Créer un site internet

كواليس قمة أبيدجان الأورو-إفريقية‖‖ إقرار “دولة” البوليساريو لحل النزاع وبقاء الوضع القائم في شمال الصحراء و أسرار أخرى

maroc-sahara

الداخلة بوست

بدأ كل شيء في مكتب المدير التنفيذي لإفريقيا في المفوضية الأوروبية، كوين فيرفاييكي، الدبلوماسي البلجيكي الذي شغل منصب الممثل الخاص للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، وكان مستشارا خاصا لخافيير سولانا، الإسباني الذي أدرك بحاسته، أن دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تصنع حل الصحراء بنقل أراضي إلى “الدولة” الصحراوية المعلنة والمعترف بها في الاتحاد الإفريقي.
وطالب فيرفاييكي بتغيير اسم القمة إلى قمة الاتحادين، لأن الاتحاد الإفريقي يضم كل دول إفريقيا، ووقعت على الوثيقة فريدريكا موغريني، حيث يخوض قسم إفريقيا في المفوضية الأوروبية جهودا لبناء حل إفريقي لقضية الصحراء يعترف بـ “مقايضة السيادة” بالنسبة للمغرب، على الجزء الشمالي من الصحراء كما كان معتمدا في سنة 1975 حسب “اتفاق مدريد”، واعتراف المملكة بـ “الدولة” الصحراوية على جنوب الإقليم لتقرير الساكنة لمصيرها كما يريد الأفارقة، إلا أن المشكلة السائدة تكمن في الاعتراف المتبادل، وهناك خطوة جريئة للوصول إلى هذا الهدف من خلال الاتحاد الإفريقي والدعم الأوروبي لجهوده، خصوصا وأن الألمان والفرنسيين يقودون إطلاق مفاوضات بين المملكة والبوليساريو.
لم يفكر إفريقي واحد في تغيير اسم القمة من الاتحاد الأوروبي ـ إفريقيا إلى الاتحادين الإفريقي ـ الأوروبي، ويطمح الأوروبيون إلى ضغوط متواصلة لتكون “الدولة المعلنة” تقريرا لمصير ساكنة إقليم الصحراء، والتفاوض على حدودها مع المغرب بما يسمح بعدم تهديد نظامه والحفاظ على دولته دون إجراءات قد تتوسع دوائر تأثيرها، لأن النظام المغربي ليس في المستوى الديمقراطي لما يقدمه من حكم ذاتي للصحراويين، ولا يمكن انتظار سنوات إضافية للبدء في هذه المرحلة، ويتخوف من الاستفتاء، لكنه لا يتخوف من خيار “الدولة” لتقرير المصير بدخوله إلى الاتحاد الإفريقي.
وعمل قسم إفريقيا في المفوضية الأوروبية على أوراق تؤكد إحداها على ثلاث خلاصات:
1ـ “الدولة” تتقدم لدى إبراهيم غالي على أي شيء، وهو يريد استمرارها ولو على جزء حيوي أو “قابل للحياة” من الإقليم التاريخي للصحراء “الغربية”.
2ـ أن إبراهيم غالي مستعد للتنازل عن الكويرة لموريتانيا، فصنع حليفا في نواكشوط، وعن
شمال الصحراء للمغرب، ورفض سلفه محمد عبد العزيز هذه الصفقة المعروفة لـ 5 مرات على الأقل، لكنه لم يرغب في الحرب، لكن إبراهيم غالي مستعد للمعركة والتفاوض كي يضمن لدولته الحياة.
3ـ أن شرعية إبراهيم غالي قوية وتؤهله للتفاوض، وقد اكتسبها من قيادته لقوات البوليساريو في حربها ضد المغرب، وتحفظ عن الحرب على موريتانيا، وقد قال عنها مستشاره، البشير مصطفى السيد، مؤخرا، أخ الولي مصطفى السيد التي قادها خطئا، “يجب ردمه وأي تفكير يجب أن يكون للمزيد من دفنه”.
وإن كان إبراهيم غالي مسنودا من أخ مفجر الثورة وقائدها، الولي مصطفى السيد، فإن وفده الذي رافقه إلى أبيدجان، ضم زوجة الرئيس السابق محمد عبد العزيز، فجمع كل الشرعيات حوله إلى جانب تذكير المجتمع الأوروبي بمواصلة المفاوضات، إن اختاروا ذلك، ورافق محمد خداد الوفد الرسمي للجبهة الذي استقبله وزير السياحة الإيفواري، سياندو فوفانا وسكرتير الدولة المكلف بالتعليم التقني والتكوين المهني توري مامادو.
وتخلى كل أعضاء الوفد عن جواز السفر الإسباني في هذه الدعوة الإفريقية كي لا يعتبر أي عضو في وفد “دولة” البوليساريو، عضوا في الاتحاد الأوروبي، ولم يدل رئيس البوليساريو بأي جواز أو وثيقة في لحظة دخوله إلى ساحل العاج، وفي سر ثان، أعلن قسم إفريقيا في المفوضية الأوروبية عن:
أ ـ قبول مبدئي في التفاوض على نسب الأراضي مع المغرب، لإقرار “دولة” البوليساريو لحل النزاع وبقاء الوضع القائم في شمال الصحراء، وسيكون خليج الداخلة والسيادة على “المعبر” الترابي مع موريتانيا، عقدة المحادثات الجارية.
