قراءة في المداخلة الثورية للمستشار البرلماني "حمية" أمام ندوة "بنشماس" الخاصة بالنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية

Dakhla developpement sahara

الداخلة بوست

كما هي عادته دائما, يأبى المستشار البرلماني و النائب الاول لرئيس المجلس الإقليمي لوادي الذهب السيد "أمبارك حمية", إلا أن يثبت مرة أخرى بأنه جزء لا يتجزء من النسيج الإجتماعي لهذه الربوع المالحة, و أنه يحمل على كاهله مشاكل و مظلومية ساكنة الجهة خصوصا فئة المعطلين و المهمشين. فالرجل منذ إنتخابه لم يدخر جهدا في الترافع عن هموم المواطنين بجهة الداخلة وادي الذهب, سواء تحت قبة البرلمان أو داخل دورات المجالس المنتخبة أو خلال الندوات السياسية التي تنظم بالمدينة.

و الشاهد في حديثنا و كما تابع ذلك الجميع على شاشات التلفزة و المواقع الصحفية الإلكترونية, مداخلته الشجاعة, أمام السيد والي الجهة و رئيس مجلس المستشارين و مسؤولي وزارة الداخلية المركزيين, على هامش الندوة التي عقدت بالداخلة قبل أيام حول النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية, التي أعلن خلالها بأن الساكنة لم يصلها من منافع مشاريع النموذج التنموي, أي فائدة تذكر, بإستثناء مشروع توسعة الطريق الوطنية رقم -1 الذي لا يزال يراوح مكانه منذ سنوات, و بأن الأرقام المعلن عنها الخاصة بنسبة إنجاز تلك المشاريع لا تعكس الواقع الهزيل, و يجب مراجعتها.

إن التشخيص الدقيق و المختصر, الذي قدمه المستشار البرلماني "أمبارك حمية" للحصيلة الصفرية للنموذج التنموي الخاص بالصحراء, يشكل يوما فارقا في تاريخ الجهة و المنطقة, خصوصا حين يصدر من شخصية سياسية و برلمانية و منتخبة, بوزن و وطنية و كاريزما الرجل, و هو ما يفسر إسهال مداخلات أعضاء تحالف "ولد ينجا" التي أعقبت كلمته القوية, و أزكمت انوف الساكنة بمواسير متفجرة من قاذورات الصرف الصحي اللغوي, عزفوا خلالها موسيقاهم النشاز على نغمات "قولو العام زين" و "شاط الخير على زعير حتا تقاسموه بالبندير" و قس على ذلك من متتاليات لغة الخشب الركيكة و "التهيدين" المفجع.

لكن يبدو أن حلف "ولد ينجا" و أقطابه الكبار و جوقة منظريه و حواشيه و صحافته التابعة, قد تناسوا عمدا بأن الساكنة الجهوية قد ملت من الوعود الوردية و الكلام المعسول و النماذج التنموية التي لم تجد لها "لبن و لا دهن", فالساكنة اليوم "بغات لفايدا", تريد الكرامة و الإنصاف, تريد حقها في الولوج إلى ثروتها السمكية و الطبيعية, على قدم المساواة مع الآخرين, و هذه مسؤولية الدولة المغربية, في تكوين و إدماج الشباب في قطاع الصيد و الفلاحة و السياحة, عن طريق مشاريع مدعومة و إستثمارات طويلة الأجل, عن طريق بناء كليات و معاهد متقدمة بالجهة متخصصة في الصيد و صناعاته السمكية, و في الفلاحة و تقنياتها, عن طريق مشاريع حكومية حقيقية تجعل من أبناء المنطقة و شبابها, فاعلين إقتصاديين و مقاولين ذاتيين ناجحين, يمتلكون الثروة و المعرفة, و مندمجين بكل فعالية داخل النسيج السوسيو-إقتصادي للمنطقة.

لكن و كما يقول المثل الدارج: "لمن تحكي زابورك يا دوود", فمنتخبوا "العام زين" أولئك, المحسوبين على تحالف "ولد ينجا", قد إختاروا الطريق القذر, و أصطفوا إلى جانب المؤامرة التي مورست على الصحراويين منذ 1975, و التي نعيش اليوم تبعاتها و إرهاصاتها البائسة, من خلال خطاب سياسي مبتذل و عدمي, ملته الاجيال المتعاقبة, بهذه الربوع المالحة, و سبق أن شخص عوراته النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية في ديباجته التقديمية.

إن مشكلتنا داخل الجريدة مع حلف "ولد ينجا" و جوقة أتباعه, أننا رفعنا مستوى النقاش إلى مستويات قياسية لم يألفها البعض من الاثنوقراطيين و العدميين, و أننا قلنا ما عجز البعض أن يقوله لمدة 40 سنة, بعيدا عن الديماغوجية و لغشة الخشب و "اللف و الدوران" كما يقال, و هذه الصراحة و الشجاعة في الطرح و المعالجة و الرؤية, هي التي أزعجت كمبرادورات الريع و ديناصورات السياسة من إرث الرجعية القديمة, الذين يرعبهم هذا الوعي الثوري الذي تنظر له جريدة الداخلة بوست, فهم يريدون تنمية على المقاس تصب منافعها حصريا في جيوبهم و حساباتهم, اما الساكنة الجهوية فلتذهب إلى الجحيم, إنها بإختصار المعادلة الصفرية التي نظر لها هؤلاء أمام ندوة "بنشماس", و فضحها منبرنا العتيد على لسان "حمية" في مداخلته القيمة.

و في الأخير لا يفوتنا ابدا أن ننوه مرة ثانية بالمستشار البرلماني "أمبارك حمية", الذي أثبت بأن قلبه على مصالح الساكنة بحق, و حاز السبق في ذلك عن جدارة و استحقاق, عن طريق خطاب رزين, متماسك و بنبرة جادة و مسؤولة, بعيدا عن "التطبيل" و "تحزارت", ما أثار إعجاب الحاضرين و المسؤولين و ساكنة الجهة. ليثبت المنتخبون المحسوبون على حلف "الجماني" السياسي و الإنتخابي بأنهم كانوا الإختيار الصائب و الصحيح, و رمزا باسقا للتغيير الحقيقي الذي حطى رحاله بجهة الداخلة وادي الذهب, إنتهى الكلام.