هنيئا للداخلة أكبر مقر مجلس جهوي في العالم يبنى من جيوب المحرومين و البؤساء

Region dakhla 46

بقلم: د.الزاوي عبد القادر-كاتب كاتب صحفي و مدير المركز الأطلسي الصحراوي للإعلام و الأبحاث و تحليل السياسات 

و كان عرشه على واجهة المحيط الاطلسي, من رآه منكم يا ساكنة الجهة من المحرومين و المعوزين و العاطلين و البائسين, فلا يحسبه لجة أو حكاية أسطورية من قصص ألف ليلة و ليلة, ف "يزهق لو لفريخ", بل انه صرح ممرد من قوارير. فسبحوا حينها و حمدوا و هللوا, و قولوا بصوت واحد رخيم: ان ظلمنا أنفسنا, و أسلمنا ميزانياتنا و مستقبلنا و أرزاقنا ل "ولد ينجا" من أجل سنون عجاف, باتت نذرها الشؤم تلوح في الافق القريب.

و بينما, و على سبيل المثال لا الحصر, و بعد ولايتين انتدابيتين له على رأس بلدية الداخلة, لا يزال "سيدي صلوح الجماني" الخصم اللدود ل"ولد ينجا" و حلفه العشائري, يقيم مجلسه ببناية قديمة, يوازي عمرها, عمر استرجاع اقليم وادي الذهب الى حضيرة الوطن الام, حفاظا منه على المال العام من التبذير و النهب و الضياع, اختار "ولد ينجا" أن يمارس سياسة "خالف تعرف" و أن ينعش مقاولات قادمة من العيون و اكادير, مقربة من حليفه "ولد الرشيد", من خلال منحها الصفقة الدسمة لتشييد "قصره" الجديد, و ذلك على حساب مطالب و انتظارات و أرزاق الساكنة المحرومة, ببرمجته جزء كبير من فائض خميرة الميزانية, في تشييد مقر أسطوري لمجلسه الايل للسقوط, بعد صدور قرار محكمة النقض, الذي بات على الأبواب, رغم أن المقر الحالي للمجلس فيه الكفاية و يزيد.

و طبعا و من دون شك, لو كان فاز لا قدر الله برئاسة مجلس بلدية الداخلة حلفه الاثنوقراطي, لكنا الأن أمام مشروع ملياري أخر, لتشييد مقر جديد للبلدية, يرضي هوس و غرور و "فخيرة" هؤلاء "الشراتيت", الذين لا يهمهم سوى "لعياقة" و "التمينديخ" و افتراس المال العام, على جثث بؤساء و معوزي و مرضى هذه الارض الملعونة.

حيث خصص مجلس "ولد ينجا" 9 ملايير سنتيم (90 مليون درهم) من الفائض التقديري لميزانية سنة 2017, الذي صادقت عليه أغلبيته من المؤلفة قلوبهم على "التهمهيم", خلال دورة المجلس الإستثنائية الأخيرة, والبالغ  100 مليون و879 ألف درهم, من أجل بناء "عرشه" الجديد على الطريق الساحلية الرابطة بين الداخلة وفم لبير. و هو الأمر الذي واجهه فريق المعارضة حينها بانتفاضة عارمة و معارضة ضروس, مؤكدين في جميع مداخلاتهم أن بناء مقر جديد لمجلس جهة الداخلة وادي الذهب لا يعتبر من الأولويات حاليا, وأنه كان الاولى تخصيص هذا المبلغ الخرافي, لبناء مدارس أو مستشفى جديد, أو تمويل خلق مشاريع صغيرة للشباب العاطل, أو غيرها من المشاريع الاجتماعية الاخرى, التي تعود بالنفع على ساكنة الجهة, في حين رحب أعضاء أغلبية "ولد ينجا" بالمشروع, مبررين ذلك بأنه سيحتوي –أي المقر الجديد- على قاعة كبيرة يمكن تخصيصها لتنظيم المؤتمرات والملتقيات التي تشهدها مدينة الداخلة على مدار السنة, فتصوروا الطريقة التي يفكر بها "ولد ينجا" و حلفه و أغلبيته؟؟؟ الذين كل ما يهمهم هو "لافييسطات" و البهرجة و الملتقيات و طاولات "كعب غزال", أما حاجيات الساكنة و أوجاعها, فلتذهب الى الجحيم.

تجدر الاشارة الى أن فكرة بناء مقر جديد, و كما يعرف الجميع, من هندسة رئيس مجلس الجهة السابق و عضو فريق أغلبية "ولد ينجا" حاليا, التي عرضها خلال أحد دورات مجلس الجهة, ليتبناها اليوم الرئيس المقال بحذافيرها, و نفهم سبب اصطفاف هذا الأخير الى جانب حلف "ولد ينجا", و نستوعب الفلسفة البائسة التي بنى عليها حزب الاستقلال تحالفاته السياسية بمجلس الجهة.

لكن يبقى أكثر ما يثير الإشمئزاز و الشفقة في القصة كلها, هو الخرجة الفيسبوكية المبتذلة لمدير مصالح "ولد ينجا", متهكما بشكل كيدي و حاقد على النصب الرمزي المشابه لتمثال "البراد" الذي قامت بلدية الداخلة بوضعه في كورنيش المدينة, متناسيا بأن مسؤولياته الجهوية و منصبه الوظيفي -الذي لا يستحقه طبعا- يمنعانه من القيام بهذه النوعية من التعليقات "السوقية" الرخيصة, لكن يبدو أنه قد نسي نفسه و "شداتو النفس" على قريبه و صهره "ولد ينجا", فأختلطت القرابة و النسب و المصاهرات, مع السياسة و الحقد المشترك على رئيس بلدية الداخلة "سيدي صلوح الجماني", فكانت النتيجة تدوينة فيسبوكية ساقطة, ينطبق على صاحبها المثل الحساني الدارج: "ضحكا فينا ما ضحكنا".