ب ـ أن سفير البوليساريو الدائم في الاتحاد الإفريقي لمين باعلي، والمستشار عبداتي بريكة، والمستشارة سكينة لارباس، من أهم المدافعين عن سيناريو الحل بخصوص جزء من الأراضي لبناء “الدولة” الصحراوية القابلة للحياة.
وكادت الاجتماعات التي وصلت إلى 8 جولات في اجتماعات بالعاصمة أبيدجان على هامش قمة الاتحادين الإفريقي والأوروبي، أن تحمل نفس الخلاصة.
وكان موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، قد جزم في آخر لقاء له مع موغريني: بأن “المسألة، مسألة وجود، واعترافنا بوجود المغرب في الاتحاد الإفريقي لا ينفي وجود البوليساريو”.
وتحولت المسألة اليوم، إلى “مسألة” حدود، وفي المستقبل القريب، يريد المغرب حل مشكل سيادته على الإقليم مع البوليساريو التي لا يعترف بتمثيليتها الشرعية والوحيدة للساكنة، واضعا صفقة، يكون فيها الحكم الذاتي نهائيا، على أن تكون سيادته على الإقليم في اتفاق شامل، فيما المقترح الثاني يشمل عدم المطالبة بكل الأرض التاريخية للإقليم، واعتراف المغرب بالدولة المعلنة على جزء منه.
وجاءت صيغة الخبر الرسمي لوكالة البوليساريو، (تأكيدا لموقف إفريقيا الموحد بضرورة إنهاء الاحتلال من أراض من الجمهورية)، ولأول مرة، يترجم الدبلوماسيون هذه الالتفاتة بعد وصول إبراهيم غالي إلى أبيدجان بـ 15 دقيقة فقط، وشكلت عند المتابعين “تحولا كبيرا”، ومن جانبها، عالجت مديرية إفريقيا في المفوضية الأوروبية الخبر بكثير من التحدي، إذ اعتبرها الدبلوماسي البلجيكي فيرفاييكي، انتصارا لشخصه، وللمديرية منذ تسلمه امنصبه في 17 دجنبر 2015.
 بيان إعلامي للبوليساريو اعتبره فيرفاييكي، المدير التنفيذي لقسم إفريقيا في المفوضية الأوروبية، انتصارا، ويقول باللغتين العربية والإسبانية بـ “إنهاء الاحتلال” لأراض من “الجمهورية الصحراوية”، وليس أراضي الجمهورية أو “الأراضي المحتلة”، كما في التعبيرات السائدة لجبهة البوليساريو المعترف بها في الاتحاد الإفريقي، وحضرت القمة عضوا كامل العضوية بدعوة موقعة في 31 أكتوبر الماضي
يحتفظ فيرفاييكي بقول الملك محمد السادس بمدغشقر، “إنه الملك في إفريقيا وملك كل الأفارقة، وكل الأديان”، “ولا أرفض اتفاقا مع الصحراويين”، فالمفاوضات الغير ملزمة للمغرب بوساطات إفريقية وفي اجتماعات مطولة، تؤكد على رغبة مغربية في تسوية مع “الدولة” في المخيمات، لأن نفس الجهة تفاوض جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في الأمم المتحدة.
يعلق فيرفاييكي: “قد تكون المحادثات دون إثارة الاحتلال أو التحرير” بما يسهل التوصل إلى حل سعى إليه هذا الدبلوماسي البلجيكي منذ دجنبر 2015(1)، وقبله لأنه متخصص في مشاكل القرن الإفريقي، ثم في البحيرات الكبرى(2) ورفض التطرق إلى مشكل الصحراء في ورقة لعام 2013 معتبرة إياه هامشيا، لكن دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، فجر الاهتمام بالمشكل، وأعاد ما تسميه وثيقة للمديرية “بناء السلام في إفريقيا” إلى الواجهة، آخذا بكل الوقائع على الأرض من أجل بناء الحل: المغرب في شمال الصحراء بموجب “اتفاق مدريد”، مصالح موريتانيا في الكويرة، ووجود “دولة” معلنة في مخيمات اللاجئين، واتفاق موقع بين موريتانيا وهذه الدولة المعلنة يمكن الدفاع عنه لبناء دولة قابلة للحياة.
والاتحاد الإفريقي يقبل:
ـ الدولة المعلنة في المخيمات كما يقبلها المغرب إقليميا لعودته إلى الاتحاد الإفريقي.
ـ الاتفاق بين الدولتين الموريتانية ودولة البوليساريو على نقل أراضي تدار حاليا من طرف دولة ثالثة من دون أي اتفاق، فالمغرب قبل بشمال الصحراء في 1975 نهاية لمطالبه في الإقليم، والاتفاق الموريتاني مع البوليساريو، يساعد على بناء السلام في المنطقة بدعم أوروبي.
