الكاتبة الشابة "رياء الخطاط" تكتب....قطرة ماء

Dakhla ecrivaine khatat

الداخلة بوست

بقلم: أستاذة الأدب الانجليزي - رياء الخطاط

لاشك ان جميع الدول المتقدمة اليوم، لم توجد هكذا دوما. لكنها مرت بمجموعة من المراحل حتى تصل الى ماهي عليه اﻻن، ولا شك ايضا ان لجميع الحضارات لحظات عظمة تتلوها لحظات سقوط.  ودقق ايها القارئ على لفظ "لحظة" فاعمار الأمم ماهي الا لحظات في عمر هذا الكون الفسيح. وقد تكون حضارتنا هذه واحدة من اعظم الحضارات التي عاشت على هذا الكوكب الصغير المحفوف بالمياه. اليوم يستحيل ان نعيش بدون كهرباء ومن دون ماء ومن دون انترنت ويستحيل تماما ان نعيش دون اعظم محرك بحث "جوجل"، لكن قبل 40 سنة فقط كانت معظم هذه الاشياء كماليات ورفاهيات ليست ضرورية. لان الانسان كان متأقلما مع الحياة حوله بكافة نواحيها.

اليوم في مدينة جميلة ساحلية كمدينة الداخلة نعاني من صدمة الحضارة، فلا نحن من اهل هذا القرن فنتمتع بجميع اساسيات الحياة فيه ولا نحن من أهل القرن الماضي فنستغني عنها ايضا، نحن نتأرجح بين هذا وذاك. فهل يعقل سيداتي سادتي ان قطيرات من الماء لا تصل الى 5 ملمتر تجعل من الشوارع بركا موبوءة وتفتح المجال للحشرات الطائرة والزاحفة لان تهدد سلامتنا في مدينة تفتقر لمستشفى مدني يحترم مرضاه ويوفر خدمات استشفائية للمواطن البسيط، غريب جدآ حالك يا جوهرة الصحراء، وانت المدينة الصغيرة ان تعاني، ولا تعاني باريس الكبيرة حجما والكثيرة مطرا، 300ملمتر من التساقطات المطرية تختفي في دقائق ومدينتنا تنتظر ضوء الشمس كي تتبخر المياه الراكدة.

لكن نعود من جديد لنفس الاشكال، وهو ان الازمة ازمة قيم. فالامانة التي وضعت على عواتق بعض المسؤولين اكبر منهم، ولا يمكن لمسؤول معدوم الفكر ان ان تكون لديه من الامانة ما يكفي  لسد العجز الكامن في أساسيات الاساسيات. المسؤول لا يبحث الا عن ربح شخصي ومصلحة ضيقة وهو ما يتعارض تماما مع الاصلاح. ان الانسلاخ من الانانية مؤلم جدا ولا يمكن لمن نراهم الان على كراسي ادارة الشأن العام ان يصطبروا ويجاهدوا النفس في هواها. وهذا عائد للخلل الكائن في المجتمع اساسا، مسؤول راشي هو مسؤول بالضرورة مرتشي، والامر هنا يشبه معادلة الموازنة بين الربح والخسارة. فالمسؤول يصل الى الكرسي بمبلغ ويحاول تعويض المبلغ من المال العام اضافة الى حبة مسك فوقه.

خلاصة القول انه يستحيل على مجتمع لا زالت العنصرية والقبلية والمناطقية تحكمه ان يتقدم ولو شبرا واحدا من حال الى حال. ومن الازم ان تتغير البنية الأخلاقية للمجتمع والاهم من هذا ان نؤمن بأننا نستطيع ان نغير هذا الوضع، الامر صعب جدا ويشبه صقل قطعة من الماس تعجز اقسى المعادن عن كسرها ولكن يقطعها ماء.