و في إنتظار أن يقدم صاحبنا أمام الرأي العام المحلي حصيلة مشاريع مجلس "ولد ينجا" المعدومة التي شيدها بالداخلة, من غير طبعا مشروع بناء مقر جهوي أسطوري بملايير السنتيمات من أجل راحة فخامة الرئيس المفدى, لن تستفيد منه الساكنة المطحونة بأي شيئ يذكر, إلى جانب شراء أسطول كبير من السيارات الفايف ستار لأعضاء الأغلبية, خصصت إحداها طبعا لمدير المصالح سالف الذكر, بالإضافة إلى الأموال الطائلة التي وزعت على ممتهني حرفة العمل الجمعوي بمنتهى الكرم الحاتمي.

-أقول- في إنتظار خرجة فيسبوكية مماثلة يحدثنا فيها مدير مصالح الجهة, عن إنجازات ولي نعمته "ولد ينجا" الوهمية, ندعوه لأن "يحشم على عراضو" و "يتكمش", و يحدث الرأي العام الجهوي عن أخبار مقالع الرمال التي أسالت لعابه خلال حقبة الوالي "طريشة" هو و رئيس الجهة السابق, الذي دفعه أيامها للإعتصام بمقلع "حجرة لمكض", بهدف الإستفادة من كعكة بيع الرمال لاصحاب الضيعات الفلاحية آنذاك, رغم أنه موظف بالجهة, جرى توظيف من طرف قريبه رئيس الجهة السابق و الذي هو الآن أيضا الساعد الأيمن ل"ولد ينجا" و ربيب كل هذا العبث و الكوارث المالية و الخروقات التدبيرية التي يسبح مجلس الجهة بين حبائلها, أما إذا كان صاحبنا لا يمتلك الشجاعة لفعل ذلك, فنحن مستعدين لأن نريحه من عناء كتابة تدوينات فيسبوكية تافهة, و التكفل ببعث قضية مقالع الرمال تلك من تحت الرماد و تنوير الساكنة المحلية عن ملفاتها المنتنة في الصحافة و الفيسبوك, متسائلين و من ورائنا الساكنة: لماذا لم يعتصم صاحبنا مدير مصالح مجلس "ولد ينجا" أمام مكتب الوالي "طريشة" المسؤول الأول عن تدمير معلمة "البراد"؟ أم أن الإعتصام وقتها داخل مقالع الرمال من أجل لي ذراع الوالي السابق "طريشه" و فرض الإستفادة من كعكة ريعها الدسمة كانت أولى عنده من الدفاع عن معالم الداخلة التاريخية المدمرة؟

"أيو الله يعطينا وجاهكم", تتآمرون في الماضي مع الوالي "طريشه" من أجل تدمير معالم الداخلة التاريخية, و تختارون بدلا عنها منافع ريعية بغيضة, و اليوم تخرجون من جحوركم المنتنة للتهكم على النصب الرمزي المشابه لمعلمة "البراد" التي قامت بلدية الداخلة بتشييده و وضعه وسط المدينة, في خطوة رمزية تحسب ل"الجماني" و مكتبه المسير, و لسان حال المدينة معكم صارخ بالقول: "ما جبرت الخير فيكم و جبرتو فالبراني", رغم اننا لا نعتبر الرجل في منزلة "البراني" فهو إبن الصحراء الأصيل و من كبرى قبائلها, و الصحراويين كما يقول البيظان "عظم بلا مفصل", أياديه البيضاء و إنجازاته بعمران المدينة و بنيتها التحتية ستظل منقوشة بمداد من فخر في سجلات الرجل, كما ستبقى وصمت عار في جبين حلف "الفجار" و حواشيه,  و كابوس مزعج يذكرهم كل يوم بخستهم و جشعهم و عقوقهم, و عنوان عريض لمستوى الإنحطاط و "التهنتيت" و "زين لخلاك" الذي وصل إليه خصوم "الجماني" بهذه الربوع المالحة سنوات حكمهم المظلمة.

وفي إنتظار أن يخلصنا القضاء من مجلس الجهة الفاشل, الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق من الإنحطاط و الفشل و التسيب, إلى درجة يخرج فيها رئيس مصالحه بتدوينات فسيبوكية, تتهكم على عمل مجلس جماعي منتخب و شريك أساسي في مشاريع التنمية الجهوية, ستظل معلمة "البراد" الرمزية التي شيدها "الجماني" الجواب المفحم على الفرق الفاحش بين من بنا بسواعد الساكنة تمثالا للساكنة بعبق تراثي و سياحي و تاريخي, سيضيف لمسة جمالية على كورنيش المدينة, و بين من شيد بالملايير قصرا بجوار المحيط الأطلسي لراحته الشخصية و فخامة مجلسه و "بريستيج" أعضاء أغلبيته, فهنيئا ل"ولد ينجا" و مدير مصالحه هذا المشروع العملاق, و هنيئا للداخلة اكبر مقر مجلس جهوي في العالم, فاللهم إن هذا منكر, إنتهى الكلام.