وعلى الأوروبيين الحسم في هذا التقرير لصالح دولة موريتانيا التي تريد مساندة الحل الأممي أو أي اتفاق يرتضيه الطرفان، لكن دون تنازل الجبهة على الكويرة للمغرب، ولو في إطار حكم ذاتي بضمانات أممية، لذلك، فإن إعادة رسم الخارطة على أساس اتفاق لا ينسف الاتفاقيات الماضية، أساسي لبناء السلام في المنطقة.
 رهانات كبرى للقمة الأوروبية الإفريقية
لا يختلف المراقبون والإعلاميون الذين حضروا القمة، وقبل بدايتها في 29 و30 نونبر المنصرم بأبيدجان، عن كون “رهانات الاتحادين الإفريقي والأوروبي، رهانات كبرى بدأت بتغيير الاسم”، تقول “جون أفريك”(3).
وما صرح به فيرفاييكي باسم “الخدمة الأوروبية للعمل الخارجي”(4)، خلق سؤالا زعزع الاستعدادات للقمة، حسب المجلة، لذلك، فسؤال حضور دولة البوليساريو، اقتراح أوروبي تحول إلى مشكلة إفريقية، جرى تهديد ساحل العاج بنقل فعاليتها إلى أديس أبابا، وهو الموقف الذي اعتبره المسؤولون المغاربة، أقصى ما تقدمه أبيدجان، وحضر الملك المغربي القمة وإلى جانبه رئيس البوليساريو.
وجرت كتابة 28 ورقة من الدول الحاضرة للقمة حول مشاورات على هامشها، انتهت إلى القول بأن الحوار المغربي مع البوليساريو، لديه أسس صلبة للوصول مع إبراهيم غالي إلى الحل.
لم يكن رئيس البوليساريو مطمئنا إلى هورست كوهلر وجولته، بل ركز على البوابة الإفريقية التي لم تعد تشعر بأي خلاف كبير حول قضية الصحراء تقول غيرت لابورت، نائبة مدير “المركز الأوروبي لتدبير السياسات والتنمية” الموجود في بروكسيل(5) العاصمة التي يخوض دبلوماسيوها ومراكزها، “دبلوماسية الكواليس الذكية والواقعية” والتي قد تنتهي إلى تحول في خارطة نزاع الصحراء لأول مرة.
كانت الكواليس نشيطة بما يكفي، لأن الاتحاد الإفريقي لديه طموحات لصناعة حلوله، فمشكل الصحراء، ليس فشل الأفارقة، بل لأن الطرفين ـ المملكة والبوليساريوـ عادا إلى الاتحاد الإفريقي، بعد رحلة طويلة بدون نتيجة مع الأمم المتحدة، ومن جهة ثانية، يريد الاتحاد الأوروبي نجاح ثنائي ألمانيا وفرنسا بعد مفاوضات “بريكست” وخروج بريطانيا.
ويستعد هورست كوهلر، الرئيس الألماني السابق والمبعوث الأممي لقضية الصحراء، لإطلاق مفاوضات بين البوليساريو والمملكة، تدعم شروطها دبلوماسية أوروبية “ذكية”، تحاول تجاوز الخلافات بين برلين وباريس في مواضيع السياسة الخارجية، ويمارس الطرفان تمرينهما في قضية الصحراء.
والشباب في المخيمات، أحس أنه معني بموضوع القمة، وهي رسالة أوروبية كي لا تنحرف الأوضاع كما حدث في أزمة “الكركرات”.
ومعروف عن القمم الأوروبية ـ الإفريقية، أنها شديدة “الكولسة”، وليس ما ظهر في اليومين الأخيرين من نونبر المنصرم، هو القادر على تحديد الساعة الجيوسياسية لأوروبا، فألمانيا انتهت إلى إدارة “تقدير جديد” للصحراء دفع الرئيس ماكرون إلى تبنيه، وليس لدى باريس أي هدف في استعداء محور في إفريقيا، أو خلق أعداء من اللاجئين الصحراويين.
وما يؤسس لتقديرات بديلة، أن المستشارة الألمانية، ميركل، قالت “إن إفريقيا تدرك حلولها، وهي لا تطلب المساعدة، بل عدم العرقلة، والأمم المتحدة تركت لطرفي الصراع، المفاوضات وبلورة ما يريده الأفارقة والإقليم والوسطاء، لإنجاح الحل”.
ولأول مرة منذ عشر سنوات من تعريف الاستراتيجية “جاييس” الموجهة إلى إفريقيا في قمة لشبونة التي وصل دبلوماسيها الشهير، غوتيريس، إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، والرئيس السابق لألمانيا كوهلر، إلى قيادة مفاوضات المملكة والبوليساريو، وعلى ذلك، يمكن لقضية الصحراء أن تكون محورا للعلاقة الأوروبية الإفريقية التي بدأت بحكم محكمة العدل، بتمييز الإقليم عن المغرب، وحاليا، عدم تمييز المغرب عن “دولة” البوليساريو، وأعطى هذا التحول شرعية ما للدولة المعلنة من جانب واحد سيغير قواعد اللعبة، وتريد الرباط تغيير هذه القواعد في الاتحاد الإفريقي لزرع مقاربتها، والموت البطيء لـ “دولة” البوليساريو.
