجة شرائها؟ كما اشار "لمين بنعمر" الى فصل الميزانية الخاص بانجاز الدراسات من اجل بناء مقر جديد للجهة و الذي خصصت له ست ملايين درهم، و هو المبلغ الذي اعتبره كبير, و يستحق توضيحات اضافية لكي يكون في حدود المعقول و ما تسمح به الامكانات المالية المتوفرة للجهة.

لكن تمر سنة و كأنك يا أبو زيد ما غزيت, و لسان حال "ولد ينجا" مع والي الجهة و أدواره الرقابية المبوبة في قانون الجهات, صارخ بالقول "و شكون سمعك", حيث ضرب بعرض الحائط كل تلك الملاحظات القيمة و التوجيهات النيرة, و أستمر في دعم جمعيات الأهل و العشيرة و المقربين, بحوالي 400 مليون سنتيم, و هو ما فضحته جريدتنا قبل أشهر  بالوثائق و الادلة. كما أصر على اهدار المال العام في شراء اسطول ضخم من السيارات لأعضاء أغلبيته داخل المجلس, في احد أسوء أشكال البذخ و التبذير الممنهج للميزانية العامة للدولة.

لكن يبدو أن مصالح وزارة الداخلية و في ظل ما يشهده المغرب من احتجاجات اجتماعية بسبب التدبير الفاسد لهذه النوعية من المنتخبين و رؤساء الجهات, قد أشهرت الورقة الحمراء في وجوه هؤلاء, و كلام السيد والي الجهة هذه المرة, كان بنبرة حادة, تؤكد بأن زمن التسيب و التلاعب بمقدرات الساكنة قد ولى بدون رجعة, و أن الدولة لن تسمح من اليوم فصاعدا لهؤلاء بسرقة أحلام المواطنين و انتظاراتهم, و بإهدار أموال الدولة المخصصة للاستجابة لمطالبهم و تحسين ظروف معيشهم اليومي, و بعدها تركها وحيدة في مواجهة سخط الشارع و غضبه.

فكيف يعقل و المشرع المغربي قد منح كل تلك الصلاحيات الجسيمة لوالي الجهة, أن يتعامل "ولد ينجا" مع ملاحظات و انتقادات و توصيات "لمين بنعمر", بهذا الكم المفجع من الاستهتار و اللامبالات, و لسان حاله مع الوالي صارخ بالقول : "قل أنت ما تريد و سأفعل أنا ما أريد". و هو ما كشف عنه والي الجهة في مداخلته القيمة, خلال أشغال الدورة الاستثنائية لمجلس الجهة المنعقدة مؤخرا, حين قام بسرد مجموعة من عيوب و عورات مخطط التنمية الجهوية الذي أعدته مكاتب دراسات مخملية جلبها رئيس الجهة و صرف عليها ملايير السنتيمات من أرزاقنا العمومية, مؤكدا أن ما ورد في هذه الوثيقة, يعتبر دراسة سياسية اكثر منها تقنية, و معتبرا ان الحديث عن عملية توسيع الميناء الذي ورد في مخطط مكاتب الدراسات, غير كافية,  بل يجب توضيح هذا التوسيع وأهدافه بالتدقيق.

الوالي "بنعمر" أشار أيضا خلال مداخلته, إلى أن توسيع الطريق بين لمهيريز وبئر كندوز الذي تحدثت عنه وثيقة "ولد ينجا" مجرد مضيعة للمال العام, بحكم أن عدد السيارات التي تمر بهذا الطريق قليلة جدا و نادرة, و هنا لا يفوتنا أبدا أن نضع سطرين أحمرين تحت كلمة "مضيعة للمال العام", لأن "ولد ينجا" خبير فقط في تبذير المال العام, و توسعت طريق هامشية كتلك, لا يملك الا تفسيرا واحدا, لن يجد قرائنا صعوبة في استنباطه.

