Créer un site internet

أحجية "شرتات" و "العيش"...من وحي سياسة رئيس الجهة في شيطنة الجماني و خصومه السياسيين

Region dakhla 57

الداخلة بوست

بقلم: د.الزاوي عبد القادر - أستاذ باحث و كاتب صحفي

تحكي الأسطورة التراثية الحسانية, أن "شرتات" ذات يوم بسبب جشعه و شهيته الملتهبة, قرر السطو على وجبة دسمة من "العيش" الساخن و اللذيذ, أعده أحد جيرانه, حيث قرر الزحف خلسة إلى داخل الخيمة, ليلتهم بشراهة كل وجبة "العيش", و بينما كان يهم بالهروب, وقع ما لم يكن في حسبان "شرتات", حيث حضر فجأة "أهل الخيمة", و وجدوا صاحبنا متلبسا بجرمه المشهود, و فمه و أياديه تقطر "عيشا" و دهننا, و تحت هول الصدمة سأله أحد الرجال: "أنت شتعدل هون و "العيش" من كالو"؟ فأجابه "شرتات" متلعثما: "ألا جا غزي و طاح عليا و كالو العيش كامل و مشاو؟, فرد عليه الرجل مستغربا و غير مصدق: "و أيديك اللي ملانات من العيش؟؟؟", فكان رد شرتات سريعا و صاعقا: "أللا حكمو أيديا و عصدو بيهم العيش بيه كان حامي",

إنها بعض من أكاذيب "شرتات" الأسطورية, التي تفتفت عنها قريحته الجهنمية, ذات الباع الطويل في نسج الاكاذيب و فتلها على المقاس بشكل مذهل, أصبح معه "شرتات" و رواياته رمزا للكذب المؤسس, روايات لطالما كانت ترردها والدتي رحمها الله على مسامعي, في بعض المواقف الفكاهية و الهزلية, التي ينطبق عليها المثل القائل "كثرة الهم تضحك", لكنني لم أكن أتصور أبدا أنه في يوم من الأيام سأكون مضطر لإستخدامها من أجل صياغة مقال صحفي, عن أوضاع مجالسنا المنتخبة بهذه الربوع المالحة, كحال مجلس الجهة,

و هو ما ينطبق على القصاصات الإخبارية الصفراء لصحافته الموازية, و بلاغات رقيقه الجمعوي, الصادرة بين كل عطاء و عطاء, و إلا لما امتلك رئيس الجهة, كل هذه الجرأة و الشجاعة في تحميل خصمه السياسي اللدود سبب فشله الشخصي في تحقيق أي شيئ يذكر للساكنة, يذكره له التاريخ بهذه الجهة المنكوبة, بإستثناء طبعا إنجازين تاريخيين أو ثلاث، سيدخلانه موسوعة غينيس للأرقام القياسية, أولهما توزيع الدعم المليوني السخي من اموال الساكنة المطحونة, على مجموعة كبيرة من الجمعيات, أغلبهم من المقربين و المناصرين و المؤيدين, عشيرة الرئيس الحزبية و خاصته, و ثانيهما, تبذير ملايين الدراهم على شراء أسطول ضخم من السيارات الفارهة, خصصها لأعضاء مكتبه المسير, من أجل راحة تنقلاتهم و لهم فيها مآرب كثيرة يقضونها, و ثالثهما برنامجه التنموي الخيالي الذي سبق ان أسميناه ببرنامج "بيع القرد و ضحك على من شراه", و هي التسمية التي لم تكن مجرد مكايدة مجانية أو تجني على رئيس الجهة أو تبخيسا لحقه و عمله, بقدر ما كان إستشراف لمستقبل أسود قاتم, جاء به وعد "بلفور" الذي وضع لبناته الاولى "ولد الرشيد" و توابعه بجهة الداخلة وادي الذهب عشية إنتخابات 2015 الأخيرة.

إستشراف مؤسس على معطيات دقيقة يؤكدها ماض حزب الرئيس بالجهة, و جفاء أقطابه لأهل الداخلة و إنتظاراتهم طيلة اكثر من 35 سنة من تدبير شؤون الإقليم و الجهة و البلدية و الجماعات القروية التابعة. سنوات قحط و نحس مستمر, نجحوا خلالها في تسمين حساباتهم و تنمية قطعان إبلهم و تشييد القصور و شراء الشقق الفاخرة بالمغرب و الخارج, و تحويل الكرسي إلى بقرة حلوب, و الميزانيات إلى "فريسة" ينهشونها نهش الضباع الجائعة في جوف البراري بلا شفقة او رحمة.