وانتظار انقسام الصحراويين، بدأ بقوة انتصار لنظرية المستشار الخاص لكوهلر، والسفير السابق لألمانيا في جنوب السودان، دافيد شواكي، التي تقول بضرورة تبني الخلاف الداخلي للبوليساريو وتعميقه بما يناسب اجتراح حل “الحكم الذاتي”، لكن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رسخ قناعة “الكومنولث” دون أن يذكره في عرضه أمام مجلس الأمن.
 الصحراء “غير عربية” أطلقها وزير الخارجية المغربي من أبيدجان، لتزكية معادلة جديدة: “أمازيغ الصحراء الغربية ـ مع الحكم الذاتي، وعربها مع الدولة في المخيمات”، وكتب مصطفى ولد سلمى لصالح المبادرة الصحراوية من أجل التغيير، بما زاد من الخلافات في الجبهة، انتهت إلى الدعوة إلى ما سمي “نموذج منظمة التحرير الفلسطينية الجامعة لفصائل مختلفة، أو الإرهاب” انتصارا لدافيد شواكي، وتغيير قواعد اللعب في الصحراء
في مقال مستقل ومفصل، تطرقنا إلى نظرية شواكي، المستشار الخاص لهورست كوهلر، في قضية الصحراء، وقد انعكست على المعادلة التي يدعمها الجميع، لتغيير قواعد اللعبة في هذا النزاع، ومن داخل جبهة البوليساريو، حين خرجت المبادرة الصحراوية من أجل التغيير بدعم أوروبي، فيما كتب المستقر في موريتانيا والمدير السابق لشرطة الجبهة، مصطفى ولد سلمى، الذي رفض اللجوء في إحدى البلاد الإسكندنافية، عن تعزيز نفس الخلفية، وتخيير إبراهيم غالي بين تحويل البوليساريو إلى نموذج منظمة التحرير الفلسطينية التي تجمع عدة فصائل أو الإرهاب، وهو ما دفع ناصر بوريطة، إلى تصحيح تصريحه لـ “إفي”.
والخيار المدروس، هو رفع “الكوركاس” (المجلس الاستشاري والملكي للشؤون الصحراوية) ملتمسا إلى الملك لتعديل قانون الأحزاب والعمل بـ “الحزب الجهوي” في الصحراء، لكن المسلسل لا يزال في بدايته، لأن المستهدف في هذه العملية، هو جبهة البوليساريو وليس المجتمع الصحراوي تحت الإدارة المغربية.
وتذهب هذه الترتيبات بعيدا في تصريح وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي انتقل إلى سرعة أخرى بإعلان معادلة جديدة، قبل التراجع عنها، وقال بهذا الخصوص “إن الصحراء ليست عربية”، وأي تحول عرقي سياسي في المنطقة، كما تورد نظرية شواكي، سينتهي إلى أن أمازيغ الصحراء “الغربية” مع الحكم الذاتي، وعربها مع خيار “الدولة”، والدفع بـ “أمازيغية الأرض” له ما بعده، وصولا إلى الضغط على “بيضان موريتانيا”، لكن أين هي حدود “تمازغا”؟ وهل نهر السنغال هو نهاية خارطة صعبة ومتوهجة عبر التاريخ، لأن الأفارقة السود، أقرب إلى التحالف مع الصحراويين، وتلك قصة ستغير بعض قواعد الخارطة كما يريدها الغربيون بتؤدة، كي لا ينفجر الوضع بالكامل؟
ويمكن للملك أن يجمع بين أمازيغ وعرب الصحراء الغربية، كإحدى السيناريوهات الداعمة للسياسة الحالية للعاصمة الرباط، لكنها قد تغير خارطة المغرب نفسه، لأن الدفع بـ “أمازيغية الأرض” سيغير المغرب والجزائر.
إنه انتحار جديد للأنظمة المغاربية، وتعديل واسع في الخارطة، وقد تنازل هورست كوهلر عن هذه الورقة الخطيرة لشواكي، لأنها تريد رسم خارطة الحكم في شمال إفريقيا.
وحاليا، جمد كوهلر سيناريو مستشاره الخاص، دافيد شواكي، وانتهى إلى الذي قال عنه “إنه معروف، وهو الكومنولث”، ونفى استخدام العبارة في عرضه الأول أمام أنظار مجلس الأمن، وبالتأكيد هناك سيناريو كوين فيرفاييكي، القاضي بتطوير الأمر الواقع إلى “ترتيبات صغيرة” تجعل المفاوضات، حول “حدود” دولة قابلة للحياة لصالح البوليساريو، فيما اعترف للمملكة بحدودها كما حددتها مسيرة الشعب المغربي في 1975.
