منع استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات قرارغير ذكي

Stitla3 474834484

الداخلة بوست – ألف بوست

أقدمت وزارة الداخلية المغربية على اتخاذ قرار غريب وغير مناسب سياسيا ينص على منع نشر استطلاعات الرأي السياسية التي تخص الانتخابات التشريعية المقبلة.

وبررت الوزارة قرار المنع بما يمكن أن يترتب عن استطلاعات الرأي من توجيه للناخبين، وتقول في هذا الصدد “ذلك يأتي حفاظا على مصداقية ونزاهة المسلسل الانتخابي، ودرءا لكل ما من شأنه الإسهام في توجيه إرادة واختيارات الناخبين، بناء على مقتضيات قانون الانتخابات الذي ينص على أنه (يُمنع إجراء استطلاعات الرأي التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة باستفتاء أو بانتخابات تشريعية أو انتخابات تتعلق بمجالس الجماعات الترابية أو بالغرف المهنية، خلال الفترة الممتدة من اليوم الخامس عشر السابق للتاريخ المحدد لانطلاق حملة الاستفتاء أو الحملة)”.

ويذّكر البيان بمجموعة من العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية، وبالتالي يبدو البيان أشبه بنص للقانون الجنائي منه ببيان سياسي يقدم أدلة للإقناع.

وإذا كان المسؤولون المغاربة يحلو لهم ترديد الاستثناء المغربي، فقد بدأت وزارة الداخلية تتحول الى “استثناء الاستثناء”، فبعد البيان الشهير لخدام الدولة  الذي برر الاستيلاء بطرق قانونية مشبوهة للغاية على عقارات في ملكية لاشعب، يأتي قرار منع آلية من آليات الانتخابات المعتمدة حتى في الدول الدكتاتورية وليس فقط بالديمقراطية أو ديمقراطية الواجهة، استطلاعات الرأي.

إن منع استطلاعات الرأي عمل سياسي غير ذكي ويعادي الديمقراطية، فإذا كان المسؤولون في المغرب يتغنون بسير البلاد نحو الديمقراطية، فالمنطق يتطلب تطوير آلياتها من شفافية الصناديق ونزاهة التصويت وحق الأحزاب في حيز كافي في وسائل الاعلام الى الحق في إجراء استطلاعات الرأي.

إذا كانت الظروف غير مهيئة لإجراء استطلاعات الرأي، فذلك مسؤولية الدولة التي تعوق تطور الحقل السياسي وليس مسؤولية البلاد ووسائل الاعلام. ولنفترض أن وسيلة إعلام دولية، أجرت استطلاعا للرأي في موقعها الرقمي أو عبر الهاتف حول الانتخابات التشريعية في المغرب، فهل يمكن لوزارة الداخلية مقاضاتها؟ بطبيعة الحال لا، لأن التقدم بأي دعوى سيكون مسخرة أمام المنتظم الدولي.

لا نعتقد أن تخوف وزارة الداخلية يأتي من خوفها على التأثير على الناخبين، فقد اعتادت هي نفسها إجراء استطلاعات الرأي، ومسبقا تبقى الخطوط العريضة للانتخابات المقبلة واضحة ومعروفة، فالمركز الأول سيكون بين ثلاثة أحزاب وهي العدالة والتنمية والاستقلال والأصالة والمعاصرة،  فلن تختلف عن الانتخابات البلدية السابقة، ولكن هذه الوزارة تتخوف من وقوف استطلاعات الرأي على نسبة المشاركة التي ستكون ضعيفة للغاية وربما مخيفة، وربما من الأسباب التي قد تدفع الى هزالة المشاركة مثل العنف المفرط ضد المحتجين وفضائح من طينة خدام الدولة.

كان الأجدر بوزارة الداخلية بدل المنع أن تدرس فشلها الذريع في إقناع المغاربة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية رغم الإمكانيات التي تتوفر عليها. كان الأجدر بها إعادة النظر في استراتيجيات التواصل للتسجيل والتي تقوم بتنفير الناس من الانتخابات أكثر من إقناعهم بأنها أداة رئيسية للتطور السياسي والاقتصادي ومشاركتهم في مستقبل البلاد. على الوزارة أن تجيب على السؤال التالي: كان يفترض غقناع أربعة ملايين مرغبي بالتسجيل في اللوائح، وتم تسجيل نصف مليون فقط، لماذا؟ هذا هو الجوهر والأساسي وليس قرار منع استطلاعات الرأي.