جولة مغاربية جديدة للمبعوث الأممي لتسوية نزاع الصحراء

Sahara ross

الداخلة بوست

محمود معروف - القدس العربي

تنتظر المبعوث الدولي للصحراء الغربية مهمة صعبة خلال جولته المقبلة في منطقة المغرب العربي لتحفيز أطراف النزاع الصحراوي على العودة لطاولة المفاوضات المباشرة المجمدة منذ أكثر من 4 سنوات.

ومن المقرر أن يستأنف الدبلوماسي الامريكي كريستوفر روس، مهمته كممثل شخصي للأمين العام للامم المتحدة لتسوية نزاع الصحراء الغربية، ويقوم خلال شهر آب/ اغسطس الجاري بجولة تشمل موريتانيا والمغرب والجزائر ومخيمات تندوف/ جنوب الجزائر حيث التجمع الرئيسي لجبهة البوليساريو.وتهدف الجولة متابعة تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي رقم 2285 الصادر نهاية نيسان/ ابريل الماضي، الذي حث اطراف النزاع الصحراوي على العودة للمفاوضات المتوقفة منذ اخر جولة عقدت في مانهاست في الولايات المتحدة اذار/ مارس 2012 بالاضافة إلى متابعة تسوية ملف عودة الموظفين المدنيين ببعثة الامم المتحدة بالمنطقة والاهم ما تردد انه يحمل مقترحاً جديداً لتسوية النزاع.

واذا كانت لقاءات روس في نواكشوط والجزائر وتندوف، ستتسم بتفاصيل تقنية، ليست محل خلاف كبير معها، فان اول مهمة له بالرباط تحتاج منه إلى خلق اجواء من التفاهم والثقة المهزوزة مع المغرب، اذ كانت الرباط في وقت سابق قد طالبت باستبداله واتهامه بالانحياز واللامهنية واللاموضوعية، وقبلت بعودة روس لمهمته بعد محادثة هاتفية التزم فيها الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون للعاهل المغربي الملك محمد السادس بضوابط تخفف من غضب المغرب على مبعوثه.

واذا كانت الرباط خلال السنوات الماضية لم ترفع الصوت ضد كريستوفر روس، الا ان المسؤولين المغاربة لا زالوا يهمسون بانزعاجهم الذي اضيف له ايضا غضبهم على بان كي مون نفسه بعد تصريحات له في اذار/مارس الماضي وصف بـ«الاحتلال» استرداد المغرب للصحراء الغربية من اسبانيا 1976، وهو الغضب الذي اسفر عن ابعاد المكون المدني من بعثة المينورسيو (84 موظفا) ووقف مساهمته في ميزانية البعثة.

ونجح المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة بجهود فرنسية بالتوصل إلى اتفاق بالعودة التدريجية للمطرودين، وذلك قبل عقد مجلس الامن الدولي جلسة خاصة حول الموضوع نهاية تموز/ يوليو الماضي، وبالفعل عاد 25 موظفاً بعد الجلسة.

إلا ان أوساط الأمانة العامة للأمم المتحدة لا زالت تتحدث عن عدم قيام البعثة بمهمتها كاملة، وهي البعثة التي بدأت عملها 1991 لمراقبة وقف اطلاق النار والاعداد لاستفتاء يقرر من خلاله الصحراويون مصيرهم بدولة مستقلة أو الاندماج في المغرب.

وإذا كانت مراقبة مهمة وقف إطلاق النار لا زالت سارية المفعول فان المغرب يقول بان مهمة الاعداد لاستفتاء قد انتهت بقرارات مجلس الامن التي تحدثت عن صعوبات اجرائه وبعد مبادرته 2007 بمنح الصحراويين حكماً ذاتياً تتمتع سلطاته المنتخبة بصلاحيات واسعة تحت السيادة المغربية. وادى تعثر السلام الصحراوي إلى مطالبات تتحدث عن انهاء مهمة المينورسيو وتتحدث عن التكاليف الباهظة لهذه البعثة التي تتحملها المنظمة الدولية. وكان اول المطالبين بذلك مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية عام 1998. وعاد مركز «HeritageFoundation» الأمريكي المعروف بقدرته على التأثير في القرار الأمريكي، إلى اثارة هذا الموضوع الاسبوع الماضي وقالت وسائط اعلامية مغربية ان المركز اعتبر أن كلفة هذه البعثات جد باهظة، وطالب بضرورة جعلها أكثر نجاعة.