ويتنافس اللاعبون الدوليون والإقليميون على تغيير قواعد اللعبة، فالمغرب يريد من داخل الاتحاد الإفريقي، تجاوز عقدة البوليساريو والعمل على التغيير من داخل المجموعة الإفريقية، وعد معها ناصر بوريطة، ألا يزيد عدم المعترفين بهذه “الدولة”، فاستمرار المسلسل الأممي، يمنع هذا الانتشار ويعقده، وفي نفس الوقت، لا يسمح للاتحاد الإفريقي بأي دور في الحل، فتزيد المواجهة وقد تنقلب خطة المغرب سلبية عليه، وقد تنجح الرباط في الرهان على تحويل البوليساريو إلى كائن لامرئي أو على الهامش، مع محاولة تفجيرها من الداخل.
وقال بوريطة في نفس اللقاء مع “إفي”: “إن التوجه العام، هو عدم اعتراف الدول بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، حسب تصريحه، متسائلا: “هل يوجد بلد اعترف بهذه الجمهورية أخيرا؟”.
سيستمر الوضع في هذه الاستراتيجية بسحب الدول لاعترافها بـ “دولة” البوليساريو، وبالتالي، تجفيف إفريقيا من “الدولة الصحراوية” من الجذور وبنيات الاتحاد الإفريقي.
 القمة الخامسة للاتحادين الإفريقي والأوروبي، لم تكن فيها قرارات أو التزامات دول توقع فيها الدولة المغربية إلى جانب “دولة” البوليساريو، التي حاول حضور الملك، إبعاد الضوء عنها في ظرف طارئ، لأن استراتيجية المغرب لتغيير قواعد اللعبة في الاتحاد الإفريقي، لا تزال في بدايتها، حسب الخطاب الرسمي، لكن الاتحاد الأوروبي يتحالف مع الاتحاد الإفريقي لبناء استراتيجية يضطر معها وزير الخارجية بوريطة إلى استخدام السرعة العليا لتفكيك البوليساريو قبل تفكيك قواعد الاتحاد الإفريقي، وإعادة بنائها
يدافع كوين فيرفاييكي، المدير التنفيذي لإفريقيا والمستشار القوي والفاعل في طاقم فريديريكا موغريني، بالقول: “لابد من ماريشال لإفريقيا، أو مشروع ضخم لإعادة تنمية واقتصاد القارة السمراء”، ويعارض ماكرون هذه الخلفية، وهو يخاطب رئيس بوركينا فاسو: “إنني مستعد للمساعدة، وليس للقرار الداخلي في بعض الدول الإفريقية”، وحاليا هناك تطورات دقيقة:
1ـ أن الصحرء “الغربية” لها متحدثان، ولا يمكن أن تكون لها ميزانيتان، والتمثيل القانوني سيكون من داخل الاتحادين لصالح البوليساريو، وقد ينتهي الوضع إلى مفاوضة الاتحاد الأاوروبي لـ “الجمهورية” المعلنة في المخيمات، ويباشر الاستثمار في أراضي الصحراء تحت الإدارة المؤقتة.
ويسود صراع كبير حول السيادة، قد ينتهي إلى مواجهة عسكرية تسمح للجبهة بإعادة توحيد صفوفها، ففي أزمة “الكركرات”، سكت المختلفون مع الجبهة، وعلى العموم، لا تختلف الأطراف حول ما يسمى “الجيش الوطني الصحراوي”، وتختلف قبليا وبين لوبيات وشخصيات، وسيعود لهذا المكون المسلح لتحديد المستقبل، وهو المعني بوقف إطلاق النار المرتبط بالاستفتاء في مهمة البعثة الأممية، وقد ينتحر، فينطلق في اقتتال قبلي ومصالحي ينهيه، وينهي المسألة “الصحراوية”، أو يفجر حربا ضد المغرب خارج قواعد اللعبة الأممية، فيتعرض للسحق، أو قد يدير إبراهيم غالي لعبة، تمنحه هامشا للمناورة في القتال التكتيكي في معركة بين فصائل جيش دولته وأخرى على أراضيه.
2 ـ الخطورة تكمن، إن لم ينقسم جيش البوليساريو، بينما مطالب “خط الشهيد”، وباقي المعارضات داخل جبهة البوليساريو من أجل تمثيلها للمكونات المختلفة، ليست سوى طموحات لبعض الشخصيات التي كانت في الجبهة أو أسستها أو تربت فيها، وليس هناك إلى الآن، “مشروع” يوازي مشروع البوليساريو، وأنصار الحكم الذاتي في المرحلة الإسبانية والمغربية، غرقوا في تثبيت وجودهم الانتخابي والقبلي بمساهمة الإدارة المغربية للسيطرة على الوضع المقبل من خلال صناديق الاقتراع.
وقد ينتهي هذا التكتيك، إن دخل سيناريو دافيد شواكي في مراحل تطبيقية، وآنذاك، ستنفجر الصحراء، وهو خيار لن يقف عند تخوم “الطاح” أو “بيضان” موريتانيا جنوبا، بل ستتحرك الخارطة الدموية إلى الأطلس الصغير شمالا، وجنوبا إلى  نهر السنغال.