لكن الذي فات رئيس الجهة, أن المسؤولية و كما درسنا ذلك في مناهج التدبير الحديثة عند العرب و العجم, لا تتقاسم ne se partage pas و أن ساكنة الجهة أكثر ذكاءا مما يتصور "ولد ينجا" و حاشيته, حتى تنطلي عليهم سياسة شيطنة "الجماني" الرخيصة, و كما جاء في أحجية "شرتات" مع "العيش" سالفة الذكر, فيبدو أيضا أن رئيس الجهة هو الآخر يريد أن يحول "الجماني" إلى شماعة يعلق عليها فشله الذريع في أن يكون في مستوى صلاحياته و ما وضعته الدولة المغربية بين يديه من الميزانيات تساعية الأصفار, ناهزت على مستوى سنوات 2015 ,2016, 2017, 2018, حوالي 200 مليار سنتيم عدا و نقدا, كان بإمكانه كآمر بالصرف و رئيس الجهة و المسؤول المباشر عن الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع, أن يحول من خلالها الجهة إلى "لوكسمبورغ" أخرى, و يرفه من مستوى عيش المواطنين المقهورين, و يمحو شبح البطالة المخيف الجاثم على أحلام و صدور شباب الجهة العاطل و حملة الشواهد المحرومين, الذين ضاقت بهم ميزانية الجهة بما إشتملت عليه من ملايير, و صدت دونهم أبواب صومعة "ولد ينجا" المصونة, بل و إختار بعضهم النزوح إلى الكركرات و الإعتصام هناك في ظروف مأساوية و مهينة دفاعا عن لقمة عيش سرقت من أفواههم و ثرواتهم السمكية المنهوبة, بينما هرول رئيس الجهة في وقت سابق, إلى لقاء بحارة أفتاس "تشيكا" من الوافدين, موزعا عليهم وعوده المعسولة, بالسكن و التمكين و الفرج القريب في الجرف البحري المنهوب,

و كل هذا يحصل و الرئيس نائم في العسل كما يقال, بينما إيجاد حلول ناجحة من خميرة الميزانية المليارية التي هو آمر بصرفها, لكل هذه المشاكل العويصة و الانتظارات الملحة و المطالب الإجتماعية العادلة, هو لعمري الدور الحقيقي و الإختصاص الأصيل المنوط برئيس الجهة و مشروع الجهوية المتقدمة,

ميزانيات ضخمة ضخت في حساب الجهة على مدار اكثر من ثلاث سنوات عجاف, لم يقف "الجماني" حجرة عثرة في طريق "ولد ينجا" حتى يثنيه عن إستثمارها من خلال برامج إجتماعية حقيقية تعود بالنفع على عموم الساكنة, و لم يختطفه و يكبل يديه, لكي لا يمضي أذونات صرفها لأجل تلبية مطالب رعايا صاحب الجلالة بهذه الربوع المالحة, و لم يرفع فيتو على تنفيذ مشاريع برنامج التنمية الجهوي الذي صرف رئيس الجهة ملايين الدراهم على مكاتب دراسات مخملية من اجل إعداده, و لا تزال الساكنة تتابع عمليات تنزيله حصريا على شاشات صحافة "ولد ينجا" الموازية, و بلاغات رقيقه الجمعوي البغيض, بين الفينة و الاخرى

ليبقى السؤال الفاضح و الفاحش, و الذي لن يستطيع رئيس الجهة و اذنابه و حواشيه الإجابة عنه: لماذا لم تنعكس كل تلك الميزانيات المليارية الضخمة على عيش المواطن البسيط بعد مرور كل هاته السنوات؟ و لماذا إستثنى الجماعات الترابية التي يسيرها خصومه السياسيين من دعم مجلس الجهة؟ و ما هي المعايير الموضوعية و العلمية التي على أساسها تم توزيع ذلك الدعم على الجماعات المستفيدة؟

و عليه بات مطلوب و بشكل ملح من السيد والي الجهة و وزارة الداخلية التدخل العاجل, للتحقيق في هذه النازلة المشينة و الغير مسبوقة, و المتمثلة في إقصاء جماعة كبيرة بحجم مدينة الداخلة, تتمركز فيها الغالبية الساحقة لساكنة الجهة, ما يشكل خرق دستوري خطير و إضرار جسيم برعايا صاحب الجلالة, و ميز عنصري و شطط و إستغلال المنصب لتصفية حسابات إنتخابوية بائسة, اللهم إلا إذا كان "ولد ينجا"  يعتبر بأن مجلس الجهة و ميزانياته ملكية شخصية محفظة, يوزعها على من يشاء كيفما يشاء و وقت ما يشاء و بالشروط التي يشاء, بلا حسيب أو رقيب, عندها على وزارة الداخلية التي تمثل جهة الرقابة الحريصة على إنفاذ القانون, أن تعلن جهة الداخلة وادي الذهب منطقة محررة, كتلك التي تسيطر عليها ميليشيات البوليساريو, إنتهى الكلام.