Créer un site internet

قراءة في ترحيل دولة البيرو "خديجتو المخطار" الناشطة الديبلوماسية بجبهة البوليساريو

Polisario perou

الداخلة بوست

بقلم: د.الزاوي عبد القادر – أستاذ باحث و كاتب صحفي

قامت مؤخرا جمهورية البيرو بترحيل المواطنة الصحراوية "خديجتو المخطار", التي أدعت منابر إعلامية محسوبة على جبهة البوليساريو, بكونها سفيرة و ديبلوماسية للجمهورية الصحراوية بدولة "البيرو", في الوقت الذي كشفت فيه وزارة الخارجية البيروفية في بيان رسمي أصدرته في وقت سابق, بأن "المخطار" دخلت الى البلاد بتأشيرة سياحية و وثائق سفر إسبانية, و أن البيرو لا تعترف بجمهورية البوليساريو منذ 1996, و لا تنوي حتى استئناف العلاقات الديبلوماسية معها.

إنها بإختصار تفاصيل فضيحة ديبلوماسية غير مسبوقة للبوليساريو, ستفقدها حتما مصداقيتها أمام الصحراويين, فالبوليساريو قد ثبت بالدليل و في أكثر من أزمة و مناسبة, أنها لا تريد حلا نهائيا لقضية الصحراء, و تريد أن تحول اللاجئين الصحراويين القابعين فوق تراب تندوف, الى رهينة لأجنداتها الداخلية, كما تريد أن تحول أرض تندوف الى أرض إقامة دائمة و وطن بديل.

يجب على جبهة البوليساريو أن تستفيق من أحلام اليقظة, و حالة إنعدام الوزن التي تسبح بين حبائلها, و تكف عن إنتهاج سياسة النعامة البائسة, و تعترف بأنها ليست دولة معترف بها من طرف المنتظم الدولي و الأمم المتحدة, و تتحلى بالواقعية السياسية, و تمتلك الشجاعة بأن تقول للصحراويين أنها فاشلة, و أنها أصبحت جزءا من المشكلة, و بأنها حولت أحلام الصحراويين بالخلاص, الى رهينة لدى حكام قصر المرادية بالجزائر, خدمة لخصومات جيو- سياسية مع المغرب, من ارث الاستعمار الفرنسي و تبعاته.

اليوم الكل رابح من المتاجرة في مظلومية و معاناة الشعب الصحراوي, على طرفي الجدار العازل, بإستثناء طبعا الصحراويين و الساكنة الاصلية المغلوب على أمرها, لكن الخاسر الاكبر في النزاع المزمن, يظل هم المنفيين الصحراويين بمخيمات تندوف, الذين يعيشون الحرمان و البؤس, بينما جبهة البوليساريو و قيادتها نائمين في العسل, و مشغولين بصناعة غزوات ديبلوماسية هنا و هناك, لا تسمن و لا تغني من جوع, في إنتظار أربعين سنة أخرى من الإنتظارية القاتلة, و سيل جارف من قرارات مجلس الأمن الدولي, لا تساوي حتى قيمة الورق المكتوبة عليها.

إن قضية "خديجتو المخطار" تعتبر بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير, و أكدت بأن جبهة البوليساريو قد تحولت من حركة تحررية, قاتلت في يوم من الأيام, من أجل تحرير الصحراء من الإستعمار الإسباني, إلى حركة مسلحة تحرس وضع ستاتيكو بائس, و تسعى إلى تكريسه لأجل غير مسمى, في تجاهل مفجع لإنتظارات و آلام و معاناة الصحراويين. و بينما إمتلكت الدولة المغربية الشجاعة و قدمت مقترحا طموحا للحل, من أجل التفاوض عليه, لا تزال جبهة البوليساريو متمسكة بأطروحات عدمية, تستمد جذواها من قرارات ما يسمى بالشرعية الدولية, ممثلة في الأمم المتحدة, التي يعرف الجميع و حتى الجنين في بطن امه, أنها لم تحل في يوم من الأيام أي قضية مماثلة على سطح الكرة الأرضية, و إلا لكانت القضية الفلسطينية قد إنتهت منذ سبعين عاما, و لما شاهدنا اليوم بأم أعيننا مأساة التطهير العرقي الذي تتعرض له أقلية "الروهينغا" بدولة بورما, على مرأى و مسمع من "غوتيريس" و مجلس الأمن الدولي و الجمعية العامة للأمم المتحدة.

قولا واحدا, جبهة البوليساريو باتت عبئا ثقيلا على قضية الصحراء, و قيادتها تحولت إلى تاجر بارع, حول هذا النزاع الجيو-سياسي و الإقليمي, إلى مطية لتحقيق أهداف ربحية, تصب في مصلحة القيادة, و بعيدة كل البعد عن مصالح الصحراويين, المتمثلة أساسا في العيش الكريم فوق تراب الأجداد.