قراءة في دعوة "ولد ينجا" "كوهلر" للإطلاع بنفسه على تنمية "ول أهميش" بجهة الداخلة

Kohler dakhla

الداخلة بوست

خلال كلمته في الإجتماع المنعقد عشية اليوم بمقر ولاية الجهة، رحب رئيس جهة الداخلة المقال "الخطاط ينجا" بالمبعوث الأممي "هورست كوهلر" ومنوها بمجهوداته لحل نزاع الصحراء.

"ولد ينجا" لم يفته أيضا في مجمل كلمته التي طغت عليها لغة الخشب و إجترار أسطوانة "العام زين" و ما جاورها, أن يؤكد مرة اخرى على مسامع المبعوث الاممي إلى الصحراء, على الطفرة التنموية الكبيرة التي تشهدها الجهة, و التي يحملها النموذج التنموي الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك، متمنيا من المبعوث الألماني زيارة تلك المشاريع الكبرى ليشاهد بنفسه حجم تلك المنجزات "العظيمة", و هي الحالة المفجعة التي ينطبق عليها المثل المصري الشهير: "ومن يشهد للعروسة".

و إلا لما امتلك رئيس الجهة, كل هذه الجرأة و الشجاعة في أن يتحول إلى شاهد زور على المرحلة, و على مشروع ملكي طموح تحول بهذه الربوع المالحة تحت قيادته الفاشلة للجهة, إلى ما يشبه طبل "إيكاون", صالح فقط لتطبيل و "التهيدين" أمام الوفود الداخلية و الاجنبية, بينما واقع الحال شاهد على بؤس و هزالة يندى لها الجبين, رغم ما وفرته الدولة لمشروع الجهوية من إمكانات مالية ضخمة طيلة 4 سنوات مضت, لم يجد لها أبناء الجهة أية فائدة تذكر, فلا جامعات بنيت "تحمر لوجه" و تحفظ كرامة طلبة المنطقة من "التكرفيس" و "الحكرة" في مدن الشمال, و لا مستشفيات "دولية" شيدت لتضمد جراحات المرضى المعوزين و تحترم آدميتهم, و لا مناصب شغل كريمة وفرت لتصون كرامة العاطلين و حملة الشواهد العليا و المحرومين و المفقرين, و لا ثروات سمكية مستباحة مكن للساكنة في مشاريعها و ريعها, بإستثناء طبعا "العصابة" و كمبرادورات الريع و الفساد, إلى درجة من التسيب و النهب تجاوز فيها ثمن سمك "الكوربين" 120 درهم للكيلو غرام, في شبه جزيرة تعوم على ثروة أسطورية من الأسماك يتجاوز حجم إنتجاها السنوي المتجدد مليون طن.

فبالله عليكم: أين هي هذه الجهوية المتقدمة و الطفرة التنموية العظيمة التي حدث عنها "ولد ينجا" المبعوث الاممي "كوهلر"؟؟؟؟

اللهم إلا إذا كان الرجل يقصد بكلامه, تكريسه للريع الإنتخابي و السياسي البغيض بالجهة, من خلال توزيع الدعم المليوني السخي من اموال الساكنة المطحونة, على مجموعة كبيرة من الجمعيات, و إنفاقه ملايين الدراهم من الميزانية على شراء أسطول ضخم من السيارات الفارهة, خصصها لأعضاء مكتبه المسير, من أجل راحة تنقلاتهم و لهم فيها مآرب كثيرة يقضونها, إضافة إلى برنامجه التنموي الجهوي الذي سبق ان أسميناه ببرنامج "حانو شوارب الجمل يطيحو", و هي التسمية التي لم تكن مجرد مكايدة مجانية أو تجني على رئيس الجهة أو تبخيسا لحقه و عمله, بقدر ما كان إستشراف لمستقبل أسود قاتم, جاء به وعد "بلفور" الذي وضع لبناته الاولى "ولد الرشيد" و توابعه بجهة الداخلة وادي الذهب عشية إنتخابات 2015 الأخيرة.