وتعرف الدول كيف تسيطر على هذه السيناريوهات، لكن التجربة السورية قد حسمت القول بأن إنهاك الفاعلين المحليين سيؤدي إلى تدخل دولي يرفضه النظام الجزائري، وحاليا، يبعد الفرنسيون نقل تنافسية كل من الجزائر والمغرب إلى القارة السمراء، ويرفض المعطى الأمني “التجاذب السياسي” الحاد، والجزائر إن بقيت في حدودها مقابل شمال مالي، فإن المغرب لن يكون له موطئ قدم في مجموعة “جي 5″ في الساحل الإفريقي، ويحاول الجانب الأوروبي والإفريقي والأممي، رسم خارطة الحل في قضية الصحراء، وليس الحل بالضرورة، بعيدا عن التجاذب ، بل يأتي من خلال المزيد من التطبيع بين المغرب و”دولة” البوليساريو، عبر المنظمات الإقليمية، لأن المسألة في المغرب لم تعد متعلقة بالحضور، ولكن بتوقيع الدولتين على أي اتفاق، وهو الخط الأحمر الجديد لدبلوماسية المغرب كما أعلنها ناصر بوريطة.
 أوروبا تجد هامش المناورة في الاتحاد الإفريقي
أصر الملك المغربي على الحضور الشخصي في قمة أبيدجان، لتغيير الصورة عن مشكل الصحراء، وخلق مخيال مختلف عن المغرب، وتعزيز اهتمامه بالبعد التنموي والرؤية الجديدة لـ 2063، فالملك أطلق بهذه المناسبة، مسجدا بأكثر من مليوني يورو ومركز تكوين بستة ملايين يورو في أبيدجان، فيما هو الشريك الأول لأوروبا، لكن الاتحاد الأوروبي يقرأ الوضع من خلال عدم فصل مناورته في الأمم لمتحدة عن الاتحاد الإفريقي، لأن فرنسا وألمانيا تنتظران توحيد موقفهما في قضية الصحراء، ذلك أن المستشارة، ميركل، تريد رأيا يتحرك على يسار المغرب، وليس إلى يمينه، وتريد من الجزائر الحركة على يمينها قليلا، ويعرف المغرب قبل غيره، أن المسألة، لا تتعلق بالاعتراف أو عدم الاعتراف بـ “الدولة الصحراوية”، بل باعتراف الأوروبيين والأفارقة بسيادته على الإقليم.
والصراع الحالي، ليس على “الدولة الصحراوية” من عدمها، بل على مشكل “السيادة”، لأن ما تحت إدارة المملكة، قابل للطعن القانوني كما حدث مع محكمة العدل الأوروبية، ويمكن أن ينقلب أي وضع مستقر، إن لم تصل الرباط إلى صفقة إقليمية، أو دولية، لإنهاء الملف.
ومن المخيف أن يتنازع الأوروبيون حول مسألة “الاندماج الإفريقي” المنخفض للغاية، ولو كان مرتفعا، لانتهى إلى حل جيوسياسي لقضية الصحراء، التي تغلب فيها عامل الجغرافيا على التاريخ والجيوسياسية.
يقول الرئيس ماكرون في إحدى خلفياته: “لابد من تشجيع المفاوضات، ضغط الاتحاد الإفريقي سيكون أقوى على البوليساريو”، ولذلك يضطر الملك المغربي، لتوجيه بوصلة الحل إلى ما يقترحه (الحكم الذاتي)، من جهة ثانية، تعمل الرباط على تمويل إصلاح الاتحاد الأإفريقي الذي يقوده الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورسم توجهه من طرف المملكة، سيعيد رسم مصالح العاصمة الرباط بشكل دقيق وفاعل.
وفي الحالتين: لا يمكن رسم إصلاح في الاتحاد الإفريقي خارج المنطق المغربي، وبتمويل أوروبي كامل، وثانيا، لا يمكن بناء شراكة إفريقية ـ أوروبية دون محورية المغرب، وهو ما تخوفت منه نيجيريا قبل انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (الإيكواس).
وفرض الحضور المغربي القوي في أبيدجان، تهميش “دولة” البوليساريو، وتجديد العقيدة الفرنسية لماكرون المبعدة للمغرب من مجموعة “جي. 5” في الساحل الإفريقي، وأيضا زيادة مخاوف نيجيريا من التحاقه بـ “الإيكواس”، بل خططت ألمانيا لمخاطبة إفريقيا على أساس دولها في خارطة تعاونها، وهو ما يبيح “تعمير” 20 في المائة من الأراضي شرق الجدار الدفاعي المغربي، ومن باب التدقيق، يجب أن نعرف أن الاتحاد الأوروبي، تلقى الضوء الأخضر لتعمير الأراضي شرق الجدار بطريقة قانونية لن يحتج عليها المغرب؟
ومن هنا، ينظر البعض إلى نواة الحل في “قضية معقدة” كما وصفها مندوب إيطاليا في الأمم المتحدة غداة عرض هورست كوهلر لنتائج جولته الأخيرة، لما سماه الأطراف الخمسة: المغرب، البوليساريو، الجزائر، موريتانيا وإسبانيا.
