Créer un site internet

الأديبة الشابة "رياء الخطاط" تكتب...صرخة نملة

Dakhla chomage 4

الداخلة بوست

بقلم: الأديبة الشابة رياء محمد فاضل الخطاط

يحدث ان تتغرب وتدرس وتتعب وتسهر الليالي الطوال وتبذل كل ما بوسعك كي تحصل على شهادة، وعندما تعود إلى مدينتك حاملا بين خلجات نفسك ملئ الكوكب املا وتفاؤلا، يحطمك المجتمع الخامل والمؤسسات العبثية وأصحاب القرارات المتاجرون بمصائر السكان البسطاء. يحدث أن تأتي بأفكار جديدة ومساهمة في تطور مجتمعك الصغير وتضطر إلى وأد هذه الأفكار قسرا وهي خديجة قبل أن تبصر النور.

هذا ببساطة هو ما يحدث لأغلب الخريجين، يأتون وكلهم أمل، لكن مدينتنا الحبيبة لا ترضى إلا أن تطعننا قبل حتى أن نصل العتبة الأولى، فلا هي مدينة تحتوي على ما يؤهلها من مؤسسات أكاديمية، ولاهي أيضا بيئة خصبة لنضوج الأفكار والقدرات وتطورها.

يحمل أحد الطلاب من أبناء الساكنة سيرته الذاتية ووثائقه، وينطلق نحو مؤسسات الدولة، ليفاجأ بتعذر وجود مناصب شاغرة، ينطلق من هناك قاصدا المؤسسات الخاصة فيتفاجأ بكم الكذب والتلفيق والنفاق الإجتماعي في مؤسسات هدفها الأول أن تربح أموالا لا أن تبني وتستنهض همما، فيغرقونه بالآمال والأماني الكاذبة.

وماذا يرجى من مؤسسات تمني زورا..؟؟

هل يرجى من منتوجها أمل..؟؟

تترك عنك كل ما سبق وتدفع ملفا عسى أن تحظى بقرض لإنشاء مشروع صغير، فتبدأ آنذاك حلقات الجذب المؤسساتي وبعد مماطلات طويلة ومملة يطبع لك قرار الرفض، كما لو أنه طبع كرفض لك شخصيا لا لطلبك.

مدينة بحجم مدينة الداخلة يا سادة، وبحجم مواردها هل يعقل أن تكون بهذا القدر من العجف..؟؟

هل يعقل أن مدينة عامرة بالفرص لا توجد فيها فرصة إلا لمن اشترى فرصته..؟؟

هل يعقل أننا وعلى اعتاب السنة التاسعة عشر بعد الالفين لا زالت القبائل تجلس وتختار من كل قبيلة فردا أو فردين يتم بعد ذلك توظيفهم دونما تقييم للقدرات أو أحقية أسبقية..؟؟

اي جهل هذا الذي لا يصل فيه إلا من له سند..؟؟

وكيف يتوقع منا أن نتقدم..؟؟

واي تقدم يرجى من مدينة تغرقها قطرات مطر وتتصارع معارضتها بعبارات سوقية في دوراتها الجهوية..؟؟

هزلت! كما قال الدكتور بوعيدة، لا خير يرجى من هكذا مكان، ولا غرو أن ارتفعت نسبة الإنتحار وتعاطي المخدرات في هذه المدينة. فكل من اراد أن يمشي على طريق العصامية لابد ان يطعن، ولكن من أراد أن يمشي في طريق الإستغلال تفتح له الأبواب على مصراعيها. ورغم كل هذا نحن من يتحمل المسؤولية.  إذ أننا لا نسائل "رعاة" الأمر، فنترك كل منهم يصول ويجول إلى أن تنتهي مدته ويذهب دونما فائدة تذكر. وما دمنا على هذا المستوى من الخنوع لن نستطيع إحداث التغيير.

يبدو لي ان تحليل الدكتور مصطفى حجازي لهذا الموضوع في كتابه "التخلف الإجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" هو أقرب ما يكون لهذه الوضعية، حيث يقول "ذلك لأن إنسان هذه المجتمعات لم ينظر إليه بـإعتباره عنصرا أساسيا ومحوريا في اي خطة تنموية ." نحن يا سادة قطيع يساق إلى المذبح وكل صرخة فيه هي صرخة نملة، وليس لأي مسؤول قدرات سليمان على الإصغاء.