كما اعتبر السيد الوالي, أن ما جاء في وثيقة البرنامج التنموي بخصوص محاولة استنساخ ميكانيكية للنموذج الاماراتي لتنمية الصحراء, والعمل به في جهة الداخلة وادي الذهب غير مجد, و نموذج بعيد عن الواقع, و عن خصوصيات المنطقة الجغرافية و المناخية, لأن صحراء الإمارت ليست هي نفسها الصحراء بجهة الداخلة, مردفا أن النموذج الإماراتي يمكن تطبيقه في الراشيدية أو أرفود أو ورزازات, لأنها مناطق غنية بالواحات, عكس جهة الداخلة التي ليس بها واحات. اللهم الا اذا كان "ولد ينجا" يمتلك عصا سحرية سيغير عن طريقها في رمشة عين هذا الواقع القائم, و يحول صحراء الجهة الى واحات تترى, من يدري, فجوقة حزب الاستقلال بالداخلة "أوجاهم صحاح".

لكن الأخطر من كل ما سلف ذكره, هو خاتمة مداخلة السيد والي الجهة, التي أكد فيها انه سبق و أن ناقش كل هذه النقاط المهمة و الملاحظات القيمة, خلال الاجتماع الذي عقده مع مكاتب الدراسات في وقت سابق, لكن لم يتم اخذها بعين الاعتبار من طرف هؤلاء "الأقزام" الذين لا يفقهون كوعهم من بوعهم, و الذين كشف الوالي "بنعمر" خريج مدرسة القناطر الباريسية المرموقة و المهندس الذي راكم خبرات طويلة في مجال الانشاءات و المشاريع المهيكلة العملاقة, سوءات دراستهم الفاشلة و مخطط "ولد ينجا" الكارثي, و هي المداخلة التي برئ من خلالها "لمين بنعمر" نفسه و وزارته, أمام الله و الملك و الساكنة, و أقام بها الحجة على "ولد ينجا" و أغلبيته و مكاتب الدراسات التي جاء بها.

لكن للأسف الشديد كل تلك الملاحظات النيرة من والي الجهة, سلكت نفس الطريق الذي سلكته مثيلاتها التي كشف عنها "بنعمر" يوم أمس, ف"ولد ينجا" و غرابه الذي يوسوس له كل هذا العبث المرسل, يتصورون بأن والي الجهة ممثل مصالح وزارة الداخلية و الدولة المغربية و جلالة الملك, مجرد ديكور يصلح فقط لتأثيث المشهد, الى درجة قد يثور فيها البعض لعدم حضوره, كما حصل داخل دورات المجلس الاقليمي لوادي الذهب, أما كلامه و توصياته, فلا تصلح حتى للاستئناس, و مقامها الشريف هو سلة المهملات. فعداوة "ولد ينجا" و أعضاء أغلبيته مع مصالح وزارة الداخلية ممثلة في شخص الوالي, تاريخها قديم, و جذورها عميقة و جراحاتها عصية على الشفاء, اذ لا زالوا مقتنعين بأنه هو سبب نكستهم العظيمة خلال انتخابات بلدية الداخلة, و الفيديوهات و المداخلات و ما سطرته اذرعهم الاعلامية ساعتها, لا تزال بجعبتنا, و أن أحبوا أن نذيع, فسنذيع, والا فما هو تفسير "ولد ينجا" لكل هذا الاستهتار بصلاحيات والي الجهة و توصياته و ملاحظاته.

على العموم الحساب قد إقترب, و ما على الرئيس و واضعي ميزانيته الكارثية الا أن يصبروا النفوس, فالتفتيش و التحقيق سيشمل هذه المرة عمليات تبذير المال العام في شراء فائض من السيارات الفارهة من أجل تخصيصها لأغلبيته الحاكمة, سيشمل اهدار نصف مليار سنتيم على دعم جمعيات لم تقدم أي شيئ يذكر للساكنة, سيشمل استعمال هذه السيارات في مهام بلطجة من طرف أفراد عائلات أعضاء أغلبية الرئيس كما حصل مع أحد الصحفيين المنتقدين لرئيس الجهة, سيشمل اضاعة الأموال العمومية على مكاتب الدراسات المخملية, سيشمل تعثر المشاريع العملاقة التي دشنها الملك, سيشمل إضاعت المال العام على إتفاقيات مغشوشة مع شركات طيران أجنبية من دون فائدة تذكر على الساكنة كما حصل مؤخرا مع شركة كنارية مغمورة...إلخ من الفضائح المرسلة التي لا أول لها و لا آخر.