 ألمانيا تسيطر على الاتحاد الأوروبي وتدعو ماكرون إلى توحيد سياسة البلدين في كل قضايا إفريقيا، يتقدمها موضوع الصحراء التي يقود رئيسها السابق هورست كوهلر، إطلاق مفاوضات بشأنها بين المملكة والبوليساريو
تذهب المستشارة الألمانية، ميركل، إلى ربط التمويل بإصلاح لا يتمحور في اتجاه واحد، ولذلك، وجد الرئيس الرواندي، بول كاغامي، ضغوطا جمة، كي تكون الإصلاحات “أجندات سياسية” بالمطلق، فالمسألة ليست سياسية في نظر الألمان.
 المغرب والجزائر خرجا من اللعبة
خرجت الجزائر والمغرب من اللعبة، وأصبحت قضية الصحراء أكثر تدويلا، وخرج مجلس السلم والأمن الإفريقي لتحديد مصير غرب إفريقيا بـ “دولة” البوليساريو، كما ناقش انضمام المغرب لـ “الإيكواس” في علاقتها بقضية الصحراء، فيمول الأوروبيون “جي. 5” بعيدا عن الرباط والجزائر العاصمة، وفي مالي وتونس وموريتانيا، تزداد عزلة البلدين بارتفاع مستوى السيادة في هذه الدول إلى الدرجة التي يدافع فيها جميع الأفارقة على تمثيل جمهورية البوليساريو.
وتزيد التحديات التي تواجه الشباب الإفريقي بين التطرف والهجرة والنزاع المسلح، فيما يحاول الأوروبيون إبعاد شباب البوليساريو عن تمجيد النزاع المسلح في المنطقة.
يقول المركز الوطني للدراسات الديمغرافية(7): “إن ساكنة إفريقيا ستتضاعف في 2050، وستنتقل من 1.2 مليار نسمة في 2017 إلى مليارين ونصف المليار نسمة في عام 2050، وستكون 4.4 ملايير نسمة سنة 2100″، وهي الخلاصة التي اعتمدها 120 قائدا شابا أوروبيا وإفريقيا بين 9 إلى 11 أكتوبر الماضي في أبيدجان.
ولا يستطيع المغرب والجزائر أن يتحكما في “شباب الصحراء” ومستقبلهم، لذلك، فالشراكة الإفريقية ـ الأوروبية تريد مبادرة باتجاه موضوع الهجرة(8)، ويعرف الحاضرون هذه الحقيقة، فهناك من لم ير تغييرا بين القمم السابقة والحالية(9)، وهناك من لم يصحب طاقما مهما كما في حالة رئيس الاتحاد الإفريقي(10).
وفتحت قمة ساحل العاج، انتقادا قويا على صفحات الجرائد المحلية، لأن أوروبا لم تلعب لعبة الديمقراطية في ساحل العاج وليبيا(11)، ولن تلعب الحل الديمقراطي في الصحراء، إلا إن اختاره الطرفان، لذلك اختارت الأطراف تطوير خارطة انتقالية للحل في الصحراء انطلاقا من الخارطة الحالية للنزاع، وهي النظرة البلجيكية التي هندست للقمة الخامسة في أبيدجان، ودعمتها(12)، وغيرت اسم القمة لحضور البوليساريو، وشكل هذا الحدث، والدعم الذي تلقته أبيدجان من بلجيكا، مفاجأة، لأن ساحل العاج لم تحضر في قمة 2014 ببروكسيل.
وعلقت بعض المنابر الإعلامية عن افتتاح هذه القمة، بعبارة الوزير الأول الفرنسي، شارل ميشيل، بخصوص تحديد المسؤوليات والالتزامات وتحذيره اللاعبين الإقليميين من اللعب بالنار في الساحل(13)، وقد أهدت “سي. إن. إن” الأمريكية صورا لبيع الأفارقة عبيدا في ليبيا، وأجاز تنظيم الدولة قتالهم لتحريرهم من صكوكهم، وهذه البدعة الاجتماعية زعزعت قناعات الكثيرين حول الاستقرار.
وكانت كلمات الوزير الأول الفرنسي، دالة على رفض باريس اندلاع أزمات في المنطقة، تشمل قضية الصحراء، وحضور “دولة” البوليساريو، يدخل في إطار عدم توتير الأوضاع التي يجمع عليها الأوروبيون، وهي قراءة ألمانية قبل أن تكون فرنسية، لأن عدم استقرار ليبيا، هو عدم استقرار لدول الساحل وأوروبا.
وهذا الانسجام الأمني، الذي تحاول فرنسا وألمانيا أن تغلفه على أساس الحل الواقعي لقضية الصحراء، يشمل أخيرا، عدم تغيير الوضع أو المساس بثوابته، فنزع الدولة من شباب المخيمات، هو إضافة 15 ألف مسلح إلى الإرهابيين، وحرمان المغرب من الصحراء، مس باستقراره، ولابد لجميع الأطراف أن تربح وتتحول المشكلة إلى مشكلة حدود، وليس مشكلة وجود.