وقال تقرير للمركز نشر الاسبوع الماضي ان بعثة المينورسو تعد من أكثر بعثات السلام كلفة لميزانية الأمم المتحدة؛ حيث كلفت ما مجموعه حوالي مليار و200 مليون دولار وذلك منذ تكليفها من طرف مجلس الأمن بمهمة حفظ السلام في الصحراء المغربية 1991، لتحتل بذلك المرتبة 20 ضمن قائمة أغلى بعثات السلام في العالم.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق ان المبعوث الدولي كريستوفر روس مستعد للتوجه إلى المنطقة لمناقشة الاقتراح حول «إحياء عملية التفاوض بشأن الصحراء الغربية» وانه «يجري العمل على اعداد اقتراح رسمي لتقديمه إلى الاطراف والدول المجاورة» الا انه لم يتحدث عن مضمون هذا المقترح بهدف الوصول إلى حل مقبول للطرفين بشأن مستقبل إقليم الصحراء».

جولات المفاوضات الأربع السابقة التي قادها كريستوفر روس كانت دائماً تصطدم بتمسك المغرب بمبادرة الحكم الذاتي وتمسك جبهة البوليساريو التي تسعى لدولة مستقلة بالصحراء و إجراء الأمم المتحدة لاستفتاء تقرير المصير. وكتب صبري الحوا الخبير المغربي في القانون الدولي ونزاع الصحراء ان المقترح الذي يحمله روس ذو علاقة وطيدة بسابق قرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام، التي تدعو الأطراف إلى البحث عن حل سياسي وسط متوافق عليه، وعن شكل لتقرير المصير. وهذه الشروط تفرض على مواصفات المقترح تجاوز الحكم الذاتي، المبادرة المغربية، وآلية الاستفتاء، بالإضافة إلى عدم الانفتاح على الخيارات الثلاثة المضمنة في مبادرة البوليساريو.

وان الحل بهذه الخصائص والمميزات يبقي إقليم الصحراء لصيقاً ومرتبطاً بالمغرب في نطاق معين ومجالات محددة، بشكل لا يصبح مستقلاً كاملاً؛ وفي الوقت نفسه لا يكون مطابقاً لنظام الحكم الذاتي، بل يتجاوزه تطوراً وتقدماً، ما دام المقترح مرتبطا بالحل الوسط بين الحكم الذاتي والاستقلال مستبعدا نظام الفدرالية والكونفدرالية، لأن المكونات الأساسية للأخيرين عبارة عن دول مستقلة قررت الاتحاد في ما بينها.

ويضيف أن المقترح الجديد استوحى مما يمتاز به التقسيم الإداري والسياسي في بريطانيا وأمريكا، وخاصة لكونهما تجمعاً اتحادياً؛ بالإضافة إلى مقاطعتي كوسوفو وميتوهيا في صربيا، المتمتعة بالحكم الذاتي المتطور، تشكل صيغة الحل الوسط بين الحكم الذاتي وبين الاستقلال؛ وهو نموذج المقترح الذي اشتغل عليه خبراء الأمم المتحدة ويسعون إلى فرضه في الصحراء. هل سيبدد كريستوفر روس بمقترحه الجديد الأجواء المتوترة مع الرباط ام سيزيدها توتراً، بالتأكيد ما كان لروس ان يأتي للمنطقة باقتراحه لو لم يتم التشاور حوله او على الاقل حول خطوطه العريضة قبل صياغته وإعداده والطلب من الناطق الرسمي باسم الامانة العامة للأمم المتحدة الإشارة اليه وتبقى مهمته متعلقة بالتفاصيل حتى لو كمنت في وسطها الشياطين.