إستشراف مؤسس على معطيات دقيقة يؤكدها ماض حزب الرئيس بالجهة, و جفاء أقطابه لأهل الداخلة و إنتظاراتهم طيلة اكثر من 35 سنة من تدبير شؤون الإقليم و الجهة و البلدية و الجماعات القروية التابعة. سنوات قحط و نحس مستمر, نجحوا خلالها في تسمين حساباتهم و تنمية قطعان إبلهم و تشييد القصور و شراء الشقق الفاخرة بالمغرب و الخارج, و تحويل الكرسي إلى بقرة حلوب, و الميزانيات إلى "فريسة" ينهشونها نهش الضباع الجائعة في جوف البراري بلا شفقة او رحمة.

لكن الذي فات رئيس الجهة المقال أن "كوهلر" أكثر ذكاءا من أن تنطلي عليه تلك التصريحات الدعائية, خصوصا و أنه قد إلتقى في وقت سابق بتنسيقيات المعطلين و الكادحين و المحرومين, و بالتالي لن يجد صعوبة في أن يستنتج بأن ما يسمى بمشروع الجهوية المتقدمة قد ولد ميتا بالداخلة, رغم ما وضعته الدولة المغربية بين يدي "ولد ينجا" من الميزانيات تساعية الأصفار, ناهزت على مستوى سنوات 2015 ,2016, 2017, 2018, أكثر من 130 مليار سنتيم عدا و نقدا, كان بإمكانه كآمر بالصرف و رئيس الجهة و المسؤول المباشر عن الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع, أن يحول من خلالها الجهة إلى "لوكسمبورغ" أخرى, و يرفه من مستوى عيش المواطنين المقهورين, و يمحو شبح البطالة المخيف الجاثم على أحلام و صدور شباب الجهة العاطل و حملة الشواهد "لمفرشخين", الذين ضاقت بهم ميزانية الجهة بما إشتملت عليه من ملايير, و صدت دونهم أبواب صومعة "ولد ينجا" المصونة, بل و إختار بعضهم النزوح إلى الرباط و الإعتصام هناك في ظروف مأساوية و مهينة دفاعا عن لقمة عيش سرقت من أفواههم و ثرواتهم السمكية المنهوبة, بينما إيجاد حلول ناجحة من خميرة الميزانية المليارية التي هو آمر بصرفها, لكل هذه المشاكل العويصة و الانتظارات الملحة و المطالب الإجتماعية العادلة, هو لعمري الدور الحقيقي المنوط بمشروع الجهوية المتقدمة و الإختصاص الأصيل لرئيس الجهة.

لكن يبدو أن مشروع الجهوية "المفتعلة" بالصحراء عموما و الداخلة خصوصا, و نتيجة فشله المدوي و إنعدام مردوديته السوسيو-إقتصادية على الساكنة, و عجز رؤسائه عن تنزيل اوراشه التنموية بما يخدم تنمية الإنسان الصحراوي و النهوض بأوضاعه على مختلف الأصعدة -أقول- أصبح نقمة على الدولة المغربية و حجة عليها في الداخل و الخارج, بل و تحول إلى كابوس مزعج لصناع القرار داخل أجهزة الدولة السيادية, على إعتبار أنه يضرب في مقتل المقترح المغربي للحكم الذاتي و يشكك في نجاعته و مدى إمكانية تنزيله على أرض الواقع, ما بات يستلزم من الدولة و الوزارة الوصية التدخل العاجل من اجل وقف نزيف اموال الشعب المستنزفة بإسم مشروع "ول أهميش" سالف الذكر, و محاسبة رؤساء الجهات, و إجراء مراجعة شاملة و جوهرية للمشروع قبل فوات الآوان, إنتهى الكلام.