والعودة إلى تقسيم الصحراء بين البوليساريو والمغرب في حياة بوتفليقة، حالة ممكنة، لكن ما بعده، ستتعقد الأمور أكثر، فموت الحسن الثاني أبعد الحل عن الصحراويين فانتهى الاستفتاء، وموت بوتفليقة يبعد الحل عن الصحراء.
وفعلا، لم يحتج أي أوروبي عن حضور البوليساريو كدولة في قمة الاتحادين، الأوروبي والإفريقي، يقول أصدقاء المغرب، وضمنهم، ماغايي غايي، الاقتصادي السنغالي ورئيس حزب “الطريق الثالث”: “إن ما يحدث ثورة في العقليات”(14).
ومما يوجه للمغرب، أنه يطلب من الآخرين، تغييرا في عقلياتهم، لكنه ليس نموذجا ديمقراطيا، ولم تتغير عقليته بشكل كاف تطمئن إليه مسايرة الاستراتيجيا الأوروبية الجديدة، وهي تقرر تحويل قضية الصحراء إلى مشكلة حدود مع البوليساريو، وستكون لعبة الاعتراف حاسمة إذ يعطيها الحق في الوجود كدولة، وتعطي حق السيادة للمغرب على شمال الصحراء، والعودة إلى حدود 1976، حل أوروبي في الكواليس.
في حقيقة الأمر، وحسب العقلية الأوروبية، فإن الأفارقة من دون ذكاء استراتيجي، وفي قمة أبيدجان، استقر الأوروبيون، على نقطة أمن الساحل الإفريقي لأمن أوروبا، ليس بفعل الهجرة، وإنما بفعل التطرف أيضا، وحاولت البوليساريو في مناطقها “فتح المجال لاستثمارات معدنية”، حسب تقديرات قارية تصل إلى 10 في المائة من احتياطات البترول، و40 في المائة من احتياطات الذهب، و90 في المائة من البلاتين، و30 في المائة من المصادر المعدنية في العالم، لكن خفض النزاع الإقليمي والدولي حول الخارطة المعدنية، هو الذي يجعل الصحراء ـ الغربية ـ جزء من التسوية الشاملة التي يدعمها الأوروبيون، ويدفع إلى تسوية تحرك إليها المغرب بانضمامه إلى الاتحاد الإفريقي، مع فشل خيار الحرب في “الكركرات” ولم يعد ممكنا، التفكير سوى في تسوية ترابية لحل النزاع مع البوليساريو.
لن يكون هناك ثمن لتسليم المغرب 20 في المائة من الصحراء تحت سيطرة البوليساريو، ولذلك، ارتأت مديرية إفريقيا في المفوضية الأوروبية، أن تؤكد على الخيار الأمثل في تطوير توسيع جبهة البوليساريو إلى دولة قابلة للحياة، وتسليحها يعتبر ضعيفا بما يناسب كيانا “غير مسلح”.
وهذه الشروط في نظر بروكسيل على الأقل، مشجعة وفاعلة لخلق مفاوضات جدية وعميقة ومفصلة عن ترتيب الحل، وليس خلقه كما تقول الوثيقة.
 تحالفات غير كافية
لم يكن المغرب وحيدا في بناء تحالفات “غير كافية” في إفريقيا، ففرنسا تقر بذلك أيضا، وهي فلسفة إفريقية، لذلك، سيكون على التحالف الفرنسي المغربي “غير الكافي”، أن يأخذ مكانه مرة أخرى في إفريقيا الفرنكفونية للمساعدة في حل يوقف الماكينة الألمانية التي تساعد على إعادة بناء لعبة أخرى في القارة، خصوصا وأنها تنتصر لتقسيم الصحراء، كفلسفة حل شخصي للرئيس بوتفليقة.
ومن الجدير القول، أن التأثير مفرط للماكينة الألمانية من خلال بروكسيل وباريس، وبرلين قادرة على إعادة بناء “معادلة أخرى في الصحراء” قد تفشل، لكنها ستغير ما يحدث حاليا، إن لم تستجب الأطراف إلى حل واقعي لا يفسره الجميع بالحكم الذاتي على كل الإقليم التاريخي للصحراء ـ الغربية ـ كما يسميها هورست كوهلر، بل أيضا بقبول دولة البوليساريو وتحويلها إلى دولة “قابلة للحياة” وبشروط جيوسياسية تحترم الجيران ومصالح الاتحادين الأوروبي والإفريقي.
وفي هذا الإطار، فإن حضور المغرب للقمة الأوروبية ـ الإفريقية على أعلى مستوى، يشارك في إعادة توجيه التأثير الأوروبي – والألماني تحديدا ـ في إفريقيا، وقد حضر قمة الاتحادين، كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ورئيسي البرلمانين الأوروبي والإفريقي، إيذانا بأن تحولا حدث، وسيكون له ما بعده في قضية الصحراء، وباقي قضايا القارة السمراء.

المصدر: صحيفة الأسبوع الصحفي